«الداخلية المصرية» تتّهم «الإخوان» بنشر «شائعات» لإثارة الرأي العام

أكّدت توفير إمكانيات «معيشية وصحية» للسجناء... ونفت أنباء عن «تجارة الأعضاء»

أم مصرية تحتضن نجلها عقب الإفراج عنه من أحد مراكز الإصلاح (وزارة الداخلية المصرية)
أم مصرية تحتضن نجلها عقب الإفراج عنه من أحد مراكز الإصلاح (وزارة الداخلية المصرية)
TT

«الداخلية المصرية» تتّهم «الإخوان» بنشر «شائعات» لإثارة الرأي العام

أم مصرية تحتضن نجلها عقب الإفراج عنه من أحد مراكز الإصلاح (وزارة الداخلية المصرية)
أم مصرية تحتضن نجلها عقب الإفراج عنه من أحد مراكز الإصلاح (وزارة الداخلية المصرية)

اتهمت وزارة الداخلية المصرية، جماعة «الإخوان المسلمين»، المحظورة رسمياً، بنشر شائعات لإثارة الرأي العام المصري، على خلفية بثّ قنوات ومواقع إلكترونية أنباءً وصفَتها الداخلية بـ«الكاذبة»، حول أوضاع السجون، وعن «تجارة أعضاء بشرية».

وبينما نفت فيه الداخلية المصرية صحة ما تروّجه تلك المنصات، قال خبراء لـ«الشرق الأوسط»، إن «التنظيم بات يعتمد على وسائل التواصل الاجتماعي، بعد إغلاق المنافذ الإعلامية عليه في الداخل والخارج، على أمل تأليب الرأي العام ضد السلطات».

وتحظر السلطات المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، ويخضع قادة وأنصار الجماعة حالياً، على رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن المشدّد والمؤبّد.

وقالت «الداخلية المصرية»، في إفادة لها، الثلاثاء، تعليقاً على اتهامات بسوء أوضاع السجون، إن «مراكز الإصلاح والتأهيل يتوفر بها الإمكانات المعيشية والصحية كافةً للنزلاء، بما يضمن تأهيلهم، وفقاً لأعلى المعايير الدولية لحقوق الإنسان»، وأضافت: «تلك المزاعم تؤكد على حالة اليأس التي تشهدها الجماعة الإرهابية، التي دأبت على نشر الشائعات واختلاق الأكاذيب، بعد أن فقدت مصداقيتها بأوساط الرأي العام».

وأقامت الداخلية المصرية، منذ فترة، مراكز إصلاح وتأهيل في مختلف المحافظات، بديلة للسجون.

وفي سبتمبر (أيلول) الماضي قالت الداخلية إن «قادة جماعة الإخوان، المحبوسين داخل السجون، يتلقون معاملة طبية متكاملة».

في سياق آخر، كذّبت «الداخلية المصرية» ما تداولته مواقع موالية للتنظيم، بشأن مقطع فيديو تضمّن شهادة إحدى المواطنات بالعثور على (3 جثث لأطفال)، في إحدى أحياء محافظة الجيزة، داخل أكياس بلاستيكية، والزعم بكون الحادث «تجارة أعضاء بشرية»، وقالت الداخلية إن «الواقعة قديمة بتاريخ يوليو (تموز) 2018، وأنه حادث جنائي ليس له علاقة بتجارة الأعضاء، وسبق كشف أبعاده في حينه».

وعدّت الداخلية ذلك في إطار «ما دأبت عليه القنوات التابعة لجماعة الإخوان الإرهابية، من إعادة نشر مقاطع الفيديو القديمة، والزعم بكونها حديثة؛ لتزييف الحقائق، ومحاولة إثارة الرأي العام»، مؤكدة أن «الجماعة تمر بحالة إفلاس».

ومنذ الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي عام 2013، «تسعى جماعة الإخوان لنشر شائعات وأخبار مغلوطة، بهدف توشيه صورة النظام»، وفق مساعد وزير الداخلية المصري الأسبق، اللواء محمد نجم، الذي يرى أن «الجماعة تعمل على تغيير الحقائق أو اختلاق شائعات، أملاً في تجاوُب الرأي العام معهم».

