«مفرق المخا»... بلدة يمنية تحاصرها خطوط المواجهة

4500 نازح في ظروف محفوفة بالمخاطر

المركز الصحي الوحيد في منطقة «مفرق المخا» يقدم الرعاية الطبية مجاناً (إعلام محلي)
المركز الصحي الوحيد في منطقة «مفرق المخا» يقدم الرعاية الطبية مجاناً (إعلام محلي)
TT

«مفرق المخا»... بلدة يمنية تحاصرها خطوط المواجهة

المركز الصحي الوحيد في منطقة «مفرق المخا» يقدم الرعاية الطبية مجاناً (إعلام محلي)
المركز الصحي الوحيد في منطقة «مفرق المخا» يقدم الرعاية الطبية مجاناً (إعلام محلي)

بعد قرابة 10 أعوام من الصراع في اليمن يعيش أكثر من 4500 نازح في بلدة «مفرق المخا» الواقعة على بعد حوالي 29 كيلومتراً من خطوط المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين في محافظة تعز (جنوب غرب) في ظروف صعبة، إذ غابت عنهم المنظمات الإغاثية وتركتهم يواجهون تحديات كبيرة في سبيل الحصول على الرعاية الطبية.

ووفق بيانات المنظمات الإغاثية، فإن المنطقة التي هجرتها الكثير من المنظمات الإغاثية الدولية والمحلية ربما لقربها من خطوط التماس، أصبحت على مر السنين مركزاً للأسر التي فرت من القتال، وهي الآن موطن لـ4500 نازح داخلي يعيشون في ظروف محفوفة بالمخاطر ويواجهون صعوبة بالغة في الوصول إلى الرعاية الصحية، ومع ذلك يقدم المركز الصحي هناك الرعاية مجاناً.

بلدة «مفرق المخا» في اليمن واحدة من أكثر المناطق إهمالاً (إعلام محلي)

وتذكر منظمة «أطباء بلا حدود» أنه على الرغم من الاحتياجات الشديدة، توقفت المنظمات الدولية والوطنية عن تقديم الدعم للسكان هناك، حتى باتت واحدة من أكثر المناطق إهمالاً في المنطقة.

مركز صحي وحيد

تجلس نور البالغة من العمر عاماً ونصف العام في حضن والدتها بينما يفحصها الطبيب حمزة، حيث تشعر بالضعف والتعب بعد معاناتها من الإسهال لبضعة أيام، وتقول والدتها: «ينفطر قلبي كلما مرض أحد أطفالي، خصوصاً عندما تكون نور أصغر أطفالي. أشعر دائماً بالتوتر عندما أحتاج إلى إيجاد رعاية صحية جيدة الجودة في منطقتي دون دفع رسوم طبية».

ونظراً لوضعها المالي، تأتي المرأة إلى المركز الصحي في مفرق المخا للحصول على رعاية عالية الجودة ومجانية لأطفالها التسعة، حيث تدعم منظمة «أطباء بلا حدود» هذا المركز الصحي منذ عامين، بهدف زيادة قدرة الرعاية الصحية الأولية في المناطق الريفية في مديرية موزع، وفق ما تقوله المنظمة.

مستشفى ميداني أقامته منظمة دولية في مدينة المخا اليمنية (أطباء بلا حدود)

وبدعم من فرق المنظمة، يقدم المركز الرعاية الصحية الأساسية والإحالات مجاناً، كما تدعم إدارة حالات الطوارئ الطبية في المركز، بما في ذلك تثبيت استقرار المرضى المصابين بالحرب وضحايا حوادث الطرق قبل إحالتهم إلى مرفق آخر للحصول على رعاية إضافية.

وبالإضافة إلى ذلك يقدم الفريق استشارات منتظمة للمرضى الخارجيين، ورعاية ما قبل الولادة وما بعدها للنساء، وأنشطة تعزيز الصحة، ورعاية الأطفال، بما في ذلك فحص التغذية والتطعيم، إذ أدى انخفاض تغطية التطعيم إلى ظهور أمراض يمكن علاجها باللقاحات في المجتمع.

منطقة مهملة

وفق بيانات منظمة «أطباء بلا حدود»، تم تقديم الرعاية للمنطقة المهملة في الفترة بين يناير (كانون الثاني) ويوليو (تموز) هذا العام، وعلاج أكثر من 1562 مريضاً في غرفة الطوارئ بالمركز الصحي، وخلال ذلك الوقت، تم علاج أكثر من 9473 مريضاً في العيادة الخارجية، حيث تلقت 915 امرأة الرعاية قبل الولادة وبعدها.

ويعالج الفريق الطبي في المركز الذين يعانون من أمراض معدية بالإضافة إلى 488 مصاباً بحمى الضنك وأكثر من 965 مصاباً بالملاريا، وكانت نور واحدة منهم.

وفي أعقاب الزيادة الأخيرة في عدد حالات الإسهال المائي الحاد والكوليرا في اليمن، أقامت منظمة «أطباء بلا حدود» خيمة مراقبة وتثبيت في مفرق المخا بسعة سريرين. وفي الفترة ما بين أبريل (نيسان) ويوليو (تموز) الماضيين عالجت الفرق 1089 مريضاً، وتم إحالة بعضهم إلى مركز علاج الكوليرا التابع للمنظمة في مدينة المخا للحصول على رعاية طبية إضافية.

الحكومة اليمنية تقوم بشق طريق لربط «مفرق المخا» بمركز المديرية (إعلام محلي)

ويقول عبد الحكيم محمد فرحان، المرجع الطبي لمشروع «أطباء بلا حدود» في البلدة: «تتطلب العديد من الحالات التي نعالجها في المركز هنا الإحالة إلى مرفق صحي أو مستشفى آخر للحصول على رعاية إضافية بسبب غياب الرعاية الثانوية هنا». وللاستجابة لهذه الحاجة المتزايدة، بدأت منظمة «أطباء بلا حدود» هذا العام نظام إحالة سيارات الإسعاف الذي يسمح بنقل المرضى إلى مستشفى آخر مجاناً.

ونظراً لموقع «مفرق المخا» في الجبال، فإن أقرب مستشفى رئيسي يبعد حوالي 40 كيلومتراً، ويتم تحويل معظم الحالات إلى مستشفى المخا العام، حيث تدير منظمة «أطباء بلا حدود» مرفقاً للولادة وجناحاً للأطفال، أو إلى مرافق صحية أخرى في محافظة تعز. ويقول عبد الحكيم إن العديد من المرضى يعانون من سوء التغذية أو يحتاجون إلى رعاية إضافية للأمومة والإنجاب.


مقالات ذات صلة

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

العالم العربي تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب  (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تقرير حديث للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن حول مساهماته في بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

أحال رئيس الحكومة اليمنية، أحمد بن مبارك، رئيس مؤسسة نفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

تتزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، في حين تتصاعد الدعوات لإجراء حلول عاجلة ودائمة تمكن الحكومة من السيادة على الموارد.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً جديدةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)

نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

نبه البنك الدولي إلى المخاطر الزائدة التي يواجهها اليمن نتيجة لتغير المناخ وأكد أن سكاناً كثيرين يواجهون تهديدات مثل الحرارة الشديدة والجفاف والفيضانات

محمد ناصر (تعز)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.