نداء أممي لإنقاذ أرواح 50 ألف عائلة يمنية عقب الفيضانات

مزارعون في ذمار متخوفون من تدخلات الانقلابيين

آلاف الأسر اليمنية فقدت مآويها بفعل الفيضانات وتكافح وسط الدمار (الأمم المتحدة)
آلاف الأسر اليمنية فقدت مآويها بفعل الفيضانات وتكافح وسط الدمار (الأمم المتحدة)
TT

نداء أممي لإنقاذ أرواح 50 ألف عائلة يمنية عقب الفيضانات

آلاف الأسر اليمنية فقدت مآويها بفعل الفيضانات وتكافح وسط الدمار (الأمم المتحدة)
آلاف الأسر اليمنية فقدت مآويها بفعل الفيضانات وتكافح وسط الدمار (الأمم المتحدة)

أطلقت وكالة أممية نداءً للحصول على تمويل لتقديم مساعدات عاجلة منقذة للأرواح في اليمن بعد الفيضانات الشديدة والعواصف العاتية التي أثرت على أكثر من نصف مليون شخص، في حين تعمل وكالة أخرى على تعزيز الأمن الغذائي في البلاد، من خلال إعادة تأهيل البنية التحتية الزراعية.

وذكرت المنظمة الدولية للهجرة أنها تسعى للحصول على مبلغ يقارب 13.3 مليون دولار أميركي لفترة 6 أشهر لصالح دعم 50 ألف أسرة تضم أكثر من 350 ألف فرد يعيشون في مناطق عالية الخطورة في محافظات مأرب، والحديدة، وصنعاء، وإب وتعز، مشددة على ضرورة وجود تمويل إضافي للتعامل مع الاحتياجات المتنامية بشكل متسارع.

مُسن وطفلة داخل مأوى للنازحين دمرته الرياح (الأمم المتحدة)

ومن المتوقع، بحسب تقرير للمنظمة الأممية، وقوع مزيد من الأحداث الجوية القاسية طوال الشهر الحالي، وهو ما يستدعي مزيداً من التمويل لمواجهة نتائج التطورات المناخية.

ونقلت المنظمة عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، أنه تم الإبلاغ عن 36 حالة وفاة و564 إصابة حتى الوقت الحالي. في محافظة تعز (جنوبي غرب)، بينما تحملت أكثر من 5100 عائلة العبء الأكبر من الفيضانات، والأضرار الكبيرة في المآوي ومصادر المياه والطرق والبنى التحتية العامة.

وحددت تقييمات الاحتياجات في مديريتي الخوخة والتحيتا التابعتين لمحافظة الحديدة (غرب) ما لا يقل عن 700 عائلة تأثرت بالفيضانات، بينما لا تزال 850 عائلة في مديريتي الشمايتين والمعافر في محافظة تعز بحاجة إلى المساعدات في المواقع التي تديرها المنظمة.

كما نقلت الهجرة الدولية عن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية أن الأمطار الغزيرة غير المسبوقة ألحقت الأضرار بنحو 550 عائلة على الأقل في صنعاء، حيث غُمِرت منازلها بالمياه، وبالمثل في إب (193 كيلومتراً جنوب صتعاء) تضررت نحو 1500 عائلة بالفيضانات الشديدة؛ ما أدى إلى وفاة 9 أشخاص بشكل مأساوي.

احتياجات وتدخلات

تمثلت استجابة المنظمة الدولية للهجرة حتى الآن في حصول 3300 عائلة على حقائب آلية الاستجابة السريعة، تحتوي على الطعام ومواد النظافة العامة والشخصية وتتضمن المساعدات النقدية متعددة الأغراض، و4300 عائلة حصلت على خزانات مياه عائلية، وخدمات تفريغ وصيانة المراحيض أو تشييدها.

كما تم دعم 1885 فرداً بالخدمات الصحية وخدمات الصحة العقلية والدعم النفسي الاجتماعي، في حين تلقت 2600 عائلة مساعدات نقدية من أجل المأوى.

موظفون تابعون للمنظمة الدولية للهجرة يجرون تقييمات لأضرار الفيضانات في اليمن (الأمم المتحدة)

وتشمل تدخلات المنظمة وفق تقريرها، تقديم النقد مقابل المأوى والمواد غير الغذائية، وتوزيع حقائب الاستجابة السريعة وحقائب النظافة وحقائب المواد غير الغذائية والأغطية البلاستيكية، وتوزيع حقائب المأوى الطارئ والخيام وخزانات المياه، وبناء أو إصلاح المآوي الانتقالية والمراحيض والحفر ونقاط توزيع المياه.

