اليمن يُجدد دعوة المنظمات الأممية والدولية للانتقال إلى عدن

اتهام الحوثيين بالاتجاه نحو مربع الحرب

زعيم الحوثيين اعترف بتجنيد أكثر من 400 ألف عنصر منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي (أ.ب)
زعيم الحوثيين اعترف بتجنيد أكثر من 400 ألف عنصر منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي (أ.ب)
TT

اليمن يُجدد دعوة المنظمات الأممية والدولية للانتقال إلى عدن

زعيم الحوثيين اعترف بتجنيد أكثر من 400 ألف عنصر منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي (أ.ب)
زعيم الحوثيين اعترف بتجنيد أكثر من 400 ألف عنصر منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي (أ.ب)

جدّد بيان الحكومة اليمنية أمام اجتماع مجلس الأمن الأخير، دعوة الوكالات الأممية والمنظمات الدولية لنقل مقارها إلى العاصمة المؤقتة عدن، لحماية موظفيها وأنشطتها من قمع الجماعة الحوثية، التي اتهمها البيان بالاتجاه نحو مربع الحرب، على الرغم من جهود السلام التي تقودها السعودية وعمان.

ودعا البيان الذي ألقاه عبد الله السعدي، مندوب اليمن لدى الأمم المتحدة خلال الجلسة المفتوحة حول الحالة في الشرق الأوسط (اليمن)، المجتمع الدولي إلى تقديم كل أشكال الدعم لليمن لإحلال السلام الشامل والمستدام واستعادة مؤسسات الدولة والتغلب على الأوضاع الإنسانية والاقتصادية المتفاقمة.

مندوب اليمن لدى الأمم المتحدة عبد الله السعدي (سبأ)

وتطّرق البيان إلى تصعيد الحوثيين عسكرياً في عدة محافظات واعتدائهم على القرى، وكذا انتهاكات الجماعة بحق المدنيين من قتل وتهجير وتفجير للمنازل في محاولة لكسر إرادة اليمنيين وإخضاعهم لمشروعها الانقلابي وأفكارها المتطرفة.

وأشار المندوب اليمني إلى استمرار حرب الحوثيين الاقتصادية الممنهجة ضد الحكومة، وتهديد حركة الملاحة الدولية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، وتعريض الأمن والسلم الإقليمي والدولي للخطر، وإصرار الجماعة على إطالة أمد الصراع الذي من شأنه مضاعفة المعاناة الإنسانية وإجهاض الجهود الإقليمية والدولية لإنهاء هذه الحرب.

مرحلة خطرة

أكد البيان أن اليمن يقف على أعتاب مرحلة خطيرة وصعبة بعد 10 سنوات من انقلاب الميليشيات الحوثية وحربها على الدولة اليمنية والتوافق الوطني وتطلعات الشعب اليمني في الاستقرار والأمن والبناء والتنمية، إذ خلّفت الحرب وضعاً اقتصادياً وإنسانياً كارثياً.

وأوضح أن الحكومة اليمنية حريصة على عدم تعريض السكان في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين إلى مزيد من الأعباء المعيشية جراء السياسات أحادية الجانب، وذلك سعياً للتخفيف من معاناتهم الإنسانية ووطأة الحرب، وعملاً بمبدأ المرونة ودعم الجهود والمساعي الإقليمية والدولية لإنهاء الصراع.

عنصر حوثي يردد شعارات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (رويترز)

ودعت الحكومة اليمنية مجلس الأمن والمجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته في مواصلة مزيد من الضغوط على الحوثيين لدفعهم نحو تغليب مصلحة الشعب اليمني وعدم رهنها بمصالح داعميها وجر اليمن وشعبه من حرب إلى أخرى.

وأكدت الحكومة اليمنية ضرورة الاستجابة لجهود السلام التي تقودها السعودية من أجل إطلاق عملية سياسية تلبي تطلعات جميع اليمنيين في استعادة مؤسسات الدولة الضامنة للحقوق والحريات والمواطنة وفقاً لمرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمها القرار 2216 الذي يُشكل خريطة طريق لمعالجة الأزمة اليمنية.

