«هدنة غزة»: حديث عن «خطة حكم مؤقتة» وترقب لـ«جولة القاهرة»

الوسطاء يكثفون المشاورات ومخاوف من «التفاصيل»

فلسطيني يجلس وسط الركام يوم الأربعاء بعد قصف حي الشجاعية شرق قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطيني يجلس وسط الركام يوم الأربعاء بعد قصف حي الشجاعية شرق قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: حديث عن «خطة حكم مؤقتة» وترقب لـ«جولة القاهرة»

فلسطيني يجلس وسط الركام يوم الأربعاء بعد قصف حي الشجاعية شرق قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطيني يجلس وسط الركام يوم الأربعاء بعد قصف حي الشجاعية شرق قطاع غزة (أ.ف.ب)

بوتيرة تحمل «تفاؤلاً حذراً» بشأن إبرام هدنة في قطاع غزة، تتقدم مناقشات الوسطاء في «ملفات معقدة» على طاولة المفاوضات غير المباشرة التي انطلقت هذا الأسبوع، بعد تعثر دام لأشهر، وسط حديث عن «ترتيبات حكم مؤقتة» و«مقترحات» لأزمة معبر رفح الحدودي بين مصر والقطاع.

تلك المناقشات التي تستكمل، الخميس، في القاهرة غداة جولة مماثلة بالدوحة، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، قد تحمل «بوارد لاحتمال التوصل لهدنة»، خصوصاً مع الحديث عن تحقيق اختراق في ترتيبات اليوم التالي لوقف الحرب في مسألة «من يدير؟»، وأزمة معبر رفح المعطل عقب سيطرة إسرائيلية منذ مايو (أيار) الماضي.

وبينما كشفت وسائل إعلام أميركية عن «تقدم» بمسار التفاوض، الذي بدأ الاثنين الماضي بالقاهرة، ثم الأربعاء بالدوحة، أشارت في الوقت ذاته إلى «تفاصيل معقدة» أمام الوسطاء، وأن «جهوداً شاقة» تبذل لوضع حلول لها «قد تطول»، فيما توقع محللون أن الاتفاق «قد يظل معلقاً» حتى زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لواشنطن أواخر يوليو (تموز) الحالي لإلقاء خطابه أمام الكونغرس.

وقالت حركة «حماس»، في بيان، الخميس، إن الوسطاء «لم يبلغوها حتى الآن بأي جديد» بشأن مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة، لافتة إلى أن إسرائيل «تستمر في سياسة المماطلة» لكسب الوقت بهدف «إفشال هذه الجولة» من المفاوضات مثلما فعلت في جولات سابقة.

مفاوضات «مؤلمة»

ونقل الكاتب الأميركي الشهير، ديفيد إغناتيوس، في مقال رأي بصحيفة «واشنطن بوست» عن مسؤول أميركي رفيع المستوى أن «الإطار العام للمفاوضات تم الاتفاق عليه»، وأن الأطراف «تتفاوض الآن حول تفاصيل كيفية تنفيذه».

وبعد مفاوضات وصفها بـ«المؤلمة»، قال إغناتيوس إن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، التي أعلنت مقترحاً نهاية مايو (أيار) «باتت قريبة» من التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، من شأنه أن يوقف القتال في غزة، ويحرر بعض المحتجزين، ويوفر مساعدات إنسانية عاجلة، فيما أشار إلى أن الاتفاق النهائي «ليس وشيكاً»، خاصة أن «هناك تفاصيل معقدة»، وستستغرق وقتاً للعمل عليها.

مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، حسين هريدي، في حديث لـ«الشرق الأوسط» يرى أن «تلك التسريبات المتوالية بشأن التقدم بالمفاوضات دائماً ما يعقبها حديث عن عقبات في الآن ذاته، لذا يجب التعامل بحذر وترقب ما تسفر عنه جولة القاهرة، كل ما يحدث بمثابة ضغوط على الطرفين».

