تفجيرات أجهزة اتصال «حزب الله» اختبار لجاهزية مستشفيات لبنان للحرب

ما حدث في لبنان كان بمثابة اختبار لقدرة القطاع الصحي على التعامل مع الوضع في حالة حدوث حرب أوسع نطاقاً مع إسرائيل (إ.ب.أ)
ما حدث في لبنان كان بمثابة اختبار لقدرة القطاع الصحي على التعامل مع الوضع في حالة حدوث حرب أوسع نطاقاً مع إسرائيل (إ.ب.أ)
TT

تفجيرات أجهزة اتصال «حزب الله» اختبار لجاهزية مستشفيات لبنان للحرب

ما حدث في لبنان كان بمثابة اختبار لقدرة القطاع الصحي على التعامل مع الوضع في حالة حدوث حرب أوسع نطاقاً مع إسرائيل (إ.ب.أ)
ما حدث في لبنان كان بمثابة اختبار لقدرة القطاع الصحي على التعامل مع الوضع في حالة حدوث حرب أوسع نطاقاً مع إسرائيل (إ.ب.أ)

عندما تدفق عشرات الأشخاص الذين تخضبت أجسادهم وملابسهم بالدماء على مستشفيات لبنان أمس الثلاثاء، كان ذلك اختباراً لقدرة القطاع الصحي المتضرر من الأزمة في البلاد على التعامل مع الوضع في حالة سقوط أعداد كبيرة من القتلى والجرحى، مثل ما يمكن توقعه في حرب أوسع نطاقاً مع إسرائيل.

ووفقاً لـ«رويترز»، تحدث العاملون في القطاع الطبي عن مشاهد من الجحيم، إذ وصفوا وقائع لضحايا بالآلاف جراء انفجارات صغيرة مرتبطة بأجهزة الاتصال اللاسلكي (البيجر) التي تستخدمها جماعة «حزب الله» اللبنانية وهم يهرعون إلى المستشفيات، وكانت الأعضاء الداخلية لبعضهم بارزة، ووجوه البعض الآخر بلا أعين أو أيديهم بلا أصابع.

وانتقل لبنان من أزمة إلى أخرى في السنوات القليلة الماضية، بما في ذلك الانهيار المالي في 2019 وانفجار مرفأ بيروت في 2020، لكن وزير الصحة فراس الأبيض قال إن القطاع استجاب بشكل جيد، وإن أحد أسباب ذلك هو التحضير الجاري منذ أشهر.

وأضاف في مؤتمر صحافي، الأربعاء، أن الاستجابة كانت جيدة والأهم هو التمكن من تقديم الرعاية لمن يحتاجون إليها، ولا سيما من يعانون من إصابات خطيرة، وأشار إلى انخفاض عدد الوفيات مقارنة بالإصابات.

وتابع الأبيض أن أكثر من 2700 وصلوا إلى 20 مستشفى لبنانياً بعد الانفجارات، منهم نحو 300 في حالة حرجة. وأضاف أن عدد القتلى بلغ 12.

وأُجريت أكثر من 400 عملية جراحية أمس، وكان أغلبها إصابات في الوجه والعين.

وذكر الأبيض أن أمس كان اختباراً كبيراً للغاية، مشيراً إلى أنه لا أحد يعرف إن كان لبنان سيواجه اختبارات أكبر.

وتحدث بعض العاملين في مجال الرعاية الصحية عن وجود شعور قوي بالقلق مما قد يحدث في المستقبل مع وصول التوتر بين إسرائيل و«حزب الله» إلى ذروته، مما يثير المخاوف من اندلاع حرب أوسع نطاقاً.

ونفدت الأموال الحكومية المخصصة للمستشفيات، وغادر آلاف الأطباء والممرضات البلاد، مما زاد من الضغوط على من بقي منهم.

وقال إلياس جرادة، جراح العيون المخضرم والنائب اللبناني، إنه أجرى عمليات جراحية لأكثر من 12 ساعة متواصلة بعد انفجارات أمس، إذ تعامل مع الحالات الأكثر خطورة التي تتطلب جراحة ترميمية.

وأضاف وهو يبكي أنه لم يفهم سبب تدريبهم على كبت مشاعرهم حتى بدأ في إجراء العمليات وحتى رأى الأشياء العديدة التي واجهها أمس، والتي قد يواجهها في المستقبل.

وفي حديثه مع «رويترز» خلال استراحة قصيرة قبل العودة إلى العمل، قارن حجم الإصابات بالانفجار الكيماوي الذي وقع في الرابع من أغسطس (آب) 2020 في مرفأ بيروت، والذي أسفر عن مقتل أكثر من 200 شخص وإصابة نحو ستة آلاف آخرين.

وأضاف جرادة أن ترميم كل مريض هو ترميم لجزء من لبنان وإعادة لبنان إلى الحياة.

وقالت دانيا الحلاق، اختصاصية الرعاية الصحية في أحد مستشفيات بيروت، إنها تواجه صعوبة في التكيف مع ما رأته حتى الآن.

