اتهامات سودانية - أميركية متبادلة بشأن إلغاء اجتماع القاهرة

خبراء حذروا من «إجراءات عقابية» على السودان حال فشل محادثات سويسرا

مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية بالقاهرة في يوليو 2024 (الخارجية المصرية)
مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية بالقاهرة في يوليو 2024 (الخارجية المصرية)
TT

اتهامات سودانية - أميركية متبادلة بشأن إلغاء اجتماع القاهرة

مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية بالقاهرة في يوليو 2024 (الخارجية المصرية)
مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية بالقاهرة في يوليو 2024 (الخارجية المصرية)

تبادلت الحكومة السودانية الاتهامات مع المبعوث الأميركي للسودان توم بيريللو، بشأن تحمل مسؤولية إلغاء «اجتماع القاهرة» التشاوري، الذي كان مقرراً له الثلاثاء الماضي، ضمن جهود يقوم بها «وسطاء دوليون»؛ لوقف الحرب، وإنفاذ المساعدات لداخل السودان.

وأبدى خبراء ودبلوماسيون سابقون، تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، إحباطهم من تعثر اجتماع القاهرة، مؤكدين أنه «يعكس الانتقال لمرحلة أكثر تعقيداً»، محذرين من «إجراءات عقابية على السودان، حال عدم الوصول لاتفاق وقف إطلاق النار في محادثات سويسرا».

ورفضت الحكومة السودانية المشاركة في المحادثات التي دعت لها الولايات المتحدة في سويسرا 14 أغسطس (آب) الحالي، في حين شارك ممثلون عن «الدعم السريع». غير أن مجلس السيادة السوداني أعلن تجاوبه مع اتصالات أجراها وسطاء دوليون (أميركا ومصر)، وقرر (الأحد) إرسال وفد حكومي للقاهرة، للقاء وفد من الإدارة الأميركية؛ «لمناقشة رؤية الحكومة في إنفاذ اتفاق جدة».

ووسط حالة ترقب صاحبت إعلان المبعوث الأميركي وصوله للقاهرة، الثلاثاء الماضي، لإجراء مشاورات مع وفد الحكومة السودانية، أعلن بيريللو عودته لسويسرا مرة أخرى، دون إجراء الاجتماع، وبموازاة ذلك لم يصل الوفد السوداني لمصر.

وحمّلت الحكومة السودانية الولايات المتحدة سبب إلغاء مشاورات القاهرة، وقالت في إفادة لمجلس السيادة السوداني، مساء الأربعاء، إنها «قررت إرسال وفد حكومي، وتأكيداً على جديتها، وصل اثنان من أعضاء الوفد للقاهرة يوم الاثنين الماضي، انتظاراً لالتحاق باقي الوفد بهما»، غير أن الاجتماعات لم تعقد بسبب ظروف تتعلق بوفد الولايات المتحدة».

وأكد البيان أن المشاورات التي كانت مقررة في القاهرة، «ليس لها علاقة باجتماعات جنيف، لكن استهدفت توضيح رؤية الحكومة لتنفيذ إعلان جدة الإنساني الموقع 11 مايو (أيار) 2023»، وقالت الحكومة إنها «مستعدة لأي جولات تشاورية يتم تحديدها لتحقيق السلام»، غير أنها طالبت بضرورة «التنسيق المسبق، وليس بفرض الأمر الواقع من طرف واحد».

في المقابل، حمّل المبعوث الأميركي للسودان، الحكومةَ السودانية مسؤولية إلغاء اجتماع القاهرة، وقال عبر حسابه الرسمي على منصة (إكس)، إن «الحكومة المصرية كانت حددت موعداً لعقد اجتماع مع وفد من بورتسودان، لكن قيل لنا إنه سيتم إلغاء الاجتماع بعد أن خرق الوفد البروتوكولات».

وعبر بيريللو، في الوقت نفسه، عن تقديره للقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ووزير الخارجية بدر عبد العاطي، خلال زيارته الأخيرة للقاهرة، وقال إنها تأتي «جزءاً من الشراكة الوثيقة المستمرة مع مصر في محاولة إنقاذ الأرواح في السودان»، وأضاف: «متحمسون لمواصلة نتائج جهودنا مع مصر والشركاء الدوليين في سويسرا لتوسيع نطاق الوصول الإنساني والبرامج الأخرى لتخفيف معاناة الشعب السوداني».

وقالت مصادر دبلوماسية في جنيف لــ«الشرق الأوسط» إن السبب الرئيس وراء تعثر الاجتماع التشاوري بين الطرفين، أن المبعوث الأميركي رفض لقاء الوفد بصفته ممثلاً للحكومة السودانية، وتمسك بلقاء وفد من القوات المسلحة.بدوره قال رئيس الوفد الحكومي، محمد بشير أبونمو لصحيفة «السوداني» المحلية، الخميس إن أي تغيرات تقوم بها الحكومة في طاقم وفدها المفاوض شأن داخلي، مضيفاً لم أفهم ماذا يعني المبعوث الأميركي لدى السودان، توم بيرييلو بعبارته «خرق الوفد البرتكولات».وترى مديرة البرنامج الأفريقي بمركز الأهرام، أماني الطويل، أن «مسار المفاوضات السودانية انتقل لمرحلة جديدة من التعقيد، بعد إلغاء مشاورات القاهرة»، وأوضحت أن أسباب إلغاء الاجتماع «ملتبسة وغير مفهومة».

