اتهامات للحوثيين بتحويل محافظة إب إلى مسرح فوضى أمنية

ترويج ثقافة الثأر وتمكين الموالين من السيطرة على الأراضي

فعالية نظمتها الجماعة الحوثية أخيراً في إب لبدء موسم الجبايات باسم الاحتفال بالمولد النبوي (إعلام حوثي)
فعالية نظمتها الجماعة الحوثية أخيراً في إب لبدء موسم الجبايات باسم الاحتفال بالمولد النبوي (إعلام حوثي)
TT

اتهامات للحوثيين بتحويل محافظة إب إلى مسرح فوضى أمنية

فعالية نظمتها الجماعة الحوثية أخيراً في إب لبدء موسم الجبايات باسم الاحتفال بالمولد النبوي (إعلام حوثي)
فعالية نظمتها الجماعة الحوثية أخيراً في إب لبدء موسم الجبايات باسم الاحتفال بالمولد النبوي (إعلام حوثي)

باتت الفوضى الأمنية في محافظة إب اليمنية حالة اعتيادية أو أمراً واقعاً كما يصفها السكان الذين يتحدثون عن تغول النافذين والمسلحين الذين يستقدمهم الحوثيون من المحافظات الشمالية؛ بهدف تغيير التركيبة السكانية والسيطرة على مقدرات المحافظة.

ويلجأ كثير من سكان إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) إلى بيع ممتلكاتهم، خصوصاً العقارية، خوفاً من تعرضها للنهب، بعد وقائع قتل لملاك أراضٍ خلال دفاعهم عنها من أعمال النهب من قبل نافذين ومسلحين أغلبهم تابعون للجماعة الحوثية أو متعاونون معها، ويتم فرض وجودهم في المحافظة أفراداً وقادة أمن لدى أقسام الشرطة والأجهزة الأمنية التابعة للجماعة.

أهالي إب يتهمون الجماعة الحوثية بإغراق محافظتهم في الفوضى الأمنية (رويترز)

في هذا السياق، شهدت قرية في مديرية بعدان، شرق المحافظة، منذ أيام، مواجهات بالأسلحة بين أفراد عائلة من القرية، ومسلحين ينتمون إلى محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، بعد خلافات مالية بين شابين يعملان في ماليزيا حيث ينظر القضاء الماليزي في ذلك الخلاف، غير أن عائلة أحد الطرفين أقدمت على استخدام العنف لحله.

وانتقل مسلحون من عائلة الشاب الذي ينتمي إلى محافظة ذمار إلى قرية الشاب الآخر في مديرية بعدان للاعتصام أمام منزله في خيام نصبوها لاستعراض أسلحتهم بهدف إخافة عائلته، وإجبارها على دفع المبلغ محل النزاع، وبعد فشل هذا التهديد أقدموا على إلقاء القنابل اليدوية على المنزل، لتندلع اشتباكات بين الطرفين.

واستنكر أهالي المنطقة تقاعس أجهزة الأمن التابعة للجماعة الحوثية قبل وخلال الاشتباكات، مبدين استياءهم من تجاهلها التخييم المسلح، وتغاضيها عن الاستفزازات المتعمدة التي أدت إلى نشوب الاشتباكات.

وهذا النوع من الاعتداءات ليس الأول الذي تشهده المحافظة؛ إذ عبر عدد من أهالي المحافظة لـ«الشرق الأوسط» عن شعورهم بالغضب مما يصفونه بـ«دعم قيادات ومشرفي الجماعة الحوثية» للمسلحين القادمين من المحافظات الشمالية لحل خلافاتهم مع أفراد أو عائلات من سكان إب بالبلطجة والاعتداء.

لقطة متداولة لإقدام مسلحين حوثيين على قتل أحد سكان إب للسيطرة على أرضه (إعلام محلي)

كما يشكون من تمكين مسلحين ينتمون إلى محافظات شمالية من ممارسة أعمال العنف والسلب والنهب والاعتداء على الأفراد والعائلات وممتلكاتهم دون رادع.

