الحكومة المصرية تُوسع مشروعاتها التنموية في سيناء مع استمرار «حرب غزة»

وزير النقل عدّ تدشين ميناء بطابا «ضماناً للأمن القومي»

مدينة طابا جنوب سيناء (وزارة النقل المصرية)
مدينة طابا جنوب سيناء (وزارة النقل المصرية)
TT

الحكومة المصرية تُوسع مشروعاتها التنموية في سيناء مع استمرار «حرب غزة»

مدينة طابا جنوب سيناء (وزارة النقل المصرية)
مدينة طابا جنوب سيناء (وزارة النقل المصرية)

تتوسع الحكومة المصرية في الإعلان عن مشروعات تنموية بشبه جزيرة سيناء، في وقت تستعر فيه المعارك الإسرائيلية على حدودها مع قطاع غزة، وسط توجه يعدّ عملية التنمية بسيناء «ضماناً للأمن القومي» المصري.

وبعد نحو أسبوعين من إعلان «اتحاد القبائل العربية»، وهو تجمع قبلي دشن في سيناء، بناء مدينة جديدة تحمل اسم «السيسي»، في «العجرة» بالقرب من الحدود مع قطاع غزة، أعلن وزير النقل المصري الفريق كامل الوزير، تفاصيل مشروعات تنموية جديدة، من بينها إنشاء ميناء بحري في «طابا»، بجانب إطلاق 8 مناطق لوجيستية.

وقال الوزير في تصريحات تلفزيونية، مساء الثلاثاء، إن مخططات التنمية في سيناء تتضمن إنشاء ميناء بحري جديد في طابا، بوصفه جزءاً من الممر اللوجيستي الاستراتيجي الرابط بين طابا والعريش، مشيراً إلى تأسيس شركة مصرية جديدة تحت إشراف الوزارة بالتعاون مع «هيئة قناة السويس» لإدارته.

وأكد وزير النقل، أن الميناء البحري في طابا سيكون بأقصى الحدود الشرقية على بعد كليومتر واحد فقط من الحدود مع إسرائيل: «ويأتي تدشينه في إطار اقتصادي وتنموي مع وجود بعد آخر مرتبط بالأمن القومي».

مسار محور طابا - العريش (وزارة النقل المصرية)

وتنفذ «النقل» عملية إعادة تأهيل وتطوير وإنشاء خط حديدي يمتد من طابا إلى بورسعيد، ويرتبط بشبكة السكك الحديدية بالبلاد، يمر عبر العريش وبئر العبد ومنطقة شرق بورسعيد بطول 500 كيلومتر.

ويأتي الميناء ضمن خطة لتحويل المنطقة إلى مركز استراتيجي لنقل البضائع من آسيا إلى أفريقيا وأوروبا، والعكس، وفق عضو مجلس الشيوخ عن شمال سيناء، النائب فايز أبو حرب، الذي أكد لـ«الشرق الأوسط»: «ثقته في قدرة الدولة على الالتزام بالانتهاء من المشروع بالكامل بغضون الأعوام الثلاثة المحددة مدةً للتنفيذ».

ويؤكد عضو مجلس الشيوخ أن «تنمية سيناء لا تنفصل عن حماية الأمن القومي المصري، خاصة بعد القضاء على الإرهاب خلال السنوات الماضية»، مشدداً على «التصدي لأي مخططات خارجية تضر بمصر عبر بوابة سيناء».

وحذرت مصر، في أكثر من مناسبة، من محاولات إسرائيلية لتهجير الفلسطينيين إلى أراضي سيناء، وعدّت ذلك «تصفية للقضية الفلسطينية».

ويكتسب الميناء الجديد والمناطق اللوجيستية التي يجري العمل على إنشائها أهمية كبيرة لكونها تأتي مستوعبة للزيادة السكانية المتوقعة في سيناء خلال السنوات المقبلة، وفق مستشار النقل البحري وخبير اقتصاديات النقل ودراسات الجدوى، الدكتور أحمد الشامي، الذي يؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن المشروعات الجديدة تستهدف دعم الصناعة وجذب الحركة السياحية.

الإعلان عن تدشين مدينة جديدة باسم السيسي في سيناء (عضو مجلس النواب مصطفى بكري - فيسبوك)

وأضاف أن موقع ميناء طابا الاستراتيجي سيختصر مدة العبور بين مصر والأردن سواء للأفراد أو البضائع، بجانب إمكانية الاستفادة من الميناء لسرعة الوصول إلى السعودية من المنطقة نفسها، بما يعزز الحركة التجارية بين الدول العربية المتشاركة في «خليج العقبة».

وهو رأي يدعمه، شيخ مشايخ شمال سيناء، عيسى الخرافين، الذي يؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن المشروع «يعول عليه أبناء سيناء في توفير آلاف فرص العمل، ضمن مشروعات التنمية الجاري تنفيذها»، لافتاً إلى وجود «أجواء إيجابية» مع معدلات التنفيذ المرتفعة بالمشروعات الخاصة بالمناطق اللوجيستية والخط الحديدي لنقل البضائع من طابا إلى العريش.

