لبنان الرسمي يسلّم مصير البلد لـ«حزب الله»

ميقاتي وبري تحولا إلى مجرد وسيطين

الرئيسان نبيه بري ونجيب ميقاتي خلال أحد اجتماعاتهما (الوكالة الوطنية)
الرئيسان نبيه بري ونجيب ميقاتي خلال أحد اجتماعاتهما (الوكالة الوطنية)
TT

لبنان الرسمي يسلّم مصير البلد لـ«حزب الله»

الرئيسان نبيه بري ونجيب ميقاتي خلال أحد اجتماعاتهما (الوكالة الوطنية)
الرئيسان نبيه بري ونجيب ميقاتي خلال أحد اجتماعاتهما (الوكالة الوطنية)

يترقب المسؤولون السياسيون والعسكريون في لبنان، مثلهم مثل بقية اللبنانيين، ما سيكون عليه رد «حزب الله» على استهداف أحد قادته الكبار في الضاحية الجنوبية لبيروت، وما إذا كان قرار الرد، وشكله وتوقيته محصوراً بقيادة الحزب بالتنسيق مع إيران من دون أن يكون للدولة اللبنانية أي رأي أو اطلاع مسبق عليه.

فعلى رغم استنفار رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، للتعامل مع المستجدات، ودعوته قبل أيام مجلس الوزراء للانعقاد لبحث التطورات، واجتماعاته اليومية بمسؤولين أجانب وبسفراء الدول الكبرى، إلا أن أقصى ما نتج عن كل ذلك الدعوة لتطبيق القرار1701، وحثّ المجتمع الدولي للجم الطرف الإسرائيلي ومنعه من التمادي بعملياته والجنوح نحو التصعيد.

وتحول ميقاتي، وكذلك رئيس المجلس النيابي، نبيه بري، منذ فترة، إلى مجرد وسيطين بين «حزب الله» وأطراف دولية، باعتبار أن أي قرار مرتبط بالحرب الدائرة جنوباً، التي اندلعت بعيد قرار أحادي للحزب بتحويل جبهة الجنوب إلى جبهة دعم وإسناد لغزة، هو حصراً بيد قيادة «حزب الله».

ولم يستجب الرئيس بري لدعوات المعارضة المتكررة لعقد جلسة للبرلمان لمناقشة الحرب في الجنوب ومخاطر توسعها، لذلك وجدت هذه القوى نفسها تطرق باب ميقاتي أخيراً لمطالبته بأن يكون هناك «تنسيق كامل في الحكومة في المواقف التي تصدر عنها»، كما بالتوجه إلى المجتمع الدولي لتأكيد التزام لبنان بالقرار 1701، وباستكماله وتطبيقه.

عملية خطف ممنهجة

وتعد عضو كتلة «القوات اللبنانية» النيابية، غادة أيوب، أن «عملية خطف قرار الدولة وتعطيل القرار السياسي وصولاً إلى التضييق على قرار الجيش لم يحصل من باب الصدفة، بل كان ممنهجاً عبر تغذية الانقسام الداخلي بين مشروع الدولة ومشروع لبنان الساحة وصندوق البريد».

وقالت غادة أيوب لـ«الشرق الأوسط»: «المطلوب من الدولة اليوم استعادة قرار ‫الحرب والسلم، لذلك نحن نؤكد أهمية تطبيق ما تضمنته عريضة المعارضة من إجراءات فورية يقع على عاتق ‫الحكومة اللبنانية اتخاذها فوراً حمايةً لسيادة لبنان، وحفاظاً على وحدة شعبه وسلامة أراضيه».

وتابعت قولها: «أهم ما فيها (العريضة) وضع حدّ للأعمال العسكرية كافة خارج إطار الدولة وأجهزتها، وإعلان حالة الطوارئ في الجنوب، وتسليم الجيش اللبناني زمام الأمور فيه، وتكليف ‫الجيش بالتصدي لأي اعتداء، والتحرك على الصعيد الدبلوماسي من أجل العودة إلى اتفاقية الهدنة الموقعة عام 1949 وتطبيق القرار 1701 كاملا».

لقاء وزيري الخارجية والدفاع البريطانيين دايفد لامّي وجون هيلي مع رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي في بيروت أغسطس 2024 (رويترز)

للتوجه إلى مجلس النواب فوراً

من جهته، يرى النائب في كتلة «تحالف التغيير»، مارك ضو، أن «الدولة المتمثلة اليوم في الحكومة التي لا تريد القيام بأي إصلاحات أو التحسين من أدائها، والتي ترضخ وتقبل بأن تبقى ضحية سياسة التعطيل المستمر والابتزاز نتيجة سطوة الميليشيات، ستصل حتماً لتصبح أعجز من أن تقوم بواجباتها الوطنية، ويُحسب عليها أكبر فشل بتاريخ دولة لبنان»، مشدداً في حديث لـ«الشرق الأوسط» على أن «المطلوب اليوم التوجه مباشرة إلى المجلس النيابي للتأكيد على سياسة الدولة بتطبيق القرار 1701 وضبط الوزراء لاعتماد سياسة واحدة وموحدة حتى ولو أدى ذلك لشلل الحكومة، لأننا بذلك نمهد لاستعادة الدولة اللبنانية قرارها».