ويلفت الخبير الأمني في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى «المتابعة الدقيقة من جانب السلطات الأمنية المصرية للصفحات الإلكترونية التابعة للتنظيم، والتحرك السريع للرد على تلك الشائعات، والقبض على من يثبت تورّطه في نشر معلومات خاطئة».

وحسب الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الإرهابية، ماهر فرغلي، فإن «جماعة الإخوان تعتمد حالياً على لجان إلكترونية تعمل من الخارج، تستخدم وسائل ومنصات مختلفة، لتثوير الرأي العام».

وأضاف فرغلي لـ«الشرق الأوسط»: «المناخ الحالي في مصر لن يسمح بعودة الجماعة»، مطالباً بضرورة «مواجهة مماثلة على المنصات الإلكترونية لما يصدر عن التنظيم، بموادّ إعلامية توضح الحقائق، وتكشف مخططات وأهداف الإخوان».


مقالات ذات صلة

رحيل التهامي... مدير المخابرات المصرية الأسبق و«خصيم الإخوان»

شمال افريقيا الرئيس السيسي خلال تكريم محمد فريد التهامي (الرئاسة المصرية)

رحيل التهامي... مدير المخابرات المصرية الأسبق و«خصيم الإخوان»

توفي اللواء محمد فريد التهامي، مدير المخابرات العامة المصرية الأسبق، والذي عُرف بـ«خصومته» مع تنظيم «الإخوان المسلمين».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الخليج محكمة أبوظبي الاتحادية الاستئنافية (وام)

أحكام بالسجن وغرامات مالية في قضية «تنظيم العدالة والكرامة» الإرهابي

قضت محكمة أبوظبي الاتحادية الاستئنافية بإدانة 53 متهماً من قيادات وأعضاء «تنظيم الإخوان المسلمين» الإرهابي و6 شركات في قضية «تنظيم العدالة والكرامة».

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
المشرق العربي مئات الآلاف من المصريين قرب القصر الرئاسي (شرق القاهرة) في يونيو 2013 للتظاهر ضد حكم الرئيس الراحل محمد مرسي (أرشيفية - أ.ف.ب)

ذكرى «30 يونيو» في مصر... «تغييرات محدودة» بالسلطة التنفيذية ترسّخ «الاستقرار»

على مدى 11 عاماً، منذ انتفاضة «30 يونيو» 2013، التي أطاحت بالرئيس الراحل محمد مرسي، شهدت مصر «تغييرات محدودة» في السلطة التنفيذية، وفق «الاستحقاقات الدستورية».

أحمد إمبابي (القاهرة)
المشرق العربي مئات الآلاف من المصريين قرب القصر الرئاسي شرق القاهرة في يونيو 2013 للتظاهر ضد حكم الرئيس الراحل محمد مرسي (أرشيفية - أ.ف.ب)

ذكرى «30 يونيو» بمصر... «الإخوان» في «تيه» بعد سقوط تاريخي

بعد عام 11 عاماً من «سقوطها التاريخي»، خلال انتفاضة 30 يونيو (حزيران) 2013، تعيش جماعة «الإخوان المسلمين» المصرية حالة من «التشرذم والتيه».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مروحية للجيش المصري تحلّق فوق مظاهرة تأييد للسيسي في ميدان التحرير بالقاهرة عام 2014 (إ.ب.أ)

ذكرى «30 يونيو» في مصر... علاقات خارجية متوازنة تتوّج بمصالحة مع تركيا

عقبات كثيرة واجهت السياسة الخارجية المصرية على مدار 11 عاماً منذ انتفاضة «30 يونيو» 2013، بين تجميد عضويتها في الاتحاد الأفريقي، ووقف مساعدات وانتقادات إقليمية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

في الاغتيال السياسيّ والعسكريّ


متظاهرون يرفعون صور إسماعيل هنية خلال مظاهرة في الرباط للتنديد باغتياله (أ.ف.ب)
متظاهرون يرفعون صور إسماعيل هنية خلال مظاهرة في الرباط للتنديد باغتياله (أ.ف.ب)
TT

في الاغتيال السياسيّ والعسكريّ


متظاهرون يرفعون صور إسماعيل هنية خلال مظاهرة في الرباط للتنديد باغتياله (أ.ف.ب)
متظاهرون يرفعون صور إسماعيل هنية خلال مظاهرة في الرباط للتنديد باغتياله (أ.ف.ب)

إذا كانت الحرب هي السياسة، لكن بوسائل أخرى، كما قال المفكّر البروسيّ كارل فون كلوزفيتز. فإن الاغتيال السياسيّ، كما العسكري، هو لخدمة الأهداف السياسيّة.

