أعراس جماعية لانقلابيي اليمن يموِّلها التجار بالإكراه

أموال الزكاة مخصصة لاستقطاب المقاتلين

عُرس جماعي حوثي في العاصمة المختطفة صنعاء (إعلام حوثي)
عُرس جماعي حوثي في العاصمة المختطفة صنعاء (إعلام حوثي)
TT

أعراس جماعية لانقلابيي اليمن يموِّلها التجار بالإكراه

عُرس جماعي حوثي في العاصمة المختطفة صنعاء (إعلام حوثي)
عُرس جماعي حوثي في العاصمة المختطفة صنعاء (إعلام حوثي)

ترغم الجماعة الحوثية رجال أعمال ومُلاك متاجر متوسطة وصغيرة، في العاصمة المختطفة صنعاء، على دفع مبالغ مالية لدعم إقامة أعراس جماعية لأتباعها والمستقطَبين الجدد إلى صفوفها، وسط أوضاع معيشية بائسة لا يزال يكابدها ملايين اليمنيين في عموم المناطق تحت سيطرة الجماعة.

وتحدثت مصادر مطَّلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن قيام الجماعة الحوثية عبر ما تسمَّى «هيئة الزكاة» التابعة لها، بتنفيذ حملات استهداف ضد مئات من مُلاك المتاجر وأصحاب المشروعات التجارية الصغيرة، لإرغامهم على دفع إتاوات.

جانب من عُرس جماعي أقامه الحوثيون لأتباعهم قبل شهر في إب (إعلام حوثي)

ووفقاً للمصادر، فإن لجاناً ميدانية مدعومة بعربات ومسلحين ضغطت على مُلاك المتاجر، لدفع جبايات مالية تتراوح بين 40 ألف و100 ألف ريال يمني (الدولار نحو 530 ريالاً في مناطق سيطرة الجماعة) دعماً للأعراس الجماعية.

واشتكى مُلاك متاجر لـ«الشرق الأوسط»، من حملات ابتزاز استهدفتهم، لتقديم الدعم المادي لإقامة الأعراس التي هدفت الجماعة من ورائها إلى استقطاب مزيد من المقاتلين الجدد إلى صفوفها.

وأكد بعض التجار أن مسلحي الجماعة الحوثية اقتادوا عشرات من مُلاك المحال التجارية إلى مكاتب ما تسمى «هيئة الزكاة» في عدة مديريات بصنعاء، وأجبروهم على دفع الجبايات.

وكانت الجماعة قد أنفقت خلال يوليو (تموز) الماضي، ما يعادل نحو 8 ملايين و300 ألف دولار، لإقامة أعراس جماعية لأكثر من 11 ألف عريس وعروس من أتباعها، في صنعاء وبقية المدن تحت سيطرتها.

وأثار ذلك السلوك الحوثي موجة غضب واستنكار في أوساط السكان والناشطين في صنعاء؛ حيث تحدث بعضهم لـ«الشرق الأوسط»، عن انتهاج الجماعة سياسة الإفقار والتجويع ونهب ما تبقى من أموال وممتلكات اليمنيين، عبر حملات التعسف وفرض الإتاوات غير القانونية، وتسخيرها لمصلحة الأتباع، على شكل مساعدات نقدية وغذائية وطبية.

تبرع قسري

وكشف ناشط وإعلامي يمني في صنعاء عن فرض ما تسمى «هيئة الزكاة» الحوثية مبلغ 40 ألف ريال يمني (الدولار 530 ريالاً) على أصحاب المتاجر الصغيرة في صنعاء وضواحيها، بحجة دعم عملية التحضير لإقامة أعراس جماعية.

وأوضح الإعلامي عبد الرحمن مطهر -بمنشور على «فيسبوك»- أن الهيئة الحوثية طلبت من جاره -وهو صاحب متجر صغير- مبلغ 40 ألف ريال يمني، دون مراعاة أنه يعول أسرتين، واحدة في صنعاء والأخرى في إب؛ متهماً الجماعة بأنها «تنتهج سياسة الإفقار ضد اليمنيين، بغية تحويل من تبقى منهم إلى متسولين».