وتوقعت الطويل، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «يزداد المشهد تعقيداً، خاصة أن تصريحات بيريللو، تعكس انحيازه لأطراف عسكرية وسياسية معينة»، على حد قولها.

وانتقدت الخبيرة المصرية حديث المبعوث الأميركي عن أسباب إلغاء اجتماع القاهرة، وطالبت بـ«ضرورة استثمار طرفي الحرب في السودان، جهودَ الوسطاء الدوليين في جنيف لوقف الحرب»، ورأت أن «البديل اتخاذ إجراءات عقابية أو ممارسة ضغوط على طرفي الحرب، أو إهمال المجتمع الدولي ملف السودان».

بدوره، قال نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير صلاح حليمة، إن «مغادرة المبعوث الأميركي القاهرة قبل عقد المشاورات، تأتي للرد على مواقف الحكومة السودانية الرافضة للمشاركة في اجتماعات سويسرا، ورد فعل على التقارب السوداني مع روسيا، خصوصاً بعد زيارة وزير الدفاع السوداني لموسكو مؤخراً لتعزيز التعاون العسكري بين البلدين».

وتشهد العلاقات السودانية - الروسية، تقارباً ملحوظاً في الفترة الأخيرة، حيث أنهى وزير الدفاع السوداني ياسين إبراهيم، زيارة لموسكو (الجمعة)، التقى خلالها عدداً من قادة الجيش الروسي، وفي الوقت نفسه، زار وفد مصرفي من البنك المركزي الروسي، بورتسودان (السبت)، للعمل على تعزيز العلاقات المصرفية والمالية بين البلدين.

وحول الموقف المصري، قال حليمة لـ«الشرق الأوسط»، إن «القاهرة حريصة على إنجاح الجهود الدولية لوقف الحرب في السودان»، مشيراً إلى «إجراء مصر اتصالات لتقريب وجهات النظر بين الأطراف المختلفة»، وقال «إن جهود واتصالات مصر مستمرة لحلحلة الأزمة السودانية».

وأشاد بيان مجلس السيادة السوداني بالجهود المصرية، وقال: «تثمن حكومة السودان عالياً الجهود التي ظلت تبذلها مصر، منذ اندلاع الحرب، لا سيما استضافتها للسودانيين، وكذلك جهودها لتحقيق السلام، ومبادرتها لاستضافة اجتماع تشاوري مع الولايات المتحدة».

في المقابل، يرى المحلل السياسي السوداني، عثمان ميرغني، رئيس تحرير صحيفة «التيار»، أن «مشاورات الحكومة السودانية مع (وسطاء جنيف) لم تتوقف»، وقال إن «المفاوضات تسير في مسارين؛ الأول معلن، والآخر غير معلن»، مشيراً إلى أن «المحادثات أنهت التوافق على الجوانب الإنسانية، ويتبقى مسار وقف الحرب»، واستدل على ذلك «بالإجراءات الأخيرة لتسهيل دخول المساعدات عبر معبر أدري الحدودي».

وأوضح ميرغني لـ«الشرق الأوسط»، أن «الحكومة السودانية، تشترط تنفيذ إعلان جدة»، وقال إن «الوسطاء الدوليين، قدموا تعهدات وضمانات بتنفيذ الإعلان، لكن الحكومة تشترط التنفيذ أولاً وليس التعهد به».

وكان رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، أعلن مؤخراً، فتح معبر أدري الحدودي في غرب البلاد مع تشاد، لتسهيل إنفاذ المساعدات الإنسانية، كما قرر نقل الإشراف على المعابر الحدودية لمجلس السيادة، لتسهيل الإجراءات وضمان انسياب الحركة التجارية وسرعة تخليص البضائع، حسب إفادة لمجلس السيادة.


مقالات ذات صلة

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

شمال افريقيا سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة، فيما تعتزم الحكومة الألمانية دعم مشروع لدمج وتوطين اللاجئين السودانيين في تشاد.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا عائلة تستريح بعد مغادرة جزيرة توتي التي تسيطر عليها «قوات الدعم السريع» في أم درمان بالسودان يوم 10 نوفمبر 2024 (رويترز)

السودان: 40 قتيلاً في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

أفاد طبيب بمقتل 40 شخصاً «بالرصاص» في السودان، بهجوم شنّه عناصر من «قوات الدعم السريع» على قرية بولاية الجزيرة وسط البلاد.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان يخاطب حضور مؤتمر اقتصادي في مدينة بورتسودان اليوم الثلاثاء (الجيش السوداني)

البرهان عن صراعات حزب البشير: لن نقبل ما يُهدد وحدة السودان

أعلن قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان رفضه للصراعات داخل حزب «المؤتمر الوطني» (المحلول) الذي كان يقوده الرئيس السابق عمر البشير.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا جلسة مجلس الأمن الدولي بخصوص الأوضاع في السودان (د.ب.أ)

حكومة السودان ترحب بـ«الفيتو» الروسي ضد «مشروع وقف النار»

رحّبت الحكومة السودانية باستخدام روسيا حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي، اليوم (الاثنين)، ضد مشروع القرار البريطاني في مجلس الأمن بشأن السودان.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان (د.ب.أ)

المبعوث الأميركي يلتقي البرهان في أول زيارة للسودان

التقى المبعوث الأميركي إلى السودان توم بيرييلو الاثنين قائد الجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان في أول زيارة يقوم بها إلى البلاد التي تمزقها الحرب.

«الشرق الأوسط» (بورت سودان)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.