السيول تهدم منازل تاريخية في اليمن وتهدد أخرى بالانهيار

مبانٍ معرضة للخطر في صنعاء وإب وسط تجاهل حوثي

منظر لتجمع مياه الأمطار وهي تحاصر إحدى الحارات في مدينة صنعاء القديمة (إكس)
منظر لتجمع مياه الأمطار وهي تحاصر إحدى الحارات في مدينة صنعاء القديمة (إكس)
TT

السيول تهدم منازل تاريخية في اليمن وتهدد أخرى بالانهيار

منظر لتجمع مياه الأمطار وهي تحاصر إحدى الحارات في مدينة صنعاء القديمة (إكس)
منظر لتجمع مياه الأمطار وهي تحاصر إحدى الحارات في مدينة صنعاء القديمة (إكس)

تواجه عشرات المنازل والمباني والأسواق التاريخية في مدينة صنعاء القديمة، المدرجة على قائمة التراث العالمي، مخاطر محدقة بفعل استمرار سيول الأمطار التي تسببت خلال الأيام الأخيرة في تهدم كلي أو جزئي لكثير منها، بينما تعرّضت أخرى لتشققات وتسرب للمياه، ما يجعلها عرضة للانهيار.

وبينما تسبب المنخفض الجوي الذي ضرب اليمن الأيام الأخيرة في تهدم كلي أو جزئي لأبنية تاريخية في محافظة إب، كشفت مصادر مطلعة في صنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرّض منزل أثري مكوّن من طابقين، قبل يومين، لانهيار جزئي في حارة حرقان، بمدينة صنعاء القديمة، وسط اتهامات لجماعة الحوثي بتجاهل نداءات الاستغاثة التي أطلقها مواطنون.

مبنى تاريخي في صنعاء القديمة تعرض للانهيار جراء سيول الأمطار (إكس)

وعلى وقع استمرار هطول الأمطار وغياب التدخلات، تحدثت المصادر عن أضرار مختلفة تعرض لها كثير من المباني والأسواق التاريخية في صنعاء القديمة، جراء التدفق المستمر للسيول.

وكشفت المصادر عن وجود تشققات وتسرب للمياه في بعض المنازل والمباني التاريخية في صنعاء القديمة؛ حيث المدينة الأثرية، في حارات: سبأ، والأبهر، وخضير، وزبارة، والحسوسة، والنهرين، والفليحي، وبروم، والمفتون؛ حيث باتت عرضة للانهيار بفعل تلك العوامل، وغياب أعمال الصيانة الدورية.

وتداول مغردون يمنيون على منصات التواصل الاجتماعي صوراً ومشاهد أظهرت حارات تاريخية، مسجلة لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «يونيسكو» في صنعاء القديمة، وهي غارقة بالسيول، بعد أن حاصرت المياه كثيراً من السكان في منازلهم.

وأبدى سكان في صنعاء شعورهم بالخيبة لعدم استجابة سلطات الانقلاب الحوثية لنداءات استغاثة من أجل التدخل لإنقاذهم، بعد ارتفاع منسوب المياه لمستويات قياسية، واجتياحها حاراتهم وصولاً إلى منازل بعضهم، مخلّفة أضراراً متفاوتة.

أضرار في إب

وفي محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، تحدثت مصادر محلية عن تعرض 3 منازل أثرية في مديريتي جبلة والعدين للانهيار، جراء الأمطار الغزيرة التي تشهدها المحافظة وعموم محافظات اليمن.

وأدت سيول الأمطار إلى انهيار منزلين أثريين يقعان في حارة المكعدد بمدينة جبلة التاريخية؛ حيث يعود المنزلان إلى شخصين: الأول من آل الظهابي، والآخر من بيت الخباني في إب.

مبنى أثري في إب اليمنية بعد تعرضه للانهيار (الشرق الأوسط)

وحذّرت المصادر من أن منازل تاريخية عدة بالحارة ذاتها، في جبلة إب، أصبحت مهددة بانهيار وشيك نتيجة استمرار هطول الأمطار، وتقاعس سلطة الانقلاب، وعدم القيام بأبسط واجباتها في الحماية والصيانة.

وجاءت هذه الحادثة بعد أيام من انهيار منزل بشكل جزئي في مدينة إب القديمة، وآخر بشكل كلي في مديرية الرضمة بالمحافظة ذاتها.

وفي مدينة العدين أفاد سكان محليون «الشرق الأوسط» بتعرض أقدم مبنى أثري يعود إلى عهد الدولة العثمانية لانهيار شبه تام، نتيجة الأمطار والإهمال المتعمد من قبل الجماعة الحوثية.

وسبق أن تعرض المبنى المتميز بالنقوش والعقود والأبواب الخشبية الضخمة قبل نحو 3 سنوات لانهيار جزئي؛ حيث لم تلقَ في حينها مناشدات السكان أي تجاوب من قبل الانقلابيين.

