​اعتقال عمال الإغاثة يهدد بوقف المساعدات في مناطق سيطرة الحوثيين

3 ملايين محتاج من أصل 18 مليوناً حصلوا على معونات

المجاعة تهدد ملايين اليمنيين في مناطق سيطرة الحوثيين (إعلام محلي)
المجاعة تهدد ملايين اليمنيين في مناطق سيطرة الحوثيين (إعلام محلي)
TT

​اعتقال عمال الإغاثة يهدد بوقف المساعدات في مناطق سيطرة الحوثيين

المجاعة تهدد ملايين اليمنيين في مناطق سيطرة الحوثيين (إعلام محلي)
المجاعة تهدد ملايين اليمنيين في مناطق سيطرة الحوثيين (إعلام محلي)

مع تأكيد مصادر حكومية يمنية فشل الجهود التي بذلها الممثل المقيم للأمم المتحدة لدى اليمن في إقناع الحوثيين بإطلاق سراح العشرات من العاملين في الوكالات الأممية ومنظمات إغاثية دولية ومحلية، ذكرت المصادر أن عدداً من الدول المانحة تدرس بجدية وقف تمويل البرامج الإغاثية كافة في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون رداً على الاعتقالات.

وأفادت المصادر بأن الأمم المتحدة كانت كلفت ممثلها المقيم في اليمن بمتابعة ملف المعتقلين مع الحوثيين، لكنه وبعد أسبوعين من اللقاءات والنقاشات لم ينجح في مهمته، وأن لقاءاته مع الحوثيين لم تكن إيجابية، حيث تمسكت الجماعة باتهاماتها للمعتقلين بالجاسوسية لصالح الولايات المتحدة.

الحوثيون يواصلون استهداف العاملين الإغاثيين في المنظمات الدولية (أ.ف.ب)

وعلى الرغم من الوعود التي قطعها الحوثيون بالسماح للمعتقلين بالتواصل مع أسرهم لم يُنفذ ذلك، قبل أن تتفاجأ الأمم المتحدة باقتحام المسلحين الحوثيين مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان في صنعاء، ومصادرة كل محتوياته وإغلاقه.

ورغم الأزمة الإنسانية المتفاقمة في مناطق سيطرة الحوثيين والتي زاد من عمقها الفيضانات التي ضربت خمسا من المحافظات الواقعة تحت سيطرتهم، فإن المصادر ذكرت أنهم مستمرون في ملاحقة الموظفين لدى المنظمات الأممية والدولية، في تجاهل كل المناشدات الدولية لإطلاق سراحهم.

ويدرس عدد من الدول الغربية المانحة بجدية - بحسب المصادر - وقف تمويل المشاريع الإغاثية في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، ضمن الضغوط التي ستمارس لإرغامهم على وقف استهداف العاملين في قطاع الإغاثة.

ومع تحذير المصادر الحكومية من قسوة هذه الخطوة، شدّدت على وجوب أن يتخذ المجتمع الدولي إجراءات عملية تلزم الحوثيين باحترام الحصانة الممنوحة للعاملين في قطاع الإغاثة، والذين يقومون بدور فاعل في إنقاذ حياة الملايين بحيادية.

ويواجه المعتقلون لدى الحوثيين وبينهم 13 من العاملين المحليين في مكاتب وكالات الأمم المتحدة وأكثر من 50 من العاملين في منظمات دولية تهماً بالتجسس لصالح الولايات المتحدة، وهي اتهامات نفتها الأمم المتحدة، وندّدت بها الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً.

أزمة متفاقمة

أعاد مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن التأكيد على أن أزمة البلاد تظل من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم، حيث يقدر عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية وخدمات الحماية بنحو 18.2 مليون شخص خلال هذا العام. وقال إنه وعلى الرغم من استمرار التهدئة بحكم الأمر الواقع على الأرض، فإنه لا تزال البلاد تواجه وطأة الصراع والنزوح ومخاوف الحماية وتغير المناخ والتدهور الاقتصادي.

