أجنحة الحوثيين تتقاسم حكومة الانقلاب وتقصي «مؤتمر صنعاء»

موجة تندر من مزاعم «التغيير والبناء» دون رواتب

حكومة محاصصة حوثية بين أجنحة الجماعة (إعلام حوثي)
حكومة محاصصة حوثية بين أجنحة الجماعة (إعلام حوثي)
TT

أجنحة الحوثيين تتقاسم حكومة الانقلاب وتقصي «مؤتمر صنعاء»

حكومة محاصصة حوثية بين أجنحة الجماعة (إعلام حوثي)
حكومة محاصصة حوثية بين أجنحة الجماعة (إعلام حوثي)

أثار إعلان الجماعة الحوثية تشكيل الحكومة الانقلابية الجديدة موجة من التندر في الأوساط الشعبية والسياسية؛ بعدما جاءت التشكيلة معبرة عن الأجنحة المتصارعة داخل الجماعة وخالية من وعود التغييرات الجذرية، باستثناء إزاحة جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء.

ووفق مصادر سياسية يمنية، فإن الجماعة استبعدت جناح «المؤتمر الشعبي» في صنعاء، بعد أن طالب الحزب بصلاحيات كاملة لوزرائه في حال دخل في التشكيلة، حيث رُفض طلبه.

جانب من اجتماع رئيس مجلس حكم الانقلاب الحوثي مع حكومة الجماعة الجديدة (إعلام حوثي)

وذكرت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، وفي مسعى لاحتواء الصراعات الداخلية أقرَّ تشكيل الحكومة الانقلابية الجديدة من أجنحة الجماعة حتى تتقاسم السلطة والمال، مع التضحية بجناح حزب «المؤتمر الشعبي»، الذي ظل ممثلوه دون صلاحيات في الحكومة الانقلابية السابقة طوال الأعوام الستة الماضية منذ مقتل الرئيس الأسبق علي عبد الله صالح.

وتعني تشكلية الحكومة الانقلابية الجديدة -وفق المصادر- أن الحوثيين قد استفردوا بحكم مناطق سيطرتهم؛ لأنهم يتهمون جناح حزب «المؤتمر الشعبي» بعدم الجدية في التحالف معهم، وأنه قَبِل بوضعيته ليتجنب حله ومصادرة ممتلكاته واعتقال قيادته.

ونبهت المصادر بأن الحكومة الجديدة لن يكون لها أي دور باعتبار أن الهيئات الموازية التي استحدثها الحوثيون وعيّنوا فيها عناصرهم العقائديين، هي التي تمتلك السلطة الفعلية.

ردود شعبية

على الصعيد الشعبي كانت ردود الأفعال من حكومة الانقلاب الجديدة سلبية حيناً، ومتندرة في أحيان أخرى، إذ رأى الناشط عبد الله منصور أن الحوثيين فشلوا فشلاً ذريعاً في إدارة الدولة على الصعيد السياسي والاقتصادي والعسكري والاجتماعي، ومكافحة الفساد، وتعزيز سلطة الدستور والقانون، وحماية الحريات العامة والخاصة. في حين وصف البرلماني المعارض أحمد سيف، التشكيلة، بأنها «حكومة محاصصة بين أجنحة الجماعة»، وأكد أن الولاء على رأس معايير الاختيار.

رؤساء الهيئات الموازية التي استحدثها الحوثيون يمثلون السلطة الفعلية (إعلام حوثي)

ويجزم خليل أحمد، موظف حكومي، أن السكان لن يستفيدوا من التغيير في شيء، وأن الحوثيين هم المستفيدون؛ ‏لأنهم وبكل بساطة لا يبحثون عن الحلول، ‏وكان هدفهم من تأخير إعلان الحكومة الانقلابية هو استمرار المكاسب الشخصية، غير أن فؤاد النهاري، وهو من سكان صنعاء، يرى أن الشيء الإيجابي الوحيد في التشكيلة الانقلابية الجديدة هو تقليص عدد أعضائها، ودمج الوزارات، ما يعني تقليص النفقات والاعتمادات.

لكنه عاد ليقول إن الواقع متخم بالهيئات والمؤسسات الحكومية، وقد تشهد الأيام المقبلة ولادة هيئات ومؤسسات أخرى، وتوقع نتائج سلبية في كل الأحوال، لاختلاف المسميات والوزارات مع الحكومة المعترف بها دولياً، ما سيؤثر على بعض معاملات المواطنين، ويضاعف من معاناة الناس.

تندر وسخرية

تندر اليمنيين من حكومة الانقلاب الحوثية امتد إلى عملية دمج الوزارات؛ إذ يستغرب مطهر، وهو ناشط يمني في صنعاء، من دمج وزارتي النقل والأشغال مع أنه لا توجد علاقة مشتركة بينهما سوى أن مقريهما بجوار بعضهما. وقال إن منصب وزير هذه الوزارة منح هدية لمحافظ الحوثيين في الحديدة محمد عياش قحيم.