كما تتضمن التدخلات تفعيل ونشر لجان وفرق تحفيز الصيانة، وتقديم الدعم النفسي الاجتماعي وخدمات الرعاية الصحية الطارئة، وإجراء تقييمات سريعة للاحتياجات، وإعادة نقل العائلات من مسارات الفيضانات، وتنفيذ أعمال رعاية المواقع وصيانتها.

وكشفت المنظمة أن خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن تواجه عجزاً حاداً في التمويل منذ الشهر الحالي، حيث تم تأمين 29.4 في المائة فقط من الموارد.

وتتسبب فجوة التمويل الهائلة في تفاقم احتياجات العائلات الضعيفة، بينما لا تستطيع المنظمة حالياً دعم 6000 عائلة مكونة من 42000 فرد، بحاجة إلى مساعدات متعددة القطاعات داخل مواقع النازحين التي تديرها.

وتعهدت المنظمة بالعمل بشكل وثيق مع السلطات المحلية ووكالات الأمم المتحدة والكتل وأصحاب المصلحة الرئيسيين الآخرين لتوفير الإغاثة لآلاف العائلات، والحد من حدوث مزيد من الآثار السلبية.

مشاريع تنموية

في غضون ذلك أبدى سكان في منطقة وصاب السافل التابعة لمحافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء) خشيتهم من أن يكون لتدخلات قادة حوثيين في مشروع تنموي تنفذه وكالة أممية بدعم من البنك الدولي آثار سلبية تؤدي إلى توقف المشروع أو عدم الاستفادة المجتمعية منه.

ويعمل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالشراكة مع الصندوق الاجتماعي للتنمية ومشروع الأشغال العامة على تنفيذ مشروع الاستجابة لتعزيز الأمن الغذائي في اليمن، بدعم من البنك الدولي، بغرض معالجة أزمة الأمن الغذائي من خلال إعادة تأهيل البنية التحتية الزراعية والحفاظ عليها وتعزيز الممارسات الزراعية الذكية مناخياً.

جزء من مشروع قناة ري لتعزيز مواجهة التغير المناخي في اليمن (الأمم المتحدة)

ويهدف المشروع إلى مواجهة آثار التغير المناخي مثل الجفاف الذي ضرب الكثير من المناطق الزراعية، وتسبب في معاناة المزارعين والإضرار بمعيشتهم.

وشرح البرنامج بعض مساهماته ومشاريعه التنموية في هذا التوجه، مثل إعادة تأهيل قناة ري في مديرية بني سواد، إحدى مديريات منطقة وصاب السافل التابعة لمحافظة ذمار، وهو المشروع الذي جاء استجابة لصعوبة ري الأراضي الزراعية في المنطقة التي تعاني من ندرة المياه.

واستفاد المزارعون في المنطقة من القناة الجديدة بعد الجفاف الذي طال أمده وندرة المياه؛ ما تسبب في تراجع إنتاج المحاصيل وتجويع المواشي.

ويتخوف السكان والمزارعون، وفق مصادر «الشرق الأوسط» من أن يؤدي سعي القادة الحوثيين لتجييره لصالحهم إلى إيقاف المشروع قبل إنجازه بالكامل، أو التحكم بإدارته، واتخاذه مبرراً لفرض جبايات طائلة على ملاك المزارع مقابل السماح لهم بالاستفادة منه.

مزارع يمني في ذمار استفاد من مشروع قناة ري في مواجهة الجفاف (الأمم المتحدة)

ووفقاً للبرنامج الأممي؛ فقد تم اختيار هذه المنطقة لكونها تعتمد على الزراعة نشاطاً اقتصادياً أوحد، ما يعني زيادة الفائدة من هذا التدخل إلى أقصى حد.

وإلى جانب الفوائد المنتظرة من مثل هذا المشروع، فإن الوكالات الأممية تعمل على تمكين العائلات من الحصول على فرص عمل فيها، ضمن نهج جديد يقوده البنك الدولي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي مع الشركاء المحليين، لمضاعفة الأثر الإيجابي على مستوى المجتمعات.


