«شروط الصندوق»... جدل مصري مع إقرار «الشريحة الثالثة» للقرض

وسط مخاوف من إجراءات جديدة لخفض «الدعم الحكومي»

اجتماع مجلس الوزراء المصري برئاسة مصطفى مدبولي (رئاسة مجلس الوزراء)
اجتماع مجلس الوزراء المصري برئاسة مصطفى مدبولي (رئاسة مجلس الوزراء)
TT

«شروط الصندوق»... جدل مصري مع إقرار «الشريحة الثالثة» للقرض

اجتماع مجلس الوزراء المصري برئاسة مصطفى مدبولي (رئاسة مجلس الوزراء)
اجتماع مجلس الوزراء المصري برئاسة مصطفى مدبولي (رئاسة مجلس الوزراء)

ما إن أعلن صندوق النقد الدولي، مساء الاثنين، استكمال المراجعة الثالثة لبرنامج القرض الموسع لمصر، بما يسمح لمصر بسحب 820 مليون دولار، حتى أحدث ذلك جدلاً بين المصريين حول تبعات تلك الخطوة، فيما يتعلق بتنفيذ «البرنامج الإصلاحي» للصندوق، التي يصفها البعض بـ«الشروط»، وسط مخاوف بشأن اعتزام الحكومة المصرية اتخاذ إجراءات جديدة لخفض «الدعم» المقدم للمواطنين.

وقال رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، الثلاثاء، خلال مؤتمر صحافي: «إن وجود برامج مع مؤسسات دولية رسالة ثقة عن الدولة»، مؤكداً أن «صندوق النقد الدولي لا يُملي شروطه على مصر، وهذا لن يحدث».

وتسعى الحكومة المصرية إلى «إعادة هيكلة الدعم»، وأشارت الحكومة نهاية مايو (أيار) الماضي إلى «تبني ترشيد الدعم حتى يتسنى لها استدامة تقديمه، وتقليل بعض (أو جزء قليل للغاية) من الأعباء التي تتحملها الدولة بصورة كبيرة للغاية في هذا الملف، وضمان كيفية وصوله لمستحقيه».

ورغم تطمينات رئيس الوزراء المصري، خلال المؤتمر، التي قال خلالها: «إن ما يهم الحكومة اليوم هو كيفية كسب ثقة المواطن»، مؤكداً أنه لا توجد حكومة تريد اتخاذ قرارات تنقص من شعبيتها في الشارع مثل تحريك الأسعار، وأن حكومته ليست في انفصال عن الشارع، فإن «السوشيال ميديا» المصرية تفاعلت مع إعلان صندوق النقد بإبداء بعض المخاوف.

وبينما أبدى البعض تفاؤله بشأن ضبط السياسة الاقتصادية، أشار البعض الآخر إلى حذره من وجود إجراءات جديدة من الحكومة قد تؤثر على المواطن.

كما تناقل العديد من المستخدمين تعليقي رئيس الوزراء، ووزير المالية المصري، اللذين عدّا فيهما موافقة صندوق النقد على الشريحة الثالثة شهادة ثقة للاقتصاد المصري.

وكان وزير المالية، أحمد كجوك، قال في بيان صحافي، الثلاثاء: «إن مصر مستمرة في الإصلاحات الاقتصادية الهيكلية والتصحيحية حتى يقود القطاع الخاص قاطرة التنمية والنمو الاقتصادي، حيث نستهدف تحسين مناخ الأعمال والمنظومة الضريبية والجمركية لتنشيط التدفقات الاستثمارية للقطاع الخاص وتعزيز مساهماته في الاقتصاد المصري».

إلا أن حسابات عديدة ربطت بين إعلان الصندوق وموعده الذي جاء بعد تحريك أسعار دعم الوقود، ما يعني توقع إجراءات جديدة لخفض الدعم الحكومي.

