«اليونيسكو» قلقة من نهب متاحف ومواقع أثرية في السودان

«اليونيسكو» قلقة من نهب متاحف ومواقع أثرية في السودان من جراء الحرب الدائرة بين الجيش وقوات الدعم السريع (رويترز)
«اليونيسكو» قلقة من نهب متاحف ومواقع أثرية في السودان من جراء الحرب الدائرة بين الجيش وقوات الدعم السريع (رويترز)
TT

«اليونيسكو» قلقة من نهب متاحف ومواقع أثرية في السودان

«اليونيسكو» قلقة من نهب متاحف ومواقع أثرية في السودان من جراء الحرب الدائرة بين الجيش وقوات الدعم السريع (رويترز)
«اليونيسكو» قلقة من نهب متاحف ومواقع أثرية في السودان من جراء الحرب الدائرة بين الجيش وقوات الدعم السريع (رويترز)

تعرضت متاحف ومواقع أثرية عديدة تضم مجموعات «كبيرة» للنهب في السودان، بحسب منظمة اليونيسكو التي حذرت، الخميس، من مخاطر تدمير التراث الغني أو الاتجار به في بلد يشهد حرباً منذ 17 شهراً، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

تدور حرب منذ أبريل (نيسان) 2023 بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو.

وأعربت الوكالة الأممية عن قلقها إزاء تقارير عن «عمليات نهب وتخريب محتملة ترتكبها جماعات مسلحة في متاحف ومؤسسات تراثية عديدة في السودان»، بينها المتحف الوطني الذي «يضم آثاراً وتماثيل مهمة بالإضافة إلى مجموعات أثرية ذات قيمة تاريخية ومادية كبيرة».

وقالت «اليونيسكو» في بيان: «إن مجموعات رئيسية عديدة أخرى تشهد على تاريخ السودان الغني، أُبلغ عن سرقتها من متحف بيت خليفة ومتحف نيالا».

وتحاول «اليونيسكو» حالياً «تقييم مدى الأضرار بدقة».

وقالت المنظمة التي تتخذ من باريس مقراً: «في الأسابيع الأخيرة، يبدو أن التهديدات التي تتعرض لها الثقافة وصلت إلى مستوى غير مسبوق»، داعية إلى «حماية التراث السوداني من التدمير والاتجار غير المشروع».

إلى ذلك، دعت «اليونيسكو» الجمهور والأفراد العاملين في تجارة السلع الثقافية في المنطقة وفي كل أنحاء العالم إلى الامتناع عن حيازة ممتلكات ثقافية من السودان أو المشاركة في استيرادها أو تصديرها أو نقلها.

وأضافت أن «أي بيع أو نقل غير قانوني لهذه السلع من شأنه أن يؤدي إلى اختفاء جزء من الهوية الثقافية السودانية وسيضر بتعافي البلاد»، موضحة أنه من المقرر إجراء تدريب في القاهرة (مصر) في ديسمبر (كانون الأول) المقبل «لقوات الأمن والجهات الفاعلة في النظم القضائية في البلدان المتاخمة للسودان».

وساعدت «اليونيسكو» أيضاً في «تنفيذ تدابير طوارئ» في خمسة متاحف أخرى للآثار في السودان، هدفت خصوصاً إلى «التغليف بعناية» و«تأمين» المجموعات المهددة عبر وضعها في ملاجئ مخصصة، في حين «تم إحصاء وترقيم أكثر من 1700 قطعة».

وأدى النزاع في السودان إلى مقتل عشرات الآلاف ونزوح ولجوء أكثر من 10 ملايين شخص، بحسب الأمم المتحدة.


