منظمة دولية تتهم الحوثيين بعرقلة الإغاثة ومفاقمة حالات الكوليرا

الحكومة اليمنية استجابت بسرعة لتفشي المرض

مركز حكومي يمني لعلاج الكوليرا والإسهالات المائية في مأرب (إعلام محلي)
مركز حكومي يمني لعلاج الكوليرا والإسهالات المائية في مأرب (إعلام محلي)
TT

منظمة دولية تتهم الحوثيين بعرقلة الإغاثة ومفاقمة حالات الكوليرا

مركز حكومي يمني لعلاج الكوليرا والإسهالات المائية في مأرب (إعلام محلي)
مركز حكومي يمني لعلاج الكوليرا والإسهالات المائية في مأرب (إعلام محلي)

اتهمت منظمة «هيومن رايتس ووتش» الحوثيين بعرقلة أعمال الإغاثة والوصول إلى المعلومات، ما أدى إلى تفاقم تفشي الكوليرا القاتل في جميع أنحاء اليمن، داعية السلطات في مختلف المناطق إلى تعزيز التدابير الوقائية ضد الوباء الذي استجابت الحكومة اليمنية لتفشيه سريعاً.

وأكدت المنظمة في بيان، أن تفشي الكوليرا سيستمر في إزهاق الأرواح طالما عُرقِلت المساعدات، وفشلت السلطات والمجتمع الدولي في الاستثمار بشكل كافٍ في تدابير الوقاية والتخفيف.

جانب من مركز علاج الكوليرا والإسهالات المائية في عدن (الأمم المتحدة)

وطالبت هيومن رايتس، بإزالة العقبات التي تعترض إيصال المساعدات، بما في ذلك المعلومات المتعلقة بالصحة العامة، وأعادت مطالبة الحوثيين بوقف الاعتقالات التعسفية والإفراج عن موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني وعمال الإغاثة.

وذكرت المنظمة أن الجماعة فشلت في اتخاذ تدابير وقائية كافية للتخفيف من انتشار الكوليرا. كما اعتقلت وهددت موظفي المجتمع المدني، بما في ذلك عمال الإغاثة الإنسانية، في حملة الاعتقالات الأخيرة.

وأضافت أن البيانات التي جمعتها وكالات الإغاثة تشير إلى أنه بين 1 يناير (كانون الثاني) و19 يوليو (تموز)، كان هناك نحو 95 ألف حالة كوليرا مشتبه بها، ما أسفر عن 258 حالة وفاة على الأقل.

ونقل البيان عن نيكو جعفرنيا، الباحثة في شؤون اليمن والبحرين في «هيومن رايتس ووتش»، قولها: «العراقيل التي تعترض عمل الإغاثة من قبل السلطات اليمنية، وخصوصاً الحوثيين، تساهم في انتشار الكوليرا. إذ توفي بالفعل أكثر من 200 شخص بسبب هذا المرض الذي يُمكن الوقاية منه»، وأكدت أن احتجاز الحوثيين لعمال الإغاثة يشكل تهديداً خطيراً للحد من وجود المساعدات المنقذة للحياة.

رفض الإفصاح

التقت منظمة «هيومن رايتس ووتش» -بحسب بيانها- مع الحكومة اليمنية التي أوضحت لها أن العديد من القيود التي تواجهها في معالجة تفشي الكوليرا مرتبطة بنقص التمويل. كما قدمت معلومات توضح الإجراءات التي اتخذتها لإبلاغ الجمهور اليمني عن تفشي المرض، فيما رفض الحوثيون الرد على استفساراتها.

وبينت المنظمة أن البنية التحتية للرعاية الصحية المتضررة بشدة في اليمن، ونقص مياه الشرب الآمنة، ومعدلات سوء التغذية المرتفعة، ومستويات متزايدة من رفض اللقاح ونشر الحوثيين أكاذيب ضد اللقاحات، كلها سهلت انتشار الكوليرا وتأثيرها في اليمن.

أطفال يمنيون يتلقون الرعاية في مركز العزل الحكومي في عدن (إعلام محلي)

ونقلت عن طبيب يعمل مع منظمة مساعدات إنسانية في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، القول إنه على الرغم من أن المرضى بدأوا في إظهار علامات الكوليرا منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، فإن سلطات الحوثيين رفضت الاعتراف بالأزمة للوكالات الإنسانية حتى 18 مارس (أذار)، عندما كان هناك بالفعل آلاف الحالات.

وفق ما ذكره الطبيب، بدأ الحوثيون (أخيراً) في تقديم معلومات حول حالات الكوليرا في المناطق التي يسيطرون عليها، لكنهم لم يعلنوا عن تفشي المرض علناً، كما احتجزت سلطاتهم موظفين من الأمم المتحدة والمجتمع المدني منذ 31 مايو (أيار).

وقالت المنظمة إن عدد المعتقلين مستمر في النمو، وقد تركت الاعتقالات العديد من الوكالات تتساءل عما إذا كان ينبغي لها الاستمرار في تقديم المساعدات الإنسانية بأمان في تلك المناطق، وهو ما قد يؤدي إلى تفاقم تفشي الكوليرا الحالي.

