تضرّر نصف مليون يمني وآلاف المساكن جراء السيول

البنية التحتية تعرّضت لأضرار بالغة

السيول في اليمن تزامنت مع تفشي وباء الكوليرا (الأمم المتحدة)
السيول في اليمن تزامنت مع تفشي وباء الكوليرا (الأمم المتحدة)
TT

تضرّر نصف مليون يمني وآلاف المساكن جراء السيول

السيول في اليمن تزامنت مع تفشي وباء الكوليرا (الأمم المتحدة)
السيول في اليمن تزامنت مع تفشي وباء الكوليرا (الأمم المتحدة)

أعلنت منظمة أممية إحصائية صادمة بخصوص خسائر اليمن جراء الفيضانات التي ضربت أخيراً عدداً من المحافظات، إذ تضرّر أكثر من نصف مليون شخص، وأصابت الأضرار آلاف المساكن، بالإضافة إلى عزل آلاف السكان، بعد أن دمّرت السيول الطرقات التي تربط المناطق المنكوبة.

وأكدت «منظمة الهجرة الدولية»، في تقرير حديث، أن الأمطار الغزيرة المصحوبة بالعواصف الرعدية العنيفة والفيضانات الشديدة التي شهدها اليمن أثرت فيما يقرب من 562 ألف شخص.

الأمطار الغزيرة والفيضانات في اليمن تسبّبت في نزوح آلاف الأسر (الأمم المتحدة)

وبينما كانت محافظات الحديدة، ومأرب، وصنعاء، وإب، وتعز، والمحويت، وعمران، وصعدة، الأكثر تضرراً، قالت المنظمة إن الفيضانات تسبّبت في تدمير المئات من المنازل وملاجئ النازحين، والطرق، ومصادر المياه، والمرافق الطبية، والبنية التحتية للصرف الصحي.

المناطق المتأثرة

ووفق ما جاء في تقرير المنظمة فقد تضرّرت محافظة مأرب (شرق صنعاء) بصفة خاصة، حيث تسبّبت الرياح القوية منذ 11 أغسطس (آب) في إلحاق أضرار جسيمة بـ73 موقعاً للنزوح، وأثرت في أكثر من 21 ألف أسرة، وأدّت إلى مقتل وجرح 44 شخصاً، ما زاد من سوء الأزمة في واحدة من أكثر مناطق اليمن ضعفاً.

وأكدت المنظمة الحاجة الماسة إلى إصلاح المآوي بصفة عاجلة وتقديم المساعدات النقدية، في حين تأتي خدمات الرعاية الصحية والبنية التحتية للصرف الصحي من بين الأولويات الأكثر إلحاحاً.

وفي محافظة الحديدة الساحلية (غرب) تضرّرت أكثر من 9 آلاف أسرة، كما جرى الإبلاغ عن 36 حالة وفاة و564 إصابة حتى الآن، كما تضرّر أكثر من 11 ألف أسرة، ولقي ما لا يقل عن 15 شخصاً حتفهم، وأُصيب آخرون جراء الفيضانات التي ضربت أجزاء من محافظة تعز (جنوب غرب).

وطبقاً للمنظمة، تضرّرت نحو 1500 أسرة، وتُوفي تسعة أشخاص في محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء). وتضرّرت 550 أسرة في صنعاء، بالإضافة إلى ذلك قتل وفقد أكثر من 41 شخصاً، وتضرّر 1020 أسرة في مديرية ملحان بمحافظة المحويت.

الحاجة إلى المساعدة

وأشارت «منظمة الهجرة الدولية» إلى أن الظواهر الجوية غير المسبوقة التي شهدها اليمن، خلال الفترة الأخيرة، أدت إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في البلاد، ما ترك مئات الآلاف من النازحين داخلياً والمجتمعات المضيفة في حاجة ماسة إلى المساعدة.

وذكرت أنه واستجابة إلى الفيضانات الشديدة والعواصف العاتية التي لحقت أضرارها بنحو 562 شخصاً، أطلقت نداءً بمقدار 13.3 مليون دولار لتقديم مساعدات عاجلة لإنقاذ الأرواح.

وأكدت المنظمة أن أحداث الطقس غير المعهودة أدت إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، مخلفة الآلاف من النازحين داخلياً، وجعلت المجتمعات المستضيفة في حاجة ماسة إلى المساعدات.

الظواهر الجوية غير المسبوقة أدت إلى تفاقم الأزمة الإنسانية (الأمم المتحدة)

وقال القائم بأعمال رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، مات هوبر، إن هذا البلد يواجه «فصلاً مدمراً آخر في أزمته المستمرة، التي تفاقمت بسبب الصراع وأحداث الطقس المتطرفة». وذكر أن فرق المنظمة موجودة على الأرض، وتعمل على مدار الساعة لتقديم الإغاثة العاجلة إلى الأسر المتضررة من هذه الكارثة.

وحسب المسؤول الأممي، فإن حجم الدمار كبير، وهناك حاجة ماسة إلى تمويل إضافي لضمان عدم التخلي عن الفئات الأكثر ضعفاً، إذ يجب التحرك على الفور لمنع وقوع مزيد من الخسائر وتخفيف معاناة المتضررين.

وبيّن هوبر أنه خلال الأشهر الأخيرة، دمّرت الأمطار الغزيرة والفيضانات المنازل، وتسبّبت في نزوح الآلاف من الأسر، وألحقت أضراراً بالغة بالبنية التحتية الأساسية، مثل المراكز الصحية والمدارس والطرق.

مناطق يمنية خاضعة للحوثيين كانت الأكثر تضرراً من السيول (إ.ب.أ)

ووفق ما أوردته منظمة الهجرة الدولية، أضحى الآلاف من الناس في عديد من المحافظات اليمنية، دون مأوى أو مياه نظيفة أو إمكانية الوصول إلى الخدمات الأساسية، وفقد العشرات أرواحهم حتى الآن، إذ أتت هذه العواصف في الوقت الذي تعاني فيه البلاد من تفشي وباء الكوليرا وانعدام الأمن الغذائي المتزايد، ما أدى إلى تفاقم ضعف الأسر النازحة وأنظمة الصحة المنهكة.

ومع توقع استمرار ظروف الطقس القاسية، قالت المنظمة الأممية إن مزيداً من الأسر معرضة لخطر النزوح والتعرض لتفشي الأمراض، بسبب تضرّر البنية التحتية للمياه والصحة.


مقالات ذات صلة

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

شهدت العاصمة السعودية، الرياض، في اليومين الماضيين، حراكاً دبلوماسياً نشطاً بشأن الملف اليمني، ركَّز على الجهود الإقليمية والدولية لخفض التصعيد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

فيما طالبت الأمم المتحدة بأكبر تمويل إنساني في اليمن للعام المقبل أفاد تقرير دولي بوجود 3.5 مليون شخص من فئة المهمشين لا يمتلكون مستندات هوية وطنية

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

يشهد اليمن موسماً جديداً للأمطار الغزيرة التي تتسبب في أضرار كبيرة للسكان والبنية التحتية، في حين لا تزال البلاد وسكانها يعانون تأثيرات فيضانات الصيف الماضي.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب  (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تقرير حديث للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن حول مساهماته في بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

أحال رئيس الحكومة اليمنية، أحمد بن مبارك، رئيس مؤسسة نفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

محمد ناصر (تعز)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.