مقالات ذات صلة

اشتباكات في دارفور غداة تجديد حظر تسليح الإقليم

شمال افريقيا مدينة الفاشر السودانية تعاني وضعاً إنسانياً متدهوراً (أ.ب)

اشتباكات في دارفور غداة تجديد حظر تسليح الإقليم

تجددت الاشتباكات، بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» في الفاشر بولاية شمال دارفور، بعد ساعات من تجديد مجلس الأمن الدولي حظر السلاح في الإقليم.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا مجلس الأمن مجتمعاً في نيويورك (أرشيفية - الأمم المتحدة)

مجلس الأمن الدولي يمدد حظر الأسلحة في دارفور

بينما لا يزال السودان يدعو إلى رفع عقوبات الأمم المتحدة، صوتت الصين وروسيا لصالح التمديد بعدما امتنعتا عن ذلك في مارس (آذار) 2023.

«الشرق الأوسط» (نيويورك) «الشرق الأوسط» (الفاشر (السودان))
شمال افريقيا عائلات نازحة بولاية كسلا بالسودان في 10 يوليو 2024 (رويترز)

أحكام السجن والإعدام «أدوات للحرب» في السودان

تحولت أحكام سودانية بالسجن والإعدام بحق مواطنين خلال الحرب، إلى ما وصفه قانونيون بـ«أدوات للحرب»، خاصة أن قرارات الإدانة ترتكز حول «التخابر» مع «الدعم السريع»

وجدان طلحة (بورتسودان)
شمال افريقيا بيرييلو (وسط) مع ممثلي «مبادرة متحدون» للسلام في السودان خلال مؤتمر صحافي بجنيف 23 أغسطس(إ.ب.أ)

المبعوث الأميركي يرسل إشارات لإحياء المشاورات مع الجيش السوداني

أرسل المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان، توم بيرييلو، الثلاثاء، إشارات يؤكد فيها حرص واشنطن على إعادة إحياء المشاورات مع قادة القوات المسلحة السودانية.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا مسلّحون من «الدعم السريع» في سنار (مواقع التواصل)

عشرات القتلى في ولاية سنار السودانية

بلغت حصيلة ضحايا القصف المدفعي لـ«قوات الدعم السريع» على مدينة سنار 27 قتيلاً وعشرات الجرحى، وفق مصادر طبية.

محمد أمين ياسين (نيروبي)

​اتهامات للحوثيين بنسف العدالة غداة تعديلات قانون القضاء

الحوثيون فرضوا تمرير تعديلات على قانون السلطة القضائية لتثبيت قبضتهم (إعلام محلي)
الحوثيون فرضوا تمرير تعديلات على قانون السلطة القضائية لتثبيت قبضتهم (إعلام محلي)
TT

​اتهامات للحوثيين بنسف العدالة غداة تعديلات قانون القضاء

الحوثيون فرضوا تمرير تعديلات على قانون السلطة القضائية لتثبيت قبضتهم (إعلام محلي)
الحوثيون فرضوا تمرير تعديلات على قانون السلطة القضائية لتثبيت قبضتهم (إعلام محلي)

فرضت الجماعة الحوثية تعديلات وصفها قانونيون يمنيون بأنها غير دستورية، واتهموا الجماعة بأنها ترمي إلى استكمال السيطرة على القضاء، وتعيين منتمين إلى سلالة زعيمها في المحاكم، ومنحهم الحق في تقييد نشاط المحامين، ومعاقبتهم بالمنع من ممارسة المهنة.

وقد أثارت الإجراءات الحوثية غضباً يمنياً على مستوى الرئاسة اليمنية والأوساط القانونية، حيث تتهم الجماعة بالسعي إلى فرض نموذج يمكنها من انتهاك العدالة، ومنح عناصرها العبث بالحقوق والحريات والقوانين اليمنية النافذة.

الحوثيون في اليمن يسعون لاستعادة السيطرة السلالية على القضاء (إعلام حوثي)

وفي أول رد رسمي استنكر مصدر مسؤول في مكتب رئاسة الجمهورية اليمنية ما وصفه بـ«الانتهاكات الجسيمة» التي أقدمت عليها الجماعة الحوثية بحق «قانون السلطة القضائية واستقلاليتها المحمية بموجب الدستور، والتشريعات الوطنية والدولية».