مقالات ذات صلة

حديث حوثي عن غارة غربية في تعز وإسقاط «درون» في صعدة

العالم العربي مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أرشيفية - أ.ف.ب)

حديث حوثي عن غارة غربية في تعز وإسقاط «درون» في صعدة

تحدثت الجماعة الحوثية، المدعومة من إيران، (الثلاثاء)، عن إسقاط مسيّرة أميركية في صعدة، كما أقرّت بتلقي ضربة في محافظة تعز قرب مدرسة؛ ما أدى إلى مقتل طالبتين.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي يمنيات في ريف صنعاء يشاركن في فعاليات حوثية ذات طابع تعبوي (إعلام حوثي)

ضغوط انقلابية لدفع اليمنيات للتبرع بالأموال والحلي

وسَّعت جماعة الحوثيين في الأيام الأخيرة من حجم ابتزازها المالي للتجار والسكان وصغار الباعة، وصولاً إلى استهداف النساء والفتيات اليمنيات في صنعاء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي نقاشات مستمرة لإنشاء كيان حكومي يمني للحد من مخاطر الكوارث (إعلام حكومي)

اليمن بصدد إنشاء آلية وطنية للحد من مخاطر الكوارث

بدأت الحكومة اليمنية مناقشة مشروع إنشاء آلية وطنية للحد من مخاطر الكوارث؛ إذ تحتل البلاد المرتبة السابعة ضمن الدول الأكثر تضرراً من تطرف المناخ.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي مقاتلة من طراز «إف 22» في منطقة القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)

انقلابيو اليمن يعترفون بتلقي ضربة أميركية في الحديدة

تلقت الجماعة الحوثية في اليمن ضربة أميركية استهدفت موقعاً في الحديدة، الاثنين، وذلك غداة 3 ضربات دمرت 3 مسيّرات ومنظومتي صواريخ شرق مدينة إب.

علي ربيع (عدن)
الخليج رئيس الوزراء القطري يستقبل نظيره اليمني في الدوحة (سبأ)

مباحثات قطرية - يمنية في الدوحة لتعزيز الشراكة في جميع المجالات

أجرى رئيس الوزراء اليمني مع نظيره القطري مباحثات في الدوحة ركزت على إيجاد شراكات تنموية واستثمارية في كل المجالات.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

وزير الخارجية الهندي: علاقاتنا مع الصين تمر بمرحلة صعبة... وروسيا شريك قديم

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي خلال اجتماع في الكرملين في موسكو بروسيا في 9 يوليو 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي خلال اجتماع في الكرملين في موسكو بروسيا في 9 يوليو 2024 (رويترز)
TT

وزير الخارجية الهندي: علاقاتنا مع الصين تمر بمرحلة صعبة... وروسيا شريك قديم

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي خلال اجتماع في الكرملين في موسكو بروسيا في 9 يوليو 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي خلال اجتماع في الكرملين في موسكو بروسيا في 9 يوليو 2024 (رويترز)

قال وزير الخارجية الهندي، الدكتور سوبرامانيام جيشانكار، إن علاقات بلاده مع الصين تمر بمرحلة صعبة بسبب الوضع الحدودي، وإن روسيا شريك قديم والتعاون الاقتصادي معها يتوسع بشكل مطرد، فيما رأى أن علاقات بلاده مع الولايات المتحدة تجاوزت ترددات التاريخ و«أنشأنا شراكة استراتيجية قوية». وشدد الوزير على أهمية توسيع عضوية مجموعة «بريكس»، متوقعاً أن يسهم ذلك بشكل فعال في نشوء عالم متعدد الأقطاب، مستبعداً أن يُفرز انضمام الهند إلى «منظمة شنغهاي للتعاون»، حساسية في التأثير على العلاقات الهندية - الأميركية، معتقداً أن النظام العالمي يتجه نحو عصر التعددية القطبية.

