مركز حقوقي: هجمات الحوثيين وألغامهم قتلت 3 آلاف مدني في تعز

انتهاكات بالجملة رافقت حصار المدينة منذ 9 سنوات

طوال السنوات الماضية رفض الحوثيون فك الحصار عن مدينة تعز (أ.ف.ب)
طوال السنوات الماضية رفض الحوثيون فك الحصار عن مدينة تعز (أ.ف.ب)
TT

مركز حقوقي: هجمات الحوثيين وألغامهم قتلت 3 آلاف مدني في تعز

طوال السنوات الماضية رفض الحوثيون فك الحصار عن مدينة تعز (أ.ف.ب)
طوال السنوات الماضية رفض الحوثيون فك الحصار عن مدينة تعز (أ.ف.ب)

كشف مركز حقوقي عن مقتل أكثر من ثلاثة آلاف مدني في مدينة تعز اليمنية، بسبب هجمات الحوثيين خلال 9 سنوات من حصارهم للمدينة، إضافة إلى أكثر من ستة آلاف مصاب، متهماً الجماعة بارتكاب انتهاكات بالجملة من بينها الخطف والتعذيب ومنع وصول الغذاء.

وأوضح «المركز الأميركي للعدالة»، وهو منظمة حقوقية مقرها في الولايات المتحدة، أن الجماعة الحوثية تسببت في مقتل 3021 مدنياً وإصابـة 6361 آخرين بينهم نساء وأطفال في محافظة تعز (جنوب غرب) نتيجة القنص، والقصف المباشر للمدينة، وزراعة الألغام، وذلك خلال الفترة من مارس (آذار) 2015، وحتى ديسمبر (كانون الأول) 2023.

منظر عام لمدينة تعز اليمنية التي تتعرض للقصف الحوثي (سبأ)

وأشار المركز في تقرير حديث بعنوان «حصار تعز مأساة إنسانية» إلى أن الجماعة الحوثية اعتقلت 477 شخصاً خلال المدة نفسها، كما تعرض 79 للإخفاء القسري و59 آخرين للتعذيب، حيث تم اعتقالهم أو اختطافهم من الطرقات البديلة.

واستعرض المركز الحقوقي أبرز الانتهـاكات التـي تعـرض لهـا المدنيون في تعز طيلـة 9 سنوات والآثار والتداعيـات الكارثيـة علـى السـكان من خلال إغلاق الطرقات الرئيسية المؤديـة للمدينة مـن الناحيـة الشـرقية والغربية والشـمالية، وهو ما تسبب في ارتفاع أسـعار المـواد الأساسـية بزيـادة تصـل إلى 400 في المائة بسـبب صعوبـة نقـل البضائـع علـى مراحـل عبـر الطـرق البديلـة، إضافـة لارتفـاع أجـور التنقل بنسـبة عاليـة جـداً.

حصار مطبق

وثق المركز الأميركي للعدالة في تقريره عرقلة الحوثيين قوافـل الإغاثة الإنسانية في 31 واقعة، ومصادرة 22 شـاحنة مـن الإمـدادات الغذائيـة الأساسية والطبية لسكان المدينة، وتسخيرها للمجهود الحربي.

وتطرق التقرير إلى تعرض منشآت القطـاع الصحـي في تعز للقصـف علـى يـد الحوثيين، ووثــق تعرض 3 وحدات صحية لتدمير كلي، وتعرض 3 مستشفيات و22 مركزاً صحياً ووحدة صحية لتدمير جزئي، فيمـا توقف عـن العمـل 13 مركزاً صحياً و32 وحـدة صحيـة بســبب نزوح الكادر الطبي وانعدام الوقود.

وشهد العام الأول مـن الحصار المطبـق علـى مدينـة تعـز- بحسب التقرير- غياب أبسـط مقومات الحياة مـن مـاء وغـذاء ودواء وأكسـجين، حيث تم توثيق وفـاة 26 مدنياً نتيجة انعدام مادة الأكسجين من المستشـفيات، منهم 9 أطفـال، و7 نساء.

وأوضح التقرير أن عدد الحوادث المرورية في الطرقات البديلة في تعز خلال فترة التقرير، بلغت 541 حادثاً نتج عنها مقتل 434 شخصاً وإصابة 1026 آخرين، فيما بلغت الخسائر المادية أكثر من مليوني دولار.

حافلة صغيرة تعرضت لحادث أودى بـ11 شخصاً في الطريق إلى مدينة تعز اليمنية (فيسبوك)

ولفت التقرير الحقوقي إلى أن الحرب والحصار على تعز تسبب في نزوح 44,749 أسرة بعــدد 214,693 فرداً في 17 مديرية مــن مديريات المحافظــة التي تحمل الاسم نفسه (تعز).