وأعلنت الحكومة المصرية، الخميس الماضي، زيادة أسعار أنواع الوقود بنسب تصل إلى 15 في المائة، في «أحدث خطوة لتقليص الدعم الحكومي للمحروقات». وقال رئيس الوزراء المصري، الثلاثاء: «نتحرك تدريجياً في ملف دعم الطاقة»، موضحاً أن الدولة تتحمل يومياً 450 مليون جنيه دعماً للمواد البترولية.

بينما قامت حسابات بنشر شروط صندوق النقد الدولي، لافتة إلى أن الموافقة على الشريحة الثالثة تمت بعد رفع سعر البنزين مؤخراً، مع التعهد برفع سعر الكهرباء بقيمة 20 في المائة قريباً.

كان مصدر بوزارة الكهرباء المصرية، أفصح السبت الماضي، عن أن جميع شرائح الكهرباء ستشهد زيادات متفاوتة بسبب زيادة تكلفة إنتاج الكهرباء بشكل كبير خلال الفترة الماضية، متوقعاً أن تصل الزيادة إلى 20 في المائة، على أن يتم الإعلان عن زيادة متدرجة لرفع الدعم عن الكهرباء بحلول عام 2030.

تعليقاً على هذه المخاوف، قال رئيس مركز «العدل للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية»، كريم عادل، لـ«الشرق الأوسط»: «إنها انعكاس لما هو معروف من أن برنامج صندوق النقد برنامج تشددي، فهو يستهدف تخفيض الدعم تدريجياً وصولاً إلى إلغائه بصورة كاملة، ومن ثم ردود الفعل مع الإعلان عن استكمال المراجعة الثالثة لبرنامج الصندوق تعد طبيعية، خاصة أن صندوق النقد لا يلتفت إلى برامج الحماية الاجتماعية، بينما يهتم بتخفيف الأعباء على الموازنة».

كما انصب جانب من التعليقات حول توجيه انتقادات لصندوق النقد الدولي، محملين إياه تراجع قيمة الجنيه ومؤشرات الاقتصاد.

بينما توقع رواد آخرون على «السوشيال ميديا» أنه وفقاً لتوجيهات صندوق النقد وشروطه، فمن المرجح تقليص مجانية التعليم خلال الفترة المقبلة، واللجوء إلى سعر صرف مرن للدولار.

ويشير الخبير الاقتصادي إلى أن التوصيات المُعلنة أمس من جانب الصندوق، ومنها إلغاء الدعم عن الوقود تدريجياً، تعني الاستمرار في السياسات التشددية خلال الفترة المقبلة، وهي بالطبع إجراءات سوف يصاحبها مزيد من الأعباء على المواطنين، وهو ما يثير قلقهم، فكل ما يتخذ من إجراءات ينعكس على حياة المواطن في المقام الأول، وهو الأكثر تأثراً بهذا البرنامج.


مقالات ذات صلة

الحكومة المصرية تغلظ عقوبات «سرقة الكهرباء»

العالم العربي اجتماع مجلس الوزراء المصري برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء)

الحكومة المصرية تغلظ عقوبات «سرقة الكهرباء»

وافق مجلس الوزراء المصري، الأربعاء، برئاسة مصطفى مدبولي، على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون الكهرباء الصادر عام 2015، بهدف تغليظ عقوبات سرقة الكهرباء.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مدبولي يرأس جلسة فكرية مع متخصصين لمناقشة ملفات على الساحتين الخارجية والداخلية (مجلس الوزراء المصري)

الحكومة المصرية توسّع مشاوراتها في مواجهة تحديات داخلية وخارجية

وسّعت الحكومة المصرية مشاوراتها مع سياسيين وخبراء متخصصين في مجالات عدة، بشأن مقترحات للحد من تبعات التطورات الجيوسياسية على البلاد.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
شمال افريقيا رئيس الوزراء المصري يترأس اجتماع اللجنة العليا لضبط الأسواق وأسعار السلع (مجلس الوزراء المصري)

إجراءات حكومية مصرية لمواجهة «الغلاء» بعد زيادة أسعار الوقود

سعياً لضبط حركة الأسواق ومواجهة الغلاء، اتخذت الحكومة المصرية إجراءات تستهدف ضمان «توافر السلع الأساسية بأسعار مناسبة للمواطنين»، بمختلف المحافظات.