واستغرب السكان من وصول المسلحين القادمين من ذمار بعد مرورهم عبر نقاط التفتيش التابعة للجماعة الحوثية المنتشرة على طول الطريق الرئيسية من ذمار إلى إب، وعلى الطرق الفرعية الواصلة إلى الأرياف، وهي نقاط التفتيش نفسها التي تختطف عشرات المسافرين والمتنقلين العزل لمجرد الاشتباه بهم، أو لرفضهم ممارسات الابتزاز وإلزامهم بدفع الإتاوات المفروضة عليهم.

أعمال عنف

شهدت محافظة إب أعمال عنف أسفرت عن سقوط ضحايا بين قتيل وجريح في مديريات ومناطق متفرقة، بدوافع مختلفة، وكانت قضايا نهب الأراضي والممتلكات هي أبرز أسباب تلك الحوادث.

واقتحم مسلحون حوثيون، الأسبوع الماضي، منزلاً في منطقة دار الشرف جنوب مدينة إب، وهي مركز المحافظة، متسببين في ترويع النساء والأطفال بإطلاق النيران والاعتداء على الساكنين، ما أدى إلى إصابة مراهق في السادسة عشرة من العمر، بحجة مشاركته في هجوم على قسم شرطة تابع للجماعة، وهي التهمة التي نفتها عائلته.

منظر عام لإحدى ضواحي مدينة إب اليمنية (ويكيبيديا)

وخلال الأيام الماضية، تمكن أفراد أسرة في مديرية الرضمة شرق المحافظة، من قتل أحد عناصر الجماعة الحوثية ثأراً لبعض أقاربهم، كان المسلح الحوثي اتهم بقتلهم على فترات متفرقة، وكان آخرها قتل شخص أمام زوجته وطفله الذي لم يكمل عامه الأول.

ووفقاً للمصادر المحلية، فإن أفراد الأسرة تمكنوا من قتل المسلح الحوثي المدعو حمدي جباري بعد أيام من ملاحقته في العراء وبين المزارع، وعملوا على تصوير جثته ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي في تحدٍّ للجماعة الحوثية التي تجاهلت مطالبهم خلال الأعوام الماضية بالقبض عليه بتهمة قتل أقاربهم.

وأبدى أكاديمي في جامعة إب - طلب التحفظ على بياناته - مخاوفه من أن تكون هذه الواقعة مقدمة لموجة عنف جديدة، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن هذه الواقعة ستغري كثيرين باتخاذها نموذجاً لانتزاع حقوقهم أو تحقيق العدالة نتيجة تراخي أجهزة أمن الجماعة الحوثية عن ضبط المجرمين وإحالتهم إلى القضاء، بل التستر عليهم.

صناعة الفتن

يتداول أهالي محافظة إب عدداً من الوقائع التي كانت فيها ممارسات القادة الحوثيين المكلفين بحماية الأمن سبباً لغضب السكان ورغبتهم في التمرد واللجوء إلى العنف للحصول على العدالة.

وبحسب مصادر محلية، اعتدى القيادي الحوثي محمد حميد المتوكل، المعين مديراً لقسم شرطة شمال مدنية إب، على مسن يعمل بائعاً متجولاً في السوق المركزية في المدينة، وتعمد إتلاف العربة التي يعمل عليها والسلع التي يبيعها، بالتزامن مع اعتداء عناصر حوثية تابعة لقيادي يكنى «أبو تراب» على رجل وزوجته في الشارع العام في المدينة، واقتيادهما إلى السجن دون مسوغ قانوني، ودون مراعاة لحرمة النساء.

تدريبات عسكرية نظمتها الجماعة الحوثية لعدد من عناصرها الذين جنّدتهم أخيراً في محافظة إب (إعلام حوثي)

ويتهم السكان الجماعة الحوثية بتعمد زراعة الفتن بين أهالي المحافظة، خصوصاً بين العائلات التي تملك الثروات والعقارات، وتسمح بتصاعد الخلافات فيما بينها وصولاً إلى الاشتباكات والقتل.

