انتهاكات الحوثيين ضد المنظمات الدولية والإنسانية أمام مجلس الأمن

غروندبرغ حذر من «لعبة ذات محصلة صفرية» في الاقتصاد اليمني

تصعيد الحوثيين البحري عرقل مساعي غروندبرغ لإنجاز خريطة طريق للسلام في اليمن (الأمم المتحدة)
تصعيد الحوثيين البحري عرقل مساعي غروندبرغ لإنجاز خريطة طريق للسلام في اليمن (الأمم المتحدة)
TT

انتهاكات الحوثيين ضد المنظمات الدولية والإنسانية أمام مجلس الأمن

تصعيد الحوثيين البحري عرقل مساعي غروندبرغ لإنجاز خريطة طريق للسلام في اليمن (الأمم المتحدة)
تصعيد الحوثيين البحري عرقل مساعي غروندبرغ لإنجاز خريطة طريق للسلام في اليمن (الأمم المتحدة)

أحاط مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ مجلس الأمن الدولي، الخميس، باعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين وعمال الإغاثة، مشدداً على إطلاق سراحهم، إضافة إلى الإحاطة بتطورات مساعي السلام اليمني والأوضاع الاقتصادية والعسكرية.

وتحدث المبعوث إلى اليمن عما سماه عودة الأطراف «إلى اللعبة ذات المحصلة الصفرية، فبدلاً من وضع أولويات الشعب اليمني أولاً، لجأت الأطراف إلى اتخاذ تدابير تعتقد أنها تعزز مواقفها. مما يعرض قابلية تنفيذ الالتزامات التي تم التعهد بها مسبقاً للخطر، وفق تعبيره.

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

ونبه غروندبرغ المجلس إلى الحملة القمعية الحوثية ضد المجتمع المدني اليمني والمنظمات غير الحكومية والأمم المتحدة، مؤكداً أن الجماعة احتجزت 13 موظفاً من الأمم المتحدة، بمن فيهم أحد زملائه في صنعاء، بالإضافة إلى خمسة موظفين من العاملين في المنظمات غير الحكومية الدولية، والعديد من موظفي المنظمات غير الحكومية الوطنية والمجتمع المدني، بشكل تعسفي.

وأعرب عن قلقه أيضاً بشأن الحكم الحوثي الصادر في 1 يونيو (حزيران) بإعدام 45 فرداً، وأعاد التأكيد على دعوات الأمم المتحدة لتعليق عقوبة الإعدام، سواء في القانون أو في الممارسة، في كل مكان في العالم.

وقال: «منذ بدء التصعيد في البحر الأحمر، سعيت لضمان ألا يحيد التركيز عن الهدف الرئيسي، وهو الحل السلمي للنِّزاع في اليمن».

وأوضح بالقول: «تتجلى عقلية المحصلة الصفرية بشكل واضح في الاقتصاد. فقد انكمش الاقتصاد بشكل حاد في أعقاب الهجوم (الحوثي) على منشآت تصدير النفط في أكتوبر (تشرين الأول) 2022، مما أدى إلى توقف كامل لتصدير النفط الخام، وأثر بشدة على دخل الحكومة اليمنية».

وأحاط غروندبرغ مجلس الأمن بشأن التطورات المتلاحقة في القطاع المصرفي اليمني، وحذر من مغبة الاستمرار في التصعيد وتأثيره المحتمل على واردات السلع الأساسية إلى اليمن. وحث المعنيين الإقليميين والدوليين لوضع ثقلهم وراء عقد محادثات مباشرة بين الأطراف تلبية للدعوة التي وجهها لحوار برعاية أممية.

الموظفون الأمميون في صنعاء يواجهون حملة قمع حوثية (إ.ب.أ)

وحض المبعوث الحوثيين على احترام حقوق اليمنيين بموجب القانون الدولي، والإفراج عن جميع موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية على الفور ودون قيد أو شرط؛ لأن مثل هذه الاعتقالات التعسفية ليست الإشارة المتوقعة لجهة فاعلة تسعى إلى حل للصراع عبر الوساطة، وفق تعبيره.

