استعدادات حوثية لإغلاق قضية المبيدات المحظورة والتستر على المتهمين

إخفاء بيانات أمراض الأورام في مناطق سيطرة الانقلابيين

وسائل الإعلام الحوثية تتجاهل تغطية جلسات محاكمة المتهمين بتجارة وترويج المبيدات المحظورة (إعلام حوثي)
وسائل الإعلام الحوثية تتجاهل تغطية جلسات محاكمة المتهمين بتجارة وترويج المبيدات المحظورة (إعلام حوثي)
TT

استعدادات حوثية لإغلاق قضية المبيدات المحظورة والتستر على المتهمين

وسائل الإعلام الحوثية تتجاهل تغطية جلسات محاكمة المتهمين بتجارة وترويج المبيدات المحظورة (إعلام حوثي)
وسائل الإعلام الحوثية تتجاهل تغطية جلسات محاكمة المتهمين بتجارة وترويج المبيدات المحظورة (إعلام حوثي)

تستعد محكمة حوثية لإنهاء محاكمة 38 متهماً في قضية الاتجار بالمبيدات المهربة والمحظورة والمنتهية الصلاحية، وسط اتهامات لسلطات الجماعة الحوثية بالتستر على كبار تجار المبيدات من قادتها والموالين لها، بالتزامن مع حجب المعلومات والبيانات حول أعداد الإصابات بالأورام السرطانية في مناطق سيطرتها.

وأغلقت ما تسمى «محكمة الأموال العامة ومكافحة الفساد» التابعة للجماعة الحوثية في العاصمة المختطفة صنعاء، باب المرافعة في قضية المبيدات المهربة والمحظورة والمنتهية الصلاحية، وحجزتها لإصدار الحكم بعد شهر من الآن، في جلسة حضر فيها 13 متهماً فقط، بينما واصل كبار المتهمين من تجار المبيدات المقربين من قيادة الجماعة، التغيب وتجاهل المحاكمة.

المبيدات الزراعية تغرق الأسواق اليمنية ومنها ما هو محظور دولياً (إعلام محلي)

وذكرت مصادر قانونية في صنعاء أن محامياً ترافع عن 8 من المتهمين، منكراً ما وُجِّه إليهم من اتهامات بصفتهم عمالاً لدى تجار المبيدات المتغيبين عن المحاكمة، ونفى أن يكون لهم دور فاعل في ترويجها، لأنهم كانوا يمارسون أعمالهم بشكل طبيعي دون مخالفة للقوانين، مع جهلهم بمخاطر المواد التي يتاجر بها رؤساؤهم في العمل.

ويعدّ كل من: عبد العظيم دغسان، وصالح عجلان وشقيقيه صادق وعلي، وعدد من تجار المبيدات، من كبار المتهمين باستيراد وتهريب وترويج المبيدات المحظورة، مستغلين صلاتهم بقيادة الجماعة الحوثية، وتبادل المنافع معها.

وطلب المحامي تبرئة العمال الثمانية المتهمين في القضية؛ مشيراً إلى أنهم تركوا العمل لدى تجار المبيدات منذ أعوام، وبدأوا مزاولة مهن أخرى، وتردَّت أحوالهم المعيشية، ما ينفي عنهم التربح من هذه التجارة، لدرجة أن أحدهم أصيب بالجنون نتيجة ذلك، كما جاء في المرافعة.

ورغم أن القضية تعود إلى 6 أعوام مضت، فإنها كانت حبيسة أدراج المحاكم الحوثية، نتيجة تبادل المنافع بين المتهمين والجماعة الحوثية، حسب المصادر القانونية، قبل أن تثار مجدداً منذ أشهر بسبب تسريبات ونشر وثائق سرية حولها، ضمن تنافس القيادات الحوثية وصراع الأجنحة.

المبيدات الحشرية المحظورة التي انتشرت في اليمن ألحقت أضراراً صحية كبيرة بالسكان (أرشيفية– رويترز)

وفي حين تتجاهل وسائل الإعلام الحوثية تغطية جلسات المحاكمة أو الإشارة إليها، شهد مارس (آذار) وأبريل (نيسان) الماضيان الكشف عن وثائق تثبت تقديم الجماعة الحوثية تسهيلات لدخول أنواع متعددة من المبيدات السامة والمحظورة إلى مناطق سيطرتها، رغم التحذير من مخاطرها وآثارها على صحة السكان وسلامة البيئة المحلية والمنتجات الزراعية.

تسهيلات وتبريرات

تسعى الجماعة الحوثية إلى تحميل عدد من العاملين في المنظمات الأممية والدولية الذين تختطفهم منذ أشهر؛ مسؤولية نشر وترويج المبيدات والمواد المسرطنة في الأسواق المحلية، واتهام الحكومات اليمنية السابقة لانقلاب الجماعة منذ 10 أعوام، بتسهيل حدوث ذلك، والتواطؤ مع تلك المنظمات لنشر السموم في البلاد.

