الفيضانات تشرد 63 ألف يمني خلال شهر

التحذيرات مستمرة رغم قرب انتهاء موسم الأمطار

أضرار كبيرة لحقت بالبنى التحتية في اليمن جراء الفيضانات (الأمم المتحدة)
أضرار كبيرة لحقت بالبنى التحتية في اليمن جراء الفيضانات (الأمم المتحدة)
TT

الفيضانات تشرد 63 ألف يمني خلال شهر

أضرار كبيرة لحقت بالبنى التحتية في اليمن جراء الفيضانات (الأمم المتحدة)
أضرار كبيرة لحقت بالبنى التحتية في اليمن جراء الفيضانات (الأمم المتحدة)

مع اقتراب نهاية موسم الأمطار في اليمن، أظهرت بيانات أممية أن السيول التي شهدتها البلاد خلال شهر أغسطس (آب) الماضي شردت نحو 63 ألف شخص، ومع ذلك لا يزال خطر الفيضانات المفاجئة كبيراً بسبب الوديان المتدفقة والتربة المشبعة بالمياه، خصوصاً في المناطق التي تعاني من أنظمة الصرف غير الكافية.

وبحسب نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) فإن وتيرة وشدة هطول الأمطار اليومية تتناقص، ومع ذلك، لا تزال البلاد متأثرة بشدة بالأمطار الغزيرة الأخيرة، كما لا تزال المرتفعات الوسطى، مع تضاريسها الجبلية التي تنقل المياه إلى الوديان والأراضي المنخفضة، تعاني من آثار تلك الفيضانات.

اليمن يواجه أنماطا متنوعة من هطول الأمطار خلال الأيام المقبلة (إعلام محلي)

وعلى الرغم من انقشاع الغيوم تدريجياً، نبهت النشرة إلى أن خطر الفيضانات المفاجئة لا يزال كبيراً، وأفادت بأن الأمطار الأخيرة قد تؤدي إلى حدوث فيضانات يمكن أن تعطل الحياة اليومية في المجتمعات المتضررة، وتتسبب في أضرار للبنية الأساسية الحيوية، وتعيق جهود التعافي الجارية من حوادث الفيضانات السابقة.

وأكدت «فاو» أنه بينما ينتهي موسم الأمطار في اليمن، فإن تأثيره المتبقي يعمل تذكيراً بضعف البلاد في مواجهة الفيضانات، وأن هذا الوضع يشير إلى ضرورة اليقظة والاستعداد المستمر في المناطق المعرضة للفيضانات، حتى مع تراجع التهديد المباشر لهطول الأمطار، وذكرت أن شهر أغسطس تميز بالكوارث المتكشفة والأزمات الإنسانية الكبرى التي قادتها الفيضانات في عدد من أجزاء البلاد.

أضرار جسيمة

وعلى الرغم من التوقعات بحدوث الخطر من خلال رسائل الإنذار المبكر، فإن ذلك -بحسب المنظمة الأممية- حدث بشكل متزايد وأدى إلى نزوح الأسر، مع أضرار جسيمة في ممتلكاتهم واضطرابات في سبل العيش. وقالت المنظمة إن اليمن يكافح أزمة إنسانية شديدة ناجمة عن الفيضانات.

وأوضحت «فاو» أن اليمن واجه خلال الشهر الماضي حالة طوارئ؛ إذ تسببت الفيضانات واسعة النطاق في أزمة إنسانية كبرى في مناطق متعددة. وأنه على الرغم من رسائل الإنذار المبكر التي أصدرتها منظمات مختلفة، بما في ذلك نظام معلومات الأمن الغذائي والتغذية التابع لمنظمة الأغذية والزراعة (فاو)، فإن شدة الفيضانات تجاوزت التوقعات.

قوة الفيضانات في اليمن طغت على القدرات المحلية (إكس)

وأدت هذه الأحداث -طبقاً للمنظمة- إلى نزوح أكثر من 9000 أسرة (63 ألف شخص) بالإضافة إلى أضرار جسيمة في الممتلكات الشخصية والبنية التحتية، واضطراب كبير في سبل العيش والأنشطة اليومية. ونبهت «فاو» إلى أنه رغم توقع حدوث هذه الفيضانات إلى حد ما، فإنها طغت بشدة على القدرات المحلية وفاقمت نقاط الضعف القائمة في اليمن.