تعسفُ الحوثيين يهدد بوقف المساعدات عن الملايين (البنك الدولي)

ووفق التحديث الأسبوعي للوضع الإنساني، أكد المكتب أنه وحتى نهاية شهر مارس (آذار)، لم يتم تمويل خطة الاستجابة الإنسانية للعام الحالي، التي تسعى إلى جمع 2.71 مليار دولار لتنفيذ الأنشطة الأكثر أولوية اللازمة للأشخاص الأكثر ضعفاً، إلا بنسبة 16.1 في المائة فقط. وعلى الرغم من ذلك فإن وكالات الإغاثة تعمل من دون كلل لتزويد المحتاجين بالمساعدات والخدمات الأساسية.

وخلال الربع الأول من العام الحالي - وفق بيانات الأمم المتحدة - واصلت 140 منظمة إنسانية تقديم المساعدات إلى نحو 3.13 مليون شخص شهرياً، لكن ظل عدد الأشخاص الذين وصلت إليهم المساعدات لكل مجموعة منخفضاً.

وأوضحت البيانات الأممية أن الشركاء واصلوا تقديم الدعم لملايين الأشخاص - حيث تم الوصول في المتوسط ​​إلى 2.9 مليون شخص كل شهر بالمساعدات الغذائية، وساعد أكثر من 506 آلاف شخص بالرعاية الصحية، وتم توفير خدمات المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية لأكثر من 709 آلاف شخص، وتلقى ما يقرب من 331 ألف شخص الدعم الغذائي.

وضع الأمن الغذائي

بينما ظل وضع انعدام الأمن الغذائي في اليمن دون تغيير تقريباً خلال الربع الثاني من 2024 مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، حدث تدهور كبير في تسع محافظات يمنية من أصل 22 محافظة، حيث عانى ما يقرب من أسرة واحدة من كل أسرتين (45 في المائة) من استهلاك غذائي غير كاف على المستوى الوطني؛ وفق البيانات الأممية.

وتوقع المكتب الأممي أن يستمر هذه التدهور حتى سبتمبر (أيلول) المقبل، إذ انخفضت القدرة الشرائية للأسر بشكل كبير بسبب انخفاض فرص العمل، وارتفاع أسعار المواد الغذائية في المناطق الخاضعة للحكومة اليمنية، بينما يزداد عدد الموظفين الحكوميين غير القادرين على تحمل تكاليف المواد الأساسية بما في ذلك الغذاء بسبب التأخير أو عدم انتظام الصرف.

الحوثيون اقتحموا مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في صنعاء (الأمم المتحدة)

وعلى الرغم من الاضطرابات المستمرة في البحر الأحمر، أكد المكتب الأممي استمرار استيراد الغذاء والوقود بشكل طبيعي، مما ضمن إمدادات غذائية كافية في الأسواق. كما انخفضت حالات الصراع إلى أدنى مستوياتها التاريخية، حيث تمت إعادة توجيه اهتمام وموارد برنامج المساعدات الصغيرة إلى أزمة البحر الأحمر، مما أدى إلى انخفاض في حالات النزوح الداخلي.

وبحسب التقرير الأممي من المتوقع أن تستمر فجوات استهلاك الغذاء في معظم أنحاء اليمن حتى أواخر الشهر المقبل، ومن المتوقع أن يتفاقم الانخفاض بسبب انخفاض المساعدات الغذائية الإنسانية، وارتفاع أسعار المواد الغذائية في مناطق الحكومة اليمنية.


مقالات ذات صلة

غروندبرغ يدعو إلى عملة يمنية موحدة والإفراج عن موظفي المنظمات في صنعاء

العالم العربي المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

غروندبرغ يدعو إلى عملة يمنية موحدة والإفراج عن موظفي المنظمات في صنعاء

شدّد مبعوث الأمم المتحدة هانس غروندبرغ على أهمية توحيد العملة اليمنية وإنهاء الانقسام المصرفي، مشيراً إلى دور السعودية في احتواء التصعيد الاقتصادي الأخير.