وقال إنه دعا رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي، ومهدي المشاط رئيس المجلس السياسي الأعلى للحوثيين، للحوار دون شروط مسبقة برعاية الأمم المتحدة، وذلك في إطار جهود إزاء تطورات الإجراءات الخاصة بالبنوك، محذرا من أن ذلك «قد يعمق الانقسامات والتشظي في القطاع المصرفي وتفتح في الوقت نفسه المجال لتصعيد عسكري محتمل».

وحض غروندبرغ الأطراف الإقليمية والدولية ذات القوة والنفوذ على وضع ثقلها وراء مثل هذه المحادثات المباشرة.

وأضاف أنه لا يزال «مصمماً على جمع الأطراف معاً لمناقشة الاقتصاد، وإطلاق سراح المعتقلين المرتبطين بالنزاع، وفتح طرق إضافية، وفي النهاية لوضع اللمسات النهائية على خريطة الطريق»، فضلاً عن تصميمه على العمل مع أسرة الأمم المتحدة من أجل إطلاق سراح موظفي الأمم المتحدة.

الجماعة الحوثية تفرض قبضة أمنية مشددة ضد المدنيين والحريات العامة (إ.ب.أ)

وبخصوص الوضع العسكري، قال غروندبرغ إنه «غير مستقر»، حيث شهدت الأشهر الماضية تصاعداً تدريجياً في القتال، بما في ذلك الشهر الماضي عندما تم الإبلاغ عن اشتباكات في الضالع ولحج ومأرب وتعز، فضلاً عن التهديدات المستمرة من جميع الأطراف بالعودة إلى الحرب.

وأعرب المبعوث عن إحباطه بشأن تأثير الوضع الإقليمي وقلقه بشأن الخطابات والإجراءات التصعيدية للأطراف، لكنه قال إنه لا يزال متفائلاً نظراً لوجود تطورات إيجابية، بما في ذلك فتح الطرق.

اقرأ أيضاً


مقالات ذات صلة

الحوثيون ينشئون آلية للجبايات تحت مزاعم دعم القضاء

العالم العربي الجماعة الحوثية تعتزم فرض ضرائب دخل على مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)

الحوثيون ينشئون آلية للجبايات تحت مزاعم دعم القضاء

يتجه الحوثيون إلى توسيع دائرة مواردهم من خلال ابتكار آليات ووسائل جديدة للجبايات بالتزامن مع مساعيهم إلى إعادة هيكلة المؤسسات الحكومية في مناطق سيطرتهم.

وضاح الجليل (عدن)
يوميات الشرق وزير الإعلام اليمني وعدد من سفراء الدول العربية والأجنبية لدى اليمن خلال انطلاق «ليالٍ يمنية» في الرياض (متداولة)

أنغام الطرب اليمني الأصيل تُعانق رقصات الفلكلور في قلب الرياض

على إيقاع الطرب اليمني الأصيل، وتناغم رقصات الفلكلور التراثي العريق، انطلقت مساء الأحد في قلب العاصمة السعودية الرياض، فعاليات «ليالٍ يمنية» التي تستمر 3 أيام.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي اليمنيون يشتكون من بطء الإنترنت رغم مزاعم تدشين خدمة الجيل الرابع (إكس)

إرغام محال الإنترنت بصنعاء على المشاركة في التعبئة الحوثية

شنَّت الجماعة الحوثية في الأيام الأخيرة حملات ضد مُلاك مَحال وشبكات الإنترنت في العاصمة المختطفة صنعاء، بغية ابتزازهم وإجبارهم على الترويج لأفكار الجماعة.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي من اجتماع سابق لمجلس القيادة الرئاسي اليمني (سبأ)

«الرئاسي اليمني» يلتزم بدعم إصلاح الاقتصاد ومعركة استعادة الدولة

جدد مجلس القيادة الرئاسي اليمني التزامه بدعم مسار الإصلاحات الاقتصادية، والتركيز على القضية المصيرية المتمثلة في معركة استعادة الدولة وإنهاء انقلاب الحوثيين

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي حضور فاعل لمركز الملك سلمان في كل الجوانب الإنسانية داخل اليمن (الأمم المتحدة)

185 ألف يمني يستفيدون من مشروع يموله مركز الملك سلمان

أطلقت المنظمة الدولية للهجرة، بالشراكة مع مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، مشروعاً حيوياً بقيمة 2.25 مليون دولار لتحسين خدمات الصرف الصحي في مأرب.