قمع العمل الإنساني

نبه بيان الحكومة اليمنية أمام مجلس الأمن إلى ما يتعرض له العمل الإنساني والإغاثي في مناطق سيطرة الحوثيين من الانتهاكات والعراقيل، بما في ذلك إجبار المنظمات الدولية ووكالات الأمم المتحدة على أخذ موافقتهم المسبقة عند توظيف أي موظف محلي أو أجنبي وتسليمهم الهياكل الوظيفية لكل منظمة ومنع موظفيها من مغادرة مناطق سيطرتهم.

وقال البيان إن اقتحام الحوثيين مقر المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في صنعاء، يأتي استمراراً لنهج الجماعة في الضغط على المنظمات والوكالات الأممية لإحكام السيطرة عليها وتسخير أنشطتها لخدمة أهدافها.

وانتقدت الحكومة اليمنية ردة الفعل الأممية، وقالت: «إنه وبعد مضي أكثر من شهرين على احتجاز العشرات من موظفي المنظمات الدولية والمحلية ووكالات الأمم المتحدة العاملة في اليمن، وعلى الرغم من دعوات ومناشدات الحكومة اليمنية وعلى أعلى مستوى، فإن ما تم اتخاذه من إجراءات وتدابير من قبل الأمم المتحدة لحماية العاملين فيها وإنقاذ حياتهم لم يرقَ إلى المستوى المطلوب أو المتوقع».

سفينة راسية في ميناء الحديدة اليمني الخاضع للحوثيين (رويترز)

ورأى البيان اليمني أن غياب اتخاذ الإجراءات والمواقف الدولية المترددة قد شجّع الجماعة الحوثية على المضي في انتهاكاتها وجرائمها بحق العاملين في المنظمات والوكالات الأممية دون أي اكتراث بالآثار الكارثية لتلك الممارسات على الأوضاع الاقتصادية والإنسانية الصعبة في مناطق سيطرة الجماعة.

وجددت الحكومة اليمنية دعوتها إلى نقل كل مقار المنظمات الدولية ووكالات الأمم المتحدة العاملة في اليمن إلى العاصمة المؤقتة عدن، وأكدت أنه قد حان الوقت لاتخاذ مثل هذه الخطوة المهمة حفاظاً على سلامة العمل الإنساني وأرواح العاملين في هذا المجال، وضمان المناخ الملائم لممارسة المهام الإنسانية، وتقديم المساعدات الإنسانية إلى كل الفئات المحتاجة دون تمييز ودون التعرض للخطر.


مقالات ذات صلة

قتلى وجرحى بتفجير انتحاري جنوب اليمن

العالم العربي جنود من الجيش اليمني خلال حملتهم العسكرية لمطاردة عناصر القاعدة في محافظة أبين (أرشيفية - رويترز)

قتلى وجرحى بتفجير انتحاري جنوب اليمن

سقط عشرات الجنود قتلى وجرحى في تفجير انتحاري بسيارة مفخخة استهدف معسكراً في محافظة أبين بجنوب اليمن، الجمعة، وتشير أصابع الاتهام إلى تنظيم «القاعدة».

علي ربيع (عدن)
الحوثيون يأخذون حصصاً من المساعدات لأتباعهم (الشرق الأوسط)

انقلابيو اليمن يمنعون توزيع معونات للفقراء في 3 محافظات

منعت الجماعة الحوثية منذ مطلع الشهر الجاري فاعلي الخير من تقديم مساعدات غذائية ونقدية سنوية للآلاف من الفقراء والنازحين في مناطق عدة تتبع 3 محافظات.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

غروندبرغ يدعو إلى عملة يمنية موحدة والإفراج عن موظفي المنظمات في صنعاء

شدّد مبعوث الأمم المتحدة هانس غروندبرغ على أهمية توحيد العملة اليمنية وإنهاء الانقسام المصرفي، مشيراً إلى دور السعودية في احتواء التصعيد الاقتصادي الأخير.

