تنديد دولي بمقتل موظفين أمميين في غارة إسرائيلية في قطاع غزة

آثار الغارة الجوية على المواصي (أ.ف.ب)
آثار الغارة الجوية على المواصي (أ.ف.ب)
TT

تنديد دولي بمقتل موظفين أمميين في غارة إسرائيلية في قطاع غزة

آثار الغارة الجوية على المواصي (أ.ف.ب)
آثار الغارة الجوية على المواصي (أ.ف.ب)

نددت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، الخميس، بمقتل موظفين من الأمم المتحدة في ضربة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين في قطاع غزة أسفرت عن مقتل 18 شخصاً، بحسب الدفاع المدني في غزة.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أكدت إسرائيل أنها استهدفت «إرهابيين» تابعين لحركة «حماس» خلال هذا الهجوم الذي شنه جيشها الأربعاء على مدرسة تحولت مخيم نازحين في قطاع غزة المدمر من جراء حرب مستمرة منذ أكثر من 11 شهراً.

واندلعت هذه الحرب إثر هجوم لـ«حماس» داخل جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، توعدت إسرائيل بعده بالقضاء على الحركة الإسلامية الفلسطينية، مطلقة حملة قصف جوي تلاها هجوم بري في القطاع، أسفرا عن عشرات آلاف القتلى وتسببا بكارثة إنسانية وصحية.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش: «ما يحدث في غزة غير مقبول على الإطلاق. لقد تعرّضت مدرسة تؤوي 12 ألف شخص لقصف جوي إسرائيلي مرة أخرى. في عداد القتلى ستة من زملائنا في وكالة الأونروا. هذه الانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي يجب أن تتوقف الآن».

ووصف مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، الحادثة بأنها «مروعة»، مؤكداً أن «تجاهل المبادئ الأساسية للقانون الإنساني الدولي، وخصوصاً حماية المدنيين، لا يمكن ولا ينبغي للمجتمع الدولي أن يقبله».

وفي برلين عدّت ألمانيا مقتل ستة من موظفي الأمم المتحدة في غزة أمراً «غير مقبول إطلاقاً». وقالت وزارة الخارجية إن «على العاملين في مجال الإغاثة الإنسانية ألا يكونوا إطلاقاً ضحايا للصواريخ (...) من واجب الجيش الإسرائيلي حماية موظفي الأمم المتحدة وعمال الإغاثة».

«ما ذنب الأطفال والنساء؟»

دعا وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى حماية العاملين في مجال الإغاثة، مؤكداً: «علينا أن نرى المواقع الإنسانية محمية. هذا أمر نواصل طرحه مع إسرائيل».

لكن بلينكن قال أيضاً إن حماس تتحمّل جزءاً من المسؤولية، مؤكداً: «نواصل رؤية (حماس) تختبئ في، أو تسيطر على، أو تستخدم هذه المواقع التي تشن منها عملياتها».

وقال المتحدث باسم الدفاع المدني في قطاع غزة، محمود بصل: «للمرة الخامسة تقصف قوات الاحتلال الإسرائيلي مدرسة الجاعوني التابعة للأونروا وتقتل 18 مواطناً»، في مخيم النصيرات وسط القطاع.

في المقابل، قال الجيش الإسرائيلي في بيان، إن طائراته «نفذت غارة دقيقة على إرهابيين كانوا يعملون داخل مركز قيادة وسيطرة تابع لـ(حماس)» في مدرسة الجاعوني.

وفي وقت لاحق أوضح الجيش أنه طلب من الأونروا توفير «معلومات مفصلة وأسماء الموظفين» من أجل إجراء تحقيق. وأكد: «حتى الآن لم ترد الأونروا رغم الطلبات المتكررة».

إلا أن جولييت توما، مديرة الاتصالات في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، أكدت لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «لسنا في الأونروا على علم بطلب كهذا».

وأضافت أن الوكالة ترسل «في كل سنة لوائح بكل موظفيها إلى الحكومات المضيفة وعلى صعيد الضفة الغربية وغزة مع دولة إسرائيل بصفتها قوة الاحتلال».

