لندن لا تنفي الاتصال مع الحوثيين وتشيد بدور السفير السعودي

اللورد أحمد لـ«الشرق الأوسط»: على الحوثيين وقف الهجمات... وما نريده من اليمن هو السلام

TT

لندن لا تنفي الاتصال مع الحوثيين وتشيد بدور السفير السعودي

وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط (الشرق الأوسط)
وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط (الشرق الأوسط)

لم ينفِ وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط، اللورد طارق أحمد، وجود قنوات اتصال خلفية مع الحوثيين، كما لم يخفِ إعجابه بالدبلوماسية التي تتخذها السعودية، وسفيرها لدى اليمن محمد آل جابر، في دعم السلام و«الجسور» التي توفرها لحلّ الأزمة التي بدأت في 21 سبتمبر (أيلول) 2014 بانقلاب الحوثيين، وتستمر حتى اللحظة.

ودعا اللورد الحوثيين إلى وقف الهجمات التي تستهدف السفن في البحر الأحمر، وربط ذلك بعملية السلام، في موقف لم يستغربه المتابعون للشأن اليمني، نظراً لمطابقته الموقف الأميركي.

التقت «الشرق الأوسط» الوزير بمقرّ الخارجية البريطانية في منطقة «وايتهول» الشهيرة وسط لندن، وهي مقر الحكومة ورئيسها الساكن في الشارع المجاور بعنوان «10 داونينغ ستريت».

جلّ المقابلة كان عن الشأن اليمني، وهو ما يشغل بدوره حيزاً من جدول الوزير. فقبل اللقاء، التقى اللورد أحمد رئيس الوزراء اليمني الدكتور أحمد عوض بن مبارك، الذي زار لندن بدعوة رسمية، والتقى وزير الخارجية اللورد ديفيد كاميرون، ووزير الدفاع غرانت شابس.

تزامن ذلك مع إعلان المملكة المتحدة زيادة الدعم المالي، الذي تقدمه إلى اليمن عبر مؤسسات دولية، بمبلغ يلامس 177 دولاراً (139 مليون جنيه إسترليني)، وهو رقم لافت، بزيادة 56 في المائة، مقارنة بالدعم السابق، ويساهم في توفير الغذاء لأكثر من 850 ألف شخص، وعلاج 7000 ألف طفل ممن يعانون سوء التغذية.

السلم والبحر... مقاربات متباينة

يبدو أن مقاربات الحكومة اليمنية والحوثيين والدول الصديقة لليمن متباينة حول استئناف عملية السلام وربطها بالعمليات في البحر الأحمر.

من خلال الحديث مع قيادات ومسؤولين في مختلف الأطراف، يظهر أن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة تدعمان خريطة الطريق الأممية بشرط توقف الحوثيين، ولديهما أسباب، أبرزها استخدام الأمر ورقة ضغط على الحوثيين.

لكن الحكومة اليمنية قد تتوافق مبدئياً مع رأي الحوثيين بأن ربط العمليتين «يحتاج مراجعة»، كما يقول رئيس الوزراء اليمني الدكتور أحمد بن مبارك، خلال حديث مع «الشرق الأوسط»، لكن الأساس الذي تنطلق منه يختلف مع الحوثيين، فالحكومة ترى أن توقف العمليات لن يحوّل الحوثيين إلى دعاة سلام، ولن يوقف التحشيد والتصعيد الداخلي والاقتتال.

في المقابل، يأتي سبب تمسك الحوثيين بالفصل هو مزاعم الجماعة أن عملياتهم تستهدف إسرائيل، وليست في إطار أي مماحكات داخلية يمنية.