وقال جيشانكار، في حديث إلى «الشرق الأوسط» بعد مشاركته في الاجتماع الوزاري المشترك للحوار الاستراتيجي بين مجلس التعاون الخليجي والهند الذي عُقد في الرياض، الاثنين، إن علاقات بلاده مع السعودية تتمتع بالقوة والمرونة في ظل التوجه إلى تعميق التعاون الثنائي في مجالات الدفاع والطاقة والتكنولوجيا. وذكر الوزير أنه جرى اتفاق مع دول مجلس التعاون الخليجي، على خطة عمل مشتركة (JAP)، تشمل التعاون في مجموعة من القطاعات بما في ذلك التجارة والصحة والنقل والزراعة والتعليم. وفي الموضوع الفلسطيني، شدد جيشانكار على ضرورة إيصال المساعدات الإنسانية إلى الفلسطينيين، ووقف الحرب والعمل على حلّ الدولتين... فإلى تفاصيل الحوار:

وزير الخارجية السعودي خلال اجتماعه مع نظيره الهندي (واس)

* تشهد العلاقات السعودية - الهندية نمواً مطرداً خلال السنوات الأخيرة، فهل وصلت إلى شراكة واسعة في كل المجالات؟

- دعني أقُلْ لك إن العلاقات بين الهند والسعودية في أفضل حالاتها على الإطلاق اليوم، وخلقت زيارة دولة رئيس الوزراء، ناريندرا مودي، للسعودية في عامي 2016م و2019، زخماً تسارع بشكل مطّرد. وبالمثل، شهدت زيارة الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد، رئيس مجلس الوزراء السعودي في عام 2019، مبادرات جديدة وأبعاداً إضافية في تعاوننا، وعكس إنشاء مجلس الشراكة الاستراتيجي في عام 2019 هذه المرحلة الجديدة من علاقاتنا.

وفي العام الماضي، كنا سعداء باستقبال الأمير محمد بن سلمان في شهر سبتمبر (أيلول) للمشاركة في قمة قادة مجموعة العشرين ولرئاسة الاجتماع الأول لقادة مجلس الشراكة الاستراتيجي بين الهند والسعودية مع دولة رئيس الوزراء، ناريندرا مودي. وخلال الزيارة، تم التوقيع على 8 مذكرات تفاهم واتفاقيات من الجانبين في عديد من المجالات. وشكَّلت الزيارة علامة بارزة وعززت الشراكة الاستراتيجية بين البلدين الشقيقين.

وحقيقة اغتنمت الفرصة لمزيد من الزخم مع نظيري السعودي، الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي في مناسبات عديدة. وساعد تبادل وجهات نظرنا بشكل منتظم في بناء فهم للتطورات المهمة في منطقتنا. وعلاوة على ذلك، فإنه في كل قطاع تقريباً، نشهد زيارات ومشاركات رفيعة المستوى. وعلى مدار العام الماضي، كان هناك نحو 24 زيارة وزارية بين البلدين. ومن بين المجالات ذات الأولوية الدفاع والمشاركات الاقتصادية، حيث شهدنا توسعاً كبيراً في علاقاتنا بشكل مستمر.

وعلى الصعيد الاقتصادي، من المشجع أن نرى أن «رؤية السعودية 2030» توفر فرصاً جديدة في مجالات مثل الطاقة المتجددة، والصحة، والسياحة، والأمن الغذائي، والخدمات اللوجيستية، وتنمية المهارات، والفضاء، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وما إلى ذلك. ويستفيد عدد من الشركات الهندية من هذه الفرص. وهناك إمكانات كبيرة للاستثمارات السعودية في الهند في مختلف القطاعات.

وفيما يتعلق بالعلاقات الدفاعية، شهدنا العديد من الإنجازات التي تعد الأولى من نوعها على مدى السنوات القليلة الماضية، بما في ذلك أول تمارين بحرية بين القوات البحرية في البلدين، وأول تمارين برية على الإطلاق، والزيارة الأولى لرئيس أركان البحرية في السعودية إلى الهند، والمشاركة الهندية النشطة في معرض الدفاع العالمي السعودي في وقت سابق من هذا العام. كما قمنا بالتوقيع على الاتفاقية الأولى لتصدير الذخائر الهندية إلى السعودية... نحن نتقدم بشكل جيد، وهناك كثير من الإمكانات لتعزيز علاقتنا.

وزراء الخارجية بدول مجلس التعاون الخليجي مع نظيرهم الهندي عقب الاجتماع المشترك (مجلس التعاون)

* هل تمت مناقشة مواضيع سياسية أو طغى الجانب الاقتصادي على الاجتماع الوزاري الخليجي - الهندي الأول؟

- العلاقة بين الهند ودول الخليج متجذرة في نسيج غنيٍّ من التاريخ والثقافة والقيم المشتركة، إذ تمتد لقرون، وفي الأعوام الأخيرة تطورت العلاقة إلى شراكة حديثة تمتد عبر مجموعة واسعة من القطاعات؛ الاقتصاد والطاقة والدفاع والتكنولوجيا والتعليم والعلاقات بين الناس وغيرها، وتستند الشراكة إلى أساس الثقة والاحترام المتبادل والرؤية المشتركة للمستقبل.