أمام مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح (وسط) إلى حيث نقل عدد من جرحى ضربة المدرسة بينهم طفل واحد على الأقل ونساء، قالت الفلسطينية، أم أيمن: «ليس هناك أي مكان آمن في قطاع غزة. ما ذنب الأطفال والنساء والشيوخ ليصبحوا أشلاء؟».

ضربات جديدة قاتلة

وتعرضت مدارس عدة تؤوي نازحين في قطاع غزة في الأشهر الأخيرة لقصف إسرائيلي مع إعلان الدولة العبرية أن مسلحين من «حماس» يختبئون فيها ويخططون لشن هجمات عليها، وهو ما تنفيه الحركة الإسلامية.

ومنذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر، لجأ عشرات آلاف النازحين إلى المدارس بعدّها أكثر أمناً.

وفي أنحاء أخرى في قطاع غزة، قتل الخميس ما لا يقل عن 15 شخصاً في القصف الإسرائيلي المتواصل بينهم سبعة في مدينة غزة، على ما أفاد الدفاع المدني، بينهم أطفال.

على الصعيد الإنساني، رجحت منظمة الصحة العالمية أن تكون المرحلة الأولى من حملة التلقيح ضد شلل الأطفال، حققت هدفها. وأوضحت أن أكثر من 552 ألف طفل حصلوا على الجرعة الأولى من اللقاح، على أن يتلقوا الثانية في غضون نحو أربعة أسابيع.

الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل تسعة من عناصر حماس في هجوم المواصي

بعد إعلان الأونروا عن مقتل ستة من موظفيها في الغارة الجوية الإسرائيلية أمس على مدرسة في وسط قطاع غزة، أعلن الجيش الإسرائيلي عن مقتل تسعة من عناصر «حماس» في الهجوم، بمن فيهم العاملون لدى وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين.

ووفقاً لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل» كان الجيش الإسرائيلي قد ذكر أمس أنه استهدف غرفة قيادة لـ«حماس» في مدرسة الجاعوني في النصيرات، وأنه اتخذ خطوات لتقليل الخسائر المدنية، وأنه تواصل مع الأونروا للتحقيق في الادعاء بمقتل العاملين في الوكالة لكن لم يتم الرد عليه رغم الطلبات المتكررة.

كما يقول الجيش إنه حدد هوية تسعة من عناصر «حماس» الذين قتلوا في الغارة، ثلاثة منهم كانوا أيضاً موظفين في الأونروا.

  • آيسر قردايا، عضو في جهاز الأمن الداخلي لـ«حماس».
  • محمد عدنان أبو زيد، عضو في الجناح العسكري لـ«حماس» الذي أطلق قذائف الهاون على القوات، وهو موظف في الأونروا.
  • باسم ماجد شاهين، قائد خلية في الجناح العسكري لـ«حماس»، شارك في هجوم 7 أكتوبر.
  • عمر الجديلي، عضو في الجناح العسكري وقوة الأمن الداخلي لـ«حماس».
  • أكرم صابر الغليدي، عضو في الجناح العسكري وقوة الأمن الداخلي لـ«حماس».
  • محمد عيسى أبو الأمير، عضو في الجناح العسكري لـ«حماس» وشارك في هجوم 7 أكتوبر.
  • شريف سلام، عضو في الجناح العسكري لـ«حماس».
  • ياسر إبراهيم أبو شرر، عضو في الجناح العسكري ولجنة الطوارئ في النصيرات التابعة لـ«حماس»، بالإضافة إلى كونه موظفاً في الأونروا.
  • إياد مطر، عضو في الجناح العسكري لـ«حماس» وموظف في الأونروا.