ولا يرى اللورد أحمد أن الجماعة سوف تستطيع أن تحقق السلام من دون توقف العمليات البحرية. ويقول: «من المؤكد أن الأمرين مترابطان، فليس بإمكانهم أن يستمروا في شنّ هجمات في البحر الأحمر، بينما يراودهم الأمل في أن يأتيهم السلام بطريقة أو بأخرى. هذا غير مقبول، وإنما عليهم وقف الهجمات الآن، وأن يضعوا تلك الأسلحة جانباً، وأن يجلسوا على طاولة المفاوضات. وهذا طلب واضح للغاية من جانب المملكة المتحدة».

يضيف الوزير: «لقد استمر الصراع في اليمن لفترة طويلة للغاية، ويعاني المواطنون العاديون بسببه بشدة. اليمنيون يريدون السلام، ونحن نؤمن بهذا المسار. ويعني ذلك، تبني العمل الذي جرى إنجازه، خاصة مع الشركاء، مثل المملكة العربية السعودية».

وكان المبعوث الأممي لليمن قريباً من رسم خريطة سلام يمنية، بعدما تسلم التزامات عالية، لم يثنِه عنها سوى التصعيد الذي بدأه الحوثيون بمزاعم نصرة غزة.

ويرى محمود شحره، الباحث في المعهد الملكي البريطاني للعلاقات الدولية (شاتام هاوس)، أنه إذا أرادت بريطانيا وتحالف الازدهار أن ينجحا في وقف الهجمات الحوثية «فعليهم توحيد الأهداف مع اليمن والإقليم»، وحتى ينجح ذلك يقول شحره لـ«الشرق الأوسط»: «إن عليهم التنسيق بشكل أكبر مع شريكهم المحلي في اليمن، وهو الحكومة، وشركائهم الإقليميين، وعلى رأسهم السعودية والإمارات».

الأمر الآخر، يتمثل في «دعم الحكومة اليمنية عسكرياً»، بحسب الباحث الذي يرى أن ذلك سينتج عنه توحيد وتماسك رؤية مجلس القيادة الرئاسي.

الاتصالات مع الحوثيين

«يبقى من المهم ما أثرته بشأن إبقاء القنوات الخلفية مفتوحة»، يرد اللورد أحمد على سؤال حول بقاء الاتصال مع الجماعة، وهو أمر لا تخفيه لندن سابقاً، ولم تنفِه حالياً، فسفيرها الأسبق لدى اليمن مايكل آرون قال في مقابلة سابقة مع «الشرق الأوسط» إنه تناول الغداء مع محمد عبد السلام، المتحدث باسم الحوثيين والمقيم في مسقط.

يقول اللورد أحمد: «من المهم التنويه هنا بأننا لا نعترف بالحوثيين باعتبارهم الحكومة الشرعية لليمن. تعاملنا مع الحكومة اليمنية، ويظل من المهم أن نملك القدرة على نقل رسائلنا. في الوقت ذاته، يضطلع سفير السعودية (محمد آل جابر) بدور جيد ومهم للغاية في بناء جسور التواصل. ونأمل أن نعاين، إن شاء الله، تقدماً نحو السلام في الشرق الأوسط، على أصعدة الصراعات المختلفة المستعرة هناك».

ويؤكد الوزير على أهمية إبقاء الاتصالات مفتوحة مع الأطراف، ويستدل بالعلاقة مع طهران، قائلاً: «رغم أن إيران هي من يقف وراء كثير من التمويل والدعم الذي يحصل عليه الحوثيون، فإننا ما نزال نحتفظ بعلاقاتنا الدبلوماسية معها. ويتيح ذلك لوزير الخارجية ديفيد كاميرون أن يتصل هاتفياً بوزير الخارجية الإيراني، عندما تكون هناك قضية مباشرة نرغب في إثارتها معهم. نحن لا نعمل بالاعتماد على روح التحدي، وإنما التفاعل المباشر».