اغتيل الفرعون أخناتون من قبل الكهنة فقط لأنه أراد تغيير الآلهة التي كانت سائدة آنذاك، وهو أمر يضرب سلطتهم.

اغتيل الإمبراطور يوليوس قيصر عام 44 ق.م بمؤامرة من قبل مجلس الشيوخ، وللهرب من تسلّطه.

يكتب المفكّر اللبناني الشهير نسيم طالب في كتابه «Antifragile»، الذي يتناول كيفيّة العمل لرفع مستوى المناعة لدى الإنسان والمجتمعات في كلّ الأبعاد، وكيف يمكن التعامل مع المجهول واللامتوقّع: «كانت جوليا أغريبينا تعرف ابنها الإمبراطور جيداً. وكانت تعرف أنه سيُسمّم لها في يوم من الأيام. لذلك بدأت بتناول جرعات صغيرة من السم على دفعات، والهدف هو اكتساب المناعة. ولسخرية القدر، قُتلت أغريبينا بالسيف. ولمن لم يمت بالسُمّ مات بالسيف. والدرس من هذه الحادثة أنه لا يمكن للإنسان أن يكّون مناعة ضد كل شيء وفي كل الأوقات.

اغتالت الولايات المتحدة الأميركيّة المارشال الياباني ياماموتو إيزوروكو عام 1943 عبر إسقاط طائرته فوق المحيط الهادي. فهو المُتهم بالتخطيط للهجوم على بيرل هاربور. وهو المفكر العسكري البحريّ، الذي أبدع في استعمال حاملات الطائرات لمهمّات بعيدة جغرافيّاً، حيث لا تتوفّر قواعد جويّة. فهل انتهت الحرب بعد الاغتيال؟ كلا بالطبع، لم تستسلم اليابان إلا بعد استعمال السلاح النووي على مدنها.

تهدف الاغتيالات إلى الإطاحة بنظام قائم. والهدف هو خلق الفوضى بهدف إحلال نظام آخر. وقد يكون سبب الاغتيال لشخصيّة معيّنة هو في الأدوار التي تلعبها هذه الشخصيّة. أو الأدوار التي من الممكن أن تلعبها في المستقبل، والتي من الممكن أن تؤثّر على استراتيجيّة المُستهدِف. يؤثّر اغتيال هذه الشخصيات أكثر ما يُؤثّر في الدول، حيث عبادة الشخص مُهيمنة. فبمُجرّد إزاحته، تدبّ الفوضى ليتمّ التغيير. في المقابل، اغتيل جون كيندي في أميركا، لكن أميركا انتخبت رئيساً بديلاً له، واستكملت الحرب الباردة ضد الاتحاد السوفياتيّ لتنتصر في عام 1991.

اغتيل رئيس الوزراء اللبناني الشهيد رفيق الحريري بسبب أدوار كان من الممكن أن يلعبها في المستقبل. والتي كان من الممكن أن تؤثّر سلباً على ديناميكيّة بعض الأطراف من ضمن ديناميكيّة الصراع الجيوسياسيّ الإقليميّ.