محمد ناصر (تعز)

انقلابيو اليمن يشعلون مزيداً من الصراعات القبلية

غياب العدالة وتجريف القضاء أديا إلى تنامي الصراعات القبلية في مناطق سيطرة الحوثيين (إ.ب.أ)
غياب العدالة وتجريف القضاء أديا إلى تنامي الصراعات القبلية في مناطق سيطرة الحوثيين (إ.ب.أ)
TT

انقلابيو اليمن يشعلون مزيداً من الصراعات القبلية

غياب العدالة وتجريف القضاء أديا إلى تنامي الصراعات القبلية في مناطق سيطرة الحوثيين (إ.ب.أ)
غياب العدالة وتجريف القضاء أديا إلى تنامي الصراعات القبلية في مناطق سيطرة الحوثيين (إ.ب.أ)

بالتزامن مع بيانات أممية أكدت اتساع رقعة الفقر في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، تواصل الجماعة المدعومة إيرانياً إشعال الصراعات القبلية التي تحولت إلى أحد مصادر كسب الأموال لدى قادتها، إلى جانب إشغال فئات المجتمع بالصراعات البينية لتجنب أي انتفاضة شعبية نتيجة تدهور الأوضاع المعيشية.

وذكرت مصادر قبلية أن وجهاء محليين في محافظة الجوف (شمال شرقي صنعاء) أبرموا اتفاقاً للهدنة بين قبيلتي «المعاطرة» و«ذو زيد» بعد أسبوع من المواجهات القبلية التي أدت إلى وقوع 16 قتيلاً وجريحاً من الجانبين.

عناصر حوثيون في صنعاء خلال حشد دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)

وأوضحت المصادر أن الوسطاء أعادوا فتح الطرقات بين منطقتي المواجهة التي تأتي في سياق تغذية الصراعات القبلية في المحافظة لإضعاف القبائل وإبعادها عن أي مواجهة مرتقبة مع الحوثيين.

واندلعت الاشتباكات - بحسب المصادر - نتيجة خلافات قبلية على ملكية جبل يسمى «نهم» يفصل بين القبيلتين، ويدَّعي كل طرف ملكيته، لكنها اتهمت قيادات في جماعة الحوثي بالوقوف خلف تلك الاشتباكات بعد تغذيتها للخلافات بين الطرفين منذ ما يقارب الشهرين، وعدم فصلها فيها رغم لجوء الطرفين إلى المشرفين الحوثيين هناك.

نزاع في إب

وفي مديرية الشعر التابعة لمحافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) قام القيادي الحوثي أشرف الصلاحي، وهو المسؤول عن إدارة المديرية، بشن حملة لاختطاف العشرات من السكان، وتغذية خلافات بين عائلتي «شهبين» و«عبية» على خلفية السعي لافتتاح طريق فرعي يمر عبر أراضٍ زراعية تملكها الأولى، رغم وجود طريق رئيسي تم تعبيده على نفقة السكان، ويُستخدم منذ عشرات السنين.

ووفقاً لما ذكره سكان في المنطقة التي تعد واحدة من بؤر المعارضة لسلطة الحوثيين، نشب خلاف بين الأسرتين في قرية «الشريحيين» بعزلة الأملوك حول استحداث طريق إضافي في المنطقة، حيث رفضت عائلة «شهبين» ضغوط القيادي الحوثي الصلاحي المعين مديراً للمديرية لفتح الطريق بقوة السلاح.

حملة عسكرية أرسلها الحوثيون لنصرة طرف ضد آخر في محافظة إب (إعلام محلي)

وأكد السكان أن الوضع في طريقه للانفجار في ظل إصرار القيادي الحوثي على انحيازه إلى أحد الأطراف، والحصول على أموال مقابل ذلك الموقف، وتمسُّك المعارضين بموقفهم.