وقال المصدر الرئاسي في بيان نقلته وكالة «سبأ» الحكومية إن طرح الجماعة ما سمته «مشروع تعديل قانون السلطة القضائية»، يمثل انتهاكاً صارخاً لاستقلالية القضاء وحياديته، ضمن استهدافها الممنهج للحقوق والحريات المكفولة في الدستور والتشريعات الوطنية والمواثيق والمعاهدات الدولية.

وأضاف المصدر أن «تزامن هذه الإجراءات المدمرة لما تبقى من مؤسسات الدولة مع ذكرى ثورة (26 سبتمبر) هو إمعان في تحدي إرادة الشعب اليمني الذي قدّم كل التضحيات دفاعاً عن النظام الجمهوري ومكتسباته الوطنية، ورفض النظام الإمامي الكهنوتي إلى الأبد».

ووفق المصدر الرئاسي اليمني، تريد الجماعة الحوثية من هذه الإجراءات «تعزيز هيمنة فئة معينة من أتباعها على المؤسسات المغتصبة وفي المقدمة السلطة القضائية، من خلال حصر التعيين على خريجي الحوزات، والموالين لمشروعها الطائفي الهدّام، وإقصاء رجال العدالة الشرفاء، والمحامين المدافعين عن الحقوق والحريات، وإحلال وكلاء شريعة لتنفيذ أجندتها، وتحويل القضاء إلى وسيلة ابتزاز، وإرهاب خصومها الرافضين لمشروعها الانقلابي».

الجماعة الحوثية تُكرس جهدها لتطييف المجتمع اليمني كباراً وصغاراً (إ.ب.أ)

وشدّد المصدر الرئاسي على رفض هذه الخطوة التي وصفها بـ«الاستفزازية»، والتأكيد على عدم مشروعيتها «كونها صادرة عن ميليشيات إجرامية انقلابية لا تملك أي صفة قانونية على السلطة القضائية المستقلة».

تمرير التعديلات

بعد عامين من تشكيل الجماعة الحوثية ما سمته «المنظومة العدلية» بقيادة محمد علي الحوثي ابن عم زعيم الجماعة بهدف إدارة المحاكم والقضاة ومراقبتهم، واتخاذ العقوبات اللازمة بحقهم، منحت الجماعة من خلال التعديل على قانون السلطة القضائية رئيس مجلس حكمها الانقلابي حق تعيين معممين (فقهاء طائفيين) قضاة في المحاكم، كما أضافت مادة إلى القانون تمنح هؤلاء القضاة حق معاقبة المحامين بالمنع من الترافع لمدة ثلاثة أعوام إذا رأوا أن مرافعاتهم لا تسير وفق هواهم.

وفيما كان محامون ونشطاء يمنيون يطلقون النداءات للجماعة التي تختطف صنعاء، وتدير مجموعة من البرلمانيين تحت اسم مجلس النواب لإيقاف التعديلات المقترحة على قانون السلطة القضائية وقانون المحاماة، فوجئ الجميع بتمرير تلك التعديلات من دون انعقاد جلسة أو مناقشة للمشروع بالمخالفة للدستور.

محمد علي الحوثي ابن عم زعيم الجماعة الحوثية يهيمن على مفاصل القضاء (أ.ف.ب)

وأعلنت نقابة المحامين اليمنيين «بأسف» أن ما يسمى مجلس النواب في صنعاء، الذي يضم عدداً لا يزيد على 40 فرداً أغلبهم تم انتخابهم من قِبل الحوثيين بعد وفاة الأعضاء الأساسين، قد صادق على مشروع التعديل الخاص بقانون السلطة القضائية دون نقاش، وأكدت تمسكها الكامل بموقف المحامين الرافض للتعديلات القانونية بُرمتها، وإدانة تمرير المشروع.

هذه الخطوة أتت فيما كان العشرات من النشطاء والمثقفين قد أطلقوا مناشدة لما يسمى مجلس النواب في صنعاء، طالبوا فيها بعدم اعتماد أي تعديلات في مواد أي قانون تتضمن تناقضاً واضحاً مع الدستور، وأكدوا أن التعديلات التي يراد إدخالها على قانون السلطة القضائية تضمنت مخالفات دستورية واضحة.