وأضافت أنها اضطرت إلى إزالة الضمادات لتشهد فقط عدم وجود الأعين في مكانها.

وتابعت أنها رأت قتلى لأول مرة، وأنها لا تعرف ما إذا كانت ستتعافى بعد المواقف التي مرت بها والمشاهد التي رأتها.


مقالات ذات صلة

أمين عام «حزب الله» يحذر بعض اللبنانيين بالتجاوب مع إسرائيل

المشرق العربي أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم (أ.ب)

أمين عام «حزب الله» يحذر بعض اللبنانيين بالتجاوب مع إسرائيل

قال نعيم قاسم، الأمين العام لجماعة «حزب الله» اللبنانية، الاثنين، إنه إذا كان البعض يعتقدون أنهم قادرون على إخراج الحزب من المعادلة عن طريق الضغط «فهم واهمون».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي مصدر دبلوماسي عربي: الشرع لن يحضر القمة العربية في بغداد السبت

الشرع لن يحضر القمة العربية في بغداد السبت

قال مصدر دبلوماسي عربي، الاثنين، إن الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع لن يشارك في القمة العربية السبت في بغداد، بعد أن قوبل توجيه دعوة رسمية للشرع بانتقادات.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
تحليل إخباري لقاء سابق بين رئيس الجمهورية جوزيف عون ورئيس البرلمان نبيه برّي (الرئاسة اللبنانية)

تحليل إخباري «حزب الله» أمام استحقاق ترميم علاقاته اللبنانية والتسليم بحصرية السلاح

ترصد الأوساط السياسية اللبنانية المراحل التي قطعتها العلاقة بين رئيس الجمهورية جوزيف عون و«حزب الله» والتي بدأت تتسم بتبادل رسائل إيجابية يراد منها طمأنة الحزب.

محمد شقير (بيروت)
أوروبا مناصرون لـ«حزب الله» يشاركون في تشييع مقاتلين في بلدة الطيبة جنوب لبنان 6 أبريل الحالي (أ.ف.ب)

بريطانيا: زوجان يديران جمعية مثيرة للجدل على صلة بـ«حزب الله»

كشفت صحيفة عن تفاصيل مثيرة بشأن جمعية خيرية غير مسجلة، يديرها زوجان مقيمان في لندن، وتجمع تبرعات لصالح لبنان تحت مظلة تنظيم يُشتبه في ارتباطه بـ «حزب الله».

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي مسافرون بمطار رفيق الحريري الدولي في بيروت (أ.ب) play-circle

تقرير: إحباط محاولة تهريب ذهب لـ«حزب الله» من مطار بيروت وفصل عشرات الموظفين

فصل العشرات من موظفي مطار بيروت للاشتباه في انتمائهم لـ«حزب الله»، كما تم إحباط محاولة تهريب أكثر من 22 كيلوغراماً من الذهب للحزب عبر المطار.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

كيف يعزز التعاون العسكري المصري - التركي التقارب بين البلدين؟

رئيس أركان الجيش المصري ونظيره التركي عقب اجتماع اللجنة العسكرية العليا للبلدين في أنقرة (المتحدث العسكري - مصر)
رئيس أركان الجيش المصري ونظيره التركي عقب اجتماع اللجنة العسكرية العليا للبلدين في أنقرة (المتحدث العسكري - مصر)
TT

كيف يعزز التعاون العسكري المصري - التركي التقارب بين البلدين؟

رئيس أركان الجيش المصري ونظيره التركي عقب اجتماع اللجنة العسكرية العليا للبلدين في أنقرة (المتحدث العسكري - مصر)
رئيس أركان الجيش المصري ونظيره التركي عقب اجتماع اللجنة العسكرية العليا للبلدين في أنقرة (المتحدث العسكري - مصر)

تطرح مخرجات الاجتماع الرابع للجنة العسكرية المصرية-التركية في أنقرة تساؤلات حول كيفية انعكاس توجه البلدين نحو زيادة التعاون العسكري المشترك على مساعي التقارب بين البلدين والتنسيق في قضايا المنطقة.

وناقش رئيسا أركان القوات المسلحة المصرية والتركية، نهاية الأسبوع الماضي في أنقرة، فرص «زيادة آفاق الشراكة والتعاون العسكري»، في خطوة عدّها عسكريون وسياسيون «تعزيزاً لمستوى الشراكة بين مصر وتركيا».

وترأس رئيس أركان القوات المسلحة المصرية، الفريق أحمد خليفة، ونظيره التركي، الفريق أول متين غوراك، الاجتماع، وحسب إفادة للمتحدث العسكري المصري، مساء الأحد، ناقش الاجتماع «تعزيز التعاون العسكري بين البلدين في مجالات التدريب، ونقل وتبادل الخبرات بين القوات المسلحة المصرية والتركية»، وأكد الجانبان «تطلعهما لزيادة آفاق الشراكة والتعاون العسكري في العديد من المجالات خلال المرحلة المقبلة».