مقالات ذات صلة

نجاح عملية معقّدة لفتاة فقدت جزءاً من جمجمتها في حرب غزة

المشرق العربي على اليمين صورة لمريم إبراهيم قبل الإصابة في الحرب... ويساراً صورة لها بعد الإصابة (وسائل إعلام محلية - إ.ب.أ)

نجاح عملية معقّدة لفتاة فقدت جزءاً من جمجمتها في حرب غزة

نجت فتاة من غزة كانت تعاني من إصابة في جمجمتها، جراء شظية إسرائيلية، بعد جراحة تمت لها في الأردن.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شمال افريقيا وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (د.ب.أ)

وزير الخارجية المصري يدعو إلى نشر قوة استقرار دولية في غزة «بأسرع وقت»

أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي اليوم (السبت) أنه ينبغي نشر قوة دولية لإرساء الاستقرار في غزة على طول «الخط الأصفر» للتحقق من وقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (الدوحة - القاهرة)
شؤون إقليمية المستشار الألماني فريدريش ميرتس يصل إلى مطار براندنبورغ في برلين (أ.ب)

وسط توتر بسبب حرب غزة... ميرتس في أول زيارة لإسرائيل لتعزيز العلاقات

يسعى المستشار الألماني فريدريش ميرتس خلال زيارته الأولى إلى إسرائيل، السبت، التي تستمر حتى الأحد، إلى تعزيز العلاقة «الخاصة» بين البلدين.

«الشرق الأوسط» (برلين)
شمال افريقيا الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط (د.ب.أ)

بعد تمديد ولاية «الأونروا»... أبو الغيط يدعو الدول المانحة إلى التحرك لسد فجوة التمويل

رحّب أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط بنتائج تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح الموافقة على تمديد ولاية «الأونروا».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الخليج رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني يتحدث في اليوم الأول من النسخة الثالثة والعشرين لمنتدى الدوحة السنوي (رويترز) play-circle

قطر: مفاوضات إنهاء حرب غزة تمر بمرحلة حرجة

كشف رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني اليوم (السبت)، أن المفاوضات بشأن حرب غزة تمر بمرحلة حرجة.

«الشرق الأوسط» (الدوحة)

الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
TT

الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)

رحبت وزارة الخارجية الفلسطينية، الجمعة، بتبني الجمعية العامة بأغلبية ساحقة خمسة قرارات لصالح الشعب الفلسطيني، من بينها تجديد ولاية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا».

وقالت الوزارة، في بيان، إن هذه القرارات «تعكس تضامناً واسعاً من جميع أنحاء العالم مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وتمثل إقراراً بمسؤولية المجتمع الدولي في دعم الاحتياجات السياسية والإنسانية، بما فيها حق لاجئي فلسطين».

وأضافت أن هذا التضامن يؤكد دعم العالم لوكالة «الأونروا» سياسياً ومالياً، ولحماية حقوق اللاجئين وممتلكاتهم وإدانة الاستيطان الإسرائيلي.

وأشارت الخارجية الفلسطينية إلى أن هذا التصويت «تعبير إضافي عن رفض المجتمع الدولي للضم والاستيطان والتهجير القسري والعقاب الجماعي والتدمير الواسع للبنية التحتية في الأرض الفلسطينية المحتلة، والإبادة في قطاع غزة».


حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

حديث عابر للرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «تعديل المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة» دون أن يوضح تفاصيل ذلك التعديل، أثار تساؤلات بشأن تنفيذ ذلك.

هذا الحديث الغامض من ترمب، يفسره خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بأنه سيكون تغييراً في تنفيذ بنود الاتفاق، فبدلاً من الذهاب لانسحاب إسرائيلي من القطاع الذي يسيطر فيه على نسبة 55 في المائة، ونزع سلاح «حماس»، سيتم الذهاب إلى «البند 17» المعني بتطبيق منفرد لخطة السلام دون النظر لترتيباتها، وتوقعوا أن «المرحلة الثانية لن يتم الوصول إليها بسهولة في ظل عدم إنهاء ملفات عديدة أهمها تشكيل مجلس السلام ولجنة إدارة غزة ونشر قوات الاستقرار».

و«البند 17» في اتفاق وقف إطلاق النار بغزة الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ينص على أنه «في حال أخّرت (حماس) أو رفضت هذا المقترح، فإنّ العناصر المذكورة أعلاه، بما في ذلك عملية المساعدات الموسّعة، ستنفّذ في المناطق الخالية من الإرهاب التي يسلّمها الجيش الإسرائيلي إلى قوة الاستقرار الدولية».

