آلاف الحجاج اليمنيين مهددون بعراقيل الانقلابيين في صنعاء

الحكومة اتهمت الجماعة بالسعي لنهب الأموال

مقر وزارة الأوقاف والإرشاد اليمنية في العاصمة المؤقتة عدن (إعلام محلي)
مقر وزارة الأوقاف والإرشاد اليمنية في العاصمة المؤقتة عدن (إعلام محلي)
TT

آلاف الحجاج اليمنيين مهددون بعراقيل الانقلابيين في صنعاء

مقر وزارة الأوقاف والإرشاد اليمنية في العاصمة المؤقتة عدن (إعلام محلي)
مقر وزارة الأوقاف والإرشاد اليمنية في العاصمة المؤقتة عدن (إعلام محلي)

تهدد أزمة جديدة بين الحكومة اليمنية والجماعة الحوثية بإفشال موسم الحج لآلاف الحجاج القادمين من المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة، بعد اتهامات متبادلة بعرقلة ترتيبات سفر الحجاج؛ نتيجة خلافات مالية حول رسوم تذاكر السفر.

واتهمت وزارتا الأوقاف والإرشاد، والنقل، في الحكومة اليمنية، الجماعةَ الحوثية بعرقلة الترتيبات الخاصة بسفر الحجاج جواً من صنعاء، بعد منعها المنشآت المفوّجة للحجاج من أداء دورها، وممارسة الضغط والابتزاز بحقها وحق الحجاج المسجلين عبرها، ومنعها من تسديد ثمن تذاكر الطيران بغرض السطو على تلك المبالغ؛ ما يترتب عليه حرمان اليمنيين من فريضة الحج.

موسم الحج الماضي شهد تسهيلات سعودية لوصول الحجاج من صنعاء جواً (وزارة الحج والعمرة السعودية)

وحمّلت الوزارتان، في بيان لهما، الجماعةَ الحوثية المسؤولية الكاملة عن إعاقة الحجاج اليمنيين عن أداء الفريضة ومناسك الحج، وما يترتب على ذلك من أعباء مالية كبيرة تمسّ بشكل مباشر ضيوف الرحمن والمنشآت المعنية بخدماتهم، بعد أن حرصت الحكومة على اتخاذ الإجراءات والترتيبات كافة اللازمة لخدمة الحجاج اليمنيين، وتسهيل أدائهم هذه الفريضة.

وبيّنت الوزارتان، في بيان رسمي مشترك، أن الحكومة اليمنية، وبناء على توجيهات القيادة السياسية ممثلة بمجلس القيادة الرئاسي، حرصت على اتخاذ الإجراءات والترتيبات كافة اللازمة لخدمة الحجاج اليمنيين منذ وقت مبكر، ووضعت معيار المساواة وتكافؤ الفرص بين اليمنيين من مختلف الفئات والشرائح، ومن جميع محافظات البلاد، وبالتنسيق مع جميع الجهات المعنية داخلياً وخارجياً.

وقال البيان: «قامت وزارة الأوقاف باتخاذ الإجراءات الخاصة بالترتيب والتنسيق بشأن خدمات النقل الجوي مع وزارة النقل بالعاصمة المؤقتة عدن، وفتح جميع المطارات اليمنية، بما في ذلك مطار صنعاء الدولي؛ لتخفيف المعاناة التي يتكبدها الحاج اليمني بسبب السفر والانتقال براً»، مشيراً إلى تعاون السعودية في تقديم التسهيلات كافة للحجاج اليمنيين.

إلا أن تلك الترتيبات المبكرة، وكل تلك الجهود والتسهيلات «اصطدمت بالإجراءات التعسفية التي أقدمت عليها ميليشيات الحوثي الإرهابية» أخيراً، «من دون أي مسوغ أو شعور بالمسؤولية، بهدف إعاقة وعرقلة أداء الفريضة»، كما جاء في نص البيان.

أزمة توريد الرسوم

ظهرت بوادر الأزمة بعد إعلان إدارة الخطوط الجوية اليمنية في عدن، توقيع اتفاقية مع وزارة الأوقاف والإرشاد، تُلزم وكالات الحج بتوريد رسوم تذاكر الحجاج إلى حساب مصرفي مؤقت في عدن، تم إنشاؤه خصيصاً لهذا الغرض.

