العراق: مخاوف من شمول مدانين بالإرهاب في قانون العفو العام

البرلمان أنهى قراءته الأولى

قادة الكتل السياسية خلال أحد اجتماعات البرلمان العراقي (إعلام المجلس)
قادة الكتل السياسية خلال أحد اجتماعات البرلمان العراقي (إعلام المجلس)
TT

العراق: مخاوف من شمول مدانين بالإرهاب في قانون العفو العام

قادة الكتل السياسية خلال أحد اجتماعات البرلمان العراقي (إعلام المجلس)
قادة الكتل السياسية خلال أحد اجتماعات البرلمان العراقي (إعلام المجلس)

انتهى البرلمان العراقي، الأحد، من القراءة الأولى لتعديل قانون العفو العام، وسط مخاوف من شموله المدانين بتهم الإرهاب والانتماء إلى تنظيم «داعش».

ويعد التعديل المقترح من المطالب الرئيسية لمعظم القوى السياسية السنيّة، وكان من بين أبرز الشروط التي وضعتها في مفاوضات تشكيل حكومة رئيس الوزراء محمد السوداني قبل التصويت عليها داخل البرلمان في أكتوبر (تشرين الأول) 2022.

وأدرجت كابينة السوداني الوزارية قانون العفو ضمن برنامجها الحكومي، وقامت منذ نحو عام بإرساله إلى البرلمان لمناقشته والتصويت عليه، قبل أن يواجَه بمعارضة شديدة من بعض أطراف قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية.

وأبلغت مصادر برلمانية «الشرق الأوسط» أن «القوى الشيعية اشترطت مناقشة تعديل قانون الأحوال الشخصية المثير للجدل، مقابل مناقشة تعديل العفو العام».

وأضافت أن «القوى السياسية في البرلمان غالباً ما تقوم بمساومة بعضها لتمرير القوانين الخلافية في سلة واحدة، وهذا ما حدث اليوم بالنسبة لقراءة قانوني العفو العام والأحوال الشخصية».

وأشارت المصادر إلى أن «الخلافات السياسية حول تعديل قانون العفو العام تتعلق بتخوف نيابي وشعبي من شمول الإرهابيين بالعفو».

وكشفت مصادر صحافية وبرلمانية متطابقة عن حدوث مشادة كلامية بين القيادي في تحالف «العزم»، رعد الدهلكي، ورئيس مجلس النواب بالإنابة محسن المندلاوي، أدت إلى تعليق أعمال الجلسة مؤقتاً.

وقالت المصادر، إن «الدهلكي دخل في مشادة كلامية مع المندلاوي بعد مطالبات من بعض النواب برفع قانون العفو من جدول الأعمال، أو عرضه للقراءة مقابل إدراج تعديل قانون الأحوال الشخصية في جلسة واحدة».

ويتضمن التعديل المقترح لقانون العفو، فقرة واحدة فقط، يقول المطالبون بها إن «هدفها تحديد المقصود بجريمة الانتماء للتنظيمات الإرهابية بناءً على ما جاء في المنهاج الوزاري الذي أقره البرلمان»، ويسعون إلى تلافي عدم الدقة في صياغة أصل القانون الصادر عام 2016.

وتشترط الفقرة التي يراد تعديلها عبارة «يقصد بجريمة الانتماء للتنظيمات الإرهابية كل من عمل في التنظيمات الإرهابية، أو قام بتجنيد العناصر لها، أو قام بأعمال إجرامية، أو ساعد بأي شكل من الأشكال على تنفيذ عمل إرهابي، أو وجد في سجلات التنظيمات الإرهابية».

وتشير بعض المصادر إلى أن القوى الشيعية تريد الاستفادة من التعديل لشمول جمهورها الشيعي ببعض التهم البسيطة التي لا ترقى إلى جرائم القتل أو الاتجار بالمخدرات أو سرقة المال العام، باعتبار أن المتهمين بقضايا إرهابية ينتمون في الغالب إلى الاتجاهات السنية (وفق قولهم).

بدوره، كشف القيادي في تحالف «العزم» حيدر الملا، الأحد، عن إجمالي عدد المحكومين في السجون العراقية، وفق ما ذكر أنه إحصاءات صادرة عن وزارة العدل.