ووفق «واشنطن بوست»، فإن إسرائيل و«حماس» قبلتا «خطة حكم مؤقت»، حيث لن تحكم «حماس» ولا إسرائيل غزة، وستتولى «قوات أمنية مدربة» من قبل الولايات المتحدة، مدعومة من «حلفاء عرب معتدلين»، تتألف من نحو 2500 من أنصار السلطة الفلسطينية في غزة، الذين تم فحصهم بالفعل من قبل إسرائيل، توفير الأمن.

وعلى عكس ما أعلنته دائماً الحركة، قال المصدر للصحيفة إن «(حماس) أبلغت الوسطاء بأنها مستعدة للتنازل عن السلطة لصالح ترتيب الحكم المؤقت».

ما يدفع لتصديق رواية الصحيفة الأميركية، وفق الخبير الاستراتيجي، اللواء سمير فرج، لـ«الشرق الأوسط»، هو الزخم الواسع الذي شهدته الفترة الماضية، سواء في القاهرة أو الدوحة والوفود الأمنية الموسعة، وكلها أمور تشي بأن هناك «بوادر حل»، إضافة إلى مناقشات شهدت «تفاهمات» لإعادة معبر رفح.

شيطان التفاصيل

اللواء سمير فرج أكد أن الخطة المقترحة لليوم التالي للحرب «مهمة، وتتفق مع خطة مصر للحل، التي تتمسك بالإدارة الفلسطينية»، ويضاف لها انسحاب متوقع لإسرائيل من معبر رفح، في إطار إنهاء أزمة المساعدات الإنسانية المتفاقمة منذ غلق المعبر جراء رفض القاهرة السيطرة الإسرائيلية على الجانب الفلسطيني منه.

إلا أنه عدّ أن «الشيطان يمكن في التفاصيل، وعلينا أن نترقب ما تسفر عنه جولات التفاوض، خاصة أنه مع نتنياهو يجب أن نتفاءل بحذر إزاء إبرام الصفقة وتحقيق تقدم».

الدخان يتصاعد من وسط قطاع غزة يوم الأربعاء بعد قصف إسرائيلي (أ.ب)

لكن السفير حسين هريدي يشكك في إمكانية توجه «حماس» لإعلان التنازل عن السلطة مؤقتاً في الوقت الحالي، معتقداً أن ترتيبات اليوم التالي للحرب ستكون حاضرة مع بدء الذهاب لتنفيذ الجولة الأولى من الهدنة التي تستمر كما هو معلن نحو 6 أسابيع.

ورغم تأكيد هريدي على وجود جهود «شاقة ومتواصلة» من الوسطاء، ورغبة من الرئيس الأميركي جو بايدن في تحقيق اتفاق لنيل مكاسب انتخابية، ما قد يعزز من فرص التوصل لاتفاق، فإنه رأى أن «الواقع على الأرض لا يساعد على ذلك، لذا يجب أن ننتظر ونرى مواقف نتنياهو».

ويتفق معه اللواء سمير فرج، على أن بايدن يريد تحقيق هدنة قريبة لنيل مكسب انتخابي، غير أنه يرى أن ذلك لن يتم قبل زيارة نتنياهو أواخر يوليو (تموز) الحالي، الذي يترتب عليها وضوح الرؤية أكثر بمسار نجاح المفاوضات.

والأربعاء، عُقد في الدوحة اجتماع رباعي ضم وفود مصر والولايات المتحدة وقطر وإسرائيل، تلاه حديث مسؤولين أميركيين لموقع «أكسيوس» عن «إحراز تقدم» في المحادثات حول صفقة الرهائن، إلا أن نتنياهو أكد أن أي اتفاق يجب أن يحافظ على ما وصفه «الخطوط الحمراء» التي تحددها إسرائيل، ومنها إتاحة مواصلة القتال حتى تحقيق أهداف الحرب، وعدم السماح لآلاف المسلحين بالعودة إلى شمال غزة، وزيادة عدد المحتجزين الأحياء خلال صفقة الرهائن.