أكثر من 12 ألف حاج يمني ينتظرون نقلهم عبر مطار صنعاء الدولي الواقع تحت سيطرة الحوثيين (رويترز)

وأعلن محمد شبيبة وزير الأوقاف والإرشاد في الحكومة اليمنية أن الجماعة الحوثية، أقدمت على إجراءات عبثية وعراقيل كثيرة بهدف ابتزاز وكالات الحج والعمرة الواقعة تحت سيطرتها، ونهب أموال الحجاج، وكان آخر هذه التعسفات «محاولة عرقلة توريد رسوم تذاكر الطيران الخاصة بالحجاج القادمين جوًّا من مطار صنعاء الدولي، وحجزها والسطو عليها».

وحذر الوزير من أن تلك الإجراءات قد تؤدي إلى حرمان الحجاج من أداء شعيرة الحج وزيارة الحرمين، منبهاً إلى أن الجماعة اعتقلت عدداً من موظفي ومالكي وكالات الحج والعمرة، وهددتهم «بإغلاق منشآتهم، ومنعهم من ممارسة أعمالهم وأداء مهامهم تجاه ضيوف الرحمن».

ووصف شبيبة تلك الممارسات بـ«الأفعال الشائنة»، مندداً باستغلال الجماعة كل شيء، ومحاولتها تسييس رحلة الحجاج في بلادنا وتحويلها إلى متاجرة وترَبُّح، غير مبالية بقداسة الشعيرة ووجوب إكرام ضيوف بيت الله وتسهيل سفرهم، حسب قوله.

مسلحون حوثيون يطوفون في شوارع صنعاء بثياب الإحرام قبل سنوات (غيتي)

من جهتها، ردّت الجماعة الحوثية على تلك الاتهامات بزعم أن الحكومة اليمنية فرضت عوائق أمام الحجاج القادمين من مناطق سيطرتها، وذلك بتغيير خطة النقل الجوي لهم في اللحظات الأخيرة من خلال تخفيض عدد الرحلات المتفق عليه، الذي لا يكفي لتفويج الحجاج المسجلين البالغ عددهم نحو 12 ألفاً و400 حاج.

اتفاقية نقل حكومية

أبدت الجماعة رفضها توريد أثمان تذاكر سفر الحجاج ورسوم الإجراءات المترتبة عليه إلى الحسابات البنكية الحكومية في المناطق المحررة، معربة عن إصرارها على توريد تلك المبالغ إلى حسابات بنكية في مناطق سيطرتها.

وكان وزيرا الأوقاف والإرشاد، والنقل اليمنيان شددا، في لقاء جمعهما في العاصمة المؤقتة عدن؛ لمناقشة ترتيبات تفويج الحجاج اليمنيين، على ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة من الخطوط الجوية اليمنية والوكالات المفوجة بما يضمن نقل حجاج الجو بيسر وسهولة دون عراقيل، وفي الأوقات المحددة التي تتوافق مع مواعيد الرحلات والمساكن في مكة والمدينة.

وأكدا على اتخاذ إجراءات صارمة بحق مَن يخالف التعاميم الرسمية الصادرة عن وزارتي الأوقاف والإرشاد، النقل، منوهَين إلى سعي الجماعة الحوثية لـ«نهب أموال الحجاج وتحويلها إلى مجهودها الحربي لقتل اليمنيين».

مسؤولون في وزارة الأوقاف والإرشاد اليمنية والخطوط الجوية اليمنية خلال توقيع اتفاقية نقل الحجاج (سبأ)

ووقّعت وزارة الأوقاف والإرشاد، وشركة الخطوط الجوية اليمنية، السبت الماضي، اتفاقية تعاون لتفويج الحجاج من المطارات الدولية في اليمن بما فيها مطار صنعاء، عبر الناقل الوطني، «شركة اليمنية» إلى الأراضي المقدسة.

ونقلت «سبأ» عن الوزارة، تقديرها للتعاون والتجاوب الدائم من الجانب السعودي مع جهود الجهات المختصة في الجانب اليمني بشأن تفويج حجاج بيت الله من مطارات اليمن، بما فيها مطار صنعاء إلى الأراضي المقدسة، لتخفيف المعاناة عن الحجاج.

وخلال السنوات الماضية تسببت إجراءات وممارسات الجماعة الحوثية في عرقلة أداء آلاف اليمنيين فريضة الحج، إلا أن موسم الحج الماضي شهد انتقال عدد من القادة الحوثيين إلى الشعائر المقدسة لأداء هذه الفريضة، بعد مبادرة سعودية لرعاية وتحقيق السلام في اليمن، وتقريب وجهات النظر بين مختلف الأطراف.