و«وثيقة السلام» التي وُقعت في أكتوبر الماضي بين «حماس» وإسرائيل تناولت فقط النقاط المتعلقة بما يسمى «المرحلة الأولى»، وتشمل الهدنة الأولية وانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي، وشروط تبادل الأسرى والمحتجزين، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، فيما لم يتم التوصل إلى اتفاق رسمي بشأن «المرحلة الثانية» المتعلقة بإدارة غزة بعد الحرب.

وأعلن ترمب في تصريحات نقلت، الخميس، أن المرحلة الثانية من خطته للسلام في غزة «ستخضع للتعديل قريباً جداً»، وسط تصاعد القلق من تعثرها وعدم إحرازها تقدماً ملموساً في التنفيذ، دون توضيح ماهية تلك التعديلات.

المحلل في الشأن الإسرائيلي بمركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن التعديل الذي يمكن أن يرتكز عليه ترمب للحيلولة دون انهيار الاتفاق كما يعتقد هو اللجوء لـ«البند 17» الذي يرسخ لتقسيم غزة، لغزة قديمة وجديدة، وهذا ما كان يطرحه المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف الشهر الماضي في عدد من لقاءاته.

وأشار إلى أن هذا التعديل هو المتاح خاصة أن الاتفاق أقر في مجلس الأمن الشهر الماضي، ويمكن أن يعاد تفعيل ذلك البند تحت ذرائع عدم استجابة «حماس» لنزع السلاح أو ما شابه، متوقعاً أن يقود هذا الوضع لحالة لا سلم ولا حرب حال تم ذلك التعديل.

رد فعل فلسطينية على مقتل أحد أقربائها في غارة إسرائيلية بخان يونس (أ.ف.ب)

ويرجح المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أنه في ظل عدم توضيح ماهية تعديلات ترمب بشأن المرحلة الثانية، فإن «هناك مخاوف من ترسيخ تقسيم غزة يمكن أن نراها في التعديل مع رغبة إسرائيلية في استمرار بقائها في القطاع، تطبيقاً لما يتداول بأن هذا غزة جديدة وأخرى قديمة».

ووسط ذلك الغموض بشأن التعديل، أفاد موقع «أكسيوس» بأن ترمب يعتزم إعلان انتقال عملية السلام في غزة إلى مرحلتها الثانية، والكشف عن هيكل الحكم الجديد في القطاع قبل 25 ديسمبر (كانون الأول) الجاري. ونقل الموقع، الخميس، عن مسؤولَين أميركيين قولهما إن «تشكيل القوة الدولية وهيكل الحكم الجديد لغزة في مراحله الأخيرة»، متوقعين أن يعقد الرئيس الأميركي اجتماعاً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو قبل نهاية ديسمبر الجاري لمناقشة هذه الخطوات.

غير أن الرقب يرى أن المرحلة الثانية أمامها عقبات تتمثل في «عدم تشكيل مجلس السلام وحكومة التكنوقراط، وعدم تشكيل الشرطة التي ستتولى مهامها وقوة الاستقرار، وأن أي تحركات لن ترى النور قبل يناير (كانون الثاني) المقبل».

ولا يرى عكاشة في المستقبل القريب سوى اتساع احتلال إسرائيل للمناطق التي تقع تحت سيطرتها في القطاع لتصل إلى 60 في المائة مع استمرار تعثر تنفيذ الاتفاق دون تصعيد كبير على نحو ما يحدث في جنوب لبنان من جانب إسرائيل.

فلسطينيون يسيرون أمام الخيام الممتدة على طول الشوارع وسط أنقاض المباني المدمرة في جباليا (أ.ف.ب)

وقبل أيام، تحدثت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أن هناك خطة إسرائيلية لإعادة توطين نحو مليوني فلسطيني في مناطق جديدة خاضعة لإسرائيل شرق الخط الأصفر، وتفريغ المناطق الخاضعة لسيطرة «حماس» من المدنيين بالكامل، وملاحقة عناصر حركة «حماس» في هذه المناطق تدريجياً. كما نقلت صحيفة «تلغراف» البريطانية، عن دبلوماسيين غربيين أن الخطة الأميركية بشأن غزة تنطوي على خطر تقسيم القطاع إلى جزأين للأبد، ما يؤسّس لوجود قوات الاحتلال بشكل دائم في القطاع المنكوب.