وفيما يخصّ اليمن تحديداً، يجزم اللورد أحمد بأن بلاده انخرطت بشكل إيجابي في هذا الشأن، «ونجحنا في سد الفجوة بين السعودية و(الأمم المتحدة)، ونحرص على العمل داخل إطار (الأمم المتحدة)، وما يتعين علينا إنجازه الآن وضع حدّ للهجمات غير القانونية على عمليات الشحن التجاري من جانب الحوثيين، وإجبارهم على إظهار جديتهم تجاه السلام والجلوس على طاولة المفاوضات».

ويشدد الوزير على أن السلام في اليمن يجب أن يكون شاملاً، وأن يتضمن الحكومة اليمنية، ويسعى إلى تلبية احتياجات وتطلعات وأمن واستقرار «الشركاء الإقليميين الرئيسيين» لبلاده، وهما السعودية والإمارات. يقول اللورد أحمد: «في الوقت الراهن، تبدو التحديات هائلة. ونحن بحاجة إلى ضمان استمرار تمرير هذه الرسائل، سواء أكان ذلك عبر دولة ثالثة، أم قنوات سرية. والآن، ثمة فرصة لصنع السلام، خاصة أنه السبيل الوحيدة للتقدم على صعيدي الاستقرار والأمن».

الحوثيون وإيران... شكل العلاقة

سألت «الشرق الأوسط» الوزير: «هل الاعتقاد بمحدودية النفوذ الإيراني داخل الحوثيين ما زال قائماً اليوم، حتى بعد هجمات البحر الأحمر؟»، فأجاب بالقول: «حسناً، هذا ليس موقف المملكة المتحدة، إذ نعتقد أن ثمة رابطاً بين الجانبين. إذا نظرت إلى مصدر الأسلحة التي يحصل عليها الحوثيون، فستجد أن هناك صلة قوية تربطهم بإيران. ومن الواضح لنا أن إيران هي من تمدّ الحوثيين بالسلاح، لتمكنهم من شنّ العمليات غير القانونية في البحر الأحمر، وكذلك للعمل على إطالة أمد الصراع في اليمن»، مضيفاً: «ما أعتقده اختلافاً هو أنه ليس كل عمليات القيادة والسيطرة داخل الحوثيين تأتي من إيران».

ويشدد الوزير على أن عمليات الحوثيين ليست عسكرية وحسب، وإنما تستهدف الطرق التجارية: «وإذا نظرنا إلى السياق الأوسع، فسنجد أن 15 في المائة من عمليات الشحن تمر عبر البحر الأحمر». ويعدّ كامل العمليات التي تتولاها بلاده بالمشاركة مع الولايات المتحدة تأتي في إطار مواجهة التحدي الحوثي.

«هذه الهجمات على عمليات الشحن التجاري تخلف تداعياتها علينا جميعاً». يقول الوزير: «في الواقع، إنها تؤثر على كل سفينة تتجه من الشرق إلى الغرب. كما أنها تؤثر على جيوب الناس... وعليه، هناك إدراك حقيقي أن الحوثيين يشكلون تحدياً حقيقياً لنا فيما يتعلق بالشحن البحري، ناهيك عن التحديات الأخرى التي يمثلونها، وعلى رأسها التسليح الذي توفره إيران لهذا الجزء من العالم».

اللورد والتكرار... أوقفوا الهجمات

كرّر الوزير كلمة «أوقفوا الهجمات»، ويقصد بها هجمات الحوثيين ضد السفن التجارية في البحر الأحمر وخليج عدن، وحديثاً يزعمون مهاجمة سفن في المتوسط.

وبسؤاله؛ هل تعتقد أنهم سيتوقفون قريباً؟ قال: «لا أريد التكهن بما قد يفعله أو لا يفعله الحوثيون. ومع ذلك، فإن أحد الأشياء التي أظهروها أنه إذا نظرنا إلى الشهر الماضي أو نحو ذلك، كان هناك بعض الهدوء في البداية في منتصف أبريل (نيسان) تقريباً، فيما يخص الهجمات ضد السفن التجارية بالبحر الأحمر. إلا أننا شهدنا فجأة ارتفاعاً طفيفاً مرة أخرى. الآن، يجب أن يتوقف الأمر عند هذا الحد». متابعاً: «في الواقع، الحوثيون أنفسهم مسؤولون عن أفعالهم. كما أنهم مسؤولون عن نظرة الناس والبلدان الأخرى لهم. وما أظهروه من خلال تصرفاتهم الأخيرة هو أنهم بعيدون عن أن يكونوا لاعباً موثوقاً به».