بائع متجول في شارع رئيسي بإحدى المحافظات اليمنية تحت سيطرة جماعة الحوثي (فيسبوك)

وفي حين أكد تقرير أممي حديث أن انعدام الأمن الغذائي الحاد شهد تدهوراً إضافياً في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، خلال يونيو (حزيران) الماضي، أوضح أن تفاقم انعدام الأمن الغذائي ارتفع في تلك المناطق في الشهر ذاته إلى 44 في المائة، مقارنة بنسبة 41 في المائة سُجِّلت في مايو (أيار) الماضي.

ويرى السكان في صنعاء أن الانقلابيين يواصلون تكريس نهجهم السنوي في تبديد الأموال المنهوبة من جيوب اليمنيين لمصلحة الأتباع، عبر تنفيذ مشروعات فئوية، وإحياء مناسبات تروج لأفكارهم ذات الصبغة الطائفية، على حساب الملايين الذين تقول الأمم المتحدة إنهم باتوا على حافة المجاعة.

ويعبِّر «خالد. ع» -وهو معلم في صنعاء- عن استيائه الشديد من اهتمام الجماعة الحوثية بإقامة الأعراس الجماعية لأتباعها، وإهدار مليارات الريالات المنهوبة لتأمين احتياجاتهم الغذائية والطبية، وعدم الالتفات إلى أوجاع ومعاناة السواد الأعظم من اليمنيين، ومنهم الموظفون العموميون المطالِبون بصرف رواتبهم المنقطعة منذ عدة سنوات.


مقالات ذات صلة

ملك الأردن يحذّر من «خطورة توسع الصراع» في اتصالات بماكرون وميلوني وترودو والسيسي

المشرق العربي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وعقيلته في استقبال العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني وعقيلته على مدخل قصر الإليزيه (أرشيفية - د.ب.أ)

ملك الأردن يحذّر من «خطورة توسع الصراع» في اتصالات بماكرون وميلوني وترودو والسيسي

حذر عاهل الأردن الملك عبد الله الثاني خلال اتصالات هاتفية برئيس فرنسا، ورئيسة وزراء إيطاليا، ورئيس وزراء كندا من «خطورة توسع دائرة الصراع في الإقليم».

«الشرق الأوسط» (عمان)
العالم العربي مسيّرة حوثية زعمت الجماعة أنها استهدفت بها تل أبيب (أ.ف.ب)

أميركا تدمر منظومات حوثية في البحر الأحمر وخليج عدن

أعلن الجيش الأميركي تدمير منظومات حوثية هجومية في البحر الأحمر وخليج عدن، استمراراً لعمليات الدفاع الاستباقية التي تقودها واشنطن لحماية السفن من الهجمات.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الاعتقالات الأخيرة أدت إلى تعقيد العمليات الإنسانية في مناطق سيطرة الحوثيين (الأمم المتحدة)

​تعاظم المخاطر على موظفي الإغاثة في مناطق سيطرة الحوثيين

أكد تحليل نفذ لصالح منظمات أممية عاملة باليمن تعاظم المخاطر على الموظفين بمناطق سيطرة الحوثيين بما في ذلك خطر الاحتجاز وتقييد الحركة.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي آلاف الأطفال في اليمن يتسربون من التعليم لمساعدة عائلاتهم من خلال الأعمال الشاقة (رويترز)

عمالة الأطفال في صنعاء تتفاقم... والعون القانوني والاجتماعي مفقود

يصنف اليمن في المرتبة الأولى عربياً في عمالة الأطفال، والتي تتركز في البيع المتجول وغسيل السيارات وأعمال البناء والميكانيكا والنظافة والزراعة

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي زاوية صوفية في زبيد من القرن السابع الهجري (إعلام محلي)

اليمن: مدينة زبيد التاريخية أحدث «ضحايا» الانقلابيين

على الرغم من مرور 24 عاماً على وضع مدينة زبيد اليمنية على قائمة التراث العالمي المُعرّض للخطر، فإن إهمال الانقلابيين الحوثيين فاقم من هذا الخطر.