وأوضح ضو أنه «لا يزال هناك هامش للتحرك الدبلوماسي لتفادي الحرب الموسعة، خصوصاً أن هناك إرادة في المنطقة تريد تجنب هكذا حرب، كما أن اللبنانيين هم أكثر من يستطيع الضغط على (حزب الله)، ووحدتهم أكثر ما يمكن أن يردع الإسرائيليين».


مقالات ذات صلة

لبنان تحت هاجس الحرب... بانتظار رد «حزب الله»

المشرق العربي 
الدخان يتصاعد في جنوب لبنان إثر قصف إسرائيلي استهدف المنطقة (رويترز)

لبنان تحت هاجس الحرب... بانتظار رد «حزب الله»

فاقمت إجراءات اتخذتها دولٌ غربية وشركات طيران عالمية هواجس اللبنانيين من اقترابهم من سيناريو الحرب الموسعة. وبدا الجميعُ مترقباً ردَّ «حزب الله».

بولا أسطيح (بيروت)
العالم العربي الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله والقائد العسكري الأعلى للحزب فؤاد شكر الذي اغتالته إسرائيل في ضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب)

لماذا لم ينخرط النظام السوري في «وحدة الساحات» وهل يبدّل موقفه؟

في خطابه الذي ألقاه في تشييع القائد العسكري فؤاد شكر الذي اغتالته إسرائيل، بدا الأمين العام لـ«حزب الله» وكأنه أعفى النظام السوري من الانخراط في «وحدة الساحات».

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي لبناني يمر أمام لوحة عملاقة لثلاثة قادة من «محور الممانعة» على طريق مؤدية إلى مطار بيروت (أ.ف.ب)

إجراءات السفارات وشركات الطيران تضع اللبنانيين أمام «هاجس الحرب»

يعيش اللبنانيون هاجس الحرب يومياً، مع ازدياد المخاوف من سيناريوهات ما بعد الرد المتوقع لـ«حزب الله» على اغتيال قائده العسكري فؤاد شكر الثلاثاء الماضي. وتزيد…

المشرق العربي مشهد للدمار الهائل في مرفأ بيروت بعد الانفجار (أرشيفية - أ.ف.ب)

لبنان: أهالي الضحايا يحيون ذكرى انفجار المرفأ ويتمسكون بالعدالة

أكدت مصادر قضائية أن القاضي البيطار «ينتظر مرور ذكرى انفجار مرفأ بيروت ليعلن استئناف عمله، وتحديد جلسات يستدعي إليها كل المدعى عليهم الذين لم يمثلوا أمامه

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي الدخان يتصاعد في جنوب لبنان إثر قصف إسرائيلي استهدف المنطقة (رويترز)

إيران تؤكد أن «حزب الله» لن يكتفي برد على أهداف عسكرية

توقعت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة أن يضرب «حزب الله» عمق إسرائيل، وألاّ يكتفي بأهداف عسكرية رداً على اغتيال القيادي العسكري البارز فؤاد شكر.

بولا أسطيح (بيروت)

العراق: مخاوف من شمول مدانين بالإرهاب في قانون العفو العام

قادة الكتل السياسية خلال أحد اجتماعات البرلمان العراقي (إعلام المجلس)
قادة الكتل السياسية خلال أحد اجتماعات البرلمان العراقي (إعلام المجلس)
TT

العراق: مخاوف من شمول مدانين بالإرهاب في قانون العفو العام

قادة الكتل السياسية خلال أحد اجتماعات البرلمان العراقي (إعلام المجلس)
قادة الكتل السياسية خلال أحد اجتماعات البرلمان العراقي (إعلام المجلس)

انتهى البرلمان العراقي، الأحد، من القراءة الأولى لتعديل قانون العفو العام، وسط مخاوف من شموله المدانين بتهم الإرهاب والانتماء إلى تنظيم «داعش».

ويعد التعديل المقترح من المطالب الرئيسية لمعظم القوى السياسية السنيّة، وكان من بين أبرز الشروط التي وضعتها في مفاوضات تشكيل حكومة رئيس الوزراء محمد السوداني قبل التصويت عليها داخل البرلمان في أكتوبر (تشرين الأول) 2022.