استجابة حكومية

المنظمة أكدت أن الحكومة اليمنية استجابت بسرعة لأخبار تفشي المرض في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي من خلال العمل مع الوكالات الإنسانية لإنشاء العيادات وشراء الأدوية اللازمة.

ورغم استمرار الحكومة في تبادل المعلومات مع الوكالات الإنسانية منذ بدء تفشي المرض، قالت المنظمة إنها أصدرت تعليمات لمجموعات الإغاثة بعدم استخدام كلمة «الكوليرا» في البيانات العامة، وخصوصاً باللغة العربية، وأن هذا يعيق قدرة الناس على اتخاذ التدابير اللازمة لمنع انتشار المرض بشكل أكبر.

حملات تحصين الأطفال اليمنيين مستمرة في مناطق الحكومة فيما يمنعها الحوثيون (إعلام محلي)

وحسب المنظمة الدولية للهجرة، خلال آخر تفشي للكوليرا في اليمن من عام 2016 إلى عام 2022، كان لدى اليمن 2.5 مليون حالة مشتبه بها، وهو ما يشكل «أكبر تفشي للكوليرا تم الإبلاغ عنه على الإطلاق في التاريخ الحديث»، مع أكثر من 4000 حالة وفاة. وعلى الرغم من هذه الخسائر الهائلة، فشلت السلطات في اتخاذ تدابير لمنع تفشي المرض في المستقبل.

وأكدت هيومن رايتس أن الحوثيين والحكومة اليمنية ملزمون بحماية حقوق الإنسان للجميع في الأراضي التي يسيطرون عليها، بما في ذلك الحق في الحياة والصحة ومستوى معيشي لائق، بما في ذلك الغذاء والماء، إذ تشكل عوائق المساعدات التي يفرضونها انتهاكاً لهذه الالتزامات.

ورغم أن الموارد والقدرات المحدودة قد تعني أن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لا يمكن تحقيقها بالكامل إلا بمرور الوقت، شددت المنظمة على أن السلطات لا تزال ملزمة بضمان الحد الأدنى من المستويات الأساسية للرعاية الصحية، بما في ذلك الرعاية الصحية الأولية الأساسية.


مقالات ذات صلة

وفاة 45 يمنياً وتضرُّر مئات المساكن نتيجة السيول

العالم العربي آلاف الأسر في اليمن بحاجة للمساندة إثر السيول التي ضربت غرب وشما غرب البلاد (إكس)

وفاة 45 يمنياً وتضرُّر مئات المساكن نتيجة السيول

أفاد مسؤولون يمنيون وعمال إغاثة بأن نحو 45 شخصاً ماتوا جرّاء السيول الناتجة عن الأمطار الغزيرة على محافظتَي الحديدة وحجة، ليل الثلاثاء، وبأن مئات المساكن تضررت.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي إطلاق صاروخ توماهوك من مدمرة أميركية في البحر الأبيض المتوسط (أرشيفية - أ.ب)

غارتان غربيتان في تعز واعتراض هجمات حوثية فوق البحر الأحمر

أقرت الجماعة الحوثية بتلقي غارتين استهدفتا، الأربعاء، موقعاً في محافظة تعز (جنوب غربي اليمن) وذلك بعد ساعات من اعتراض الجيش الأميركي هجمات فوق البحر الأحمر

علي ربيع (عدن)
العالم العربي مبنى مؤسسة الكهرباء الخاضعة للجماعة الحوثية في صنعاء (إعلام محلي)

مالكو مولّدات الكهرباء في مواجهة مع تعسف الحوثيين

على خلفية استمرار حملات التعسف والجباية الحوثية ضد ملاك محطات توليد الكهرباء هددت كيانات نقابية بقطع الخدمة ضمن المواجهة مع قادة الجماعة في صنعاء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الأطفال اليمنيون دون سن الخامسة يعانون من توقف النمو ونقص التغذية الحاد (الأمم المتحدة)

تقدير أممي بموت 62 ألف طفل يمني سنوياً قبل سن الخامسة

ذكرت منظمة الصحة العالمية أن نحو مليون يمني يصابون سنوياً بالملاريا، وأن نحو 62 ألف طفل يموتون كل عام تحت سن الخامسة، بسبب تدهور النظام الصحي.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وعقيلته في استقبال العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني وعقيلته على مدخل قصر الإليزيه (أرشيفية - د.ب.أ)

ملك الأردن يحذّر من «خطورة توسع الصراع» في اتصالات بماكرون وميلوني وترودو والسيسي

حذر عاهل الأردن الملك عبد الله الثاني خلال اتصالات هاتفية برئيس فرنسا، ورئيسة وزراء إيطاليا، ورئيس وزراء كندا من «خطورة توسع دائرة الصراع في الإقليم».

