منظمة دولية: هجوم إسرائيل على الحديدة قد يشكل «جريمة حرب»

تحذير من تأثير طويل المدى على المدنيين اليمنيين

الغارات الإسرائيلية على الحديدة دمرت 29 خزاناً للوقود من أصل 41 خزاناً (أ.ف.ب)
الغارات الإسرائيلية على الحديدة دمرت 29 خزاناً للوقود من أصل 41 خزاناً (أ.ف.ب)
TT

منظمة دولية: هجوم إسرائيل على الحديدة قد يشكل «جريمة حرب»

الغارات الإسرائيلية على الحديدة دمرت 29 خزاناً للوقود من أصل 41 خزاناً (أ.ف.ب)
الغارات الإسرائيلية على الحديدة دمرت 29 خزاناً للوقود من أصل 41 خزاناً (أ.ف.ب)

بعد مرور شهر على قصف إسرائيل ميناء الحديدة اليمني الخاضع لسيطرة الحوثيين المدعومين من إيران، قالت منظمة «هيومن رايتس ووتش» إن الغارات على الميناء «قد تشكل جريمة حرب»، وإنها كانت على ما يبدو هجوماً عشوائياً أو غير متناسب على المدنيين، وقد يكون له تأثير طويل الأمد على ملايين اليمنيين الذين يعتمدون على الميناء للحصول على الغذاء والمساعدات الإنسانية.

وأوضحت المنظمة، في بيان صدر أخيراً، أن الضربات الإسرائيلية أتت بعد يوم من غارة بطائرة حوثية من دون طيار «قد ترقى إلى جريمة حرب» أيضاً، على حي سكني في تل أبيب، ما أسفر عن مقتل مدني وإصابة 4 آخرين.

صورة مسيّرة وزعها الحوثيون زاعمين أنها استهدفت تل أبيب (أ.ف.ب)

وأشارت إلى أن الغارات الجوية الإسرائيلية التي قتلت 6 مدنيين على الأقل في الحديدة، وأصابت ما لا يقل عن 80 آخرين، أصابت أكثر من 20 خزاناً لتخزين النفط ورافعتين للشحن في الميناء، بالإضافة إلى محطة كهرباء في مديرية الصليف، «ويبدو أن الهجمات تسببت في أضرار غير متناسبة للمدنيين والأعيان المدنية».

وقالت نيكو جعفرنيا، الباحثة في شؤون اليمن والبحرين في «هيومن رايتس ووتش»: «إن الهجمات الإسرائيلية على الحديدة رداً على ضربة الحوثيين على تل أبيب يمكن أن يكون لها تأثير دائم على ملايين اليمنيين في الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون؛ حيث يعاني اليمنيون بالفعل من الجوع على نطاق واسع بعد صراع دام عقداً من الزمان، وإن هذه الهجمات لن تؤدي إلا إلى تفاقم معاناتهم».

وبيَّنت المنظمة أنها أجرت مقابلات مع 11 شخصاً حول هجوم الحديدة، بمن في ذلك مسؤول حوثي في ​​صناعة النفط و4 موظفين في وكالات الأمم المتحدة على دراية بالميناء. كما قامت بتحليل صور الأقمار الاصطناعية للمواقع المستهدفة وصور بقايا الأسلحة المحتملة، وأرسلت نتائجها الأولية إلى السلطات الإسرائيلية في 31 يوليو (تموز) وإلى الحوثيين في 7 أغسطس (آب)، لكن لم يرد أي منهما على ذلك.

آثار الضربات

ومع إشارة المنظمة الدولية إلى أن الحوثيين أطلقوا عشوائياً كثيراً من الصواريخ على مدينتي إيلات وحيفا الإسرائيليتين، قالت إن القوات الإسرائيلية أتلفت أو دمرت ما لا يقل عن 29 من أصل 41 خزاناً لتخزين النفط في ميناء الحديدة، بالإضافة إلى الرافعتين الوحيدتين المستخدمتين لتحميل وتفريغ الإمدادات من السفن. كما دمرت الغارات الجوية خزانات النفط المتصلة بمحطة كهرباء الحديدة؛ ما تسبب في توقف محطة الطاقة عن العمل لمدة 12 ساعة.

رافعة متضررة في ميناء الحديدة إثر القصف الإسرائيلي (رويترز)

ولفتت المنظمة إلى أن ميناء الحديدة بالغ الأهمية لتوصيل الغذاء وغيره من الضروريات إلى السكان اليمنيين الذين يعتمدون على الواردات، حيث يمر عبره نحو 70 في المائة من الواردات التجارية و80 في المائة من المساعدات الإنسانية.

ونقلت عن الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أوكي لوتسما، القول إن الميناء حيوي للغاية للأنشطة التجارية والإنسانية. بينما وصفت روزماري ديكارلو، وكيلة الأمين العام لشؤون السياسة وبناء السلام في الأمم المتحدة، الميناء بأنه «شريان حياة لملايين الأشخاص»، ويجب أن يكون «مفتوحاً وعاملاً».

