توترات مصر وإسرائيل تُنعش مقترحات دولية لإدارة معبر «رفح»

مصادر قالت إن بايدن يُجري «مباحثات سرية» مع طرف ثالث

معبر رفح من الجانب الفلسطيني تحت السيطرة الإسرائيلية (رويترز)
معبر رفح من الجانب الفلسطيني تحت السيطرة الإسرائيلية (رويترز)
TT

توترات مصر وإسرائيل تُنعش مقترحات دولية لإدارة معبر «رفح»

معبر رفح من الجانب الفلسطيني تحت السيطرة الإسرائيلية (رويترز)
معبر رفح من الجانب الفلسطيني تحت السيطرة الإسرائيلية (رويترز)

تتوالى المقترحات حول مستقبل إدارة معبر «رفح» من الجانب الفلسطيني، في ظل رفض القاهرة سيطرة إسرائيل عليه، أحدثها تحرك أميركي للاستعانة بمنظمة أوروبية كطرف ثالث.

تحركات واشنطن مع «طرف ثالث» تُنعش سيناريوهات مستقبلية لإدارة المعبر، لكنَّ دبلوماسياً سابقاً وخبيراً يضعان شرطين مسبقين، لنجاحها: انسحاب إسرائيل من المعبر، وهدنة مؤقتة أو دائمة بالقطاع.

عودة لما قبل 2005 أم لما بعدها؟

يعد معبر رفح ممراً رئيسياً على الحدود بين مصر وقطاع غزة، ويسمح بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة وخروج المسافرين والمصابين من القطاع، ويعد شرياناً اقتصادياً وأمنياً مهماً.

وخضع الجانب الفلسطيني من المعبر في 2005، عقب انسحاب إسرائيلي من القطاع، لاتفاقية، تسمح بوجود فلسطيني ورقابة أوروبية، قبل أن تسيطر «حماس» على القطاع، في 2007، وينسحب الأوروبيون.

وعاودت إسرائيل في 7 مايو (أيار) الجاري، السيطرة على المعبر وإغلاقه، وتحميل مصر مسؤولية الإغلاق وعدم تمرير مساعدات. لكنَّ مصر رفضت عقب السيطرة، التنسيق مع إسرائيل بشأن المعبر، من قبيل «عدم شرعنة وجود الاحتلال»، وحمَّل وزير خارجية سامح شكري، مؤخراً تل أبيب مسؤولية توقف المعبر عن العمل.

طرف ثالث

صحيفة «بوليتيكو» الأميركية نقلت، الخميس، عن مسؤول بالبيت الأبيض، إجراء الرئيس جو بايدن، مباحثات منذ أسابيع، مع منظمة تابعة للاتحاد الأوروبي، لتولّيها مسؤولية إدارة المعبر من الجانب الفلسطيني، في ظل إغلاقه، ورفض مصر التنسيق.

وتقترح الولايات المتحدة جلب طرف ثالث محايد وهي «بعثة الاتحاد الأوروبي للمساعدة الحدودية في رفح»، التي سبق لها العمل بالمعبر في 2005، وعلَّقت عملياتها في 2007 بعد سيطرة «حماس».

ولم يكن هذا هو التحرك الأحدث، ففي 16 مايو الجاري، قال مصدران أمنيان مصريان، لوكالة «رويترز»، إن القاهرة رفضت اقتراحاً إسرائيلياً للتنسيق بين البلدين لإعادة فتح معبر رفح وإدارة عملياته المستقبلية، وأبلغتهم بأن المعبر يجب أن تديره سلطات فلسطينية فقط.

وفي 7 مايو الجاري، تحدثت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، عن أن شركة أمن أميركية خاصة ستتولى إدارة معبر رفح الحدودي مع مصر بعد انتهاء العملية العسكرية الإسرائيلية في رفح جنوب قطاع غزة.

باب خلفي

السفير حسين هريدي، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، أعرب في حديثه مع «الشرق الأوسط»، عن قلقه من سيناريو البحث الأميركي عن طرف ثالث لإدارة الجانب الفلسطيني من معبر رفح، ووصفه بأنه «تدخل من الباب الخلفي لدعم مطالب تل أبيب».

ولا يستبعد الدبلوماسي المصري أن «نُفاجأ بإسرائيليين يحملون جوازات سفر بلاد أخرى، بين مَن يديرون المعبر»، مضيفاً: «وهذا لن تقبله مصر».

السيناريو المقبول الذي يمثل وجهة النظر المصرية، وفق الدبلوماسي المصري السابق، هو العودة لاتفاق المعابر الموقَّع في 2005، والمتمثل في إدارة السلطة الفلسطينية للمعبر من جانبها، برقابة أوروبية.

ويستدرك قائلاً: «لكن لو مصر قبلت سيناريو إبعاد السلطات الفلسطينية لصالح طرف ثالث ستذهب تل أبيب إلى أبعد من ذلك وتطلب إبعاد السلطات الفلسطينية أيضاً عن حكم غزة».

