​انهيار مبانٍ أثرية وتضرر قلاع تاريخية جراء الأمطار في اليمن

اتهامات للحوثيين بالإهمال وتجاهل نداءات الاستغاثة

أمطار غير مسبوقة شهدتها مناطق اليمن هذا الموسم (إ.ب.أ)
أمطار غير مسبوقة شهدتها مناطق اليمن هذا الموسم (إ.ب.أ)
TT

​انهيار مبانٍ أثرية وتضرر قلاع تاريخية جراء الأمطار في اليمن

أمطار غير مسبوقة شهدتها مناطق اليمن هذا الموسم (إ.ب.أ)
أمطار غير مسبوقة شهدتها مناطق اليمن هذا الموسم (إ.ب.أ)

أدت الأمطار الغزيرة التي ضربت في الأيام الأخيرة مراكز مدن وقرى عدة واقعة تحت سيطرة جماعة الحوثيين في اليمن إلى تضرر عدد من القلاع والحصون التاريخية، وانهيار منازل ومبانٍ أخرى أثرية في صنعاء وريفها ومحافظات ريمة وعمران والبيضاء والحديدة، بحسب ما أفادت به مصادر محلية.

وأوضحت المصادر أن سيول الأمطار جراء المنخفض الجوي تسببت في هدم وتضرر عشرات المنازل، خاصة في حارة «بستان السلطان»، وحارة «حرقان» في المدينة المدرجة على قائمة اليونيسكو للمدن التاريخية.

مبنى أثري تعرض للانهيار جراء الأمطار في منطقة يسيطر عليها الحوثيون (إعلام محلي)

واتهمت المصادر الجماعة الحوثية بتجاهل حجم الكارثة وعدم الاستجابة لاستغاثات السكان بسبب انشغالها بتدشين فعالياتها السنوية ذات الصبغة الطائفية بمناسبة «المولد النبوي».

في غضون ذلك أطلقت ما تسمى «هيئة الحفاظ على المدن التاريخية» الخاضعة للجماعة الحوثية تحذيرات عاجلة تفيد بتلقيها مئات البلاغات من أن مباني تاريخية باتت معرضة للسقوط في صنعاء القديمة ومناطق أخرى، كاشفة عن تعرض قصر أثري للانهيار، في إحدى الحارات القديمة.

وفي محافظة ريف صنعاء، أفادت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط»، بتعرض حصن «حراز» التاريخي لانهيار جزئي نتيجة الأمطار، ويُعد ذلك الحصن من أبرز وأقدم الحصون الأثرية في اليمن.

ولم تكن محافظة ريمة هي الأخرى بعيدة عن الأضرار، فقد خلفت سيول الأمطار في الأيام الأخيرة نحو 8 قتلى بينهم نساء وأطفال، مع تهدم كلي وجزئي لأكثر من 400 منزل، منها قلاع وحصون ومبانٍ قديمة في مناطق متفرقة بالمحافظة، وفق ما ذكرته مصادر في ريمة لـ«الشرق الأوسط».

وتعرضت في المحافظة نفسها أجزاء من قلعة جبل «ظلملم» التاريخية غرب مديرية كسمة في ريمة للانهيار، بفعل الأمطار التي ضربت عدة مديريات.

دعوة للإنقاذ

مع تجاهل الحوثيين لحجم الأضرار، أصدرت هيئة الآثار والمتاحف الخاضعة لهم في صنعاء بياناً عاجلاً دعت فيه سلطة الانقلابيين والمنظمات المحلية والدولية المعنية بدعم وحماية التراث إلى مساعدتها في اتخاذ ما وصفته بـ«إجراءات إنقاذية» لحماية المعالم الأثرية من الأضرار الناجمة عن استمرار هطول الأمطار.

انهيار قصر أثري في مدينة صنعاء القديمة (إعلام محلي)

ووفق بيان للهيئة، تسببت الأمطار المستمرة في تضرر عدد من القلاع والمباني الأثرية، من بينها انهيار جزء من سور قلعة «شمر يهرعش» المعروفة بقلعة رداع في محافظة البيضاء، وانهيار الجزء العلوي من الواجهة الشمالية لقلعة «زبيد» التاريخية مع تساقط أسقف الثكنات الغربية المخصصة لمتحف الموروث الشعبي في محافظة الحديدة.

وبينما حذرت هيئة الآثار الخاضعة للحوثيين من مخاطر كبيرة قد تتعرض لها المعالم التاريخية في حال لم يتم التحرك بشكل جاد وسريع لإنقاذها من الانهيار الكامل، أكدت أن الأمطار شديدة الغزارة ألحقت أضراراً بالغة بأبراج سور مدينة «ثُلا التاريخية» بمحافظة عمران، وسقوط بعض الأحجار من واجهة القلعة «الأثرية» بمديرية الضحى في الحديدة.