علي ربيع (عدن)
المشرق العربي «أمبري»: سفينة تبلّغ عن إطلاق نار من أسلحة خفيفة قبالة إريتريا

سفينة تبلّغ عن إطلاق نار من أسلحة خفيفة قبالة إريتريا

قالت شركة «أمبري» البريطانية للأمن البحري، الخميس، إن سفينة تجارية أبلغت عن محاولة للاقتراب منها تتضمن إطلاق نيران من أسلحة خفيفة

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم العربي الحوثيون أجبروا مزارعين في ريف صنعاء على التبرع للجبهات (إعلام حوثي)

إرغام مزارعين في ريف صنعاء على التبرع للجبهات

أرغم الحوثيون مزارعين في ريف صنعاء على تقديم محاصيل زراعية مجانية لمصلحة مقاتليهم في الجبهات، بالتوازي مع إجبارهم عدداً آخر على دفع مبالغ مالية لنقل التبرعات.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي المستشار منصور المنصور خلال المؤتمر الصحافي في الرياض الأربعاء (الشرق الأوسط)

«تقييم الحوادث» يؤكد عدم استهداف منازل قرية الحمراء في لحج

أكد فريق تقييم الحوادث في اليمن عدم صحة 3 حالات ادعاء وردت من جهات دولية ومنظمات حقوقية بشأن استهداف مواقع عدة من قِبل قوات التحالف داخل الأراضي اليمنية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي حملات اعتقالات مستمرة في مناطق سيطرة الحوثيين (إعلام محلي)

اليمن يدعو لإنقاذ موظفي المنظمات الإغاثية من سجون الانقلابيين

دعت الحكومة اليمنية المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لإنقاذ موظفي الوكالات الأممية، وعشرات العاملين في المنظمات الإغاثية الدولية والمحلية من سجون الحوثيين.

علي ربيع (عدن)

غروندبرغ يدعو إلى عملة يمنية موحدة والإفراج عن موظفي المنظمات في صنعاء

زعيم الحوثيين اعترف بتعبئة 400 ألف مجند منذ بدء التصعيد البحري (رويترز)
زعيم الحوثيين اعترف بتعبئة 400 ألف مجند منذ بدء التصعيد البحري (رويترز)
TT

غروندبرغ يدعو إلى عملة يمنية موحدة والإفراج عن موظفي المنظمات في صنعاء

زعيم الحوثيين اعترف بتعبئة 400 ألف مجند منذ بدء التصعيد البحري (رويترز)
زعيم الحوثيين اعترف بتعبئة 400 ألف مجند منذ بدء التصعيد البحري (رويترز)

شدّد مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ، خلال إحاطته الشهرية أمام مجلس الأمن، الخميس، على أهمية توحيد العملة اليمنية وإنهاء الانقسام المصرفي، مشيراً إلى الدور السعودي في احتواء دائرة التصعيد الاقتصادي الأخير بين الحكومة اليمنية والحوثيين.

إحاطة المبعوث الأممي تزامنت مع تواصل الإدانات الدولية لاقتحام الحوثيين في صنعاء مقر مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ومصادرة محتوياته وإغلاقه، والدعوة إلى الإفراج عن الموظفين الإغاثيين في الوكالات الأممية والمنظمات الدولية المعتقلين لدى الجماعة الموالية لإيران.

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

وأشار غروندبرغ إلى خفض التصعيد الاقتصادي بين الحكومة اليمنية والحوثيين، وقال في إحاطته: «تمكّن الطرفان الشهر الماضي بدعم من المملكة العربية السعودية من وقف دائرة خطيرة من التصعيد الذي كان يؤثر سلباً في قطاعي البنوك والنقل في اليمن ويهدد بإشعال فتيل نزاع عسكري جديد».

ولفت إلى التصعيد الإقليمي الذي يحدث بالتوازي مع ما وصفه بـ«التحديات الحقيقية والملحة» داخل اليمن التي تحتاج إلى معالجة، موضحاً أن معالجة النزاع المستمر منذ عقد من الزمن في اليمن لا يزال هو محور تركيز جهوده.

وإزاء حملة القمع الحوثية ضد موظفي الوكالات الأممية والمنظمات الدولية، دعا المبعوث الجماعة «إلى التصرف بمسؤولية ورأفة تجاه المواطنين والمواطنات في بلدهم والإفراج الفوري غير المشروط عن جميع موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية والقطاع الخاص، بالإضافة إلى أبناء الأقليات الدينية».