وأشار إلى منع الحوثيين وصول المياه إلى مدينة تعـز، التـي كانـت تعتمـد عليهـا قبـل الحـرب بنسبة 75 في المائة، إضافة إلى منع استخدام مقلب النفايات المخصص للمدينة فـي الناحيـة الغربيـة منهـا، مـا تسـبب بتكـدس النفايـات فـي شـوارع المدينـة خلال العـام الأول مـن الحصــار، وانتشار الأمراض المعدية بيـن الســكان.

وذكر التقرير أن الحصار الذي فرضه الحوثيون على المدينة تسبب في منع الرعاية الصحية لمرضى الفشل الكلوي والسرطان من سكان مديريات المحافظة حيث كانوا يتلقونها بالمراكز الوحيدة داخـل المدينـة.

وطبقاً للمركز الحقوقي، تضرر20621 شخصاً مـن طـلاب الجامعـات والمعاهـد الفنيـة مـن الحصـار الحوثي، وقطـع الطرقـات الـذي حال بينهـم وبيـن مواصلـة تعليمهـم، فيمـا بلـغ عـدد المتضرريـن مـن طلاب المـدارس 32000 طالب، إضافة إلى تسبب الحصار في ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية والأدوية بنسبة ٥٠٠ في المائة، وارتفاع أجور النقل للأشخاص بنسبة ألف في المائة.

دافع الانتقام

أكد المركز الأميركي للعدالة في تقريره، أنه لم يكن هناك ميزة عسكرية خالصة للحصـار الـذي يفرضه الحوثيون على مدينة تعز، مشيراً إلى أن دافع الانتقام من سكان المدينة هو الدافع الواضح بسبب موقفهـم الرافض لاسـتيلاء الجماعة على السلطة بقوة السلاح، وفرض فكرها وعقيدتها عبر سياسة العقاب الجماعي.

وطالب المركز الحقوقي المجتمع الدولي بعدم ربط ملف حصار تعز بالملف السياسي والعسكري بالمفاوضــات، والتعامــل معــه علــى أنــه قضيــة إنسانية بحاجــة لتدخــل عاجــل، علــى اعتبــار أن الحــق فــي الحيــاة والتنقــل والعمــل والحريــة حقــوق لصيقة بالإنسان لا يجــوز التفــاوض عليهــا.

اليمنيون يعانون أثناء التنقل بين المحافظات بسبب إغلاق الحوثيين للطرق (إعلام محلي)

كما دعا المركز المجتمــع الدولــي والمبعوث الأممي لليمن والمبعوث الأميركي لإنهاء مأسـاة حصـار تعـز بالضغـط الجـاد علـى الحوثيين لفتـح الطرقـات الرئيسـية للمدينـة، وإزالــة الألغــام ورفــع قناصيهــا مــن علــى التلال والمرتفعــات المطلــة علــى مداخــل المدينــة، والسماح بدخول المساعدات الإنســانية، والمــواد التجاريــة مــن المنافـذ الرئيســية للمدينـة وتزويدها بالمياه.

وطالب التقرير الحوثيين بفتـح الطرقـات الرئيسـية مـن الجهـات الشـرقية والغربيـة والشـمالية لمدينة تعز، والسـماح بدخـول السـلع والمسـاعدات الإنسـانية، والمـرور الآمـن للمسـافرين مـن وإلـى المدينـة، وكذا تزويـد المؤسسـة العامـة للميـاه بالمدينـة بكميات الميـاه التـي كانـت مخصصـة لهـا قبـل فـرض الحصـار، وتسـليم خرائـط الألغـام، ورفـع الحصــار عــن القــرى الكائنة بمناطـق التمــاس، والإفراج عن الضحايا المعتقلين والمخفيين قسرياً.


مقالات ذات صلة

عودة الهجمات الحوثية البحرية بعد أسبوعين من الضربة الإسرائيلية

العالم العربي هجمات الحوثيين تراجعت إثر القصف الإسرائيلي على ميناء الحديدة (أ.ف.ب)

عودة الهجمات الحوثية البحرية بعد أسبوعين من الضربة الإسرائيلية

أثار تراجع الهجمات الحوثية ضد السفن وباتجاه إسرائيل تكهنات بتأثر قدرات الجماعة العسكرية جراء ضربة الحديدة، وبمخاوف لدى قادة الجماعة من التصفية واستهداف تجارتهم.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي مظاهرات حوثية في صنعاء خلال يونيو الماضي لتهديد المجتمع الدولي (أ.ف.ب)