مقالات ذات صلة

«جرس إنذار» في العراق من هجوم إسرائيلي واسع

المشرق العربي أرشيفية لمُسيّرات تابعة لـ«المقاومة الإسلامية في العراق»

«جرس إنذار» في العراق من هجوم إسرائيلي واسع

ينشغل الفضاء السياسي والشعبي العراقي بصورة جدية هذه الأيام باحتمالات توسيع إسرائيل دائرة حربها؛ لتشمل أهدافاً كثيرة في عموم البلاد.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي فتاة فلسطينية نازحة تأكل كسرة خبز في مخيم برفح جنوب قطاع غزة (د.ب.أ)

مقتل 3 فلسطينيات بسبب «ربطة خبز» في غزة

تقف يومياً ولساعات طوابير طويلة من الفلسطينيين أمام المخابز للحصول على «ربطة خبز» واحدة تتكون من نحو 22 رغيفاً.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت (أ.ب)

إسرائيل ليست عضواً في «الجنائية الدولية»... كيف تلاحق المحكمة نتنياهو وغالانت؟

ما يجب أن نعرفه عن النطاق القانوني للمحكمة الجنائية الدولية، حيث تسعى إلى اعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو؛ ووزير دفاعه السابق، يوآف غالانت.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي جنازة فلسطينيين قُتلوا في غارة إسرائيلية في مدينة غزة (رويترز)

مستشفيات غزة مهددة بالتوقف عن العمل... و19 قتيلاً في القصف الإسرائيلي

حذرت وزارة الصحة التابعة لحركة «حماس» في قطاع غزة أمس (الجمعة)، من توقف كل مستشفيات القطاع عن العمل أو تقليص خدماتها خلال 48 ساعة بسبب نقص الوقود.

«الشرق الأوسط» (غزة)
الولايات المتحدة​ دمار جراء غارة إسرائيلية في غزة في 22 نوفمبر 2024 (رويترز) play-circle 01:41

ترمب ووعد إنهاء الحروب: ورقة انتخابية أم خطط واقعية؟

انتزع ترمب الفوز من منافسته الديمقراطية، معتمداً وعوداً انتخابية طموحة بوقف التصعيد في غزة ولبنان، واحتواء خطر إيران، ووضع حد للحرب الروسية - الأوكرانية.

رنا أبتر (واشنطن)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
TT

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

في خطوة إضافية نحو مكافحة الفساد ومنع التجاوزات المالية، أحال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، رئيس إحدى المؤسسات النفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

تأتي الخطوة متزامنة مع توجيه وزارة المالية خطاباً إلى جميع الجهات الحكومية على المستوى المركزي والسلطات المحلية، أبلغتها فيه بالامتناع عن إجراء أي عقود للشراء أو التزامات مالية جديدة إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة.

الخزينة اليمنية خسرت نحو 3 مليارات دولار نتيجة توقف تصدير النفط (إعلام محلي)

وقال بن مبارك في حسابه على «إكس» إنه أحال ملفاً جديداً في قضايا الفساد إلى النائب العام، ضمن إجراءات مستمرة، انطلاقاً من التزام الحكومة المطلق بنهج مكافحة الفساد وإعلاء الشفافية والمساءلة بوصفه موقفاً وليس مجرد شعار.

وأكد أن الحكومة والأجهزة القضائية والرقابية ماضون في هذا الاتجاه دون تهاون، مشدداً على أنه لا حماية لمن يثبت تورطه في نهب المال العام أو الفساد المالي والإداري، مهما كان موقعه الوظيفي.

في السياق نفسه، أوضح مصدر حكومي مسؤول أن مخالفات جديدة في قضايا فساد وجرائم تمس المال العام تمت إحالتها إلى النائب العام للتحقيق واتخاذ ما يلزم، من خلال خطاب وجّه إلى النيابة العامة، يتضمن المخالفات التي ارتكبها المدير التنفيذي لشركة الاستثمارات النفطية، وعدم التزامه بالحفاظ على الممتلكات العامة والتصرف بشكل فردي في مباحثات تتعلق بنقل وتشغيل أحد القطاعات النفطية.