وقال الملا في تغريدة عبر منصة «إكس» إن «هناك 67 ألف سجين في جميع سجون العراق، مقسمين إلى فئتين رئيسيتين: 20 ألف سجين محكومين بتهم إرهابية، و47 ألف سجين محكومين بجريمة جنائية، تشمل القتل والسرقة والتزوير وتجارة المخدرات وغيرها».

وذكر أن «ليس جميع المحكومين بتهم الإرهاب هم مجرمون؛ إذ يوجد بين هؤلاء بعض المشكوك في براءتهم».

وأشار الملا إلى أن «الإحصائيات المقدمة تعكس حجم المشكلة بشكل دقيق، وندعو إلى معالجة القضية بموضوعية بعيدًا عن المزايدات السياسية».

وفي الشهر الماضي، عبّر المفوض السامي لمكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة عن قلقه الشديد من أن «عمليات الإعدام المنهجية التي تنفذها الحكومة العراقية ضد السجناء المحكوم عليهم بالإعدام بناءً على اعترافات مشوبة بالتعذيب، وبموجب قانون غامض لمكافحة الإرهاب، ترقى إلى مستوى الحرمان التعسفي من الحياة بموجب القانون الدولي، وقد ترقى إلى مستوى جريمة ضد الإنسانية».

وعدّ المفوض السامي عقوبة الإعدام التي تنفذها السلطات بمثابة «استخدام سياسي لملف الإعدام، وضد مكون معين، وهم السنة». من هنا، فإن إمكانية إقرار التعديل لقانون العفو العام ربما يُمثل استجابة عراقية لاتهامات المنظمة الأممية وللشكاوى المتزايدة للشركاء من القوى السياسية السنية.



مصر وتركيا لتعميق المصالحة والتمهيد لقمة «السيسي - إردوغان»

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان يزور معبر رفح الحدودي بين مصر وغزة (رويترز)
وزير الخارجية التركي هاكان فيدان يزور معبر رفح الحدودي بين مصر وغزة (رويترز)
TT

مصر وتركيا لتعميق المصالحة والتمهيد لقمة «السيسي - إردوغان»

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان يزور معبر رفح الحدودي بين مصر وغزة (رويترز)
وزير الخارجية التركي هاكان فيدان يزور معبر رفح الحدودي بين مصر وغزة (رويترز)

تخطو العلاقات المصرية التركية بثبات نحو «حقبة جديدة» من التعاون والشراكة كللتها الزيارات الرفيعة المتبادلة بين مسؤولي البلدين عقب قطيعة دامت عقداً من الزمن.

ووصل وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، الأحد، إلى القاهرة قادماً من أديس أبابا في زيارة تستمر ليومين، شهدت في اليوم الأول جولة بمدينة العريش (شمال شرقي القاهرة) تفقد خلالها المخازن اللوجيستية الخاصة بالهلال الأحمر المصري، قبل أن يتوجه إلى معبر رفح، فيما يرتقب، الاثنين، مباحثات مع نظيره المصري بدر عبد العاطي.

ووفق بيان للخارجية المصرية، تتناول المباحثات بين عبد العاطي وفيدان «تطورات الأوضاع الإقليمية»؛ وفي مقدمتها الحرب في غزة، إضافة للعديد من «المسائل الثنائية والإقليمية والدولية» ذات الاهتمام المشترك.

خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط» يرون أن تلك الزيارة «تعزز تعميق المصالحة المصرية التركية»، و«تمهد لقمة في أنقرة بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ونظيره التركي، رجب طيب إردوغان»، وسط تقارب لافت في المواقف بالنسبة للقضية الفلسطينية وأهمية وقف حرب غزة.

وهو ما أكده فيدان خلال زيارته للعريش بأن مواقف مصر وتركيا «متطابقة» في ضرورة إنهاء الحرب على غزة وإقرار السلام بالمنطقة عن طريق حل الدولتين، وفق إعلام محلي مصري.