غضب يمني لإغلاق الحوثيين مكتب المفوضية الأممية لحقوق الإنسان

تسيطر حالة من القلق على الأوساط الحقوقية والإنسانية في اليمن بعد قرار الجماعة الحوثية إغلاق المفوضية السامية لحقوق الإنسان في صنعاء.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي عدم الاستجابة لدفع الإتاوات الحوثية يقود إلى إغلاق المطاعم والمتاجر (إكس)

إغلاق مطاعم في صنعاء لرفض مُلّاكها دفع إتاوات

أغلقت الجماعة الحوثية خلال أسبوع العديد من المطاعم في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، واقتادت بعض مُلاكها إلى المعتقلات بعد رفضهم الاستجابة لدفع جبايات.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي واحد وستون في المائة من الأسر في مناطق سيطرة الحوثيين واجهوا صدمات تعطل الدخل (الأمم المتحدة)

اليمن: انعدام الأمن الغذائي يتفاقم في مناطق سيطرة الانقلابيين

زاد مستوى انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين في مقابل تباطؤ هذا المستوى في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، وفق تقرير أممي

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي طفل يمني يتلقى تطعيم ضد مرض الكوليرا (أ.ف.ب)

حملات حوثية في صنعاء لإقناع السكان بمقاطعة اللقاحات

شنت الجماعة الحوثية حملات تحريض جديدة ضد اللقاحات في صنعاء وبقية مناطق سيطرتها بالتزامن مع تسجيل نحو 10 حالات إصابة جديدة بشلل الأطفال خلال أسبوع.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

عودة الهجمات الحوثية البحرية بعد أسبوعين من الضربة الإسرائيلية

حريق ضخم إثر ضربات إسرائيلية استهدفت مخازن الوقود في ميناء الحديدة اليمني (أ.ب)
حريق ضخم إثر ضربات إسرائيلية استهدفت مخازن الوقود في ميناء الحديدة اليمني (أ.ب)
TT

عودة الهجمات الحوثية البحرية بعد أسبوعين من الضربة الإسرائيلية

حريق ضخم إثر ضربات إسرائيلية استهدفت مخازن الوقود في ميناء الحديدة اليمني (أ.ب)
حريق ضخم إثر ضربات إسرائيلية استهدفت مخازن الوقود في ميناء الحديدة اليمني (أ.ب)

توقفت الهجمات الحوثية ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن منذ نحو أسبوعين، عقب القصف الإسرائيلي على ميناء الحديدة اليمني الخاضع للجماعة الموالية لإيران، باستثناء هجوم يتيم تعرضت له إحدى السفن في خليج عدن، السبت، دون الإبلاغ عن أضرار كبيرة أو إصابات، إلى جانب تبني الجماعة إسقاط طائرة أميركية من دون طيار.

وأثار تراجع الهجمات الحوثية إلى حد توقفها التام على مدى أسبوعين، كثيراً من التساؤلات والتكهنات، حيث يرى سياسيون يمنيون أن الجماعة تلقت ضربة موجعة في الحديدة نالت من قدراتها العسكرية ومستودعاتها، بينما يذهب آخرون إلى أن الجماعة تلقت تهديدات إسرائيلية عبر طرف ثالث بتصفية كبار قادتها.

مسيرة حوثية زعمت الجماعة أنها استهدفت بها تل أبيب (أ.ف.ب)

ويؤكد مراقبون أن الضربات الأميركية المتلاحقة كان لها دور كبير في تراجع هجمات الجماعة بخاصة وأنها استهدفت كثيراً من الرادارات التي توجه الهجمات ومنصات الإطلاق خلال الآونة الأخيرة.

وكانت إسرائيل نفّذت في 20 يوليو (تموز) ضربات انتقامية ضد الحوثيين استهدفت خزانات الوقود والكهرباء في الحديدة ومينائها، رداً على طائرة مسيّرة استهدفت تل أبيب في 19 يوليو، تبنّت الجماعة الموالية لإيران في اليمن إطلاقها، وأدّت إلى مقتل شخص وإصابة آخرين.

وهدد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي في أحدث خطبه بالانتقام والرد على ضربة الحديدة واغتيال رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» إسماعيل هنية، والقيادي العسكري في «حزب الله» فؤاد شكر، إلا أن هذه التهديدات ظلت مجرد كلام للاستهلاك الإعلامي في أوساط أتباع الجماعة.