الاغتيالات اليوم

في الصراع الدائر اليوم بين إسرائيل من جهّة، وما يُسمّى وحدة الساحات من جهّة أخرى، لا يمكن الفصل بين الاغتيال السياسيّ والاغتيال العسكريّ، فالبُعدان متماهيان مع بعضهما البعض، خصوصاً في ظلّ هيمنة اللاعب من خارج إطار الدولة على بعض الدول. تستهدف إسرائيل قيادات «حزب الله» العسكريّة، كما قيادات «حماس»، والهدف دائماً هو ضرب مراكز ثقل المنظومة العسكريّة إن كانت العملانيّة أو التكتيكيّة وحتى الاستراتيجية. والهدف دائماً هو محاولة إفشال المنظومة العسكريّة ومنعها من العمل كما خُطّط لها، من قيادة وسيطرة، إلى الاستعلام، إلى اللوجستيّة، إلى الإنتاج العسكريّ وغيرها من الأمور. يُطلق على هذه الاستراتيجيّة اسم «Systemic Operational Design». بكلام آخر، تقارب إسرائيل المنظومة العدوّة على أنها نظام مؤلّف من عدة مستويات، مُعدّة لتعمل مع بعضها البعض بشكل متناسق. تهاجم إسرائيل هذا النظام من عدةّ أبعاد، وفي الوقت نفسه وبكافة الوسائل المتوفّرة لديها، تركّز إسرائيل على مراكز ثقل هذا النظام، لجعله غير قادر على القتال كنظام معيّن. من هنا استهداف قيادات «حزب الله» و«حماس» العسكريّة، حتى الوصول إلى اغتيال قمّة الهرم لدى «حماس».

نظريات اغتيال إسماعيل هنّية

عقب اغتيال هنية مباشرةً أُذيع في طهران أن الاستهداف كان بواسطة صاروخ من خارج إيران. وهو السيناريو الأقلّ إحراجاً للمسؤولين الأمنيّين، لكنه الأكثر تعقيداً.

بعد يوم على حادثة الاغتيال، نشرت صحيفة «النيويورك تايمز» مقالاً تشرح فيه عملية الاغتيال، على أنها حصلت بعد تهريب عبوة قبل شهرين من الحادثة لتُزرع في غرفة هنيّة الموجودة ضمن مُجمّع تحت سيطرة وإدارة الحرس الثوريّ، ولتُفجّر بعدها عن بُعد. استكملت صحيفة «التلغراف» البريطانية سيناريو «التايمز» لتقول إن هناك عملاء جّندوا للعمليّة. يُعدُّ هذا السيناريو الأكثر إحراجاً للأمن القوميّ الإيرانيّ.

أما السيناريو الثالث، فهو السيناريو الرسميّ للحرس الثوري، الذي يقول: أتى الاستهداف بواسطة صاروخ ذكيّ موجّه من الداخل الإيراني. زنة الرأس الحربي 7.5 كلم من المتفجّرات. والمسؤول عن الحادثة هي إسرائيل، وسوف يتم الردّ عليها. يُعدُّ هذا السيناريو الأقلّ ضرراً وإحراجاً للأمن الإيراني، وهو الأكثر قبولاً فيما خصّ منطق التنفيذ.

بعض التوضيحات والملحوظات:

  • بغياب التحقيق الجنائي الميداني والمباشر، لا يمكن معرفة ما إذا كان الانفجار كان قد حصل من داخل الغرفة أو عبر صاروخ من الخارج.
  • مع التحقيق الجنائي الميدانيّ يمكن معرفة مكان الانفجار، نوع الشظايا، كما يمكن تحليل غبار المتفجّرات المتبقّية لمعرفة نوعها وحتى مصدرها.
  • لا تُظهر الصورة الجويّة التي نُشرت عن المبنى الذي حصل فيه الانفجار أيّ معلومة جنائيّة مهمّة. كما لا يمكن رصد ورؤية مكان وزاوية اصطدام الصاروخ بجدار الغرفة، هذا إذا كان التفجير قد حصل من الخارج. والعكس قد يعني أن الانفجار قد حصل من الداخل، لتختلف صورة جدران الغرفة التي وقع فيها الاغتيال.
  • عادة في الاغتيالات المهمّة، يُعتمد مبدأ الغموض. ولتأمين الغموض، يعمد الفاعل إلى عدم ترك أيّ أثر جنائيّ يدل على الجهّة الفاعلة. كذلك الأمر، في هكذا عمليات معقّدة وخطيرة، يعمد المُخطّط إلى ابتكار وسيلة وطريقة التنفيذ. فعلى سبيل المثال وعند اغتيال أب المشروع النووي الإيرانيّ محسن فخري زاده، ابتكرت إسرائيل آلية دون سائق، مُركّب عليها رشاش «ماغ» البلجيكي من عيار 7.62 ملم. استعمل الذكاء الاصطناعي في عملية الاغتيال عن بُعد. وبعد التنفيذ، فُجرّت الآلية ككلّ.