مقالات ذات صلة

اتهامات للحوثيين بعرقلة مساعدات الفقراء

العالم العربي جانب من عملية صرف مساعدات نقدية للفقراء في إحدى مناطق سيطرة الجماعة الحوثية (فيسبوك)

اتهامات للحوثيين بعرقلة مساعدات الفقراء

الجماعة الحوثية توقف صرف المساعدات النقدية للحالات الأشد فقراً في مناطق سيطرتها، وتستقطع منها لصالح جبهاتها، متسببة بمزيد من المعاناة الإنسانية للسكان.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي معدل انعدام الغذاء الكافي انتشر بين 62 ‎%‎ من سكان اليمن (الأمم المتحدة)

برنامج أممي يحذر من خطر سوء التغذية الحاد في اليمن

حذر برنامج الأغذية العالمي من أن سوء التغذية الحاد في اليمن لا يزال يشكل تهديداً خطيراً لحياة الأشخاص مع وجود 17.6 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي دُشنت المشروعات التنموية برعاية عدد من الوزراء والمسؤولين (الشرق الأوسط)

«البرنامج السعودي» يضع حجر الأساس لمشروعات تنموية في مأرب

وضع «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» حجر الأساس لحزمة مشروعات تنموية في محافظة مأرب.

«الشرق الأوسط» (مأرب)
العالم العربي آثار عميقة تسببت بها الفيضانات في اليمن وأدت إلى تفاقم الظروف الإنسانية المتردية (أ.ف.ب)

تحذيرات من استمرار تأثير الفيضانات على الوضع الإنساني في اليمن

على الرغم من اقتراب موسم الأمطار في اليمن من نهايته مع رحيل فصل الصيف، تواصلت التحذيرات من استمرار هطول الأمطار على مناطق عدة، مع تراجع حدتها وغزارتها.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

العليمي: لا خيار سوى الانتصار على المشروع الإيراني في اليمن

وسط احتفالات واسعة بذكرى «ثورة 26 سبتمبر» أكد رئيس مجلس الحكم اليمني رشاد العليمي أنه لا خيار في بلاده إلا الانتصار على المشروع الإيراني المتمثل في الحوثيين

علي ربيع (عدن)

برنامج أممي يحذر من خطر سوء التغذية الحاد في اليمن

معدل انعدام الغذاء الكافي انتشر بين 62 ‎%‎ من سكان اليمن (الأمم المتحدة)
معدل انعدام الغذاء الكافي انتشر بين 62 ‎%‎ من سكان اليمن (الأمم المتحدة)
TT

برنامج أممي يحذر من خطر سوء التغذية الحاد في اليمن

معدل انعدام الغذاء الكافي انتشر بين 62 ‎%‎ من سكان اليمن (الأمم المتحدة)
معدل انعدام الغذاء الكافي انتشر بين 62 ‎%‎ من سكان اليمن (الأمم المتحدة)

حذَّر برنامج الأغذية العالمي من أن سوء التغذية الحاد في اليمن لا يزال يشكل تهديداً خطيراً لحياة الأشخاص، مع وجود 17.6 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي، ويعيشون في المرحلتين الثالثة والرابعة من التصنيف المتكامل للأمن الغذائي، من بينهم 6 ملايين شخص في حالة طوارئ، وهي المرحلة الرابعة من التصنيف.

وفي تحديثه الشهري، أكد البرنامج استمرار تدهور وضع الأمن الغذائي بسرعة، حيث يواجه 62 في المائة من السكان في جميع أنحاء اليمن الآن استهلاكاً غير كافٍ للغذاء، وهو أعلى معدل يسجله البرنامج في اليمن على الإطلاق.

3.5 مليون مستفيد من المساعدات الغذائية في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية (الأمم المتحدة)

وبحسب التحديث الأممي، فقد بدأ «برنامج الأغذية العالمي»، الشهر الماضي، توزيع المساعدات في مناطق سيطرة الحوثيين، في إطار الاستجابة السريعة للطوارئ، حيث وصل إلى 1.4 مليون شخص في 34 مديرية، بهدف تخفيف آثار قرار وقف المساعدات الغذائية هناك، نهاية العام الماضي، بسبب الخلافات مع سلطات الحوثيين.

ورداً على الزيادة «المثيرة للقلق» في سوء التغذية الحاد بمناطق سيطرة الحكومة اليمنية، ذكر البرنامج الأممي أنه بدأ، في أغسطس (آب)، استجابة طارئة في 6 مديريات بمحافظتي الحديدة وتعز (غرب وجنوب غرب)، بما في ذلك توسيع نطاق الوقاية من سوء التغذية وتوسيع نطاق المساعدات الغذائية لمدة شهرين لتشمل 115400 نازح.