وقبل نحو أسبوع، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في لقاء ببرشلونة مع الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، على وحدة الأراضي الفلسطينية بين الضفة الغربية وقطاع غزة ورفض مصر أي إجراءات من شأنها تكريس الانفصال بين الضفة الغربية وغزة أو تقويض فرص حل الدولتين على الأرض.

وأعاد عبد العاطي، التأكيد على ذلك في تصريحات، الأربعاء، قائلاً إنه «لا مجال للحديث عن تقسيم غزة، فغزة هي وحدة إقليمية متكاملة، وجزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية القادمة، جنباً إلى جنب مع الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وهذه هي قرارات الشرعية الدولية وبالتأكيد يتعين الالتزام بذلك»، مؤكداً أنه إلى الآن يجرى التشاور بشأن لجنة إدارة قطاع غزة مع الأطراف المعنية، حتى تتولى هذه اللجنة الإدارية من التكنوقراط مهام العمل على الأرض. وأشار عكاشة إلى أن الجهود المصرية ستتواصل لمنع حدوث تقسيم في قطاع غزة أو حدوث تعديل يؤثر على الاتفاق، لافتاً إلى أن السيناريوهات مفتوحة بشأن التطورات المرتبطة بخطة ترمب.


«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
TT

«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)

تتفاقم معاناة الآلاف من ذوي الإعاقة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، في ظل انهيار شبه كامل لمنظومة الرعاية الاجتماعية، واتهامات مباشرة للجماعة الحوثية بتحويل الموارد المخصصة لهذه الفئة إلى قنوات تخدم مشروعها العسكري والآيديولوجي.

ومع استمرار انقطاع البرامج الحكومية والدعم الدولي، يجد المعاقون أنفسهم أمام واقع قاسٍ تتضاعف فيه الاحتياجات وتتراجع فيه فرص العلاج والرعاية.

مصادر محلية أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية كثفت خلال الأسابيع الأخيرة من ممارساتها التي تستهدف ذوي الإعاقة في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها، سواء عبر استغلالهم في فعاليات ومناسبات سياسية، أو من خلال إجبار عشرات الأطفال على حضور دورات تعبئة فكرية تستند إلى خطاب طائفي، في مخالفة صريحة لأبسط قواعد الرعاية الإنسانية.

وتشير المصادر إلى أن ما تبقى من المراكز والمنشآت المتخصصة التي كانت تقدم خدمات طبية وتأهيلية للمعاقين، تحوّل إلى أماكن شبه مهجورة بعد إغلاقات تعسفية ووقف شبه تام للبرامج الفنية والدعم الخارجي، نتيجة استحواذ الجماعة على المخصصات والموارد المالية.

مبنى «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع للحوثيين في صنعاء (إكس)

وكشف سكان في صنعاء أن مئات المعاقين فقدوا مصادر دخلهم المحدودة. ومع غياب برامج الدعم، اضطرت كثير من الأسر إلى إرسال أبنائها من ذوي الإعاقة إلى شوارع المدينة، بحثاً عن أي مساعدة تساهم في تغطية احتياجاتهم الغذائية أو تكاليف العلاج باهظة الثمن.

وتؤكد أسرة تقيم في ضواحي صنعاء أن اثنين من أبنائها من ذوي الإعاقة لم يعودا قادرين على تلقي جلسات العلاج الطبيعي أو الحصول على أجهزة طبية مساعدة، مثل الأطراف الصناعية أو السماعات، بعد ارتفاع أسعارها وغياب الدعم المخصص لهم من «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع لسيطرة الحوثيين.

وتضيف الأسرة أن الصندوق ـ الذي كان يعد المتنفس الوحيد لهذه الفئة ـ توقف عن تقديم معظم خدماته التعليمية والتأهيلية، مما أدى إلى حرمان مئات الأطفال من ذوي الإعاقة من حقهم في التعليم المتخصص.