وأكدت المنظمة الأممية أن حجم الكارثة أبرز حجم التحديات التي تواجه اليمن في إدارة المخاطر وسلط الضوء على الحاجة الملحة إلى تعزيز الاستعداد للكوارث وآليات الاستجابة، لأن اليمن يواجه أنماطاً متنوعة من هطول الأمطار خلال الأيام المقبلة، كما أنه وفي المستقبل القريب، من المتوقع أن تشهد اليمن مستويات متفاوتة من هطول الأمطار، حيث تواجه مناطق معينة هطول أمطار غزيرة.

أمطار متوقعة

وفق توقعات منظمة «فاو» ستتلقى محافظات إب وذمار والمحويت في اليمن أكثر من 150 مليمتراً من الأمطار التراكمية، وسيشهد شرق شبوة وأجزاء من حضرموت هطول أمطار معتدلة بشكل غير عادي، تتراوح نسبتها بين 20 و40 مليمتراً. وقالت إن هطول الأمطار غير المتوقع قد يؤدي إلى اضطرابات كبيرة في المجتمعات المحلية وسبل العيش.

وبالإضافة إلى ذلك، توقعت المنظمة حدوث زيادة ملحوظة في هطول الأمطار في النصف الأول من الشهر الحالي، إذ من المحتمل أن تتلقى محافظة إب ما يصل إلى 50 مليمتراً في غضون 3 ساعات.

الفيضانات أدت إلى نزوح آلاف الأسر اليمنية وألحقت بهم خسائر جسيمة (الأمم المتحدة)

وفي حين توفر أنماط الطقس هذه موارد مائية أساسية، فإنها -كما ذكرت المنظمة- تشكل أيضاً مخاطر محتملة وأنه «يجب على المجتمعات في هذه المناطق الاستعداد للتأثيرات المحتملة على الأنشطة اليومية والزراعة والبنية التحتية».

وبحسب «فاو»، فإن خطر الفيضانات سيستمر في المناطق الرئيسية على الرغم من توقع انخفاض هطول الأمطار، حيث تواجه مستجمعات المياه المعرضة للفيضانات في المرتفعات الوسطى والمرتفعات الجنوبية الخطر بشكل خاص.

وأوردت المنظمة أن المناطق عالية الخطورة في اليمن هي وادي سهام، ووادي رماع، ووادي زبيد، ووادي تبن، فيما ستكون حالة التأهب والخطر المحتمل في وادي سردود.


مقالات ذات صلة

​انقلابيو اليمن ينفقون مبالغ ضخمة على احتفالات «المولد النبوي»

العالم العربي من مظاهر احتفالات الحوثيين بالمولد النبوي في صنعاء (الشرق الأوسط)

​انقلابيو اليمن ينفقون مبالغ ضخمة على احتفالات «المولد النبوي»

خصص قادة الجماعة الحوثية في اليمن مبالغ ضخمة لإنفاقها على احتفالاتهم السنوية بذكرى «المولد النبوي» متجاهلين اتساع رقعة الفقر والمجاعة وضحايا السيول.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي ارتفاع ضحايا وباء الكوليرا بمحافظة تعز اليمنية إلى 36 وفاة وأكثر من 5 آلاف إصابة (أ.ف.ب)

اليمن: ارتفاع وفيات الكوليرا في تعز إلى 36 حالة

أعلن مسؤول صحي يمني، الأربعاء، ارتفاع ضحايا وباء الكوليرا بمحافظة تعز إلى 36 حالة، وأكثر من 5 آلاف إصابة منذ مطلع العام الحالي.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي شاحنة نقل ثقيل تعرضت للانقلاب في خط الحديدة - إب (الشرق الأوسط)

سائقو الشاحنات في اليمن يشكون تهالك الطرق ويهددون بالإضراب

هدد العشرات من العاملين اليمنيين في قطاع النقل الثقيل في المناطق الخاضعة لجماعة الحوثيين بتنفيذ إضراب شامل احتجاجاً على التدهور الحاد في الطرق وغياب الصيانة

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي نازحة يمنية مع أطفالها في رحلة كفاح مريرة من أجل العيش (الأمم المتحدة)

قصص مؤلمة للنازحين إلى الساحل الغربي في اليمن

يحكي النازحون اليمنيون إلى الساحل الغربي هرباً من جحيم الحرب التي فجَّرها الحوثيون قصصاً مؤلمة، وسط تصاعد احتياجاتهم الإنسانية المختلفة.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بعد عام من إعلان زعيم الحوثيين التغييرات الجذرية بدأت إجراءات لتغيير الهيكل الإداري للدولة اليمنية (غيتي)

الحوثيون يشكلون هياكل إدارية جديدة لتعزيز قبضتهم الانقلابية

تحت مسمى «التغييرات الجذرية»، تسعى الجماعة الحوثية لاستكمال السيطرة المطلقة على الجهاز الإداري للدولة اليمنية في مناطق سيطرتها وإحلال عناصرها والموالين لها.