وبحسب تفسير الأهالي، فإن هذه الطريقة تضمن دخول هذه العائلات في نزاعات مشمولة بطابع العنف، ما يؤدي إلى مقتل العديد من أفرداها أو هروبهم من المحافظة أو دخولهم السجن، واضطرارهم إلى التخلي عن ممتلكاتهم، إما في وساطات الصلح وإما بعدم القدرة على إدارتها بسبب الثارات لتسهل السيطرة عليها، أو بيعها بأسعار زهيدة من أجل النزوح.

وشهدت الأسابيع الأخيرة عدداً كبيراً من وقائع القتل على خلفية الصراع على الأراضي والعقارات، في حين لم تتدخل الشرطة التابعة للجماعة الحوثية لفض الخلافات إلا في بعض الأحيان، وبعد سقوط الضحايا دائماً.

وتبين المعلومات المتوافرة عن هذه الحوادث وجود علاقة بقيادات أو عناصر حوثية، إما بكونهم أحد طرفي النزاع، وإما بكونهم المحرضين على أعمال النهب، في الوقت الذي لا تؤدي فيه أقسام الشرطة أي دور للحفاظ على الأمن.


مقالات ذات صلة

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

العالم العربي المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

فيما طالبت الأمم المتحدة بأكبر تمويل إنساني في اليمن للعام المقبل أفاد تقرير دولي بوجود 3.5 مليون شخص من فئة المهمشين لا يمتلكون مستندات هوية وطنية

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

يشهد اليمن موسماً جديداً للأمطار الغزيرة التي تتسبب في أضرار كبيرة للسكان والبنية التحتية، في حين لا تزال البلاد وسكانها يعانون تأثيرات فيضانات الصيف الماضي.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب  (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تقرير حديث للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن حول مساهماته في بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

أحال رئيس الحكومة اليمنية، أحمد بن مبارك، رئيس مؤسسة نفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

تتزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، في حين تتصاعد الدعوات لإجراء حلول عاجلة ودائمة تمكن الحكومة من السيادة على الموارد.

وضاح الجليل (عدن)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
TT

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

في خطوة إضافية نحو مكافحة الفساد ومنع التجاوزات المالية، أحال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، رئيس إحدى المؤسسات النفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

تأتي الخطوة متزامنة مع توجيه وزارة المالية خطاباً إلى جميع الجهات الحكومية على المستوى المركزي والسلطات المحلية، أبلغتها فيه بالامتناع عن إجراء أي عقود للشراء أو التزامات مالية جديدة إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة.

الخزينة اليمنية خسرت نحو 3 مليارات دولار نتيجة توقف تصدير النفط (إعلام محلي)

وقال بن مبارك في حسابه على «إكس» إنه أحال ملفاً جديداً في قضايا الفساد إلى النائب العام، ضمن إجراءات مستمرة، انطلاقاً من التزام الحكومة المطلق بنهج مكافحة الفساد وإعلاء الشفافية والمساءلة بوصفه موقفاً وليس مجرد شعار.

وأكد أن الحكومة والأجهزة القضائية والرقابية ماضون في هذا الاتجاه دون تهاون، مشدداً على أنه لا حماية لمن يثبت تورطه في نهب المال العام أو الفساد المالي والإداري، مهما كان موقعه الوظيفي.

في السياق نفسه، أوضح مصدر حكومي مسؤول أن مخالفات جديدة في قضايا فساد وجرائم تمس المال العام تمت إحالتها إلى النائب العام للتحقيق واتخاذ ما يلزم، من خلال خطاب وجّه إلى النيابة العامة، يتضمن المخالفات التي ارتكبها المدير التنفيذي لشركة الاستثمارات النفطية، وعدم التزامه بالحفاظ على الممتلكات العامة والتصرف بشكل فردي في مباحثات تتعلق بنقل وتشغيل أحد القطاعات النفطية.