علي ربيع (عدن) علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي «أمبري»: سفينة تبلّغ عن إطلاق نار من أسلحة خفيفة قبالة إريتريا

سفينة تبلّغ عن إطلاق نار من أسلحة خفيفة قبالة إريتريا

قالت شركة «أمبري» البريطانية للأمن البحري، الخميس، إن سفينة تجارية أبلغت عن محاولة للاقتراب منها تتضمن إطلاق نيران من أسلحة خفيفة

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم العربي الحوثيون أجبروا مزارعين في ريف صنعاء على التبرع للجبهات (إعلام حوثي)

إرغام مزارعين في ريف صنعاء على التبرع للجبهات

أرغم الحوثيون مزارعين في ريف صنعاء على تقديم محاصيل زراعية مجانية لمصلحة مقاتليهم في الجبهات، بالتوازي مع إجبارهم عدداً آخر على دفع مبالغ مالية لنقل التبرعات.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

​اعتقال عمال الإغاثة يهدد بوقف المساعدات في مناطق سيطرة الحوثيين

المجاعة تهدد ملايين اليمنيين في مناطق سيطرة الحوثيين (إعلام محلي)
المجاعة تهدد ملايين اليمنيين في مناطق سيطرة الحوثيين (إعلام محلي)
TT

​اعتقال عمال الإغاثة يهدد بوقف المساعدات في مناطق سيطرة الحوثيين

المجاعة تهدد ملايين اليمنيين في مناطق سيطرة الحوثيين (إعلام محلي)
المجاعة تهدد ملايين اليمنيين في مناطق سيطرة الحوثيين (إعلام محلي)

مع تأكيد مصادر حكومية يمنية فشل الجهود التي بذلها الممثل المقيم للأمم المتحدة لدى اليمن في إقناع الحوثيين بإطلاق سراح العشرات من العاملين في الوكالات الأممية ومنظمات إغاثية دولية ومحلية، ذكرت المصادر أن عدداً من الدول المانحة تدرس بجدية وقف تمويل البرامج الإغاثية كافة في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون رداً على الاعتقالات.

وأفادت المصادر بأن الأمم المتحدة كانت كلفت ممثلها المقيم في اليمن بمتابعة ملف المعتقلين مع الحوثيين، لكنه وبعد أسبوعين من اللقاءات والنقاشات لم ينجح في مهمته، وأن لقاءاته مع الحوثيين لم تكن إيجابية، حيث تمسكت الجماعة باتهاماتها للمعتقلين بالجاسوسية لصالح الولايات المتحدة.

الحوثيون يواصلون استهداف العاملين الإغاثيين في المنظمات الدولية (أ.ف.ب)

وعلى الرغم من الوعود التي قطعها الحوثيون بالسماح للمعتقلين بالتواصل مع أسرهم لم يُنفذ ذلك، قبل أن تتفاجأ الأمم المتحدة باقتحام المسلحين الحوثيين مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان في صنعاء، ومصادرة كل محتوياته وإغلاقه.

ورغم الأزمة الإنسانية المتفاقمة في مناطق سيطرة الحوثيين والتي زاد من عمقها الفيضانات التي ضربت خمسا من المحافظات الواقعة تحت سيطرتهم، فإن المصادر ذكرت أنهم مستمرون في ملاحقة الموظفين لدى المنظمات الأممية والدولية، في تجاهل كل المناشدات الدولية لإطلاق سراحهم.

ويدرس عدد من الدول الغربية المانحة بجدية - بحسب المصادر - وقف تمويل المشاريع الإغاثية في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، ضمن الضغوط التي ستمارس لإرغامهم على وقف استهداف العاملين في قطاع الإغاثة.

ومع تحذير المصادر الحكومية من قسوة هذه الخطوة، شدّدت على وجوب أن يتخذ المجتمع الدولي إجراءات عملية تلزم الحوثيين باحترام الحصانة الممنوحة للعاملين في قطاع الإغاثة، والذين يقومون بدور فاعل في إنقاذ حياة الملايين بحيادية.

ويواجه المعتقلون لدى الحوثيين وبينهم 13 من العاملين المحليين في مكاتب وكالات الأمم المتحدة وأكثر من 50 من العاملين في منظمات دولية تهماً بالتجسس لصالح الولايات المتحدة، وهي اتهامات نفتها الأمم المتحدة، وندّدت بها الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً.