وطبقاً لما روته مصادر قبلية متعددة لـ«الشرق الأوسط»، فإن المسؤولين الحوثيين في معظم المناطق يعتمدون على الجبايات في جمع الأموال، وتدبير نفقاتهم وإدارتهم، حيث يرغمون السكان على دفع نفقات تحرك أفراد الشرطة لمعاينة أي حادثة أو إحضار أحد المطلوبين، كما يحرصون على أن يكونوا محكمين في أي قضايا خلافية بين السكان للحصول على مبالغ مالية والحيلولة دون وصول هذه القضايا إلى المحاكم.

العبث بالقضاء

كانت الجماعة الحوثية قد شكلت قبل عامين ما سمته «المنظومة العدلية» بقيادة محمد علي الحوثي، ابن عم زعيم الجماعة، بهدف إدارة المحاكم والقضاة ومراقبتهم، واتخاذ العقوبات اللازمة بحقهم.

وأخيراً منحت الجماعة نفسها من خلال التعديل الأخير على قانون السلطة القضائية، حق تعيين معممين طائفيين قضاة في المحاكم، كما أضافت مادة إلى القانون تمنح هؤلاء القضاة حق معاقبة المحامين بالمنع من الترافع لمدة 3 أعوام إذا رأوا أن مرافعاتهم لا تسير وفق هوى الجماعة.

ابن عم زعيم الجماعة الحوثية خلال تجمع في صنعاء (أ.ف.ب)

التعديلات التي قوبلت باعتراض رسمي وشعبي واسع رفضتها نقابة المحامين اليمنيين؛ إذ عبّرت عن أسفها من إقدام ما يسمى مجلس النواب في صنعاء الذي يضم عدداً لا يزيد على 40 فرداً أغلبهم تم انتخابهم من قِبل الحوثيين بعد وفاة الأعضاء الأساسيين، على إقرار مشروع التعديل الخاص بقانون السلطة القضائية دون نقاش.

وبينما أكدت النقابة تمسُّكها الكامل بموقف المحامين الرافض للتعديلات القانونية برمتها، وإدانة تمرير المشروع، رأى محامون أن إفراغ القضاء والعد التنازلي لإنهاء استقلاله في مناطق سيطرة الحوثيين بدأ منذ قبول ما يسمى مجلس القضاء «الخضوع والتماهي مع مخططات الجماعة»، وإجبار القضاة على حضور دورات طائفية حتى يحافظوا على فتات لقمة العيش التي يحصلون عليها.

ووصف المحامون تلك التعديلات التي أُدخلت على قانون السلطة القضائية بأنها نتيجة التنازلات المؤلمة التي أصبح ضحيتها الشعب بأكمله.

اشتداد الفقر

تأتي هذه الممارسات الحوثية بينما لا يزال انعدام الأمن الغذائي مرتفعاً، حيث يعاني واحد من كل اثنين من الأسر من استهلاك غير كافٍ للغذاء، في حين تأثرت نحو 43 في المائة من الأسر في مناطق سيطرة الجماعة بشكل كامل.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن درجة استهلاك الغذاء الرديئة، وهي مقياس للحرمان الشديد من الغذاء، تعكس مستويات مثيرة للقلق حيث تأثرت نحو 20 في المائة من الأسر سلباً، وفق ما ورد في بيانات أممية حديثة.

مع اتساع رقعة الفقر يخشى الحوثيون من انتفاضة شعبية (الأمم المتحدة)

وطبقاً لبيانات منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) فإن انعدام الأمن الغذائي في مناطق سيطرة الحوثيين يرجع في المقام الأول إلى خفض المساعدات الإنسانية، ما يؤثر في أولئك الذين اعتمدوا عليها بشكل كبير، جنباً إلى جنب مع الفيضانات الأخيرة والانحدار العام في سبل العيش.

وأدى ذلك - وفق المنظمة الأممية - إلى صدمات للأسر وفقدان الدخل في تلك المناطق، حيث أثرت على نحو 59 في المائة من الأسر، وهي نسبة أعلى بكثير مقارنة بالشهرين الماضيين، أما في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة اليمنية، فقد واجهت نحو 53 في المائة من الأسر صدمات خلال شهر.