أما الشيء الوحيد الذي يتركز عليه الاهتمام، بحسب الوزير، فهو «الحاجة إلى إرساء الاستقرار والأمن في جميع أنحاء المنطقة». يقول اللورد: «للمملكة المتحدة مصلحة مباشرة في ذلك، لأن كثيراً من أصدقائنا وشركائنا موجودون في تلك المنطقة، ونودّ العمل معهم، ولهذا السبب، فإننا ندعم بقوة المبادرات التي طرحتها السعودية».

في هذا الصدد، «أؤكد أن سفير السعودية (لدى اليمن محمد آل جابر) شخص أعرفه جيداً، وتعاونت معه، وتحدثت إليه الأسبوع الماضي».

لكن ثمة أمراً أساسياً آخر هنا، وهو وفقاً للوزير: «تعاوننا مع الحكومة اليمنية، فجدير بالذكر هنا أن رئيس وزراء اليمن موجود حالياً في لندن، بينما نتحدث، وقد التقيت به، وأجرينا مناقشة مثمرة للغاية حول التفاصيل. وسعياً لإعطاء الحكومة اليمنية شعوراً بالطمأنينة، التقينا رئيس مجلس القيادة ووزير الخارجية، الذي أعرفه على المستوى الشخصي، علاوة على رئيس الوزراء».

لم تقتصر هذه اللقاءات عليّ فحسب، يقول الوزير: «ففي أثناء زيارته، التقى رئيس الوزراء اليمني أحمد بن مبارك كذلك بوزير الخارجية ووزير الدفاع، لأن هذه علاقات مهمة نحرص على بنائها، ونرغب في أن تكون العملية السياسية الجارية اليوم، التي يشارك بها المبعوث الخاص غروندبرغ، شاملة، وكذلك العمل على ضمان أن الحكومة اليمنية ليست مجرد جزء من الهامش، وإنما تضطلع بدور مركزي في المفاوضات من أجل إقرار سلام مستدام في اليمن».

قوائم الإرهاب

عندما شرعت في مجابهة الحوثيين بحراً، طعّمت واشنطن استراتيجيتها بخطوات ناعمة، تمثلت في تصنيف قيادات وكيانات وأفراد في قوائم الخزانة الأميركية، كما صنفت الحوثيين ضمن قوائم الإرهاب.

لم تتخذ المملكة المتحدة القرار نفسه. ويؤكد الوزير أن «الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ليستا في وضع مقارنة»، وأنهما مختلفان تماماً من حيث كيفية تحديد التصنيفات أو التقييمات.

ومع ذلك، يقول اللورد: «لا نتكهن بما قد يحدث في المستقبل فيما يتعلق بالجماعات الإرهابية، فهذا أمر يعود إلى زملائنا في وزارة الداخلية. أما الشيء الوحيد الذي نحن واضحون بشأنه فهو أن الحوثيين يعطلون الملاحة البحرية التجارية في الوقت الحالي، ويلحقون كذلك أضراراً لا توصف باليمن وأبناء اليمن من المواطنين العاديين، جراء أفعالهم في البحر الأحمر، ورفضهم الجلوس إلى طاولة المفاوضات. وفي رأيي، إن ما يجب أن يحدث هو وقف العمليات في البحر الأحمر بشكل دائم، وعلى أساس مستدام، والتوقف عن مهاجمة السفن التجارية، وليس السفن البريطانية والأميركية والغربية فقط، وإنما أي سفن تجارية تمر هناك.