ويعمل ويعيش في الدول الخليجية نحو 9 ملايين مواطن هندي، يعملون جسراً حياً بين الطرفين. ومن منظور الهند، تمثل منطقة الخليج «الجوار الممتد» للهند، والقريب جغرافياً، والمتقارب ثقافياً، والمتكامل اقتصادياً، ويمثل الطرفان معاً قوة ديناميكية وعظيمة.

وتوفر سوق الهند الشاسعة والمتنامية فرصاً هائلة للاستثمار، في حين تشكل المنطقة الخليجية مركزاً لموارد الطاقة والتجارة العالمية وجسراً لعديد من آفاق التعاون. ومن بين المجالات الجديدة، تقدم لنا الثورة الرقمية فرصاً غير مسبوقة للتعاون في مجال التكنولوجيا، كما أن التعليم وتنمية المهارات من المكونات الأساسية لشراكتنا. كما أن التواصل بين الناس والتواصل اللوجيستي يشكلان مجالاً آخر من مجالات التعاون المهمة بيننا، الذي يعود بفوائد استراتيجية واقتصادية واجتماعية متعددة على بلداننا. وفي هذا الصدد يجب ذكر IMEC بشكل خاص، حيث خلال اجتماع يوم الاثنين، أتيحت لي الفرصة، مع نظرائي في الخليج، لاستعراض علاقاتنا بشكل شامل، والتعمق في مجالات الاهتمام المشترك، والتعاون الجاري، والسبل المحتملة لمزيد من الشراكة.

هناك قدر كبير من التقارب، حيث تتقاسم بلداننا مصلحة في منطقة وعالم مستقرين وآمنين ومزدهرين. كما قمنا باتفاق على خطة العمل المشتركة «JAP» التي تغطي مجموعة من القطاعات بما في ذلك التجارة والصحة والنقل والزراعة والتعليم.

* ما أحدث التطورات في مشروع الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا «IMEC»؟ وإلى أي مدى يتنافس هذا المشروع مع طريق الحرير الصيني؟

- يعد الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا مبادرةً لإعادة تعريف نموذج الاتصال وربط ثلاثة مراكز اقتصادية مهمة. وأُعلن المشروع على هامش قمة مجموعة العشرين الأخيرة في نيودلهي.

وسيقود الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا إلى تكامل تحويلي بين آسيا وأوروبا والشرق الأوسط. ويتكون الممر من عدد من العناصر بما في ذلك السكك الحديدية وشبكة النقل من السفن إلى السكك الحديدية والاتصال الكهربائي والرقمي بالإضافة إلى الهيدروجين النظيف.

وقد سبق أن وقّعنا اتفاقية إطارية حكومية دولية مع دولة الإمارات، لتنفيذ الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا، تشمل تطوير وإدارة منصة لوجيستية ونظام بيئي رقمي وتوفير خدمات سلسلة التوريد. وسينعكس التأثير الإيجابي على تيسير التجارة وسلاسل التوريد ونمو العمالة والاستدامة بشكل كبير.

* هل ما زالت الهند متمسكة بموقفها تجاه ما يحدث في غزة؟

- نعم، وموقف الهند من الصراع مبدئي وثابت، إذ قمنا بإدانة أعمال الإرهاب واحتجاز الرهائن. وفي نفس الوقت، نشعر بألم عميق بسبب استمرار وفاة المدنيين الأبرياء.

إن أي استجابة لا بد أن تأخذ في الاعتبار مبادئ القانون الإنساني. كما نؤيد بشدة جهود الإغاثة المستدامة لأولئك الذين هم في أشدّ الحاجة إليها، وهذا يتطلب وقف إطلاق النار في أسرع وقت ممكن.

وعلى صعيد القضية الأوسع نطاقاً، دافعنا باستمرار عن حل القضية الفلسطينية من خلال حل الدولتين، ولا بد من معالجة القضية القديمة المتمثلة في حقوق الفلسطينيين. كما أسهمنا في بناء المؤسسات والقدرات للفلسطينيين. وفيما يتعلق بالوضع الإنساني، قدمنا ​​الإغاثة وزدنا دعمنا لـ«أونروا».

