680 وفاة بالكوليرا و186 ألف حالة خلال ستة أشهر في اليمن

اكتشاف بؤر ساخنة للكوليرا في ثمانٍ من محافظات البلاد (الأمم المتحدة)
اكتشاف بؤر ساخنة للكوليرا في ثمانٍ من محافظات البلاد (الأمم المتحدة)
TT

680 وفاة بالكوليرا و186 ألف حالة خلال ستة أشهر في اليمن

اكتشاف بؤر ساخنة للكوليرا في ثمانٍ من محافظات البلاد (الأمم المتحدة)
اكتشاف بؤر ساخنة للكوليرا في ثمانٍ من محافظات البلاد (الأمم المتحدة)

أظهرت بيانات أممية حديثة تسجيل نحو 186 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا خلال الأشهر الستة الماضية، ووفاة 680 شخصاً مصاباً، رغم انتهاء موسم الأمطار في اليمن. وسُجِّلت أعلى المعدلات في المناطق التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية.

وذكر مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (أوتشا) في تحديثه الشهري أن الإسهال المائي الحاد (الكوليرا) استمر في الانتشار في جميع أنحاء اليمن، وأن الأطفال دون سن الخامسة وكبار السن يمثلون ربع جميع الحالات، وذلك بعد مرور 6 أشهر منذ بدء تفشي المرض.

وتظهر إحصائيات وزارة الصحة العامة والسكان إجمالياً تراكمياً يزيد على 186 ألف حالة مشتبه بها من الوباء في جميع محافظات البلاد البالغ عددها 22 محافظة، منذ منتصف مارس (آذار) الماضي، وبلغت الوفيات المرتبطة المبلغ عنها أكثر من 680 حالة، وتم الإبلاغ عن أعلى حالات الإصابة بالكوليرا في المحافظات الغربية المرتفعة الواقعة تحت سيطرة الجماعة الحوثية.

وكشفت أحدث البيانات وجود بؤر ساخنة في محافظات الضالع والحديدة ومأرب والجوف التي تسيطر الجماعة الحوثية على أجزاء منها، إلى جانب محافظات البيضاء وعمران وحجة وريمة التي تسيطر عليها الجماعة بالكامل.

اكتشاف بؤر ساخنة للكوليرا في ثمانٍ من محافظات البلاد (الأمم المتحدة)

ووصف التحديث الأممي تفشي هذ المرض بأنه «فريد من نوعه»، بسبب تلوث المياه والغذاء، وخلال ذروة تفشيه يتم الإبلاغ يومياً عما بين 1050 و1800 حالة جديدة، «ما يؤكد الطبيعة الشديدة العدوى لهذا الخطر» على الصحة العامة، مشيراً إلى انخفاض شهده الشهر الماضي، حيث تم الإبلاغ عما بين 700 إلى 800 حالة جديدة يومياً.

ورجحت الأمم المتحدة أن تكون هناك زيادة أخرى في الحالات المبلغ عنها عقب الأمطار الغزيرة الأخيرة في جميع أنحاء البلاد، موضحة أن الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية والنساء الحوامل وكبار السن والأشخاص الذين يعانون من حالات صحية مزمنة؛ أخرى هم الأكثر عرضة لخطر الكوليرا.

مخاطر الفيضانات

يمثل الأطفال دون سن الخامسة نسبة 16 في المائة من جميع الحالات المشتبه في إصابتها بالكوليرا، و18 في المائة من حالات الوفاة، فيما يمثل أولئك الذين تزيد أعمارهم على 60 عاماً ما يقرب من 10 في المائة من الحالات، و36 في المائة من حالات الوفاة وفق البيانات الأممية.

تلوث المياه والغذاء وراء تفشي الكوليرا في اليمن (إعلام محلي)

وأعادت الأمم المتحدة التذكير بأن السكان الضعفاء الذين يعيشون في مناطق لا تتوفر فيها إمكانية الوصول الكافية إلى مياه الشرب النظيفة ومرافق الصرف الصحي معرضون لخطر كبير.

ووفق البيانات الأممية؛ فإن الوضع الصحي في البلاد يتفاقم بسبب الأمطار الغزيرة والفيضانات اللاحقة التي أثرّت على أكثر من 76800 أسرة في يوليو (تموز) وأغسطس (آب) الماضيين، لأن موسم الأمطار يزيد من احتمال انتقال الكوليرا من خلال تلوث إمدادات المياه، خاصة أن البلاد تشهد ارتفاعاً في هطول الأمطار خلال هذا العام، وتواجه بعض المناطق زيادات كبيرة.