ويعيد الوزير التأكيد على «قوة التعاون الذي بنيناه مع دول أخرى على هذا الصعيد، هناك بعض الأطراف التي لا تشارك في العملية، لكنها تبقى رغم ذلك جزءاً لا يتجزأ من الأمن في البحر الأحمر. وفي الواقع، يصبّ وقف الهجمات في صالح الجميع، ويجب إقرار ذلك».

ماذا تريد لندن من اليمن؟

لم يكن السؤال يشبه العنوان عند طرحه، فقد كان أطول بكثير، إذ نقلت «الشرق الأوسط» التساؤل الذي تطرحه بشكل مستمر نخب وشخصيات عامة من اليمن.

إجابة الوزير جاءت بلا مفاجأة، إذ قال باختصار: «السلام»، ثم أردف قائلاً: «صحيح أنها مهمة بسيطة، ولكن القيام بها يعد أمراً معقداً للغاية»، ثم مضى يقول: «لقد كان هناك بعض التقدم الجيد الذي تم إحرازه (في اليمن) قبل التداعيات البغيضة التي خلّفها (هجوم) 7 أكتوبر (تشرين الأول) على إسرائيل، والتي تكون ذات صلة عندما نتحدث عن إيران والجماعات التي ترعاها. ومرة أخرى، فإن حركة (حماس) تعد مثالاً جيداً على ذلك، ولكن التصعيد الذي رأيناه بعد ذلك جاء في الوقت الذي كنا نقترب فيه أكثر فأكثر من الهدف المنشود (خريطة السلام اليمنية)، إذ جرى تعزيز بعض التنسيق، وإنجاز بعض الأعمال الإيجابية في (الأمم المتحدة)... وتحدثت في وقت سابق عن المبادرة السعودية، وقطعاً، من المهم أن نولي اهتماماً لهذه العملية، ونتأكد من استمرار الزخم تجاهها».

عاد الوزير مرة أخرى ليوجه رسالة للحوثيين، قائلاً: «إذ كان الحوثيون جادين بشأن السلام، يتعين عليهم التخلي عن أسلحتهم، والتوقف عن شنّ هذه الهجمات، والجلوس على طاولة المفاوضات، من خلال عملية يمنية شاملة لضمان مشاركة جميع الأطراف»، معللاً ذلك بأن السلام هو «المسار الذي نريده و يريده الشعب اليمني (...) حتى يتمكنوا من البدء من جديد، وإعادة بناء حياتهم».

المساهمات الإنسانية

عدد الأشخاص الذين يعانون في اليمن يبدو هائلاً، يقول الوزير: «لهذا السبب أعلنّا في الأيام القليلة الماضية مرة أخرى عن زيادة بأكثر من 56 في المائة في التمويل والدعم للجهود الإنسانية هناك، إذ تمكنّا من الحصول على ما يصل إلى نحو 139 مليون جنيه إسترليني لتمويل الدعم الإنساني الذي يجب أن يصل إلى الفئات الأكثر احتياجاً هناك».

دعونا نكون واضحين للغاية، يكمل اللورد: «فسواء كنا نتحدث عن اليمن أو في أي مكان آخر في العالم، فعندما تحدث الصراعات تكون الفئات الأكثر ضعفاً هي الأكثر تأثراً، وهي الفئة التي غالباً ما يشكل الأطفال والنساء غالبيتها، ولكن الفئات المهمشة الأكثر ضعفاً أيضاً تعاني بشكل أكبر، وواجبي الأول سواء أكنت وزيراً في المملكة المتحدة، أم أي شخص آخر يسعى لتمثيل شعبه في أي مكان حول العالم، كما أن الواجب الأول لأي حكومة مسؤولة هو أمن ورفاهية شعبها. ولذا فإنه سيكون من الحكمة بالنسبة للحوثيين أن يدركوا ذلك من أجل وقف الهجمات، حيث يجب أن ينظروا إلى أمن واستقرار ورخاء ومستقبل هؤلاء الأطفال اليمنيين الصغار والصبيان والفتيات، وأن يتأكدوا من أن مستقبل هؤلاء سيكون إيجابياً».