وتابع بالقول: «بعد أربعة أيام في 19 أغسطس (آب)، سوف نحتفل باليوم الإنساني العالمي، إلا أننا مع ذلك نواجه في اليمن حملة قمع على الفضاء الإنساني والمدني من قبل أنصار الله (الحوثيون)».

وشدّد غروندبرغ على أهمية العمل نحو توحيد العملة اليمنية، ونحو بنك مركزي موحد وضمان النأي بالقطاع المصرفي عن التدخل السياسي، وقال إن مكتبه أعدّ «خيارات، وعرض مقترحاً ومساراً واضحين لتحقيق هذه الأهداف».

إدانات غربية

استمراراً للتنديد الدولي باقتحام الحوثيين مقر المفوضية السامية لحقوق الإنسان في صنعاء، أدانت المملكة المتحدة «بشدة» هذا الاقتحام، ودعت الحوثيين إلى السماح للأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية بمواصلة عملها الحيوي خدمة لشعب اليمن، وإلى الإفراج فوراً عن جميع الموظفين المحتجزين، وفق ما جاء في بيان لوزير شؤون الشرق الأوسط هيمش فولكنر.

وكانت الولايات المتحدة أدانت في بيان للنائب الرئيسي للمتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية فيدانت باتل، استيلاء الحوثيين على مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في صنعاء، وقالت إن ذلك «ينتهك الأعراف الدولية، ويبيّن أن الحوثيين لا يحترمون أدنى الممارسات الدولية الأساسية».

رافعة في ميناء الحديدة اليمني الخاضع للحوثيين تضرّرت إثر الضربات الإسرائيلية (أ.ف.ب)

ورأت الخارجية الأميركية أن ما حدث ليس «سوى خطوة أخرى ضمن سلسلة عدوانية من أعمال الحوثيين، التي تشمل عمليات اعتقال لموظفين في الأمم المتحدة ومنظمات دولية وهيئات دبلوماسية يعملون لمساعدة الشعب اليمني». وحذرت من أن هذه الأعمال ستفاقم عرقلة عمليات تسليم المساعدات إلى المدنيين اليمنيين الذين يعانون ظروف الأزمة منذ وقت طويل.

وأوضح البيان أن الولايات المتحدة تواصل دعم السلام المتفاوض عليه في اليمن برعاية الأمم المتحدة. كما تدعم بشدة عمل المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان وغيرها من الوكالات والمنظمات التي تغيث الشعب اليمني.

وشددت الخارجية الأميركية على أنه «لا يمكن التوصل إلى حل دائم للصراع اليمني، ما دام الحوثيون يصرون على مهاجمة السفن الدولية ويهددون جيرانهم والشعب اليمني».

زعيم الجماعة يتوعّد

توعّد زعيم الجماعة الحوثية عبد الملك الحوثي في خطبته، الخميس، بالرد على القصف الإسرائيلي لميناء الحديدة، وبالاستمرار في مهاجمة السفن التي لها صلة بإسرائيل، مشيراً إلى مقتل 73 عنصراً من أتباعه، وإصابة 181 منذ بدء التصعيد البحري، جراء الضربات الغربية، بمن فيهم نحو 6 قتلى سقطوا في القصف الإسرائيلي للحديدة، ونحو 80 جريحا.

مسيّرة حوثية زعمت الجماعة أنها استخدمتها في قصف تل أبيب (أ.ف.ب)

واعترف الحوثي بتلقي جماعته هذا الأسبوع 10 غارات غربية، 8 منها استهدفت الحديدة على البحر الأحمر، وغارتان استهدفتا حجة وصنعاء، كما تبنّى خلال الأسبوع نفسه مهاجمة السفن بـ15 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيرة.

كما اعترف الحوثي بأن جماعته نجحت منذ بدء التصعيد في 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي في تعبئة أكثر من 400 ألف متخرج في الدورات العسكرية، وقال إن الرد على اغتيال إسماعيل هنية وقصف الحديدة «آتٍ حتماً، وله مساره وتجهيزاته وتكتيكه، وله إمكاناته المخصصة»، وأن تأخّر الرد «هو في سياق عملي ليكون موجعاً».