ورغم أن المحكمة الحوثية أمرت -في منتصف يوليو (تموز) الماضي- بالقبض القهري على التاجر عبد العظيم دغسان، وإيداعه السجن، وإغلاق محلاته التجارية بسبب تغيبه عن حضور جلسة المحاكمة، فإن الأمر لم يلقَ طريقاً للتنفيذ.

وتداول ناشطون وإعلاميون موالون للجماعة الحوثية أخباراً عن لقاء جمع بين دغسان ومهدي المشاط، رئيس ما يعرف بـ«المجلس السياسي الأعلى» (مجلس الحكم الحوثي الانقلابي) في اليوم التالي لصدور قرار المحكمة بالقبض القهري عليه، إلا أن وسائل إعلام الجماعة لم تنشر أي أخبار عن ذلك اللقاء.

وسبق ذلك الأمر إقرار دغسان بحصوله على تسهيلات من قيادات عليا، وأوامر بالإفراج عن المبيدات التابعة له المضبوطة في الجمارك والمواني.

المبيدات هي المتهم الأول بالتسبب في الزيادة المهولة للإصابة بالأورام في اليمن (رويترز)

وكان القيادي المشاط قد دافع عن تجارة وترويج مبيد «بروميد الميثيل»، المحظور دولياً، لانعدام بدائل له، نافياً مخاطره الصحية، وبرر دفاعه بمزاعم طلب المزارعين الحصول على هذا المبيد.

وبينما كان المشاط يبرر تجارة وترويج هذا المبيد، اختطفت الجماعة الحوثية الناشط الموالي لها خالد العراسي، وقدمته للمحاكمة، بسبب كتاباته على مواقع التواصل الاجتماعي حول تجارة المبيدات، ونشر وثائق تدين الجماعة بالتواطؤ مع المتاجرين بها.

ويرى مراقبون أن الجماعة الحوثية تعمل من خلال هذه المحكمة، على تحميل مسؤولية إغراق الأسواق بالسموم لأشخاص كانوا يعملون بالأجر لدى كبار المتهمين من تجار المبيدات الذين حصلوا على تسهيلات من قيادات حوثية كبيرة.

تعتيم صحي

وتتستر الجماعة الحوثية على أعداد المصابين بالأورام، وتمنع نشر أي معلومات حول ازدياد الإصابات، وتمارس أعلى درجات السرية والاحتياط، لمنع تسرب التقارير الطبية حول ذلك.

وذكرت مصادر طبية لـ«الشرق الأوسط» أن توجيهات عليا من مكتب القيادي المشاط صدرت إلى جميع الجهات الصحية المعنية بجمع البيانات والمعلومات وإصدار التقارير، بالتكتم على كل ما يخص الأورام.

طفل وشابة مصابان بالسرطان يتلقيان الأدوية في مركز لعلاج الأورام بصنعاء (أ.ف.ب)

وبيَّنت المصادر أن البيانات والمعلومات التي يجري التحفظ عليها، تشير إلى زيادة مهولة في أعداد الإصابات بالأمراض التي يحتمل تسبب المبيدات المحظورة فيها بالمحافظات والمناطق الزراعية.

وطبقاً لإحصائيات عن جهات طبية تحت سيطرة الجماعة الحوثية، فإن محافظة إب تأتي في المرتبة الأولى من حيث أعداد الإصابات بالأورام السرطانية، تليها محافظات ذمار والحُديدة وحجة بالترتيب.

وترجِّح المصادر الطبية أن يكشف تحليل تلك البيانات عن مسؤولية نبتة «القات» بنسب كبيرة في تلك الأمراض، نتيجة لاستخدام مزارعي هذه النبتة المبيدات بشكل مفرط.

وحسب وسائل إعلام حوثية، فإن مركز علاج الأورام الخاضع لسيطرة الجماعة في صنعاء، يستقبل نحو 160 حالة يومياً من مختلف المحافظات، ويسجل سنوياً نحو 6 آلاف حالة مرضية جديدة، ووصل أعداد المرضى المسجلين فيه إلى أكثر من 80 ألف مريض، بينما يتردد أكثر من 40 ألف مريض سنوياً على المركز.


مقالات ذات صلة

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

العالم العربي توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

تتزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، في حين تتصاعد الدعوات لإجراء حلول عاجلة ودائمة تمكن الحكومة من السيادة على الموارد.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً جديدةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)

نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

نبه البنك الدولي إلى المخاطر الزائدة التي يواجهها اليمن نتيجة لتغير المناخ وأكد أن سكاناً كثيرين يواجهون تهديدات مثل الحرارة الشديدة والجفاف والفيضانات

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي مقر البنك المركزي اليمني في عدن (إعلام حكومي)

«المركزي اليمني» يستهجن مزاعم تهريب أموال إلى الخارج

استهجن البنك المركزي اليمني أنباء راجت على مواقع التواصل الاجتماعي تدعي قيام البنك بتهريب الأموال في أكياس عبر المنافذ الرسمية، وتحت توقيع المحافظ.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني الزبيدي يثمن دور السعودية في دعم بلاده (سبأ)

الزبيدي يثمن جهود السعودية لإحلال السلام والاستقرار في اليمن

وسط تأكيد سعودي على استمرار تقديم الدعم الإنساني والإغاثي لليمن، ثمّن عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عيدروس الزبيدي، سعي المملكة إلى حشد الجهود لإحلال السلام.