وفيما يتعلق بالتنمية، يرى الوزير أن بلاده تريد ضمان أن تتركز الأولوية في كل الدعم الذي تقدمه على الفئات الأكثر ضعفاً، «وهو ما يعني التركيز أيضاً على النساء والفتيات، فهذه أولوية تنموية بالنسبة للمملكة المتحدة، كما أننا نتطلع إلى إيصال الدعم أيضاً إلى المواطنين العاديين في اليمن بشكل مباشر».



رئيس البعثة التايوانية لدى السعودية: 260 ألف جهاز «بيجر» جرى تصديرها خلال عامين

سامي جانج الموفد التايواني لدى السعودية (الشرق الأوسط)
سامي جانج الموفد التايواني لدى السعودية (الشرق الأوسط)
TT

رئيس البعثة التايوانية لدى السعودية: 260 ألف جهاز «بيجر» جرى تصديرها خلال عامين

سامي جانج الموفد التايواني لدى السعودية (الشرق الأوسط)
سامي جانج الموفد التايواني لدى السعودية (الشرق الأوسط)

تحقق السلطات القضائية التايوانية، لتحديد المسؤول الأول عن تعديل مصنعاتها من أجهزة «البيجر» بالشكل الذي حوّلها إلى متفجرات تأذى بها لبنانيون وبعض منتسبي «حزب الله».

ويقول سامي جانج، رئيس البعثة التايوانية لدى السعودية لـ«الشرق الأوسط»، إن ما تم تصديره من الأجهزة بين عامي 2022 و2024 بلغ 260 ألف جهاز، منها ما يقارب 16 في المائة تم تصديره إلى أميركا وأوروبا.

ويأسف المبعوث لما تم تداوله عن الأشخاص الذين أصيبوا في لبنان وغيرها، «وأود أن أنوه بأنه تم التحقق من أن أجهزة (البيجرز)، التي تسببت بالأضرار ليست مستوردة من تايوان إلى لبنان مباشرة».

وأضاف جانج: «تتصنع هذه الأجهزة من اللوحة الرئيسية، وشاشة، وبطارية صغيرة، ومعالج بيانات صغير الحجم، وجهاز فك التشفير وجهاز استقبال الترددات، وجميع هذه المواد الداخلة في عملية التصنيع لا يوجد بها مواد تسبب انفجاراً ممكناً بحيث يؤدي إلى الوفاة أو الإصابة».

ولفت جانج إلى أن شركة «أبولو جولد» التايوانية صدّرت، من أول عام 2022 إلى أغسطس (آب) 2024، أجهزة «بيجر» بلغ عددها 260 ألف جهاز، منها 40929 جهازاً، خلال هذا العام منذ بدايته وحتى شهر أغسطس (آب)، إلى أميركا والدول الأوروبية، ولم يسبق منها أي أضرار أو انفجارات.

وأضاف جانج: «إن ما حصل في لبنان يطرح عدة استفسارات من شاكلة: هل تم تعديل أو تغيير في أجهزة (البيجرز) بعد الاستيراد من شركة (أبولو جولد)، أو تدخل صناعي من الشركات الأجنبية التي صرّحت لها (أبولو جولد) بصناعة (البيجرز)؟».

الموفد التايواني لدى السعودية (الشرق الأوسط)

وتابع جانج: «الإجابات عن هذه الاستفسارات قيد التحقيق في تايوان حالياً من قبل الجهات المسؤولة، لكن من المؤكد أن (البيجرز)، التي تم تصديرها من تايوان بشكلها الذي تم تصديرها به، ليست متسببة بأي أضرار، ولن تتهاون حكومة تايوان في ذلك الشأن؛ إذ تم عرض الشأن على السلطة القضائية التايوانية للتحقيق فيه».