وتضمن الخطاب -وفق المصدر- ملفاً متكاملاً بالمخالفات التي ارتكبها المسؤول النفطي، وهي الوقائع التي على ضوئها تمت إحالته للتحقيق. لكنه لم يذكر تفاصيل هذه المخالفات كما كانت عليه الحال في إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة التسبب في إهدار 180 مليون دولار.

وجدّد المصدر التزام الحكومة المُطلق بالمحافظة على المال العام، ومحاربة جميع أنواع الفساد، باعتبار ذلك أولوية قصوى. وأشار إلى أن القضاء هو الحكم والفيصل في هذه القضايا، حتى لا يظن أحد أنه بمنأى عن المساءلة والمحاسبة، أو أنه فوق القانون.

تدابير مالية

في سياق متصل بمكافحة الفساد والتجاوزات والحد من الإنفاق، عمّمت وزارة المالية اليمنية على جميع الجهات الحكومية عدم الدخول في أي التزامات مالية جديدة إلا بعد موافقتها على المستويات المحلية والمركزية.

تعميم وزارة المالية اليمنية بشأن ترشيد الإنفاق (إعلام حكومي)

وذكر التعميم أنه، وارتباطاً بخصوصية الوضع الاقتصادي الراهن، واستناداً إلى قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم 30 لعام 2022، بشأن وضع المعالجات لمواجهة التطورات في الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي، وفي إطار دور وزارة المالية بالموازنة بين النفقات والإيرادات، فإنها تهيب بجميع الجهات المشمولة بالموازنة العامة للدولة والموازنات الملحقة والمستقلة الالتزام بالإجراءات القانونية وعدم الدخول في أي التزامات جديدة أو البدء في إجراءات عملية الشراء إلا بعد أخذ الموافقة المسبقة منها.

وأكد التعميم أن أي جهة تُخالف هذا الإجراء ستكون غير مسؤولة عن الالتزامات المالية المترتبة على ذلك. وقال: «في حال وجود توجيهات عليا بشأن أي التزامات مالية فإنه يجري عرضها على وزارة المالية قبل البدء في إجراءات الشراء أو التعاقد».

دعم صيني للإصلاحات

وناقش نائب محافظ البنك المركزي اليمني، محمد باناجة، مع القائم بالأعمال في سفارة الصين لدى اليمن، تشاو تشنغ، مستجدات الأوضاع المتعلقة بتفاقم الأزمات المالية التي يشهدها اليمن، والتقلبات الحادة في أسعار الصرف التي تُعد نتيجة حتمية للوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، والذي أثر بشكل مباشر على القطاع المصرفي والمالي.

وأعاد المسؤول اليمني أسباب هذا التدهور إلى اعتداء «ميليشيات الحوثي» على منشآت تصدير النفط، ما أدى إلى توقف التصدير، الذي يُعد أهم مصدر لتمويل خزينة الدولة بالنقد الأجنبي، والذي تسبب في مضاعفة العجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات.

نائب محافظ البنك المركزي اليمني خلال لقائه القائم بالأعمال الصيني (إعلام حكومي)

وخلال اللقاء الذي جرى بمقر البنك المركزي في عدن، أكد نائب المحافظ أن إدارة البنك تعمل جاهدة على تجاوز هذه التحديات، من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية المُتاحة. وأشار إلى استجابة البنك بالكامل لكل البنود المتفق عليها مع المبعوث الأممي، بما في ذلك إلغاء جميع الإجراءات المتعلقة بسحب «نظام السويفت» عن البنوك التي لم تنقل مراكز عملياتها إلى عدن.

وأعاد المسؤول اليمني التذكير بأن الحوثيين لم يتخذوا أي خطوات ملموسة، ولم يصدروا بياناً يعبرون فيه عن حسن نياتهم، في حين أكد القائم بأعمال السفارة الصينية دعم الحكومة الصينية للحكومة اليمنية في كل المجالات، ومنها القطاع المصرفي، للإسهام في تنفيذ الإصلاحات.