وأدرجت كابينة السوداني الوزارية قانون العفو ضمن برنامجها الحكومي، وقامت منذ نحو عام بإرساله إلى البرلمان لمناقشته والتصويت عليه، قبل أن يواجَه بمعارضة شديدة من بعض أطراف قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية.

وأبلغت مصادر برلمانية «الشرق الأوسط» أن «القوى الشيعية اشترطت مناقشة تعديل قانون الأحوال الشخصية المثير للجدل، مقابل مناقشة تعديل العفو العام».

وأضافت أن «القوى السياسية في البرلمان غالباً ما تقوم بمساومة بعضها لتمرير القوانين الخلافية في سلة واحدة، وهذا ما حدث اليوم بالنسبة لقراءة قانوني العفو العام والأحوال الشخصية».

وأشارت المصادر إلى أن «الخلافات السياسية حول تعديل قانون العفو العام تتعلق بتخوف نيابي وشعبي من شمول الإرهابيين بالعفو».

وكشفت مصادر صحافية وبرلمانية متطابقة عن حدوث مشادة كلامية بين القيادي في تحالف «العزم»، رعد الدهلكي، ورئيس مجلس النواب بالإنابة محسن المندلاوي، أدت إلى تعليق أعمال الجلسة مؤقتاً.

وقالت المصادر، إن «الدهلكي دخل في مشادة كلامية مع المندلاوي بعد مطالبات من بعض النواب برفع قانون العفو من جدول الأعمال، أو عرضه للقراءة مقابل إدراج تعديل قانون الأحوال الشخصية في جلسة واحدة».

ويتضمن التعديل المقترح لقانون العفو، فقرة واحدة فقط، يقول المطالبون بها إن «هدفها تحديد المقصود بجريمة الانتماء للتنظيمات الإرهابية بناءً على ما جاء في المنهاج الوزاري الذي أقره البرلمان»، ويسعون إلى تلافي عدم الدقة في صياغة أصل القانون الصادر عام 2016.

وتشترط الفقرة التي يراد تعديلها عبارة «يقصد بجريمة الانتماء للتنظيمات الإرهابية كل من عمل في التنظيمات الإرهابية، أو قام بتجنيد العناصر لها، أو قام بأعمال إجرامية، أو ساعد بأي شكل من الأشكال على تنفيذ عمل إرهابي، أو وجد في سجلات التنظيمات الإرهابية».

وتشير بعض المصادر إلى أن القوى الشيعية تريد الاستفادة من التعديل لشمول جمهورها الشيعي ببعض التهم البسيطة التي لا ترقى إلى جرائم القتل أو الاتجار بالمخدرات أو سرقة المال العام، باعتبار أن المتهمين بقضايا إرهابية ينتمون في الغالب إلى الاتجاهات السنية (وفق قولهم).

بدوره، كشف القيادي في تحالف «العزم» حيدر الملا، الأحد، عن إجمالي عدد المحكومين في السجون العراقية، وفق ما ذكر أنه إحصاءات صادرة عن وزارة العدل.

وقال الملا في تغريدة عبر منصة «إكس» إن «هناك 67 ألف سجين في جميع سجون العراق، مقسمين إلى فئتين رئيسيتين: 20 ألف سجين محكومين بتهم إرهابية، و47 ألف سجين محكومين بجريمة جنائية، تشمل القتل والسرقة والتزوير وتجارة المخدرات وغيرها».

وذكر أن «ليس جميع المحكومين بتهم الإرهاب هم مجرمون؛ إذ يوجد بين هؤلاء بعض المشكوك في براءتهم».

وأشار الملا إلى أن «الإحصائيات المقدمة تعكس حجم المشكلة بشكل دقيق، وندعو إلى معالجة القضية بموضوعية بعيدًا عن المزايدات السياسية».

وفي الشهر الماضي، عبّر المفوض السامي لمكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة عن قلقه الشديد من أن «عمليات الإعدام المنهجية التي تنفذها الحكومة العراقية ضد السجناء المحكوم عليهم بالإعدام بناءً على اعترافات مشوبة بالتعذيب، وبموجب قانون غامض لمكافحة الإرهاب، ترقى إلى مستوى الحرمان التعسفي من الحياة بموجب القانون الدولي، وقد ترقى إلى مستوى جريمة ضد الإنسانية».

وعدّ المفوض السامي عقوبة الإعدام التي تنفذها السلطات بمثابة «استخدام سياسي لملف الإعدام، وضد مكون معين، وهم السنة». من هنا، فإن إمكانية إقرار التعديل لقانون العفو العام ربما يُمثل استجابة عراقية لاتهامات المنظمة الأممية وللشكاوى المتزايدة للشركاء من القوى السياسية السنية.