وكذلك الأمر فيما يتعلق بوزير الشباب والرياضة الجديد في حكومة الانقلاب محمد المولد، إذ سخر النشطاء اليمنيون من تعيينه، وذكروا أنه كان يعمل أميناً عاماً لجامعة البيضاء، وهو عضو في رابطة علماء الدين التابعة للحوثيين، كما أنه لا يمارس الرياضة، ولا يتابع أي لعبة رياضية، ولا يشجع أي فريق محلي أو دولي.

أحمد الرهوي المعين من قبل الحوثيين رئيساً لحكومتهم الانقلابية الجديدة (إعلام حوثي)

وامتد التندر إلى النائب الأول لرئيس الحكومة الانقلابية محمد مفتاح، وهو خطيب جامع، وسبق أن هاجم الموظفين المطالبين بصرف رواتبهم المقطوعة منذ عام 2016، وقال إن الرواتب لم تذكر في القرآن الكريم. وتساءل المعلقون بسخرية عما سيقوله للموظفين وهو صاحب القرار الأول في الحكومة؛ لأن رئيسها أحمد الرهوي مجرد واجهة.

ويؤكد ناشطون في حزب «المؤتمر الشعبي» أن التشكيلة المعلن عنها أنهت الشراكة الشكلية مع الحزب، بعد استبعاد أسماء بارزة، وإن لم يكن لها أي قرار.

أما البرلماني والوزير السابق في حكومة الانقلاب الحوثية عبده بشر، فيرى أن «التغيير الجذري» ومحاربة الفساد اللذين وعدت بهما الجماعة لم يتما، كما لم يتم تشكيل حكومة كفاءات، وقال إن الحوثيين حمّلوا جناح حزب «المؤتمر الشعبي» سبب فشل الحكومة الانقلابية السابقة، ومع هذا عادوا واختاروا ‏رئيس وزراء من الحزب دون حتى الرجوع لحزبه.


مقالات ذات صلة

اليمن يدعو لإنقاذ موظفي المنظمات الإغاثية من سجون الانقلابيين

العالم العربي حملات اعتقالات مستمرة في مناطق سيطرة الحوثيين (إعلام محلي)

اليمن يدعو لإنقاذ موظفي المنظمات الإغاثية من سجون الانقلابيين

دعت الحكومة اليمنية المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لإنقاذ موظفي الوكالات الأممية، وعشرات العاملين في المنظمات الإغاثية الدولية والمحلية من سجون الحوثيين.

علي ربيع (عدن)
المشرق العربي ميناء الحديدة (أ.ف.ب)

هجمات تستهدف سفينتين تجاريتين في البحر الأحمر

استهدفت هجمات عدة سفينتين تجاريتين في البحر الأحمر قبالة سواحل اليمن، دون الإبلاغ عن إصابات أو أضرار، حسب ما أفادت وكالتا أمن بحري بريطانيتان الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (لندن )
المشرق العربي زوارق للجماعة الحوثية خلال دورية بحرية (أ.ف.ب)

تقرير دولي يكشف عن تنويع الحوثيين أدوات عملياتهم البحرية

تطورت شبكة الإمداد الحوثية بشكل كبير منذ بداية الانقلاب، حتى أصبحت تعتمد على مصادر متعددة بدلاً من الاعتماد الحصري على الدعم الإيراني.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي عناصر من جماعة الحوثي خارج صنعاء في 22 يناير 2024 (أ.ب)

الحوثيون يستولون على مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في صنعاء

سيطر المتمردون الحوثيون في اليمن على مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بالعاصمة صنعاء في 3 أغسطس (آب)، على ما أعلنت المنظمة الأممية، الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي صورة وزعها الحوثيون لاستهداف إحدى السفن في البحر الأحمر بزورق مسيّر مفخخ (أ.ف.ب)

مجلي لـ«الشرق الأوسط»: جهود السلام توقفت من طرف الحوثيين

يستمر الحوثيون بحفر الخنادق في الجبال وتخزين الأسلحة، واستهداف الملاحة الدولية في البحر الأحمر، وهو ما يتناقض مع جهود السلام الجارية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

جيبوتي تستبعد نجاح تركيا في حل أزمة «المنفذ الإثيوبي» بالبحر الأحمر

محمود علي يوسف وزير خارجية جيبوتي (الشرق الأوسط)
محمود علي يوسف وزير خارجية جيبوتي (الشرق الأوسط)
TT

جيبوتي تستبعد نجاح تركيا في حل أزمة «المنفذ الإثيوبي» بالبحر الأحمر

محمود علي يوسف وزير خارجية جيبوتي (الشرق الأوسط)
محمود علي يوسف وزير خارجية جيبوتي (الشرق الأوسط)

استبعد وزير خارجية جيبوتي، محمود علي يوسف، نجاح الوساطة التركية في حل الأزمة بين دولتَي الصومال وإثيوبيا، حول تأجير الأخيرة قاعدة بحرية على البحر الأحمر، بإقليم «أرض الصومال» الانفصالي، وهو ما ترفضه حكومة مقديشو، وتعدّه «انتهاكاً لسيادتها».