«الأرصاد» يحذر

توقع مركز التنبؤات الجوية والإنذار المبكر في الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد التابعة للحكومة اليمنية استمرار هطول أمطار رعدية غزيرة، بعضها مصحوبة بالبرد والرياح الشديدة على المرتفعات والمنحدرات والسهول الساحلية الغربية، من صعدة شمالاً حتى تعز والضالع ولحج جنوباً خلال الـ72 ساعة المقبلة.

وأوضح المركز في نشرته الجوية، أن صور الأقمار الاصطناعية ومخرجات النماذج العددية وطبقات الجو العليا والرصد السطحي، تشير إلى استمرار تأثر اليمن بأمطار رعدية ورياح شديدة.

الحوثيون متهمون بعدم تحريك أي ساكن لحماية المباني الأثرية (إعلام محلي)

ولفتت النشرة إلى احتمال استمرار هطول أمطار متفاوتة الشدة بعضها رعدية ومصحوبة بالرياح الشديدة على أجزاء من صحاري ومرتفعات وهضاب محافظات المهرة، وحضرموت، وشبوة، وأبين، ومأرب، والجوف.

كما توقع المركز، هبوب رياح شديدة مثيرة للرمال والأتربة على أرخبيل سقطرى والسواحل الجنوبية والمناطق الواقعة في مدى السحب الرعدية.

وبهذا الشأن، حذّر مركز التنبؤات الجوية والإنذار المبكر، المواطنين وسائقي المركبات، من الوجود في بطون الأودية ومجاري السيول، والسير في الطرق الطينية الزلقة في المناطق المتوقع هطول أمطار عليها. كما حذّر من الاقتراب من أعمدة الكهرباء واللوحات الإعلانية والأشجار، داعياً إلى ضرورة إغلاق الجوالات أثناء العواصف الرعدية.


مقالات ذات صلة

رئيس مجلس القيادة اليمني يزور تعز رغم المخاوف الأمنية

العالم العربي رئيس مجلس القيادة اليمني رشاد العليمي حظي باستقبال شعبي ورسمي في تعز (إكس)

رئيس مجلس القيادة اليمني يزور تعز رغم المخاوف الأمنية

على الرغم من المخاوف الأمنية، وصل رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي إلى مدينة تعز في زيارة تاريخية للمدينة التي يحاصرها الحوثيون للسنة التاسعة.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحرب دمرت جزءاً من مخازن الشحن في ميناء عدن (الأمم المتحدة)

تحسين كفاءة ميناء عدن لتخزين البضائع وتقليل انتظار السفن

أكمل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومؤسسة موانئ خليج عدن اليمنية إعادة تأهيل سقيفتين لعبور البضائع في ميناء عدن الذي يعد أكبر موانئ اليمن.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي مهمة «أسبيدس» الأوروبية رصدت 5 حرائق على الأقل فوق متن ناقلة النفط اليونانية (رويترز)

اليمن يحذّر من كارثة بيئية مع توقّع انفجار ناقلة النفط «سونيون»

حذّرت الحكومة اليمنية من كارثة بيئية، مع توقّع انفجار ناقلة النفط اليونانية «سونيون» أو غرقها جرّاء الحرائق المستمرة على متنها بعد هجمات حوثية بدأت الأربعاء.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي مدينة زبيد التاريخية في اليمن ضربتها أمطار غير مسبوقة (إعلام محلي)

التغيّر المناخي يهدد مدناً تاريخيّة في اليمن

تضرر 100 منزل تاريخي في مدينة صنعاء القديمة وكذلك الأمر في مدينة زبيد، المدرجتين على قائمة التراث الإنساني، مع تضرر مبانٍ في مدن يمنية أخرى.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي احتفالات «المؤتمر الشعبي العام» بذكرى تأسيسه في محافظة مأرب (إكس)

«المؤتمر الشعبي»... طموح لتوحيد القيادة ولعب دور في مستقبل اليمن

يطمح حزب «المؤتمر الشعبي» في اليمن لتوحيد قيادته وتجاوز الانقسام بين أجنحته تمهيداً للعب دور في مستقبل اليمن، خصوصاً بعد رفع العقوبات الأممية عن نجل مؤسسه.

وضاح الجليل (عدن)

التغيّر المناخي يهدد مدناً تاريخيّة في اليمن

مدينة زبيد التاريخية في اليمن ضربتها أمطار غير مسبوقة (إعلام محلي)
مدينة زبيد التاريخية في اليمن ضربتها أمطار غير مسبوقة (إعلام محلي)
TT

التغيّر المناخي يهدد مدناً تاريخيّة في اليمن

مدينة زبيد التاريخية في اليمن ضربتها أمطار غير مسبوقة (إعلام محلي)
مدينة زبيد التاريخية في اليمن ضربتها أمطار غير مسبوقة (إعلام محلي)

توقعت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة «الفاو» زيادة كبيرة في كمية الأمطار التي ستهطل على اليمن خلال الأيام المقبلة، فيما أكدت مصادر محلية تأثر 100 منزل تاريخي في مدينة صنعاء القديمة وكذلك الأمر في مدينة زبيد، المدرجتين على قائمة التراث الإنساني، مع تضرر مبانٍ أخرى في مدن تاريخيّة مثل ثلا في محافظة المحويت وجبلة في محافظة إب.