خطر مستمر

أصدر نظام الإنذار المبكر للأرصاد الجوية الزراعية، التابع لمنظمة الأغذية والزراعة، ومكتب الأرصاد الجوية في المملكة المتحدة، تنبيهاً جديداً، ذكر فيه أن محافظة إب اليمنية قد تتلقى أكثر من 300 ملليمتر من الأمطار، خلال الأيام العشرة المقبلة، في حين من المتوقع أن تشهد المرتفعات الوسطى والمرتفعات الجنوبية هطول أمطار غزيرة، مع ارتفاع مخاطر حدوث فيضانات.

كما ذكر المركز الوطني اليمني للأرصاد الجوية والإنذار المبكر، من جهته، أن العاصمة المختطفة صنعاء سجلت أكثر كمية هطول أمطار خلال اليومين الماضيين، وتوقع استمرار هطول أمطار رعدية متفاوتة الغزارة على عدد من المحافظات.

أحد شوارع صنعاء عقب السيول الجارفة التي شهدتها المدينة (إعلام محلي)

في السياق نفسه، كشف صندوق الأمم المتحدة للسكان، في تقرير له، عن ارتفاع عدد الأشخاص الذين تضرروا من السيول والأمطار التي ضربت اليمن، الأسبوع الماضي، إلى 180 ألف شخص، وفقاً لبيانات حديثة وزعتها الأمم المتحدة.

ووفقاً للتقرير الأممي، تسببت الأمطار الموسمية الغزيرة بشكل استثنائي في أضرار جسيمة، ونزوح في كثير من المناطق اليمنية، مما فاقم الوضع الإنساني المتردي، الناجم عن أكثر من 9 سنوات من الصراع. وأشار إلى أن محافظات: الحديدة، وحجة، ومأرب، وصعدة، وتعز، كانت من بين الأكثر تضرراً.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يعيدون مكتباً أممياً استولوا عليه في صنعاء

الخليج الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (الأمم المتحدة)

الحوثيون يعيدون مكتباً أممياً استولوا عليه في صنعاء

أعادت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران مكتب «المفوضية السامية لحقوق الإنسان» في صنعاء، بعد أن كانت استولت عليه بالقوة في 3 أغسطس (آب) الحالي.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الغارات الإسرائيلية على الحديدة دمرت 29 خزاناً للوقود من أصل 41 خزاناً (أ.ف.ب)

منظمة دولية: غارات الحديدة قد تشكل «جريمة حرب»

بعد مرور شهر على قصف إسرائيل ميناء الحديدة اليمني الخاضع للحوثيين، قالت منظمة «هيومن رايتس ووتش» إن الغارات على الميناء «قد تشكل جريمة حرب».

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي الحوثيون يواصلون استهداف العاملين الإغاثيين في المنظمات الأممية والدولية (أ.ف.ب)

49 منظمة يمنية تدعو لتعليق العمل الأممي في مناطق سيطرة الحوثيين

دعت 49 منظمة حقوقية يمنية إلى تعليق العمل الأممي في مناطق سيطرة الحوثيين حتى إطلاق سراح الموظفين المعتقلين وعدم التدخل في العمل الإغاثي والإنساني.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي يمني يطعم أطفاله الأربعة بوجبة في وعاء صغير (أ.ب)

تحذيرات من استمرار اليمن على قائمة «الأكثر احتياجاً» للغذاء

تتوالى التحذيرات من تفاقم أزمة الأمن الغذائي وسوء التغذية الحاد في اليمن، مع توقعات بأن تظل البلاد على رأس قائمة الدول التي يزداد فيها معدّل المحتاجين للمساعدة.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي آخر معرض للكتاب في صنعاء كان عام 2013 (فيسبوك)

اليمن يستأنف معارض الكتاب بعد 11 عاماً من التوقف

بينما يوصل الحوثيون حربهم على الأنشطة الثقافية، أعلنت هيئة الكتاب اليمنية استئناف تنظيم معارض الكتاب، بعد أكثر من 11 عاماً من توقفها، وذلك في مدينة المكلا.

محمد ناصر (تعز)

اليمن يستأنف معارض الكتاب بعد 11 عاماً من التوقف

آخر معرض للكتاب في صنعاء كان عام 2013 (فيسبوك)
آخر معرض للكتاب في صنعاء كان عام 2013 (فيسبوك)
TT

اليمن يستأنف معارض الكتاب بعد 11 عاماً من التوقف

آخر معرض للكتاب في صنعاء كان عام 2013 (فيسبوك)
آخر معرض للكتاب في صنعاء كان عام 2013 (فيسبوك)

​بينما يواصل الحوثيون حربهم على الأنشطة والفعاليات الثقافية والفنية في مناطق سيطرتهم، أعلنت الهيئة العامة للكتاب اليمنية، استئناف تنظيم معارض الكتاب، بعد أكثر من 11 عاماً من توقفها، واختارت مدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت مكاناً لاستضافة هذا الحدث الذي وصفته بأنه سيكون أكبر حدث ثقافي تشهده البلاد منذ 15 عاماً.