أزمة متفاقمة

أعاد مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن التأكيد على أن أزمة البلاد تظل من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم، حيث يقدر عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية وخدمات الحماية بنحو 18.2 مليون شخص خلال هذا العام. وقال إنه وعلى الرغم من استمرار التهدئة بحكم الأمر الواقع على الأرض، فإنه لا تزال البلاد تواجه وطأة الصراع والنزوح ومخاوف الحماية وتغير المناخ والتدهور الاقتصادي.

تعسفُ الحوثيين يهدد بوقف المساعدات عن الملايين (البنك الدولي)

ووفق التحديث الأسبوعي للوضع الإنساني، أكد المكتب أنه وحتى نهاية شهر مارس (آذار)، لم يتم تمويل خطة الاستجابة الإنسانية للعام الحالي، التي تسعى إلى جمع 2.71 مليار دولار لتنفيذ الأنشطة الأكثر أولوية اللازمة للأشخاص الأكثر ضعفاً، إلا بنسبة 16.1 في المائة فقط. وعلى الرغم من ذلك فإن وكالات الإغاثة تعمل من دون كلل لتزويد المحتاجين بالمساعدات والخدمات الأساسية.

وخلال الربع الأول من العام الحالي - وفق بيانات الأمم المتحدة - واصلت 140 منظمة إنسانية تقديم المساعدات إلى نحو 3.13 مليون شخص شهرياً، لكن ظل عدد الأشخاص الذين وصلت إليهم المساعدات لكل مجموعة منخفضاً.

وأوضحت البيانات الأممية أن الشركاء واصلوا تقديم الدعم لملايين الأشخاص - حيث تم الوصول في المتوسط ​​إلى 2.9 مليون شخص كل شهر بالمساعدات الغذائية، وساعد أكثر من 506 آلاف شخص بالرعاية الصحية، وتم توفير خدمات المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية لأكثر من 709 آلاف شخص، وتلقى ما يقرب من 331 ألف شخص الدعم الغذائي.

وضع الأمن الغذائي

بينما ظل وضع انعدام الأمن الغذائي في اليمن دون تغيير تقريباً خلال الربع الثاني من 2024 مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، حدث تدهور كبير في تسع محافظات يمنية من أصل 22 محافظة، حيث عانى ما يقرب من أسرة واحدة من كل أسرتين (45 في المائة) من استهلاك غذائي غير كاف على المستوى الوطني؛ وفق البيانات الأممية.

وتوقع المكتب الأممي أن يستمر هذه التدهور حتى سبتمبر (أيلول) المقبل، إذ انخفضت القدرة الشرائية للأسر بشكل كبير بسبب انخفاض فرص العمل، وارتفاع أسعار المواد الغذائية في المناطق الخاضعة للحكومة اليمنية، بينما يزداد عدد الموظفين الحكوميين غير القادرين على تحمل تكاليف المواد الأساسية بما في ذلك الغذاء بسبب التأخير أو عدم انتظام الصرف.

الحوثيون اقتحموا مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في صنعاء (الأمم المتحدة)

وعلى الرغم من الاضطرابات المستمرة في البحر الأحمر، أكد المكتب الأممي استمرار استيراد الغذاء والوقود بشكل طبيعي، مما ضمن إمدادات غذائية كافية في الأسواق. كما انخفضت حالات الصراع إلى أدنى مستوياتها التاريخية، حيث تمت إعادة توجيه اهتمام وموارد برنامج المساعدات الصغيرة إلى أزمة البحر الأحمر، مما أدى إلى انخفاض في حالات النزوح الداخلي.

وبحسب التقرير الأممي من المتوقع أن تستمر فجوات استهلاك الغذاء في معظم أنحاء اليمن حتى أواخر الشهر المقبل، ومن المتوقع أن يتفاقم الانخفاض بسبب انخفاض المساعدات الغذائية الإنسانية، وارتفاع أسعار المواد الغذائية في مناطق الحكومة اليمنية.