ضحايا بلا رعاية

تقدّر مصادر يمنية حقوقية أن عدد ذوي الإعاقة في صنعاء وبقية مناطق سيطرة الحوثيين يتجاوز 4.5 مليون معاق، بينهم مصابون بإعاقات خلقية، وآخرون نتيجة الحرب التي أشعلتها الجماعة منذ انقلابها. وتؤكد التقديرات أن أكثر من 70 في المائة منهم محرومون من الحصول على أهم الاحتياجات الأساسية، وعلى رأسها الكراسي المتحركة، والأجهزة التعويضية، وجلسات العلاج الطبيعي، وبرامج التأهيل المهني.

جانب من زيارة قيادات حوثية لـ«صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» في صنعاء (إعلام حوثي)

وأكد عاملون في «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً حاداً في الخدمات المقدمة، مشيرين إلى أن الصندوق يستقبل شهرياً نحو 800 حالة جديدة، معظمها تحتاج إلى رعاية طويلة المدى لا يستطيع الصندوق تلبيتها حالياً. وقالوا إن سيطرة الحوثيين على موارد الصندوق وقراراته أدت إلى إيقاف عشرات المراكز وتجميد برامج التأهيل، إضافة إلى تحويل جزء كبير من الدعم لصالح الجرحى والمقاتلين العائدين من الجبهات.

وأشار العاملون إلى أن المساعدات النقدية والأجهزة التعويضية تُمنح بشكل شبه حصري لعناصر الجماعة وجرحاها، في الوقت الذي يُترك فيه آلاف المعاقين المدنيين لمواجهة مصيرهم دون أي دعم.

تعبئة فكرية

وسط هذا الانهيار الإنساني، تواصل الجماعة الحوثية إخضاع عشرات الأطفال من ذوي الإعاقة في صنعاء لدورات فكرية وتعبوية تحت اسم «دورات توعوية»؛ إذ أفادت مصادر مطلعة بأن الجماعة جمعت خلال الأيام الماضية أطفالاً ومراهقين من تسعة مراكز وجمعيات متخصصة، تتراوح أعمارهم بين 10 و18 عاماً، وأخضعتهم لمحاضرات تهدف إلى غرس أفكارها العقائدية.

وتقول المصادر إن هذه هي المرة الثالثة منذ مطلع العام التي يتم فيها إخضاع قاصرين معاقين لمثل هذه الأنشطة، في خطوة أثارت سخطاً واسعاً بين أسر الضحايا، الذين اعتبروا ذلك استغلالاً فجاً لفئة يُفترض حمايتها وتمكينها بدلاً من تجييرها لصالح مشروع سياسي.

ويأتي ذلك بعد زيارة مفاجئة للقيادي الحوثي محمد مفتاح، القائم بأعمال رئيس حكومة الانقلاب، إلى مقر الصندوق، وهي زيارة رأى فيها مراقبون محاولة لشرعنة ممارسات الجماعة لا أكثر.

فتيات معاقات لدى مشاركتهن في برنامج تعبوي نظمه الحوثيون في صنعاء (فيسبوك)

ويحذر مختصون اجتماعيون في صنعاء من أن استمرار الإهمال وغياب برامج الدعم قد يدفعان بمزيد من ذوي الإعاقة إلى دوامة الفقر المدقع، ويعمق من معاناتهم الصحية والإنسانية. ويتهمون الجماعة الحوثية بأنها حولت هذه الفئة من مواطنين يحتاجون إلى رعاية إلى وسيلة للابتزاز السياسي والاستغلال الإعلامي.

ويطالب المختصون المؤسسات الدولية والمانحين بضرورة إعادة تفعيل برامج الدعم والتأهيل وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها بعيداً عن تدخّلات الحوثيين، داعين إلى وضع آلية رقابة مستقلة على البرامج الموجهة لذوي الإعاقة.

ويؤكد المختصون أن إنقاذ هذه الفئة يتطلب جهوداً عاجلة، خصوصاً في ظل الانهيار المتواصل للخدمات الصحية وارتفاع تكاليف العلاج وتوقف التمويل المحلي والدولي عن معظم المراكز.