ويقرأ سياسيون يمنيون أن هدف الجماعة من الهجمات ضد السفن منذ البداية هو استجلاب الرد العسكري الإسرائيلي، وهو ما حصلت عليه أخيراً بعد قصف الحديدة، إذ عبر زعيمها الحوثي عن سعادته بالواقعة، وذلك في سياق السعي لتأكيد السردية التي تقوم عليها أفكار الجماعة؛ إذ تزعم أنها تخوض الحرب منذ سنوات مع إسرائيل وأميركا وليس ضد اليمنيين.

هجمات الحوثيين تراجعت إثر القصف الإسرائيلي على ميناء الحديدة (أ.ف.ب)

يشار إلى أن الجماعة الحوثية تبنت منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي كثيراً من الهجمات ضد إسرائيل، دون أي تأثير يُذكر، باستثناء هجوم المسيّرة على تل أبيب، كما تبنّت مهاجمة أكثر من 170 سفينة في البحرين الأحمر والعربي، تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وأصابت الهجمات نحو 31 سفينة، غرقت منها اثنتان؛ إذ أدى هجوم في 18 فبراير (شباط) إلى غرق السفينة البريطانية «روبيمار» في البحر الأحمر، قبل غرق السفينة اليونانية «توتور»، التي استُهدفت في 12 يونيو (حزيران) الماضي.

كما أدى هجوم صاروخي في 6 مارس (آذار) الماضي إلى مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف في خليج عدن سفينة «ترو كونفيدنس» الليبيرية.

وإلى جانب الإصابات التي لحقت بالسفن، لا تزال الجماعة تحتجز السفينة «غالاكسي ليدر» التي قرصنتها في 19 نوفمبر الماضي، واقتادتها مع طاقمها إلى ميناء الصليف، شمال الحديدة، وحوّلتها مزاراً لأتباعها.

الهجوم الأحدث

تمثّل الهجوم الحوثي الأحدث في استهداف سفينة في خليج عدن، السبت، وفق ما أفادت به هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية، حيث أوردت في بيان أن ضابط الشركة المشغلة أفاد بأن السفينة استهدفت بصاروخ، ولم يجرِ رصد أي حرائق أو تسرب للمياه داخل السفينة أو تسرب للنفط في المياه.

وتبنت الجماعة الحوثية، الأحد، الهجوم على لسان متحدثها العسكري يحيى سريع، في حين قالت الهيئة البريطانية، إن الحادث وقع، يوم السبت، في الساعة 57:17 بتوقيت غرينتش على مسافة نحو 125 ميلاً بحرياً (231 كيلومتراً) شرق مدينة عدن، وذلك بعد أن كانت السفينة نفسها قد شهدت انفجاراً صغيراً بالقرب منها قبل أكثر من 4 ساعات من الهجوم الأخير.

كما تبنى المتحدث الحوثي إسقاط طائرة أميركية من دون طيار من طراز «إم كيو9» فوق صعدة، وادعى أنها الطائرة التاسعة من نوعها التي تسقطها جماعته منذ بدء تصعيدها البحري.

وفي مقابل تلاشي الهجمات الحوثية على السفن، تراجعت الضربات الاستباقية التي تقودها واشنطن عن سابق عهدها قبل الضربة الإسرائيلية على الحديدة، وكان السبت، هو آخر حديث أميركي عن تنفيذ إحدى الضربات حيث شنت أفادت القيادة المركزية الأميركية بتدمير صاروخ ومنصة إطلاق حوثية في منطقة تسيطر عليها الجماعة.

وأقرّت الجماعة بتلقّي أكثر من 580 غارة منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي، وسقوط 57 قتيلاً و87 جريحاً جرّاء الضربات التي تشنّها واشنطن تحت ما سمّته تحالُف «حارس الازدهار».

وتشنّ الجماعة الحوثية الموالية لإيران منذ 19 نوفمبر الماضي هجماتها في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي؛ إذ تدّعي أنها تحاول منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل، بغضّ النظر عن جنسيتها، وكذا السفن الأميركية والبريطانية.

كما تزعم أنها تقوم بهجمات في البحر المتوسط وموانئ إسرائيلية، بالاشتراك مع فصائل عراقية مسلّحة موالية لإيران، ضمن عمليات الإسناد للفلسطينيين في غزة، وهو الأمر الذي تقول الحكومة اليمنية إنه يأتي هروباً من استحقاقات السلام، وخدمةً لأجندة طهران في المنطقة.

تهديد بتصفية القادة

يذهب سياسيون يمنيون ومنهم صالح البيضاني المستشار في السفارة اليمنية في الرياض، إلى أن الجماعة الحوثية تلقت بعد القصف الإسرائيلي لميناء الحديدة تهديدات عبر طرف ثالث بأنه ستجري تصفية كبار قادتهم إذا ما استمروا في هجماتهم.