وخلال الإعلان عن مسار الممر اللوجيستي «طابا – العريش» في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أكد وزير النقل أن الممر «يساهم في ربط مناطق الإنتاج الصناعي، والزراعي، والتعديني، والخدمي، بالموانئ البحرية، بوسائل نقل سريعة ونظيفة وآمنة مروراً بالموانئ الجافة والمناطق اللوجيستية».

وأضاف أن الممر يمتد «باتجاه الشرق إلى الأردن والعراق، لكونه جزءاً من طريق النقل العربي التي ستخدم حركة التجارة إلى الأردن والعراق ودول الخليج وإلى الدول العربية الأفريقية»، في وقت تنفذ فيه الوزارة بالتزامن، عملية تطوير وإعادة تأهيل لـ«ميناء العريش البحري»، والتي تتضمن إنشاء أرصفة جديدة وحواجز أمواج، مع إقامة رصيف سياحي بطول ألف متر، وعدة أرصفة للبضائع.

سانت كاترين ومنطقة التجلي الأعظم في سيناء (وزارة السياحة والآثار المصرية)

ويشير شيخ مشايخ شمال سيناء، إلى تأكيدات المسؤولين لأبناء القبائل «بأن الهدف من الميناء في طابا سيكون إنزال البضائع ونقلها في حاويات عبر القطارات إلى ميناء العريش»، مؤكداً اهتمام أهل سيناء بالمشروع بعدّه مؤدياً إلى مزيد من المشروعات التي توفر عمالة لأبنائهم بعد سنوات عانت فيها سيناء الإهمال وعدم وجود أي فرص عمل حقيقية.

وفي السياق ذاته، وافق مجلس الوزراء المصري، الأربعاء، على مشروع قرار لرئيس الجمهورية بالترخيص بالانتفاع من مساحة شاطئية (نحو 1.5 فدان) في محافظة شمال سيناء لإنشاء مشروعات لتحلية مياه البحر. وقال مجلس الوزراء، في بيان، إن ذلك يأتي ضمن الخطة الاستراتيجية لتحلية مياه البحر حتى عام 2050 المستهدف تنفيذها بالشراكة مع القطاع الخاص. وأضاف البيان، أن الحكومة تستهدف أيضاً نقل وتوطين التكنولوجيا الحديثة لهذه المحطات والاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة في تغطيتها.


مقالات ذات صلة

مصر: عودة حركة قطارات سيناء... تعزيز التنمية بعد «سنوات الإرهاب»

شمال افريقيا تشغيل تجريبي لـ«قطار التنمية» خط سكة حديد «الفردان - بئر العبد» بطول 100 كلم تمهيداً لافتتاحه (مجلس الوزراء المصري)

مصر: عودة حركة قطارات سيناء... تعزيز التنمية بعد «سنوات الإرهاب»

خطوة مصرية جديدة لتعزيز التنمية في سيناء، بعد سنوات طويلة من المواجهة مع الجماعات الإرهابية، وذلك بتشغيل أول قطار في محافظة شمال سيناء، بعد نصف قرن من التوقف.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي جنازة الجندي المصري الذي قتل أمس خلال إطلاق نار في معبر رفح (إ.ب.أ)

الحدود «المصرية - الإسرائيلية»... نقطة اشتباكات ساخنة رغم معاهدة «السلام»

تعتبر الحدود المصرية - الإسرائيلية منطقة ساخنة، تشهد توترات أمنية متكررة، رغم توقيع اتفاقية السلام بين البلدين منذ 26 مارس (آذار) 1979.

محمد عجم (القاهرة)
شمال افريقيا لافتة بموقع مدينة «السيسي» (مصطفى بكري عبر حسابه على «فيسبوك»)

لماذا ترفض أحزاب مصرية تأسيس «اتحاد القبائل العربية»؟

تصاعد الجدل الذي أحدثه الإعلان عن تأسيس «اتحاد القبائل العربية» في مصر، الأسبوع الماضي، برئاسة رجل الأعمال السيناوي إبراهيم العرجاني.

أحمد عدلي (القاهرة)
شمال افريقيا الإعلان عن تدشين مدينة جديدة باسم السيسي في سيناء (عضو مجلس النواب مصطفى بكري - فيسبوك)

مصر: الإعلان عن تدشين مدينة تحمل اسم السيسي في سيناء

دشن «اتحاد القبائل العربية» في شبه جزيرة سيناء المصرية، الأربعاء، مدينة جديدة تحمل اسم «السيسي» في رفح بشمال سيناء.

عصام فضل (القاهرة)
تحليل إخباري خريطة توضح حدود الأنشطة العسكرية لمصر وإسرائيل في سيناء ورفح

تحليل إخباري كيف نظمت «معاهدة السلام» الأنشطة العسكرية في سيناء ورفح؟

يحكم الوجود العسكري لمصر وإسرائيل في سيناء ورفح معاهدة السلام الموقعة بين البلدين عام 1979.

فتحية الدخاخني (القاهرة)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.