وضاح الجليل (عدن)

الحوثيون يشكلون هياكل إدارية جديدة لتعزيز قبضتهم الانقلابية

بعد عام من إعلان زعيم الحوثيين التغييرات الجذرية بدأت إجراءات لتغيير الهيكل الإداري للدولة اليمنية (غيتي)
بعد عام من إعلان زعيم الحوثيين التغييرات الجذرية بدأت إجراءات لتغيير الهيكل الإداري للدولة اليمنية (غيتي)
TT

الحوثيون يشكلون هياكل إدارية جديدة لتعزيز قبضتهم الانقلابية

بعد عام من إعلان زعيم الحوثيين التغييرات الجذرية بدأت إجراءات لتغيير الهيكل الإداري للدولة اليمنية (غيتي)
بعد عام من إعلان زعيم الحوثيين التغييرات الجذرية بدأت إجراءات لتغيير الهيكل الإداري للدولة اليمنية (غيتي)

تحت مسمى «التغييرات الجذرية»، تسعى الجماعة الحوثية لاستكمال السيطرة المطلقة على الجهاز الإداري للدولة اليمنية في مناطق سيطرتها، حيث تعمل حالياً على استحداث قوانين، وإجراء تعديلات تشريعية عميقة بالتزامن مع طرد مَن تبقّى من كوادر وموظفي مؤسسات الدولة، وإحلال عناصرها والموالين لها.

وألغت الجماعة الحوثية وزارة الشؤون القانونية من حكومتها الانقلابية الجديدة المعلنة خلال الشهر الماضي، برئاسة أحمد الرهوي، واستبدلت بها مكتباً قانونياً يتبع المجلس السياسي الأعلى (مجلس الحكم الحوثي) بعد أن قلّصت عدد الوزارات من 32 وزارة إلى 19 وزارة.

من خلال مسمى «التغييرات الجذرية» يزيد الحوثيون من سيطرة ونفوذ أخطر أجنحتهم (أ.ف.ب)

وتعتزم الجماعة، وفق مصادر مطلعة، استحداث هيئات وإدارات جديدة، وتغيير هيكل معظم الوزارات والقطاعات في مناطق سيطرتها، مع إعداد قوائم بأتباعها وأنصارها الذين سيتم تعيينهم أو إحلالهم بدلاً عن الموظفين السابقين.

وبدأت الجماعة بالفعل إجراءات إحلال لشاغلي عدد من المناصب في بعض المؤسسات والقطاعات التي لا تعتزم الجماعة تغيير هيكلها الإداري، أو في الوزارات التي تم الحفاظ على مسماها وشكلها، دون تغيير أو دمج مع وزارات أخرى.

وأصدر القيادي مهدي المشاط رئيس ما يُعرف بـ«المجلس السياسي الأعلى» (مجلس الحكم الانقلابي) قراراً بإنشاء ما تمت تسميته «المكتب القانوني للدولة»، الذي يتبع، بموجب القرار، رئاسة المجلس.

وعدّ مسؤولون، عملوا في وزارة الشؤون القانونية قبل الانقلاب الحوثي ومصادر برلمانية في صنعاء، هذه الخطوة إجراءً يهدف لمنح المجلس نفسه صلاحيات الحكومة التي يتم تحويلها إلى واجهة دون مهام حقيقية، وتجريدها من صلاحية إعداد التشريعات والقوانين.

تناقض المهام

بحسب المسؤولين في وزارة الشؤون القانونية والمصادر البرلمانية، الذين طلبوا من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناتهم حفاظاً على سلامتهم، فإن مهمة إعداد القوانين والتشريعات المختلفة، ستصبح من اختصاص مجلس الحكم الحوثي، الذي يسيطر عليه ويديره أحد أخطر الأجنحة الحوثية، ما ينذر بسلب البرلمان غير الشرعي الخاضع للجماعة في صنعاء صلاحياته المتعلقة بمناقشة وإصدار القوانين مستقبلاً.