أحمد إمبابي (القاهرة)
الاقتصاد المنظومة التموينية في مصر تتضمّن توزيع السلع الأساسية بأسعار مدعمة (محافظة المنيا)

مصر لتغيير جذريّ في منظومة «دعم» المواطنين

تعتزم الحكومة المصرية إجراء تعديلات جذرية على نظام الدعم المقدّم إلى مواطنيها، يتضمّن التحول من نظام «الدعم العيني» إلى «النقدي» أو «الدعم النقدي المشروط».

محمد عجم (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي متوسطاً رشاد وكامل بعد اداء رئيس المخابرات الجديد اليمين (الرئاسة المصرية)

تعيين رشاد رئيساً جديداً للمخابرات العامة في مصر

أعلنت الرئاسة المصرية، أمس، تعيين حسن محمود رشاد، رئيساً جديداً لجهاز المخابرات العامة، خلفاً للواء عباس كامل الذي تولى رئاسته منذ 2018. وأدى رشاد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر
TT

محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر

خلافاً للكثير من القادة الذين عاشوا في الظل طويلا، ولم يفرج عن أسمائهم إلا بعد مقتلهم، يعتبر محمد حيدر، الذي يعتقد أنه المستهدف بالغارة على بيروت فجر السبت، واحداً من قلائل القادة في «حزب الله» الذين خرجوا من العلن إلى الظل.

النائب السابق، والإعلامي السابق، اختفى فجأة عن مسرح العمل السياسي والإعلامي، بعد اغتيال القيادي البارز عماد مغنية عام 2008، فتخلى عن المقعد النيابي واختفت آثاره ليبدأ اسمه يتردد في دوائر الاستخبارات العالمية كواحد من القادة العسكريين الميدانيين، ثم «قائداً جهادياً»، أي عضواً في المجلس الجهادي الذي يقود العمل العسكري للحزب.

ويعتبر حيدر قائداً بارزاً في مجلس الجهاد في الحزب. وتقول تقارير غربية إنه كان يرأس «الوحدة 113»، وكان يدير شبكات «حزب الله» العاملة خارج لبنان وعين قادة من مختلف الوحدات. كان قريباً جداً من مسؤول «حزب الله» العسكري السابق عماد مغنية. كما أنه إحدى الشخصيات الثلاث المعروفة في مجلس الجهاد الخاص بالحزب، مع طلال حمية، وخضر يوسف نادر.

ويعتقد أن حيدر كان المستهدف في عملية تفجير نفذت في ضاحية بيروت الجنوبية عام 2019، عبر مسيرتين مفخختين انفجرت إحداهما في محلة معوض بضاحية بيروت الجنوبية.

عمال الإنقاذ يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية ضربت منطقة البسطة في قلب بيروت (أ.ب)

ولد حيدر في بلدة قبريخا في جنوب لبنان عام 1959، وهو حاصل على شهادة في التعليم المهني، كما درس سنوات عدة في الحوزة العلمية بين لبنان وإيران، وخضع لدورات تدريبية بينها دورة في «رسم وتدوين الاستراتيجيات العليا والإدارة الإشرافية على الأفراد والمؤسسات والتخطيط الاستراتيجي، وتقنيات ومصطلحات العمل السياسي».

بدأ حيدر عمله إدارياً في شركة «طيران الشرق الأوسط»، الناقل الوطني اللبناني، ومن ثم غادرها للتفرغ للعمل الحزبي حيث تولى مسؤوليات عدة في العمل العسكري أولاً، ليتولى بعدها موقع نائب رئيس المجلس التنفيذي وفي الوقت نفسه عضواً في مجلس التخطيط العام. وبعدها بنحو ثماني سنوات عيّن رئيساً لمجلس إدارة تلفزيون «المنار».

انتخب في العام 2005، نائباً في البرلمان اللبناني عن إحدى دوائر الجنوب.