وزير الخارجية التركي يصافح أعضاء الهلال الأحمر المصري عقب وصوله العريش (رويترز)

وشكلت زيارة الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، إلى القاهرة في الرابع عشر من فبراير (شباط) بعد قطيعة دامت 12 عاماً «محطة مهمة» في العلاقات بين القاهرة وأنقرة، حيث شهدت توقيع بيان مشترك بشأن اجتماع مجلس التعاون الاستراتيجي الرفيع بين البلدين بقيادة رئيسي البلدين.

وترتكز زيارة وزير الخارجية التركي، وفق الخبير في الشؤون التركية، في مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية كرم سعيد، على 4 محاور أساسية أولها الدفع في اتجاه تطور وتعزيز العلاقات الثنائية وتعميق المصالحة ووضع الاتفاقات التي وقعت بين البلدين خلال زيارة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لمصر وتصل لنحو 20 اتفاقية موضع التنفيذ.

ويتمثل المحور الثاني في تعزيز مساحات التفاهم والنقاش ووضع أطر خطط مشتركة فيما يتعلق بإدارة الصراعات بالمنطقة وتحديداً الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة ومناقشة مستقبل المنطقة، وثالثاً بحث إمكانية أن تلعب تركيا دوراً هاماً في مساندة مصر في بعض القضايا، مثل ملف سد النهضة الإثيوبي، الذي يعد محل خلاف بين أديس أبابا والقاهرة، خاصة أن وزير الخارجية التركي كان قبل وصوله في زيارة لإثيوبيا، ويضاف لذلك بحث مزيد من التوافق بين البلدين فيما يخص ليبيا.

كما ستشمل الزيارة، وفق كرم سعيد، وضع اللمسات النهائية لزيارة محتملة للرئيس المصري في شهر أغسطس (آب) الجاري.

وشهدت الاتصالات الدبلوماسية بين القاهرة وأنقرة تنامياً ملحوظاً منذ مارس (آذار) 2021، لبحث عودة العلاقات لطبيعتها إثر تباينات سياسية منذ 2013، قبل أن يتوج مسار المحادثات بتصافح الرئيسين المصري والتركي للمرة الأولى على هامش حضورهما افتتاح كأس العالم لكرة القدم بقطر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، وهي المصافحة التي تبعتها زيارة لوزير الخارجية المصري السابق سامح شكري لأنقرة لتقديم الدعم في أعقاب الزلزال المدمر مطلع العام الماضي.

وقبل نحو عام، وتحديداً في يوليو (تموز) 2023، أعلنت القاهرة وأنقرة عودة سفيري البلدين، وتوجت العلاقات في فبراير الماضي بزيارة إردوغان لمصر، وبعد شهرين من زيارة رئيس الأركان المصري السابق أسامة عسكر لأنقرة، في أول زيارة لمسؤول عسكري رفيع لتركيا منذ 2013.

وباعتقاد المحلل السياسي التركي، طه عودة أوغلو، فإن الزيارة تحمل «أهمية بالغة»، وتضع البلدين أمام مرحلة جديدة من الشراكة، خاصة وهي تأتي في توقيت هام تشهده المنطقة في ظل التصعيد الإسرائيلي الإيراني، بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» إسماعيل هنية، الأربعاء، في طهران، وتطورات غزة ولبنان.

وستشهد الزيارة، وفق توقعات المحلل السياسي التركي، وضع اللمسات الأخيرة لزيارة الرئيس المصري لتركيا التي ستكون قريبة، لافتاً إلى أن مباحثات الوزيرين المصري والتركي ستضع الأطر النهائية لها، لافتاً إلى تقارب كبير بين البلدين منذ المصالحة، وتطابق في الرؤى بشأن عدة قضايا بمنطقة الشرق الأوسط خاصة القضية الفلسطينية وملف حرب غزة، بحسب عودة أوغلو.

وبخلاف القضايا الإقليمية، سيكون الملف الاقتصادي حاضراً بقوة خلال المباحثات، وفق طه عودة أوغلو، الذي يعتقد أن العلاقات الاقتصادية بحاجة إلى دفعة قوية بين أنقرة والقاهرة، وإلى مزيد من التنسيق لتعزيز العلاقات.