وتضمن الخطاب -وفق المصدر- ملفاً متكاملاً بالمخالفات التي ارتكبها المسؤول النفطي، وهي الوقائع التي على ضوئها تمت إحالته للتحقيق. لكنه لم يذكر تفاصيل هذه المخالفات كما كانت عليه الحال في إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة التسبب في إهدار 180 مليون دولار.

وجدّد المصدر التزام الحكومة المُطلق بالمحافظة على المال العام، ومحاربة جميع أنواع الفساد، باعتبار ذلك أولوية قصوى. وأشار إلى أن القضاء هو الحكم والفيصل في هذه القضايا، حتى لا يظن أحد أنه بمنأى عن المساءلة والمحاسبة، أو أنه فوق القانون.

تدابير مالية

في سياق متصل بمكافحة الفساد والتجاوزات والحد من الإنفاق، عمّمت وزارة المالية اليمنية على جميع الجهات الحكومية عدم الدخول في أي التزامات مالية جديدة إلا بعد موافقتها على المستويات المحلية والمركزية.

تعميم وزارة المالية اليمنية بشأن ترشيد الإنفاق (إعلام حكومي)

وذكر التعميم أنه، وارتباطاً بخصوصية الوضع الاقتصادي الراهن، واستناداً إلى قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم 30 لعام 2022، بشأن وضع المعالجات لمواجهة التطورات في الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي، وفي إطار دور وزارة المالية بالموازنة بين النفقات والإيرادات، فإنها تهيب بجميع الجهات المشمولة بالموازنة العامة للدولة والموازنات الملحقة والمستقلة الالتزام بالإجراءات القانونية وعدم الدخول في أي التزامات جديدة أو البدء في إجراءات عملية الشراء إلا بعد أخذ الموافقة المسبقة منها.

وأكد التعميم أن أي جهة تُخالف هذا الإجراء ستكون غير مسؤولة عن الالتزامات المالية المترتبة على ذلك. وقال: «في حال وجود توجيهات عليا بشأن أي التزامات مالية فإنه يجري عرضها على وزارة المالية قبل البدء في إجراءات الشراء أو التعاقد».

دعم صيني للإصلاحات

وناقش نائب محافظ البنك المركزي اليمني، محمد باناجة، مع القائم بالأعمال في سفارة الصين لدى اليمن، تشاو تشنغ، مستجدات الأوضاع المتعلقة بتفاقم الأزمات المالية التي يشهدها اليمن، والتقلبات الحادة في أسعار الصرف التي تُعد نتيجة حتمية للوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، والذي أثر بشكل مباشر على القطاع المصرفي والمالي.

وأعاد المسؤول اليمني أسباب هذا التدهور إلى اعتداء «ميليشيات الحوثي» على منشآت تصدير النفط، ما أدى إلى توقف التصدير، الذي يُعد أهم مصدر لتمويل خزينة الدولة بالنقد الأجنبي، والذي تسبب في مضاعفة العجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات.

نائب محافظ البنك المركزي اليمني خلال لقائه القائم بالأعمال الصيني (إعلام حكومي)

وخلال اللقاء الذي جرى بمقر البنك المركزي في عدن، أكد نائب المحافظ أن إدارة البنك تعمل جاهدة على تجاوز هذه التحديات، من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية المُتاحة. وأشار إلى استجابة البنك بالكامل لكل البنود المتفق عليها مع المبعوث الأممي، بما في ذلك إلغاء جميع الإجراءات المتعلقة بسحب «نظام السويفت» عن البنوك التي لم تنقل مراكز عملياتها إلى عدن.

وأعاد المسؤول اليمني التذكير بأن الحوثيين لم يتخذوا أي خطوات ملموسة، ولم يصدروا بياناً يعبرون فيه عن حسن نياتهم، في حين أكد القائم بأعمال السفارة الصينية دعم الحكومة الصينية للحكومة اليمنية في كل المجالات، ومنها القطاع المصرفي، للإسهام في تنفيذ الإصلاحات.