الفريق أحمد خليفة والفريق متين غوراك ناقشا تعزيز التعاون العسكري بين البلدين (المتحدث العسكري - مصر)

وليست هذه المرة الأولى التي تستضيف فيها أنقرة محادثات عسكرية رفيعة المستوى بين مصر وتركيا، حيث سبق أن زار رئيس الأركان المصري السابق، الفريق أسامة عسكر، الذي عُين لاحقاً مستشاراً للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، تركيا في شهر أبريل (نيسان) العام الماضي، لبحث التعاون العسكري بين البلدين.

وتشهد العلاقات المصرية-التركية تطوراً في الفترة الأخيرة، بعد سنوات من القطيعة والجمود، منذ سقوط حكم «الإخوان» في مصر عام 2013، إلى أن بدأ التحسن في علاقات البلدين منذ عام 2020، مع تبادل الزيارات بين مسؤولي البلدين، وصولاً للنقلة النوعية التي شهدتها العلاقات المصرية-التركية، بتبادل الرئيس المصري، ونظيره التركي، رجب طيب إردوغان، الزيارات، العام الماضي.

استقبال رسمي لرئيس أركان القوات المسلحة المصرية خلال زيارته إلى تركيا (المتحدث العسكري - مصر)

وخلال زيارته لتركيا، التقى رئيس أركان القوات المسلحة المصرية، وزير الدفاع التركي، يشار غولر، وأكد «اعتزاز بلاده بالعلاقات العسكرية مع أنقرة». وحسب بيان المتحدث العسكري المصري: «أشاد وزير الدفاع التركي بالدور المصري الفاعل بمحيطيها الدولي، والإقليمي، في ضوء التحديات الراهنة»، وأكد «ضرورة العمل المشترك لمواجهة تلك التحديات، بما يحقق الاستقرار بالمنطقة».

ويشكل التعاون العسكري المصري-التركي «خطوة مهمة» تعكس التقارب بين القاهرة وأنقرة في الفترة الحالية، وفق تقدير الخبير العسكري المصري، اللواء سمير فرج، وقال إن «اجتماع اللجنة العسكرية بين البلدين يعزز من إجراءات التنسيق بين اثنين من أقوى الجيوش في المنطقة».

ويرى فرج، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن مجالات التعاون العسكري بين القاهرة وأنقرة تشمل «تبادل المعلومات، والتعاون في مجال التصنيع الحربي»، مشيراً إلى أن التقارب بين البلدين قد يتطور إلى «التدريب المشترك».

من زيارة رئيس أركان القوات المسلحة المصرية إلى تركيا (المتحدث العسكري - مصر)

وخلال زيارته لتركيا، التقى الفريق أحمد خليفة برئيس هيئة الصناعات الدفاعية التركية لبحث سبل التعاون المشترك، كما زار عدداً من الشركات المتخصصة في مجال الصناعات الدفاعية، لاستعراض القدرات التصنيعية المتطورة لتلك الشركات، بما يعزز من فرص تبادل الخبرات في مجال التصنيع العسكري، كما تفقد قيادة القوات الخاصة التركية، وشاهد عدداً من البيانات العملية والأنشطة التدريبية لها، حسب المتحدث العسكري المصري.

ويعكس التعاون العسكري بين القاهرة وأنقرة تقارباً سياسياً بين البلدين، بعد سنوات من التوتر، وفق الباحث في العلاقات الدولية بتركيا، طه عودة، وأشار إلى أن انعقاد اللجنة العسكرية رفيعة المستوى بين البلدين يشكل «دلالة واضحة على جدية العلاقات الثنائية، وتوافر الإرادة لبناء جسور الثقة بين البلدين».

ويعتقد عودة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «العلاقات المصرية-التركية وصلت إلى مستويات عالية من التنسيق والتعاون، بعد تبادل الزيارات بين الرئيس المصري ونظيره التركي»، وقال إن «العلاقات بين البلدين أصبحت أكثر تقارباً وتنسيقاً في المجالات السياسية، والعسكرية».

وزار السيسي أنقرة في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، بدعوة من إردوغان، في رد على زيارة الأخير للقاهرة في 14 فبراير (شباط) من العام الماضي، وعدّ الرئيس المصري الزيارة وقتها أنها «تعكس الإرادة المشتركة لبدء مرحلة جديدة من الصداقة والتعاون بين مصر وتركيا، استناداً لدورهما المحوري في محيطيهما الإقليمي، والدولي».

وإلى جانب التعاون الثنائي، يرى عودة أهمية التعاون المصري-التركي في قضايا المنطقة، وقال: «التعاون العسكري يأتي في توقيت مهم، تشهد فيه المنطقة تطورات عديدة، تستدعي التنسيق المشترك، لمواجهة تحديات كثيرة، منها الأوضاع في غزة، وليبيا، والسودان، والبحر الأحمر».

ويتفق في ذلك اللواء فرج، مشيراً إلى أهمية التعاون بين القاهرة وأنقرة بشأن «الأوضاع في سوريا، والتطورات في قطاع غزة، كون الموقف التركي داعماً باستمرار لحقوق الشعب الفلسطيني»، إلى جانب التنسيق بشأن «الأوضاع في القرن الأفريقي، وكذلك في الملف الليبي».