واستضافت أنقرة، الاثنين، اجتماعاً بين وزراء خارجية تركيا؛ هاكان فيدان، والصومال؛ أحمد معلم فقي، وإثيوبيا؛ تاي أتسكي سيلاسي، في جولة ثانية للمفاوضات التي تتوسط فيها تركيا لإنهاء الخلافات بين البلدين الجارَين بالقرن الأفريقي.

وقال الوزير علي يوسف، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، «بكل صراحة مواقف البلدين من مفهوم احترام السيادة ووحدة الأراضي بعيدة كل البعد بعضهما عن بعض»، مضيفاً أن «الحل يكمن في تخلّي إحدى الدولتين عن موقفها من تلك المسائل».

ووقّع إقليم «أرض الصومال» الانفصالي، في يناير (كانون الثاني) الماضي، مذكرة تفاهم مع إثيوبيا، تمنح الأخيرة بموجبها حقّ استخدام واجهة بحرية بطول 20 كيلومتراً من أراضي أرض الصومال لمدة 50 عاماً، عبر اتفاقية «إيجار»، وهو ما رفضته مقديشو، واستدعى اجتماعاً عربياً طارئاً آنذاك أدان المذكرة، وتضامَن مع الموقف الصومالي، الذي عدّها «باطلة وغير مقبولة».

وإقليم «أرض الصومال» هو محمية بريطانية سابقة، أعلن استقلاله عام 1991، لكن لم يعترِف به المجتمع الدولي.

وكشف الوزير الجيبوتي عن أن بلاده «اقترحت وساطة سرية بحلول وسط لحل الخلاف»، لكنه امتنع عن الإفصاح عن تفاصيلها، قائلاً: «لا أستطيع أن أكشف عنها حتى لا أعرّضها للفشل».

وأوضح يوسف أن جيبوتي في الحقيقة لم تتوقف يوماً عن السعي لتخفيف التوتر بين البلدين الجارَين الصومال وإثيوبيا، لافتاً إلى أنه «من أجل تخفيف التصعيد الدبلوماسي عقدت جيبوتي قمة لـ(الإيغاد) في فبراير (شباط) الماضي، كما يقوم الرئيس الجيبوتي بالتواصل المستمر بين قيادتَي الدولتين الجارتين».

وأضاف: «الوساطة التركية جاءت بطلب من إثيوبيا، بعد وساطة كينية لم تأتِ بالنتائج المرجوّة... المهم أن تعمل الجهود الدبلوماسية كافةً على تحقيق الاستقرار والأمن للمنطقة، وتلك الأهداف هي التي تهم جيبوتي بالدرجة الأولى قبل أي اعتبار آخر».

وأعلن وزير خارجية الصومال أحمد فقي، الثلاثاء، الانتهاء من الجولة الثانية من المفاوضات مع إثيوبيا في تركيا، من دون أن يُفصح عن أي اتفاق.

وبعدما أشاد في بيان، عبر منصة (إكس)، بجهود تركيا على الوساطة، أوضح أنه تم الاتفاق على عقد الجولة الثالثة من المحادثات هناك.

ووفق مصادر إعلامية صومالية، فإن محادثات أنقرة وصلت إلى طريق مسدود، حيث تتمسّك إثيوبيا بتنفيذ مذكرة التفاهم مع أرض الصومال، بينما يُصرّ الصومال على أن تتخلّى إثيوبيا عن المذكرة أولاً، ثم التفاوض مع الحكومة الفيدرالية الصومالية في مقديشو بشأن الوصول إلى البحر الأحمر.

وكان الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، أكّد خلال اتصال هاتفي مؤخراً مع نظيره التركي، رجب طيب إردوغان، ترحيبه بجهود تركيا في تعزيز الحوار بين الصومال وإثيوبيا، لكنه شدّد على ضرورة أن «يكون أي تعاون متوافقاً مع احترام سيادة الصومال ووحدته الوطنية، وفقاً للقانون والنظام الدولييْن».

في المقابل استغل رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد اتصالاً هاتفياً أجراه، السبت الماضي، مع الرئيس التركي، للتشديد على أهمية تزويد إثيوبيا، الدولة التي يبلغ عدد سكانها 120 مليون نسمة، بـ«إمكانية الوصول إلى البحر من خلال نهج يتفق عليه الطرفان»، وفقاً لوكالة الأنباء الإثيوبية الرسمية، التي نقلت أيضاً عن آبي تقديره لدعم إردوغان في تسهيل حل ما وصفته بـ«سوء التفاهم بين إثيوبيا والصومال».