«الشرق الأوسط» (عدن)

الحكومة المصرية تغلظ عقوبات «سرقة الكهرباء»

اجتماع مجلس الوزراء المصري برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء)
اجتماع مجلس الوزراء المصري برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء)
TT

الحكومة المصرية تغلظ عقوبات «سرقة الكهرباء»

اجتماع مجلس الوزراء المصري برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء)
اجتماع مجلس الوزراء المصري برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء)

وافق مجلس الوزراء المصري، الأربعاء، برئاسة مصطفى مدبولي، على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون الكهرباء الصادر عام 2015، بهدف تغليظ عقوبات الجرائم الخاصة بالاستيلاء على التيار الكهربائي.

وتشكو الحكومة المصرية منذ سنوات من لجوء مواطنين إلى وصلات غير شرعية للحصول على الكهرباء دون دفع رسوم، أو استهلاك الكهرباء من دون عداد، تُحصّل من خلاله الحكومة مستحقاتها.

وتحمّل الحكومة المصرية عمليات السرقة جزءاً كبيراً من مسؤولية انقطاع التيار الذي شهدته مصر خلال الأعوام الماضية.

وبحسب التعديل الجديد، الذي وضعته الحكومة، الأربعاء، يعاقب بالحبس مُدة لا تقل عن سنة، وبغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه (الدولار يساوي 49.7)، أو بإحدى هاتين العقوبتين؛ كُل من استولى بغير حق على التيار الكهربائي، وتُضاعف العقوبة في حديها الأدنى والأقصى في حالة العود. أمّا إذا ترتب على هذه الجريمة انقطاع التيار الكهربائي فتكون العقوبة السجن.

وتقضي العقوبة في القانون الحالي، لتلك المخالفة، بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر، ولا تزيد على سنتين، وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه ولا تزيد على 100 ألف جنيه.

ووفق مشروع القانون الجديد، تقضي المحكمة بإلزام المحكوم عليه برد مثلي قيمة استهلاك التيار الكهربائي المستولى عليه، بالإضافة إلى الامتناع عمداً عن تقديم أي من الخدمات المُرخص بها دون عُذر أو سَنَد من القانون، على أن تضاعف العقوبة في حديها الأدنى والأقصى في حالة التكرار.

وشملت التعديلات الجديدة، العقاب أيضاً بالحبس مُدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه، ولا تزيد على مليون جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، لكُل من قام بتوصيل الكهرباء لأي من الأفراد أو الجهات بالمُخالفة لأحكام القانون، أو عَلِمَ بارتكاب أي مخالفة لتوصيل الكهرباء ولم يُبادر بإبلاغ السلطة المختصة.

بينما تقضي العقوبة في القانون الحالي، لذات المخالفة، بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر، وغرامة لا تزيد على 50 ألف جنيه.

ووفق مشروع القانون الجديد، سيتم الحبس مُدة لا تقل عن سنتين وبغرامة لا تقل عن 200 ألف جنيه ولا تزيد على مليوني جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، إذا وقعت الجريمة عن طريق التدخل العمدي في تشغيل المعدات أو المهمات أو الأجهزة الخاصة بإنتاج ونقل وتوزيع الكهرباء، وفقاً للضوابط الفنية المنصوص عليها في اللائحة التنفيذية للقانون، وتُضاعف العقوبة في حديها الأدنى والأقصى في حالة العود.

وتضمن التعديل إضافة مادة جديدة إلى قانون الكهرباء، تنص على أن يكون للجهة المجني عليها التصالح مع المتهم في الجرائم المنصوص عليها في المادتين 70 و71، إذا دفع قبل رفع الدعوى الجنائية إلى المحكمة المُختصة، مُقابل أداء قيمة استهلاك التيار الكهربائي المُستولى عليه، أو إذا دفع بعد رفع الدعوى الجنائية إلى المحكمة المُختصة وحتى صدور حُكم باتٍ فيها، مقابل أداء مثلي قيمة استهلاك التيار الكهربائي المُستولى عليه، أو إذا دفع بعد صدور الحكم باتاً، مقابل أداء ثلاثة أمثال قيمة استهلاك التيار الكهربائي المستولى عليه.

وفي جميع حالات التصالح، إذا نتج عن الجرائم، إتلاف المعدات أو المُهمات أو الأجهزة الخاصة بإنتاج ونقل وتوزيع الكهرباء؛ يلتزم طالب التصالح بسداد قيمة ما تم إتلافه. وفي جميع الأحوال تضاعف قيمة مقابل التصالح في حالة العود.

وارتفعت أعداد المحاضر التي حرّرتها الحكومة لسارقي الكهرباء الفترة الماضية، حتى تجاوزت خلال 5 أسابيع فقط أكثر من 600 ألف محضر سرقة، وفق ما صرّح به وزير الكهرباء، خلال اجتماع الحكومة، في سبتمبر (أيلول) الماضي.