وتوقعت نشرة الإنذار المبكر للأرصاد الجوية الزراعية والصادرة عن «الفاو» حدوث زيادة كبيرة ومستمرة في هطول الأمطار في عدة محافظات يمنية، وأن تتلقى المرتفعات الوسطى ومناطق ساحل البحر الأحمر وأجزاء من المرتفعات الجنوبية مستويات هطول غير مسبوقة تتجاوز 300 ملم.

عشرات المنازل في صنعاء القديمة تضررت من الأمطار الغزيرة (إعلام محلي)

وحسب النشرة، فإن أجزاء من الهضبة الشرقية، بما في ذلك محافظات مأرب وحضرموت والمهرة، التي تتميز عادة بانخفاض هطول الأمطار، من المتوقع أن تتراوح كمية الأمطار التراكمية فيها بين 100 و150 ملم في الأيام المقبلة.

ونبهت «الفاو» إلى أن استمرار هطول الأمطار الغزيرة من شأنه أن يتسبب بحدوث فيضانات شديدة على مستوى اليمن، خاصة في مناطق تجمع المياه المتمثلة بالأودية في المرتفعات الوسطى والمرتفعات الجنوبية ومناطق الهضبة الشرقية التي تواجه مخاطر متفاوتة للفيضانات.

وبينت النشرة أن الأودية المصنفة في خانة «المخاطر العالية للفيضانات»، تشمل: وديان حرض ومور وسردود وسهام وزبيد في محافظة الحديدة، ونخلة ورسيان في الأجزاء الغربية والشمالية الغربية من اليمن، التي من المتوقع أن تشهد فيضانات شديدة وجارفة.

نداء استغاثة

مع تسجيل الأمم المتحدة تضرر 260 ألف يمني من الأمطار، أطلق فرع الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية في صنعاء ‏‏نداء استغاثة عاجلاً لإنقاذ المدن التاريخية، وفي مقدمتها المسجلة على قائمة التراث العالمي في صنعاء القديمة وزبيد. وقالت الهيئة إن البلاغات المسجلة في صنعاء القديمة وحدها تشمل 100 بلاغ لمبانٍ تاريخية معرضة للسقوط، وقد سقط بالفعل أحد قصور المدينة القديمة قبل يومين في حارة بستان السلطان. ‏

وأكد فرع الهيئة في ندائه أن الظروف المناخية التي يمر بها اليمن أثرت على المدن التاريخية، وأن الأمر يتطلب تدخل كل الجهات ذات العلاقة لتقديم المساعدات الطارئة للفرق الميدانية لتدعيم وتأمين المباني في مدن صنعاء وزبيد وثلا وجبلة وبقية المدن التاريخية المتأثرة بالأمطار.

وناشد البيان المنظمات المحلية والدولية المعنية بحماية التراث الثقافي تقديم الدعم العاجل لمواجهة هذه التغيرات المناخية، وكذلك دعم أعمال التأمين المؤقت ومشاريع الترميم الدائم.

أضرار في إب

وفي محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) التي تشهد أعلى معدلات هطول للأمطار الموسمية، أكد سكان تهدم 4 منازل في الحي القديم من عاصمة المحافظة، كما تهدم منزلان في مديرية يريم نتيجة الأمطار التي شهدتها المحافظة، لكن دون تسجيل خسائر في الأرواح؛ إذ غادر السكان المنزلين قبل انهيارهما، فيما سجلت بقية مناطق المحافظة انهيار أكثر من 10 منازل منذ الأسبوع الماضي.

أما في مديرية العدين، غرب المحافظة، فقد أدت الانهيارات الصخرية وانزلاق التربة إلى ردم مشروع للمياه يستفيد منه سكان عدد من القرى في عزلتي خباز والجبلين، وهو ما دفع السكان إلى مناشدة الجهات المعنية في المحافظة الخاضعة لسيطرة الحوثيين إلى التحرك العاجل وفتح الطرقات وترميم مشروع المياه وإصلاح الخزان لإعادة الخدمة للسكان.

سكان يبحثون تحت التراب عن جثة شاب جرفته السيول (إعلام محلي)

وفي مديرية النادرة في المحافظة ذاتها اشتكى سكان من قطع الطرق بين قراهم نتيجة الانهيارات الصخرية ومن بينها طريق منطقة البريق بمدخل عزلة الفجر؛ حيث أثر الانزلاق الصخري على الطريق الذي يربط قرى وادي «اللحاء»، كما أنه يهدد جسر «بيت النديش»، وهو واحد من أهم الجسور في المديرية ويربط العديد من المناطق بعضها ببعض، بالإضافة إلى أنه يربط قرى في المديرية بأخرى في مديرية دمت المجاورة التابعة لمحافظة الضالع.