البرنامج أكد أن وضع الأمن الغذائي في اليمن يتدهور. وفي الوقت نفسه، تشهد مناطق سيطرة الحكومة زيادة مقلقة في سوء التغذية الحاد. وذكر أن التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي الأخير أظهر أن سوء التغذية الحاد في اليمن «لا يزال يشكل تهديداً خطيراً».

أضرار الفيضانات

مع تسبُّب الأمطار الغزيرة في حدوث فيضانات شديدة بمناطق واسعة من اليمن في أغسطس (آب)، وتضرُّر ما لا يقل عن 400 ألف شخص، أفاد برنامج الأغذية العالمي بأنه بدأ تنفيذ خطة استجابة أولية بالتنسيق مع السلطات المحلية، من خلال تقديم المساعدة الطارئة، عبر آلية الاستجابة السريعة المشتركة بين الوكالات.

وبحلول نهاية أغسطس (آب) الماضي، قال البرنامج إن آلية الاستجابة السريعة ساعدت 120 ألف شخص متضرر من الفيضانات في جميع أنحاء اليمن. وعلاوة على ذلك، كان البرنامج يستعد للاستجابة الطارئة لـ157 ألف شخص في 40 منطقة متضررة من الفيضانات، لإكمال آلية الاستجابة السريعة وتغطية الاحتياجات.

توسيع نطاق الوقاية من سوء التغذية بين النازحين في اليمن (الأمم المتحدة)

وخلال الفترة ذاتها، اختتم البرنامج الأممي توزيع الدورة الثانية للعام الحالي، وبدأ الاستجابة السريعة للطوارئ الغذائية في مناطق سيطرة الحوثيين، التي صُممت من أجل الاستجابة لانعدام الأمن الغذائي المتزايد خلال فترة التهدئة الحالية؛ إذ تستهدف العملية 1.4 مليون شخص في 34 مديرية. وحتى نهاية الشهر الماضي، وصل البرنامج إلى 239 ألف شخص.

وفي ظل الموارد المحدودة، ولتعزيز تدابير الضمان، يقوم برنامج الأغذية العالمي بإجراء عملية إعادة استهداف وتسجيل المستفيدين من المساعدة الغذائية العامة، وتم الانتهاء بنجاح من تمرين تجريبي في مناطق سيطرة الحوثيين، ويستعد البرنامج الآن لجولة توزيع أغذية لمرة واحدة في المنطقتين التجريبيتين كمرحلة أخيرة من المشروع، وتجري مناقشة توسيع نطاقه.

جهود مستمرة

في مناطق سيطرة الحكومة، ذكر برنامج الغذاء العالمي أنه تم الانتهاء من جمع البيانات لـ3.6 مليون مستفيد؛ إذ تستمر الاستعدادات لمرحلة تحديد الأولويات، التي ستحدد قائمة منقحة لحالات المستفيدين من المساعدة المالية العامة والمساعدات الغذائية الجزئية.

ووفق ما أورده البرنامج، فقد ساعد 739 ألف امرأة حامل ومرضع، بالإضافة إلى فتيات وأطفال، في إطار برامج علاج سوء التغذية الحاد والمتوسط، كما قدم البرنامج المساعدة لـ84 ألفاً من الأطفال والرضع في إطار الوقاية من سوء التغذية الحاد، من أصل 103 آلاف شخص مستهدَف، بموجب مخصصات صندوق التمويل الإنساني.

محافظات يمنية عدة سجلت أعلى معدلات انعدام الأمن الغذائي (الأمم المتحدة)

ونبَّه البرنامج الأممي إلى أن مشروع التغذية المدرسية التابع له يواجه نقصاً حاداً في التمويل. ونتيجة لذلك، يخطط في البداية لمساعدة 800 ألف طالب في جميع أنحاء اليمن شهرياً خلال العام الدراسي الحالي، وهو عدد يساوي أقل من نصف العدد الإجمالي للطلاب الذين تم الوصول إليهم، العام الماضي، وبلغ عددهم مليونَي طفل.

ووفق البيانات الأممية، قدم برنامج الغذاء الدعم لـ59 ألف يمني، في إطار برنامج الصمود والتعافي من آثار الأزمة، وسلَّم 1.8 مليون لتر من الوقود إلى المستشفيات ومرافق المياه والصرف الصحي المحلية.

وأضاف البرنامج أنه تم توفير 125 ألف لتر من الوقود لوكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية، من خلال آلية توفير الوقود بكميات صغيرة، كما تم نقل 69 متراً مربعاً من المواد الطبية إلى ميناء الحديدة لصالح أحد الشركاء.