وقال مسؤول في وكالة تابعة للأمم المتحدة إن نحو 3400 شخص، جميعهم مدنيون، يعملون في الميناء. وذكر أنه حتى 30 يوليو (تموز) لم «ير سفينة جديدة واحدة تدخل الميناء منذ الهجوم»، وهو مؤشر «مثير للقلق» فيما يتعلق بتوفير المساعدات الإنسانية.

ونبهت المنظمة إلى أن الموانئ اليمنية الأخرى تفتقر إلى نفس القدرة على إدارة الواردات، وسيتطلب إصلاح الضرر والتدمير الذي لحق بخزانات النفط ورافعات التحميل والأضرار الأوسع نطاقاً بمرافق الميناء، تمويلاً كبيراً ووقتاً طويلاً.

تداعيات بيئية وإنسانية

وجد تحليل لصور الأقمار الصناعية أجرته المنظمة أن خزانات النفط احترقت لمدة 3 أيام على الأقل؛ ما أثار مخاوف بيئية. ونقلت عن مساعد عقلان، الخبير البيئي اليمني، القول إن «الأبخرة السامة الناتجة عن حرق آلاف الأطنان من الوقود تشكل دون شك خطراً خطيراً على الصحة العامة». وذكر الخبير أن تسرُّب النفط من الخزانات إلى المناطق المحيطة «يهدد بتلويث مصادر المياه القريبة والتربة والشواطئ والموائل البحرية».

وقال مسؤول في برنامج الأغذية العالمي إن المنظمة فقدت 780 ألف لتر من الوقود في الهجوم الإسرائيلي، وإن هذه الكميات كانت المنظمة تستخدمها «لدعم مولدات المستشفيات» والبنية التحتية للمياه والصرف الصحي في جميع أنحاء اليمن.

حتى بداية شهر أغسطس لم تدخل سفينة تجارية واحدة ميناء الحديدة (رويترز)

وأعادت المنظمة التذكير بأن قوانين الحرب المعمول بها تحظر الهجمات المتعمدة أو العشوائية أو غير المتناسبة على المدنيين والأهداف المدنية. وقالت إن الهجوم غير الموجه إلى هدف عسكري محدد هو عشوائي. ويكون الهجوم غير متناسب إذا كانت الخسارة المدنية المتوقعة مفرطة مقارنة بالمكسب العسكري المتوقع للهجوم.

ووفق ما خلص إليه بيان المنظمة، لم يجرِ الإعلان عن أي معلومات تشير إلى تخزين الأسلحة أو الإمدادات العسكرية في الميناء أو تسليمها إليه، أو تحويل النفط والكهرباء، الخاضعين للمراقبة، إلى قوات الحوثي، وهو ما يجعل الهجوم الإسرائيلي عشوائياً بشكل غير قانوني.

وحتى لو كان الهجوم ضد أهداف عسكرية صالحة، قالت المنظمة إن الضرر الذي لحق بالسكان المدنيين من المرجح أن يجعل الهجوم غير متناسب. وبالإضافة إلى الخسائر المدنية المبلَّغ عنها، يبدو أن الضرر الذي لحق بمرافق الميناء يلحق ضرراً مفرطاً فورياً وطويل الأمد لشرائح كبيرة من السكان الذين يعتمدون على ميناء الحديدة من أجل البقاء.


مقالات ذات صلة

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

العالم العربي الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

أحال رئيس الحكومة اليمنية، أحمد بن مبارك، رئيس مؤسسة نفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

تتزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، في حين تتصاعد الدعوات لإجراء حلول عاجلة ودائمة تمكن الحكومة من السيادة على الموارد.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً جديدةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)

نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

نبه البنك الدولي إلى المخاطر الزائدة التي يواجهها اليمن نتيجة لتغير المناخ وأكد أن سكاناً كثيرين يواجهون تهديدات مثل الحرارة الشديدة والجفاف والفيضانات

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي مقر البنك المركزي اليمني في عدن (إعلام حكومي)

«المركزي اليمني» يستهجن مزاعم تهريب أموال إلى الخارج

استهجن البنك المركزي اليمني أنباء راجت على مواقع التواصل الاجتماعي تدعي قيام البنك بتهريب الأموال في أكياس عبر المنافذ الرسمية، وتحت توقيع المحافظ.

«الشرق الأوسط» (عدن)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
TT

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

في خطوة إضافية نحو مكافحة الفساد ومنع التجاوزات المالية، أحال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، رئيس إحدى المؤسسات النفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

تأتي الخطوة متزامنة مع توجيه وزارة المالية خطاباً إلى جميع الجهات الحكومية على المستوى المركزي والسلطات المحلية، أبلغتها فيه بالامتناع عن إجراء أي عقود للشراء أو التزامات مالية جديدة إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة.

الخزينة اليمنية خسرت نحو 3 مليارات دولار نتيجة توقف تصدير النفط (إعلام محلي)

وقال بن مبارك في حسابه على «إكس» إنه أحال ملفاً جديداً في قضايا الفساد إلى النائب العام، ضمن إجراءات مستمرة، انطلاقاً من التزام الحكومة المطلق بنهج مكافحة الفساد وإعلاء الشفافية والمساءلة بوصفه موقفاً وليس مجرد شعار.