محمد ناصر (تعز)

مصر: إعلان نتائج «الثانوية العامة» بنسبة نجاح 81 %

الوزير محمد عبد اللطيف يكرّم أحد أوائل الثانوية العامة (وزارة التربية والتعليم المصرية)
الوزير محمد عبد اللطيف يكرّم أحد أوائل الثانوية العامة (وزارة التربية والتعليم المصرية)
TT

مصر: إعلان نتائج «الثانوية العامة» بنسبة نجاح 81 %

الوزير محمد عبد اللطيف يكرّم أحد أوائل الثانوية العامة (وزارة التربية والتعليم المصرية)
الوزير محمد عبد اللطيف يكرّم أحد أوائل الثانوية العامة (وزارة التربية والتعليم المصرية)

رغم الدعوات المتكرّرة لتقليل حالة القلق والارتباك التي تصاحب امتحانات «الثانوية العامة» في مصر، ونتيجتها التي أُعلنت، الثلاثاء، بنسبة نجاح تجاوزت 81 في المائة، ما تزال شهادة إتمام مرحلة التعليم قبل الجامعي شبحاً يثير مخاوف الأسَر المصرية، وحدثاً سنوياً يحظى بزخم اجتماعي وإعلامي.

واعتمد وزير التربية والتعليم المصري محمد عبد اللطيف، نتيجة امتحانات شهادة الثانوية العامة للعام الدراسي 2023 - 2024، بنسبة نجاح بلغت 81.3 في المائة. وقال في مؤتمر صحافي، الثلاثاء، للإعلان عن النتيجة، إن «العمل المشترك مع مثلّث العملية التعليمية (المعلم، والطالب، وولي الأمر)، هو السبيل الأمثل لتحقيق الارتقاء المنشود لملف التعليم في مصر»، متعهداً «العمل على تحقيق ذلك خلال الفترة المقبلة».

وأضاف الوزير، في المؤتمر الذي شهد تكريماً لأوائل الثانوية العامة، أن إعلان النتيجة «هو نتاج عمل مشترك بين وزارة التربية والتعليم والجهات المعنية بالدولة، بعد الانتهاء من عمليات التصحيح ورصد الدرجات، والمراجعة الدقيقة لكل أوراق الإجابات بنزاهة وشفافية، بما يضمن حصول كل طالب على ما يستحق، تحقيقًا لمبدأ تكافؤ الفرص بين جميع الطلاب».

وبلغ عدد المتقدّمين لامتحانات الثانوية العامة هذا العام 729835، وعدد الحاضرين 726648، وعدد الناجحين 590992، بينما عدد الطلاب الباقين للدور الثاني 96984، حسب نائب وزير التربية والتعليم الدكتور أحمد ضاهر.

وقارن نائب وزير التعليم، في المؤتمر الصحافي، بين نسب النجاح هذا العام والأعوام السابقة، حيث كانت نسبة النجاح 78.8 في المائة عام 2022 - 2023، و74.5 في المائة عام 2021 – 2022، و73.6 في المائة عام 2020 – 2021.

ولم تستطع الطالبة فرح محمود انتظار الإعلان الرسمي للنتيجة، وكانت كغيرها من الطلبة تبحث عن وسيلة لمعرفة «مجموعها في الثانوية العامة الذي سيحدّد مستقبلها»، على حد قولها لـ«الشرق الأوسط».

هذا السعي من جانب فرح، وأكثر من 700 ألف طالب وطالبة أدوا امتحانات «الثانوية العامة» في مصر هذا العام، ربما كان سبباً وراء تسريب النتيجة، مساء الاثنين، قبل الإعلان الرسمي عنها الثلاثاء، حيث تم تداول ملف يضم أسماء الطلبة والدرجات التي حازوها في الامتحان، عبر «غروبات الواتس آب»، ومواقع التواصل الاجتماعي، وهو التسريب الذي نفَته وزارة التربية والتعليم، حسب وسائل إعلام محلية، وإن أكّده أُسَر وطلاب تطابقت درجاتهم في الملف المسرّب مع النتيجة الرسمية.