وطلبت الهيئة من الناشرين اليمنيين والعرب والدوليين المشاركة في معرض حضرموت الدولي للكتاب الذي ستستضيفه مدينة المكلا، خلال 18- 28 ديسمبر (كانون الأول) المقبل.

مدينة المكلا اليمنية تستعد لاستضافة أول معرض دولي للكتاب (إعلام محلي)

وقال رئيس الهيئة اليمنية للكتاب يحيى الثلايا، إن المعرض سينضم بالشراكة مع كبرى المؤسسات الثقافية اليمنية (مؤسسة حضرموت للثقافة)، وفق ترتيبات واستعدادات، ليكون أكبر حدث ثقافي تشهده اليمن منذ عقد ونصف عقد.

وحسب الثلايا، فإن هذا هو أول معرض للكتاب في اليمن منذ توقف معرض صنعاء الدولي للكتاب عام 2013؛ حيث سترافقه «برامج وفعاليات نوعية متعددة». وقال إن اللجنة المعنية أقرت اختيار الأديب والروائي الكبير علي أحمد باكثير، شخصية دورة هذا العام، تقديراً لما تركه من إرث معرفي وأدبي أثرى الثقافة الإنسانية، في مجالات الرواية والمسرح والقصة والترجمة والشعر، كما وجهت الدعوة لشخصيات فكرية وأدبية عربية ومحلية وازنة.

ويشكِّل معرض الكتاب الذي تم التحضير له منذ أكثر من عام، مناسبة لإعلان عودة الأنشطة الثقافية والمعارض الدولية، بعد 11 عاماً من غيابها جراء الحرب التي فجرها الحوثيون. ويؤكد القائمون على الفعالية أنهم استكملوا كافة الترتيبات اللازمة لإنجاحها، كما يكتسب المعرض أهمية خاصة بوصفه أول معرض دولي للكتاب في محافظة حضرموت.

وتعهدت الهيئة اليمنية العامة للكتاب بالعمل على تقديم كل التسهيلات الممكنة للناشرين اليمنيين والعرب والدوليين، وقادة الفكر وأمناء المكتبات ودور النشر. وذكرت أن لديها اتفاقاً مع اتحاد الناشرين العرب يقضي بمنح خصومات وامتيازات استثنائية للناشرين من رسوم المشاركة، تقديراً لجهود الاتحاد وتعزيزاً لأدواره ودعماً لمؤسسات النشر وصناعة الكتاب.

حرب حوثية

وجاء الإعلان عن إقامة معرض دولي للكتاب في حضرموت، في وقت يواصل فيه الحوثيون حربهم على الأنشطة الثقافية والفنية في مناطق سيطرتهم، وتوجيه كل إمكانات الدولة لصالح الترويج لمشروعهم الطائفي في المدارس والجامعات وعبر وسائل الإعلام والمساجد، وفي مواقع التواصل الاجتماعي، وتمويل معسكرات تدريب المراهقين على القتال، وحظر وتحريم الغناء.

الحوثيون يروجون للكتب التي تكرس أحقية زعيمهم وسلالته في حكم اليمن (إعلام حوثي)

وأخيراً، تسببت تصريحات من قيادي حوثي، يدعى حمود الأهنومي، في غضب واسع، بعد أن أساء للقبائل اليمنية، وهو ما دفع قيادة الجماعة إلى إرغامه على الاعتذار عما صدر منه من أقوال، عند استعراضه سيرة مؤسس نظام الإمامة في اليمن يحيى الرسي.

وأعلن القيادي الحوثي الذي يقدم نفسه باحثاً في التاريخ، توقفه عن النشر في مواقع التواصل الاجتماعي، وإلقاء المحاضرات في الجامعة؛ حيث كان قد كُلِّف من قبل الجماعة لتدريس مادة عن تاريخ الإمامة، وتجميل هذا التاريخ المليء بالدماء والخراب.

وعمد الحوثيون خلال السنوات الماضية إلى تغيير المناهج الدراسية، وتكثيف الأنشطة الطائفية، وطباعة الكتب والمنشورات التي تروج لهذا الفكر المتشدد، في مجتمع يعتنق غالبية عظمى من سكانه المذاهب السُّنية.

كما أوقفت الجماعة كافة الأنشطة الفنية والثقافية في المدارس، وأحلت مكانها محاضرات وفعاليات طائفية، وأخرى تحرض الأطفال والمراهقين على القتال وترك التعليم، وتسفيه أي أنشطة أو فعاليات ثقافية أو فنية.