الأثر الاقتصادي على تايوان

وحول أثر أحداث تفجير «البيجرز» على الصناعات التايوانية وعلى الاقتصاد التايواني، قال جانج: «إن سمعة صناعة تايوان معروفة منذ القدم، ومن الصعب جداً أن تتأثر بأي عوامل لما لديها من قدرة على كسب ثقة التجار، الذين سبق لهم التعامل مع المصانع والشركات التايوانية، لما تتمتع به من قدرات وكفاءة وتقنية عالية».

وأضاف: «لا يمكن أن يقاس حجم استثمارات تايوان بعدد قليل من الأجهزة المذكورة؛ إذ هي فقط نقطة في بحر التعاملات التجارية بين تايوان والعديد من دول العالم».

التعاون السعودي - التايواني

كشف جانج أن بلاده تدرس حالياً التعاون مع السعودية في مجال الرقائق الإلكترونية ومعالجة الاتصالات اللاسلكية وبرامج الكمبيوتر، متفائلاً بمستقبل عريض للتعاون الثنائي في الصناعات التكنولوجية الفائقة.

وقال جانج: «ليس هناك حدود للتعاون بين تايوان والمملكة، فإن تايوان تعمل دائماً على استمرارية للعلاقة بين البلدين، والبحث في فرص الاستثمارات المشتركة، وتايوان من أوائل الدول التي سعت للعمل في جميع مجالات التعاون مع المملكة لتحقيق رؤية 2030 التي قادها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان».

ولفت جانج إلى أن شركة «فوكسكون» التايوانية أعلنت الشراكة مع المملكة في صناعة أجزاء السيارات الكهربائية والإلكترونيات، بالإضافة إلى التعاون بين تايوان والبنك الأهلي السعودي بشراء سندات بقيمة 500 مليون دولار، فضلاً عن العديد من الأمثلة على الشراكات الناجحة والمستمرة.

وأضاف جانج: «طبعاً يوجد عدد من المشاريع المقترحة، نظراً إلى أن تايوان تمثل سوقاً عالية الجودة؛ إذ تخضع لمعايير وسياسات رقابية مشددة للحفاظ على سلامة المستخدم والحماية من الغش، وأرى أن مستقبل التعاون مع المملكة واسع جداً، خصوصاً أن تايوان تشتهر بخبرتها وقدرتها على صناعات التكنولوجيات الفائقة، لا سيما في مجال أشباه الموصلات وكذلك الذكاء الاصطناعي».

وتابع: «هناك مجال واسع للتعاون مع السعودية، في مجال الطبي مثلاً، ابتداءً من تشخيص المريض عن بعد حتى العمليات الجراحية عن طريق روبوت يعتمد على الذكاء الاصطناعي. وفي الزراعة، تستخدم الذكاء الاصطناعي في تربية الأنعام والأسماك، وكذلك في التعليم».

ووفق جانج: «إن تايوان أطلقت أخيراً أول كتاب مدرسي مدعوم بالذكاء الاصطناعي؛ حيث يمكّن الطلاب من الوصول إلى المواد الدراسية، ويمكّن المعلمين من الوصول إلى أجوبة الطلاب ومراقبة تقدم الطلاب بدقة عالية».

ولذلك، والحديث للموفد التايواني بالرياض، قررت شركة «AMD» الأميركية المتخصصة في مجال صناعة الرقائق الإلكترونية، وشركة «NVIDIA» لصناعة معالجات الاتصال اللاسلكية وبرامج الكمبيوتر، مطلع هذا العام، أن تؤسسا مركزاً لدراسات صناعة الذكاء الاصطناعي؛ ما يؤكد الجودة العالية لتقنية الصناعة التايوانية.