ردود فعل رافضة

امتد رفض التعديلات الحوثية على قانون القضاء اليمني إلى الشخصيات المحسوبة على الجماعة، ومن بينهم البرلماني عبده بشر الذي أوضح أن أي مشروع لأي قانون ينبغي عرضه على اللجنة الدستورية لتنقية مواده من أي مخالفة، وهو ما لم يتم مع مشروع السلطة القضائية.

وأكد بشر أن تعديلات الجماعة أعطت رئيس مجلس حكمها حق أن يعين بقرار يصدر منه أعضاء في وظائف السلطة القضائية من خارج السلطة القضائية، ووصف ذلك بأنه «اعتداء على استقلالية القضاء الذي لا سلطان عليه».

الجماعة الحوثية تسعى إلى تمكين العناصر الطائفية من السيطرة على ما تبقى من المحاكم (إعلام محلي)

أما القانوني عمر الحميدي، فيؤكد أن الجماعة الحوثية تسعى لتعيين قضاة لا يحملون حتى شهادة ابتدائية بشرط الحصول على تزكية من قيادتهم تحت اسمى فقهاء مشهود لهم بحُسن السيرة، رغم أنهم دفعوا بالمئات من أتباعهم للالتحاق في المعهد العالي للقضاء طوال العشر السنوات الماضية.

ورأى الحميدي أن تعديل قانون المحاماة بحيث يصبح للقاضي الحق في منع المحامي من الترافع لمدة ثلاث سنوات في جميع المحاكم إذا تقدم بدفع لم يناسب رغبة «الفقيه»، تأكيد إضافي على أن الجماعة تريد إحياء دور من كانوا يسمون «وكلاء الشريعة» الذين كانوا يعملون بدلاً عن المحامين باعتبار ذلك من موروث نظام حكم الإمامة (أسلاف الحوثيين) في شمال اليمن.

تقويض القضاء

يرى المحامي منير عبد الجليل أن إفراغ القضاء والعد التنازلي لإنهاء استقلاله في مناطق سيطرة الحوثيين بدأ منذ قبول مجلس القضاء «الخضوع والتماهي مع مخططات الفاسدين»، وأجبر القضاة على حضور دورات طائفية حتى يحافظوا على فتات لقمة العيش التي يحصلون عليها من سلطة تقايض الناس بأقوات أولادهم؛ وفق تعبيره.

وأضاف أن التعديلات التي أدخلت على قانون السلطة القضائية «وبتلك الطريقة المفضوحة» نتيجة لتلك التنازلات المؤلمة التي أصبح ضحيتها الشعب بأكمله.

يمنيون يخضعون للمحاكمة في صنعاء أمام محكمة حوثية (تويتر)

ويؤكد المحامي عبد الرقيب الحيدري أن تمرير المشروع المعد سلفاً من قِبل ما يسمى مجلس الوزراء (حكومة الانقلابيين في صنعاء) من دون حتى قراءته، وكذا تمريره من قبل ما يسمى مجلس النواب من دون حضور الأعضاء أو عقد جلسة يشير إلى أن الموضوع «فرض أمر واقع» من قِبل سلطة الحوثيين، واستحداث تشريعات خاصة بهم.

من جهته، يصف المحامي سمير الشاحذي التعديلات التي أدخلها الحوثيون على قانون السلطة القضائية بـ«الكارثة» على القضاء ومهنة المحاماة، كما عدّها ترهيباً للمحامين لمجرد تقديمهم الدفوع المكفولة دستوراً وقانوناً.

وذكر الشاحذي أنه وبدلاً من النص على إمكانية التعيين والاختيار للقضاة من المحامين المشهود لهم بالكفاءة والنزاهة مثل كثير من الدول المتقدمة، استعاض نص المشروع «المعيب» عن ذلك بالنص على اختيار من لديهم إجازة علمية في «الفقه».