وأكد أن الحكومة والأجهزة القضائية والرقابية ماضون في هذا الاتجاه دون تهاون، مشدداً على أنه لا حماية لمن يثبت تورطه في نهب المال العام أو الفساد المالي والإداري، مهما كان موقعه الوظيفي.

في السياق نفسه، أوضح مصدر حكومي مسؤول أن مخالفات جديدة في قضايا فساد وجرائم تمس المال العام تمت إحالتها إلى النائب العام للتحقيق واتخاذ ما يلزم، من خلال خطاب وجّه إلى النيابة العامة، يتضمن المخالفات التي ارتكبها المدير التنفيذي لشركة الاستثمارات النفطية، وعدم التزامه بالحفاظ على الممتلكات العامة والتصرف بشكل فردي في مباحثات تتعلق بنقل وتشغيل أحد القطاعات النفطية.

وتضمن الخطاب -وفق المصدر- ملفاً متكاملاً بالمخالفات التي ارتكبها المسؤول النفطي، وهي الوقائع التي على ضوئها تمت إحالته للتحقيق. لكنه لم يذكر تفاصيل هذه المخالفات كما كانت عليه الحال في إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة التسبب في إهدار 180 مليون دولار.

وجدّد المصدر التزام الحكومة المُطلق بالمحافظة على المال العام، ومحاربة جميع أنواع الفساد، باعتبار ذلك أولوية قصوى. وأشار إلى أن القضاء هو الحكم والفيصل في هذه القضايا، حتى لا يظن أحد أنه بمنأى عن المساءلة والمحاسبة، أو أنه فوق القانون.

تدابير مالية

في سياق متصل بمكافحة الفساد والتجاوزات والحد من الإنفاق، عمّمت وزارة المالية اليمنية على جميع الجهات الحكومية عدم الدخول في أي التزامات مالية جديدة إلا بعد موافقتها على المستويات المحلية والمركزية.

تعميم وزارة المالية اليمنية بشأن ترشيد الإنفاق (إعلام حكومي)

وذكر التعميم أنه، وارتباطاً بخصوصية الوضع الاقتصادي الراهن، واستناداً إلى قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم 30 لعام 2022، بشأن وضع المعالجات لمواجهة التطورات في الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي، وفي إطار دور وزارة المالية بالموازنة بين النفقات والإيرادات، فإنها تهيب بجميع الجهات المشمولة بالموازنة العامة للدولة والموازنات الملحقة والمستقلة الالتزام بالإجراءات القانونية وعدم الدخول في أي التزامات جديدة أو البدء في إجراءات عملية الشراء إلا بعد أخذ الموافقة المسبقة منها.

وأكد التعميم أن أي جهة تُخالف هذا الإجراء ستكون غير مسؤولة عن الالتزامات المالية المترتبة على ذلك. وقال: «في حال وجود توجيهات عليا بشأن أي التزامات مالية فإنه يجري عرضها على وزارة المالية قبل البدء في إجراءات الشراء أو التعاقد».

دعم صيني للإصلاحات

وناقش نائب محافظ البنك المركزي اليمني، محمد باناجة، مع القائم بالأعمال في سفارة الصين لدى اليمن، تشاو تشنغ، مستجدات الأوضاع المتعلقة بتفاقم الأزمات المالية التي يشهدها اليمن، والتقلبات الحادة في أسعار الصرف التي تُعد نتيجة حتمية للوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، والذي أثر بشكل مباشر على القطاع المصرفي والمالي.

وأعاد المسؤول اليمني أسباب هذا التدهور إلى اعتداء «ميليشيات الحوثي» على منشآت تصدير النفط، ما أدى إلى توقف التصدير، الذي يُعد أهم مصدر لتمويل خزينة الدولة بالنقد الأجنبي، والذي تسبب في مضاعفة العجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات.

نائب محافظ البنك المركزي اليمني خلال لقائه القائم بالأعمال الصيني (إعلام حكومي)

وخلال اللقاء الذي جرى بمقر البنك المركزي في عدن، أكد نائب المحافظ أن إدارة البنك تعمل جاهدة على تجاوز هذه التحديات، من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية المُتاحة. وأشار إلى استجابة البنك بالكامل لكل البنود المتفق عليها مع المبعوث الأممي، بما في ذلك إلغاء جميع الإجراءات المتعلقة بسحب «نظام السويفت» عن البنوك التي لم تنقل مراكز عملياتها إلى عدن.

وأعاد المسؤول اليمني التذكير بأن الحوثيين لم يتخذوا أي خطوات ملموسة، ولم يصدروا بياناً يعبرون فيه عن حسن نياتهم، في حين أكد القائم بأعمال السفارة الصينية دعم الحكومة الصينية للحكومة اليمنية في كل المجالات، ومنها القطاع المصرفي، للإسهام في تنفيذ الإصلاحات.