ويأتي هذا القرار متناقضاً مع برنامج الحكومة الحوثية، الذي تم إقراره ونال ثقة البرلمان الذي تسيطر عليه الجماعة، والذي نصّ في أحد بنوده على تفعيل أدوارها القانونية، ودعمها لبرامج الرقابة والتوعية القانونية؛ للحد من الفساد وحماية المال العام، ودراسة التعارض بين القوانين أو بينها ولوائحها التنفيذية، وتفعيل العلاقة مع البرلمان.

محمد علي الحوثي يدير عدداً من الكيانات الموازية لمؤسسات الدولة ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية (إ.ب.أ)

ومن مهام الوزارة، التي أقرّ برنامج الحكومة الحوثية التركيز عليها، معالجة حالات الإحالة للتقاعد لمَن بلغ أحد الأجلين (بلوغ 65 عاماً أو الخدمة لمدة 35 عاماً) من الموظفين، ودراسة جوانبها كافة بما يتلاءم مع ظروف الحرب، وهو ما فسّرته المصادر بنوايا استخدام التقاعد لإقصاء كوادر الجهاز الإداري للدولة وإحلال أتباع الجماعة.

وتتوقّع المصادر أن يتم استخدام التقاعد بالتعسف والاحتيال لإبعاد كوادر وموظفي الدولة وأصحاب الخبرات ممَّن لم يعلنوا ولاءهم للجماعة، أو مَن لا يمثلون فائدة لها، حتى وإن اضطروا لموالاتها حفاظاً على مصادر دخلهم.

كما يتناقض قرار إنشاء المكتب القانوني، الذي يتبع مجلس الحكم الحوثي، مع إعلان الحكومة الانقلابية عزمها اتخاذ كثير من الإجراءات التي تشمل إصدار القوانين واللوائح للوزارات والمؤسسات.

إجراءات رجعية

تصف المصادر القانونية والبرلمانية هذه الإجراءات الحوثية بـ«الرجعية»، نظراً لكونها تمثل «اعتداءً» على مبدأ الفصل بين السلطات، وتجرّد الحكومة من مهامها، وتختصر مهام وزارة كاملة في مكتب تابع لمجلس الحكم، على عكس المتعارف عليه في بناء الدولة، حيث تتطور المكاتب والأقسام إلى إدارات، ثم إلى قطاعات، وهيئات، ومؤسسات، ووزارات.

وتوقّعت أن تكون هذه الإجراءات ضمن مخطط يهدف إلى إلغاء مبدأ الفصل بين السلطات تماماً، وتحويل البرلمان الخاضع للجماعة والحكومة غير المعترف بها إلى مؤسسات شكلية دون مهام حقيقية، وتعزيز السلطة في قبضة قيادة الجماعة.

مقر وزارة الشؤون القانونية التي ألغاها الحوثيون من حكومتهم المعلنة أخيراً (فيسبوك)

وتوضح المصادر، أنه وعلى الرغم من السيطرة الحوثية التامة على مؤسسات الدولة في مناطق سيطرتها بما فيها البرلمان، وتجيير أنشطتها ومهامها لصالح مشروع الجماعة؛ فإنها لا تكتفي بذلك، وتسعى إلى تغيير شكل ومضمون الدولة ومؤسساتها؛ لإسقاطها من الذهنية الجمعية لليمنيين.

وتمثل هذه الإجراءات، طبقاً للمصادر، سعياً حثيثاً لإلغاء النظام الجمهوري، واستعادة نظام الحكم الإمامي السابق للثورة اليمنية التي نشأت بموجبها الجمهورية، غير أن الجماعة الحوثية ستحتفظ بمسمى وشكل الدولة الحاليَّين، لكنها في موازاة ذلك تجرف مضمونها تماماً.

كما تتوقّع المصادر إحداث تغييرات أخرى في شكل وتركيبة الأجهزة القضائية، وإصدار مجموعة من القوانين التي تعزز من سيطرة الجماعة على المجتمع، والرقابة على أفراده وتنظيماته السياسية والاجتماعية، والحركتين التجارية والاقتصادية.

ورجّحت أن يكون سبب تأخير تشكيل الحكومة والبدء بهذه الإجراءات لنحو عام منذ إعلان إقالة الحكومة الانقلابية السابقة، والبدء بما سُميت «التغييرات الجذرية»، هو التحضير والإعداد لها، ودراسة تبعاتها، واحتواء ما قد ينجم عنها بسبب الصراعات بين الأجنحة.