الوزير محمد عبد اللطيف يعتمد نتيجة الثانوية العامة (وزارة التربية والتعليم المصرية)

وعلى مدار الأيام الماضية شغل السؤال عن موعد إعلان النتيجة المصريين، لتتصدر «الثانوية العامة» الترند مع تسريب النتيجة، ليس فقط بين الطلبة الذين يحتفلون بنجاحهم، بل أيضاً بين مصريين استرجعوا ذكرياتهم مع شهادة الثانوية العامة.

لم تحصل «فرح» على المجموع الذي كانت تتمنّاه، ليخيّم الحزن على بيتها وأسرتها، التي بدأت تفكر في «التظلم من النتيجة، أو حتى إعادة الامتحان العام المقبل»، رغم ما «يشكّله ذلك من ضغط اقتصادي واجتماعي على الأسرة».

وحسب والدها الموظف الحكومي الذي قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «كل ما أنفقته من ميزانية على الدروس الخصوصية طوال العام الماضي ضاع سدى، ولن تستطيع ابنته دخول كلية الطب كما كانت تحلم».

وبالنسبة لكثير من المصريين يُعدّ «مجموع الثانوية العامة» أمراً مصيرياً؛ كونه يتحكم في التحاقهم بالتعليم الجامعي، التي اعتاد المصريون تقسيمه إلى كليات «قمة وقاع» نسبةً إلى المجموع الذي يحصلون عليه في الثانوية العامة.

وتسبّب ضغط النتيجة هذا العام في محاولات انتحار، حيث رصدت وسائل إعلام محلية محاولة انتحار فتاة بالقفز من شرفة منزلها بمنطقة الطالبية في الجيزة، نُقلت على أثرها للمستشفى، كما توفي طالب آخر قفز من منزله بالطابق السادس بمحافظة القليوبية، بعد شجار مع والده بسبب الثانوية العامة، وحاولت طالبة من محافظة الغربية إشعال النار في نفسها قُبيل إعلان النتيجة.

ويرى الخبير التربوي، والعميد الأسبق لكليتَي التربية ورياض الأطفال بجامعة القاهرة، الدكتور مصطفى النشار، أنه «لا سبيل لتقليل حالة التوتر المصاحبة لامتحانات ونتيجة الثانوية العامة سوى بتغيير النظام التعليمي».

وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «اعتماد قوالب تعليمية ثابتة من شأنه أن يُبقي على الثانوية العامة شبحاً يهدّد الأسر المصرية»، مطالباً بـ«تخفيف الزخم الإعلامي المصاحِب لها، والعمل على محاولة تغيير الثقافة المجتمعية، لا سيما أنه مع زيادة عدد الجامعات الخاصة لم تَعُد النتيجة أو المجموع حائلاً دون إتمام التعليم الجامعي».

أحد أوائل الثانوية العامة خلال تكريمه (وزارة التربية والتعليم المصرية)

وعَدّ النشار تسريب النتيجة «أزمة فاقمت أزمات وزير التربية والتعليم الجديد»، مشيراً إلى أن «تعيينه أحدث ضجة، بسبب الجدل بشأن شهاداته العليا، وتسريب النتيجة ليس سوى أزمة جديدة في سلسلة حلقات التعليم المصري».

كان تعيين عبد اللطيف وزيراً للتعليم في الحكومة المصرية الجديدة يوليو (تموز) الماضي، أحدث جدلاً عقب «التشكيك في صحة شهادتَي الماجستير والدكتوراه التي حصل عليهما الوزير الجديد»، وصلت إلى قبة البرلمان عبر طلبات إحاطة طالبت رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي بالرد على ما أثير «بشأن المؤهلات العلمية للوزير».

لكن مؤسسة الرئاسة المصرية حسمت الجدل أخيراً بنشرها بياناً صحافياً عن لقاء جمع الرئيس عبد الفتاح السيسي ووزير التعليم الجديد، قبل نحو أسبوع، لم يقرن اسم الوزير بلقب دكتور، لتحذو وزارة التربية والتعليم حذوها في البيانات الرسمية، وتستخدم لقب «السيد» بدلاً من الدكتور قبل اسم الوزير.