ويقول البيضاني: «بعد الهجوم الغاشم على ميناء الحديدة الذي أوجع اليمنيين على اختلاف توجهاتهم، وسقط نتيجته عدد من المواطنين الأبرياء، لم يخفِ الحوثيون سعادتهم، وظلوا يرددون عبارات مفادها أنه إذا كان ثمن هجماتهم المزعومة على الكيان تدمير ما تبقى من مقدرات الشعب اليمني فلا ضير في ذلك».

رافعة في ميناء الحديدة تضررت من القصف الإسرائيلي (رويترز)

وأردف المستشار اليمني بالقول: «ولكن عندما وصلتهم (الحوثيون) رسالة من طرف ثالث بأن الضربات القادمة ستستهدف رؤوس قياداتهم، توقفوا عن إطلاق التهديدات، بينما لا يزال البعض ينتظر ردهم الذي لن يأتي على تدمير ميناء الحديدة».

تأثر عسكري بالضربة

يتفق الباحث والكاتب اليمني محمود الطاهر مع طرح البيضاني، لكنه يعتقد في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة تأثرت عسكرياً بضربة الحديدة ما جعل هجماتها البحرية تتراجع.

ويقول الطاهر: «يبدو أن الحوثيين كانوا ينتظرون أي نوع من الضربات الإسرائيلية على اليمن، لتعزيز شعاراتهم التي يتحدثون فيها عن أنهم يقاتلون أميركا وإسرائيل وبريطانيا دفاعاً عن الإسلام والمسلمين، لكنهم لم يكونوا يتوقعون أنها ستكون مؤثرة بهذا الشكل».

ويضيف: «تعرض ميناء الحديدة لعملية تدمير من قبل إسرائيل، جعل الحوثيون يعيدون التفكير في أن لعبهم مع إسرائيل ستكون نتائجه وخيمة، إذ رأوا في الضربة مجرد رسالة إسرائيلية، قد تتصاعد وتصل إلى القيادات الحوثية، وهو ما جعل عملياتهم تتراجع ضد إسرائيل وكذلك ضد السفن».

سفينة تجارية في ميناء الحديدة حيث لم تتأثر الحركة فيه بالقصف الإسرائيلي (رويترز)

ومن الناحية العسكرية، يبدو أن ميناء الحديدة الذي ضربته إسرائيل - كما يقول الطاهر - كان منطلقاً للعمليات العشوائية الحوثية في البحر الأحمر، وهو ما أثر بشكل كبير على العمليات العسكرية. وهذا يثبت - بحسب رأيه - أهمية محافظة الحديدة في العملية العسكرية واللوجيستية للحوثيين، ويؤكد أهمية استعادتها من قبل الحكومة اليمنية، بمساعدة المجتمع الدولي.

ويتوقع الطاهر أن زعيم الحوثيين سيعيد هجمات جماعته تدريجياً لتهديد الممر الملاحي الدولي، وبشكل أخف حتى لا تهتز صورته أمام أتباعه من اليمنيين غير المدركين لحقيقة الجماعة.

ضربة موجعة

يقرأ المحلل السياسي اليمني رماح الجبري، الأمر من زاوية أخرى، «فالقصف الإسرائيلي على ميناء الحديدة كان موجعاً اقتصادياً لبعض القيادات الحوثية التي تتاجر بالنفط، وعلى رأسهم المتحدث باسم الجماعة محمد عبد السلام الذي يقيم في سلطنة عمان، ويدير نحو 13 شركة نفطية»، وفق قوله.

ويؤكد الجبري أن الجماعة تتخوف من ضربات إسرائيلية مماثلة لما حدث في الحديدة لجهة أن ذلك سيكبد قادتها خسائر اقتصادية كبيرة، ولن تركز فقط على القدرات والتعزيزات العسكرية.

حوثيون في صنعاء يرفعون صور هنية وشكر خلال تجمع دعا إليه زعيمهم (رويترز)

وعن عدم حصول الرد الحوثي حتى الآن على قصف الحديدة، يقرأ الجبري المشهد بواقعية، ويقول: «عدم الرد ناتج عن عجز في الإمكانات التي يمكن أن تصل إلى العمق الإسرائيلي، ناهيك عن أن الحوثيين لا يمتلكون قرارهم، ومن يمتلك القرار هي إيران المزود بالأسلحة والتقنية والخبراء».

ومع قتل القيادي في «حزب الله» فؤاد شكر واغتيال إسماعيل هنية، يرى الجبري أن ذلك خفف الضغط على الحوثيين بالرد على إسرائيل، إذ أصبحت إيران وأدواتها مطالبة بالرد بما يشبه الرد الجماعي.