وزير الخارجية الهندي متحدثاً إلى «الشرق الأوسط»

* شهد البحر الأحمر عمليات تهديد من جانب جماعة الحوثي التي أثّرت بدورها على التجارة الدولية، هل أثر ذلك عليكم؟ وهل لدى الهند أي توجه لحماية سفنها التجارية؟

- تشكل الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر، مصدرَ قلق للهند نظراً للحساسيات التي تنطوي عليها. ونظراً للعدد الكبير من المواطنين الهنود العاملين في مجال الشحن التجاري، ونظراً لحجم التجارة الكبير من الهند التي تمر عبر المنطقة، فإن الهجمات ربما تكون لها عواقب سلبية من الناحية الاقتصادية.

الهند تدعم مبدأ حرية الملاحة في البحر الأحمر، وأعربت عن قلقها إزاء حالات استهداف السفن التجارية التي تؤثر على الروابط التجارية وتعريض حياة البحارة للخطر.

تراقب الهند من كثب التطورات في المنطقة، بالإضافة إلى المشورة الأمنية لوكالات الشحن المختلفة للتعامل مع أي هجوم محتمل، حيث تحافظ القوات البحرية الهندية على وجود قوي في خليج عدن والمحيط الهندي لمساعدة السفن التجارية على المرور الآمن. تم نشر أكثر من 12 سفينة حربية في شرق البحر الأحمر لتوفير الأمن ضد القراصنة، فيما قام أفراد القوات البحرية الهندية بالتحقيق مع عديد من السفن والقوارب الصغيرة في الأشهر القليلة الماضية، كما نقوم بالتنسيق مع العديد من البلدان في المنطقة لتنسيق الاستجابات.

* ذكرتم أن عصر «الحوار المتواصل» مع باكستان انتهى ولكل عمل عواقب.. ما طبيعة العواقب التي توحي بها؟

- أوضحنا خلال العقد الماضي أن الهند لن تتسامح مع الإرهاب عبر الحدود. وسيستلزم استمرارها في ممارسة هذا النوع من الإرهاب ردود الفعل المناسبة. وفي الوقت نفسه، أوضحت مؤخراً أن الهند سترد على أي تطورات إيجابية أو سلبية.

مودي وشي لدى مشاركتهما في قمة «بريكس» 27 يوليو 2018 (رويترز)

* يلاحَظ أخيراً صعود الصين وروسيا... هل سنشهد تعددية قطبية أم محوراً جديداً؟ وأين ستكون الهند في علاقاتها مع أميركا؟

- تتَّبع الهند سياسة خارجية متعددة الأبعاد، وتشمل هذه السياسة التعامل مع القوى الكبرى كافة. ومن الطبيعي أن تعتمد جودة العلاقة على مدى التقارب بين مصالحنا. وعلى وجه التحديد، نمر بمرحلة صعبة في علاقاتنا مع الصين بسبب الوضع الحدودي. وروسيا شريك قديم ويتوسع تعاوننا الاقتصادي معه بشكل مطرد. ومع الولايات المتحدة، تجاوزنا ترددات التاريخ وأنشأنا شراكة استراتيجية قوية.

* يرى بعض المراقبين أن انضمام الهند إلى «منظمة شنغهاي للتعاون» يثير حساسية في العلاقات الهندية - الأميركية؟

- الهند تنتهج سياسة خارجية متعددة الاتجاهات. ونحن نعتقد أن النظام العالمي يتجه نحو عصر التعددية القطبية، وهذا يعني أن مختلف البلدان سيتعاون بعضها مع بعض، وفق ما تمليه مصالحها الوطنية، دون السعي إلى الحصرية.

روسيا ترحب برغبة تركيا في الانضمام إلى مجموعة «بريكس» (أ.ف.ب)

* هل أدى ذلك إلى توسيع عضوية «بريكس»؟

- دعني أقُلْ لك إنه في العام الماضي قررت مجموعة «بريكس BRICS» توسيع عضويتها، ومن بين دول المنطقة، تمت دعوة السعودية والإمارات وإيران ومصر للانضمام إلى هذا التحالف، ونحن نعتقد أن هذه الدول لديها مساهمة مهمة في نشوء عالم متعدد الأقطاب.