الدبلوماسي المصري السابق يشير إلى سيناريو آخر في هذا الصدد، وهو تمسك مصر بعدم وجود إدارة إسرائيلية حالية أو مستقبلية للمعبر، ويقول: «هذه الإدارة تهديد للأمن القومي المصري ولن تقبلها القاهرة نهائياً».

بدائل

بدوره، قال الخبير المصري، في الشؤون العسكرية والاستراتيجية، سمير راغب، لـ«الشرق الأوسط»: «مصر ستقبل بوجود طرف ثالث محايد في حال وجود طرف فلسطيني رئيسي على نحو اتفاقية المعابر في 2005 التي كانت برقابة أوروبية».

قبل أن يضيف: «سترفض مصر وجود أي طرف إسرائيلي في المعبر بأي حال من الأحوال، حتى لو كان معه مراقبون أوروبيون».

الحديث عن منظمة أوروبية من المجتمع المدني تعمل مع السلطات الفلسطينية، يمكن أن تكون فكرة مقبولة وسيناريو مطروحاً، مع انسحاب إسرائيلي من المعبر كشرط أساسي، كما يضيف راغب.

الخبير المصري يؤكد أن «مصر لن تتراجع عن رفضها وجود الجانب الإسرائيلي في المعبر، لكن ستقبل ببدائل محايدة، ليس من بينها شركات أمن»، مفسراً ذلك: «الشركات ستكون خاضعة للمموِّل، وربما المموِّل أميركي أو إسرائيلي، وهذا مرفوض».

بخلاف تلك السيناريوهات، يرجِّح الخبير المصري العسكري «احتمالية أن تهدم إسرائيل اتفاقية المعابر، وتبحث عن اتفاق موسع جديد يشمل محور فيلادلفيا، وإدارة المعبر»، ويقول: «هذا كله يخضع للتقديرات المصرية وحسب المطروح، لكن مصر ملتزمة محددات مصالحها دائماً».

ويمضي قائلاً: «وستكون السيناريوهات المقبولة مطروحة للتنفيذ قبل اليوم التالي لانتهاء الحرب في غزة، أما ما بعد الحرب فهناك ترتيبات أخرى، تشمل السلطة الفلسطينية، ستكون في الحسبان مع أي اتفاق هدنة سيتم الوصول إليه أو اتفاق نهائي لوقف إطلاق نار في القطاع».


مقالات ذات صلة

«غزيو مصر» لم يحملوا الغربة في حقائبهم

شمال افريقيا مائدة تجمع مصريين وغزيين داخل شقة في القناطر الخيرية (الشرق الأوسط)

«غزيو مصر» لم يحملوا الغربة في حقائبهم

بينما يجمع الغزيون الذين تحدثت إليهم «الشرق الأوسط» في مصر، على رغبتهم في العودة إلى القطاع، فإن أحداً منهم لم يشر إلى «الغربة»، أو يشكو «الوحشة والقلق».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي وزير الخارجية المصري يلتقي وزيرة الدولة للتعاون الدولي القطرية الاثنين في القاهرة (الخارجية المصرية)

تنسيق مصري - قطري بشأن جهود وقف إطلاق النار في غزة

ناقش وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ووزيرة الدولة للتعاون الدولي بقطر لولوة بنت راشد، الاثنين، جهود الجانبين للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
تحليل إخباري صورة جماعية للمشاركين بـ«قمة السلام» في أكتوبر العام الماضي (رويترز)

تحليل إخباري عام على حرب غزة... تفاعل مصري «نشط ومتوازن»

تفاعلت مصر بـ«نشاط وتوازن» مع تداعيات الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، ولعبت دوراً بارزاً في «تحصين الجبهة الفلسطينية»، و«مواجهة مخططات التهجير وتصفية القضية».

فتحية الدخاخني (القاهرة)
تحليل إخباري فلسطينيون يبكون على جثة أحد ضحايا القصف الإسرائيلي في النصيرات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري هل استهدفت إسرائيل إقصاء الوسطاء عن مفاوضات «هدنة غزة»؟

مساعٍ وجولات كثيرة قادها الوسطاء، مصر وقطر والولايات المتحدة، لإنهاء أطول حرب شهدها قطاع غزة، أسفرت عن هدنة نهاية نوفمبر 2023 استمرت أسبوعاً واحداً.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا رئيس أركان الجيش المصري يتفقد منظومة التأمين لخط الحدود الشمالية الشرقية ومعبر رفح البري (المتحدث العسكري)

رسائل مصرية حادة لإسرائيل تنذر بمزيد من التصعيد

بعثت مصر بـ«رسائل حادة» إلى إسرائيل رداً على تصعيد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وتمسكه بالبقاء في محور «فيلادلفيا».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.