وعلى الرغم من التوقعات التي تتنبأ بانخفاض تدريجي في معدل الأمطار، أكد التحديث الأممي أن مخاطر الفيضانات تظل مرتفعة، وخاصة في المناطق المشبعة بالمياه في المرتفعات الوسطى والمرتفعات الجنوبية.

وحذر التحديث من أن تؤدي تلك الفيضانات إلى تفاقم مشاكل الصحة العامة والزراعة والبنية التحتية، لأن المياه الراكدة تزيد من خطر الإصابة بالأمراض المنقولة بالمياه، كما أن العواصف الغبارية في الهضبة الشرقية تسببت في حدوث مشاكل في الجهاز التنفسي وتلف المحاصيل، في حين ستؤدي درجات الحرارة المرتفعة أيضاً إلى تسريع نشاط الآفات، مما يهدد الأمن الغذائي.

الأطفال يمثلون نسبة كبيرة من حالات الإصابة بالكوليرا (الأمم المتحدة)

وفي تقرير آخر قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) إن اليمن يشهد تفشياً حاداً للإسهال المائي الحاد والكوليرا، وإن الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية معرضون لخطر متزايد للإصابة بهذه الأمراض، وذكرت أنها ومنظمة الصحة العالمية أنشأتا زوايا في 141 مركزاً صحياً في المناطق المتضررة، كما نشرتا 3385 عاملاً صحياً مجتمعياً ووصلت إلى 1.2 مليون شخص.

من جهتها، أعلنت هيئة تتبع النزوح التابعة للمنظمة الدولية للهجرة أن 2184 شخصاً نزحوا خلال شهر أغسطس (آب)، وهو أعلى عدد منذ ما قبل نهاية العام الماضي، موضحة أن هذا الارتفاع أدى إلى قيام مكتب النزوح المشترك برفع 23 تنبيهاً بالمخاطر المتزايدة في الحديدة وإب ولحج ومأرب ومدينة صنعاء وتعز.

وطبقاً للهيئة، نزح نحو 14 ألف شخص خلال الفترة من مطلع يناير (كانون الثاني) حتى نهاية أغسطس، معظمهم إلى محافظات الحديدة ومأرب وتعز أو داخلها.


مقالات ذات صلة

«مركز الملك سلمان» يوقع اتفاقيات لتعزيز التعليم والصحة في اليمن

العالم العربي مركز الملك سلمان وقع اتفاقية تعاون لتنفيذ مشروع العودة إلى المدارس في اليمن (واس)

«مركز الملك سلمان» يوقع اتفاقيات لتعزيز التعليم والصحة في اليمن

وقع «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، اتفاقيات متنوعة لتعزيز القطاع التعليمي والطبي في محافظات يمنية عدة يستفيد منها ما يزيد على 13 ألف فرد.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي مجموعة من الشبان اليمنيين المجندين في معسكر تدريب روسي يرفعون العلم اليمني (إكس)

شبكة حوثية لتجنيد مئات اليمنيين للقتال في أوكرانيا

تنشط شبكة حوثية لتجنيد شبان يمنيين للقتال ضمن الجيش الروسي في أوكرانيا، من خلال إغرائهم بالعمل في شركات أمن روسية برواتب مجزية وتتقاضى آلاف الدولارات عن كل شاب.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

شهدت العاصمة السعودية، الرياض، في اليومين الماضيين، حراكاً دبلوماسياً نشطاً بشأن الملف اليمني، ركَّز على الجهود الإقليمية والدولية لخفض التصعيد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

فيما طالبت الأمم المتحدة بأكبر تمويل إنساني في اليمن للعام المقبل أفاد تقرير دولي بوجود 3.5 مليون شخص من فئة المهمشين لا يمتلكون مستندات هوية وطنية

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

يشهد اليمن موسماً جديداً للأمطار الغزيرة التي تتسبب في أضرار كبيرة للسكان والبنية التحتية، في حين لا تزال البلاد وسكانها يعانون تأثيرات فيضانات الصيف الماضي.

وضاح الجليل (عدن)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.