«الشرق الأوسط» (عمان)

غارتان غربيتان في تعز واعتراض هجمات حوثية فوق البحر الأحمر

مقاتلة من طراز «إف 18» على متن حاملة الطائرات الأميركية ثيودور روزفلت (الجيش الأميركي)
مقاتلة من طراز «إف 18» على متن حاملة الطائرات الأميركية ثيودور روزفلت (الجيش الأميركي)
TT

غارتان غربيتان في تعز واعتراض هجمات حوثية فوق البحر الأحمر

مقاتلة من طراز «إف 18» على متن حاملة الطائرات الأميركية ثيودور روزفلت (الجيش الأميركي)
مقاتلة من طراز «إف 18» على متن حاملة الطائرات الأميركية ثيودور روزفلت (الجيش الأميركي)

أقرت الجماعة الحوثية بتلقي غارتين وصفتهما بالأميركية البريطانية استهدفتا، الأربعاء، موقعاً في محافظة تعز (جنوب غربي اليمن)، وذلك بعد ساعات من اعتراض الجيش الأميركي هجمات للجماعة المدعومة من إيران فوق البحر الأحمر.

وفي حين لم تذكر الجماعة تفاصيل عن أثر الغارتين أو مكانهما الدقيق، أوضحت القيادة المركزية الأميركية أن قواتها نجحت في تدمير طائرة من دون طيار للحوثيين المدعومين من إيران وصاروخين باليستيين مضادين للسفن فوق البحر الأحمر.

وطبقاً لبيان الجيش الأميركي، شكلت هذه الأسلحة تهديداً واضحاً ومباشراً للقوات الأميركية وقوات التحالف والسفن التجارية في المنطقة، حيث يستمر «السلوك المتهور والخطير» من جانب الحوثيين المدعومين من إيران في تهديد الاستقرار والأمن الإقليميين.

وتأتي هذه التطورات في وقت تراجعت فيه الهجمات الحوثية ضد السفن منذ أكثر من أسبوعين بعد الضربات الإسرائيلية التي استهدفت مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، في 20 يوليو (تموز) الماضي، بالتزامن مع وعيد الجماعة الموالية لطهران بالرد على الضربات.

وفي وقت سابق كانت القيادة المركزية الأميركية أكدت في بيان عن تطورات الوضع في الخامس من أغسطس (آب) أن قواتها دمرت 3 طائرات حوثية من دون طيار فوق خليج عدن، وطائرة رابعة في منطقة تسيطر عليها الجماعة، كما دمرت بشكل منفصل زورقاً مسيّراً وطائرة من دون طيار، وصاروخاً باليستياً مضاداً للسفن في البحر الأحمر.

وأقرّت الجماعة بتلقّي نحو 600 غارة منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي، وسقوط 57 قتيلاً و87 جريحاً جرّاء الضربات التي تشنّها واشنطن تحت ما سمّته تحالُف «حارس الازدهار».

تراجع الهجمات

يرى مراقبون يمنيون أن الضربات الاستباقية الأميركية المتلاحقة أدت إلى تراجع هجمات الجماعة الحوثية خصوصاً أنها استهدفت كثيراً من الرادارات التي توجه الهجمات ومنصات الإطلاق خلال الآونة الأخيرة.

وتشنّ الجماعة الحوثية الموالية لإيران منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي هجماتها في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي؛ إذ تدّعي أنها تحاول منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل، بغضّ النظر عن جنسيتها، وكذا السفن الأميركية والبريطانية.

مقاتلة أميركية تقلع من حاملة الطائرات «يو إس إس أيزنهاور» لشن ضربات على أهداف للحوثيين في اليمن (أ.ف.ب)

كما تزعم الجماعة أنها تقوم بهجمات في البحر المتوسط وموانئ إسرائيلية، بالاشتراك مع فصائل عراقية مسلّحة موالية لإيران، ضمن عمليات الإسناد للفلسطينيين في غزة، وهو الأمر الذي تقول الحكومة اليمنية إنه يأتي هروباً من استحقاقات السلام، وخدمة لأجندة طهران في المنطقة.

وتبنى الحوثيون منذ نوفمبر الماضي العشرات من الهجمات ضد إسرائيل، دون أي تأثير يُذكر، باستثناء هجوم المسيّرة على تل أبيب في 19 يوليو، كما تبنّت الجماعة مهاجمة أكثر من 170 سفينة في البحرين الأحمر والعربي، تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وأصابت الهجمات نحو 31 سفينة، غرقت منها اثنتان؛ إذ أدى هجوم في 18 فبراير (شباط) إلى غرق السفينة البريطانية «روبيمار» في البحر الأحمر، قبل غرق السفينة اليونانية «توتور»، التي استهدفت في 12 يونيو (حزيران) الماضي.

كما أدى هجوم صاروخي في 6 مارس (آذار) الماضي إلى مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف في خليج عدن سفينة «ترو كونفيدنس» الليبيرية.

وإلى جانب الإصابات التي لحقت بالسفن، لا تزال الجماعة تحتجز السفينة «غالاكسي ليدر» التي قرصنتها في 19 نوفمبر الماضي، واقتادتها مع طاقمها إلى ميناء الصليف، شمال الحديدة، وحوّلتها مزاراً لأتباعها.