حملات ميليشياوية تستهدف المنشآت الصناعية في تعز

فرض جبايات تحت ذريعة مخالفة الجودة

منشأة صناعية في تعز استهدفتها حملة حوثية (فيسبوك)
منشأة صناعية في تعز استهدفتها حملة حوثية (فيسبوك)
TT

حملات ميليشياوية تستهدف المنشآت الصناعية في تعز

منشأة صناعية في تعز استهدفتها حملة حوثية (فيسبوك)
منشأة صناعية في تعز استهدفتها حملة حوثية (فيسبوك)

بدأت الجماعة الحوثية تنفيذ حملات ميدانية تستهدف المنشآت الصناعية الكبيرة والمتوسطة والأصغر في المناطق الخاضعة لها من محافظة تعز، حيث فرضت على كثير منها دفع جبايات مالية تحت أسماء متعددة وغير قانونية، منها مخالفة الجودة.

وذكرت مصادر تجارية في تعز، لـ«الشرق الأوسط»، أن الحملات التي تنفذها الجماعة الحوثية عبر ما تسمى هيئة المواصفات استهدفت بالتعسف والابتزاز منشآت صناعية عدة بمنطقتي «التعزية» و«الحوبان» شمال وشرق المدينة، منها مصانع البسكويت والحلويات، والإسفنج والسجائر، والمعلبات والمواد الغذائية والكهربائيات، والبلاستيك والألمنيوم والأدوات المنزلية، والسمن والصابون، وزيوت السيارات، والمطهرات والمنظفات.

عناصر حوثيون يتجولون في أحد المصانع في تعز (إعلام حوثي)

وتُعد منطقة الحوبان (شرقي تعز) إحدى أهم مناطق البلاد اقتصادياً؛ إذ يجري فيها عدد كبير من الأنشطة التجارية، وتُعد المقر الرئيسي لأكبر مجموعة تجارية في البلاد، وفيها أهم مصانعها وشركاتها، وشهدت، قبل الانقلاب الحوثي، نشاطاً عمرانياً مكثفاً.

وبرر الحوثيون حملات الاستهداف الحالية بأنها تأتي في سياق ما يسمونه تنفيذ أعمال تفتيش ورقابة ضد جميع المنشآت في المناطق تحت سيطرتهم في تعز التي تبعد نحو 256 كيلومتراً جنوب صنعاء.

ونقل الإعلام الحوثي عن مدير فرع هيئة المواصفات التابع للجماعة في تعز رياض البخيتي، تأكيده أن الحملة تشمل في مرحلتها الأولى سحب كميات من المنتجات الصناعية بزعم إخضاعها للفحص للتأكد من سلامتها، ومدى التزام مُلاك المصانع المستهدفة بما تسميه الجماعة «الاشتراطات الفنية».

ويقول مصدر تجاري في تعز، لـ«الشرق الأوسط»، إن الجماعة من خلال حملتها الحالية تهدف إلى سحب كميات وأصناف مختلفة من المنتجات من تلك المصانع بحجة فحصها، ومن ثم مصادرتها بحجة أنها لا تتطابق مع المواصفات والشروط المطلوبة.

فرض الجبايات غير القانونية وسيلة حوثية لتمويل الجبهات (فيسبوك)

وشكا مُلاك منشآت صغيرة طالهم التعسف الحوثي من البطش والابتزاز، وقالوا إن الجماعة تشن حملات ضدهم لجمع إتاوات نقدية وأخرى عينية بالقوة تحت أسماء متعددة؛ أبرزها تمويل الجبهات ودعم إقامة الفعاليات.

وذكروا أن مشرفين حوثيين مدعومين بدوريات أمنية ومسلحين داهموا منذ أيام منشآت صناعية في مناطق عدة بتعز، ومارسوا أساليب الاستفزاز والابتزاز ضد مُلاك المصانع والعاملين فيها، بذريعة وجود مخالفات سابقة وجديدة عليهم، مع تهديدهم بالاعتقال والإغلاق والإجبار على دفع مبالغ تأديبية حال عدم الالتزام بالتعليمات.

تنديد بالتعسف

في حين تسعى الجماعة الحوثية للتضييق على التجار لإحلال طبقة جديدة من عناصرهم، ندد مصدر في الغرفة التجارية والصناعية بتعسف الجماعة ضد مُلاك المنشآت الصناعية وقال إن ذلك من شأنه أن يزيد من لهيب الأسعار لمختلف السلع والمنتجات بما فيها الأساسية التي سيتحمل تبعاتها عامة السكان الذين يعانون من الفقر.

ودعا المصدر، الذي طلب حجب هويته، إلى وضع حد لمثل تلك التعسفات المتكررة ضد من تبقى من العاملين بمختلف القطاعات التجارية والصناعية والحرفية وضد السكان في المناطق تحت سيطرة الجماعة.

وأكد المصدر أن الجماعة أجبرت مُلاك مصانع عدة في سياق حملتها على دفع جبايات مالية وعينية مضاعفة بعد أن اتهمتهم بمخالفة التعليمات الصادرة عن فرع هيئة المواصفات ومكتب الصناعة الخاضعين لها في تعز.

جانب من مصنع لتعبئة المياه المعدنية في تعز (فيسبوك)

وسبق أن ضاعفت الجماعة خلال الفترات السابقة من حجم الإتاوات والجبايات المفروضة على السكان والتجار في المناطق تحت سيطرتها، وسنَّت تشريعات غير قانونية رفعت بموجبها الرسوم الضريبية والجمركية والزكوية؛ بغية تغطية نفقات حروبها من جانب، بالإضافة إلى تكوين ثروات لقادتها ومشرفيها.

وكشف تقرير صادر عن مكتب الصناعة والتجارة التابع للجماعة عن تنفيذه منذ عام 2019 حتى منتصف 2022، سلسلة طويلة من الحملات استهدفت نحو 6 آلاف و91 منشأة ومحل تمويني متنوع في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة في تعز.


مقالات ذات صلة

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

العالم العربي المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

فيما طالبت الأمم المتحدة بأكبر تمويل إنساني في اليمن للعام المقبل أفاد تقرير دولي بوجود 3.5 مليون شخص من فئة المهمشين لا يمتلكون مستندات هوية وطنية

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

يشهد اليمن موسماً جديداً للأمطار الغزيرة التي تتسبب في أضرار كبيرة للسكان والبنية التحتية، في حين لا تزال البلاد وسكانها يعانون تأثيرات فيضانات الصيف الماضي.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب  (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تقرير حديث للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن حول مساهماته في بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

أحال رئيس الحكومة اليمنية، أحمد بن مبارك، رئيس مؤسسة نفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

تتزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، في حين تتصاعد الدعوات لإجراء حلول عاجلة ودائمة تمكن الحكومة من السيادة على الموارد.

وضاح الجليل (عدن)

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.