تقارير دولية: معاناة اليمنيين تتفاقم جراء الصراع وتطرّف المناخ

نزوح أكثر من 32 ألف شخص خلال العام الحالي

أطفال يمنيون نازحون في محافظة مأرب ينقلون الماء لعائلاتهم (أ.ف.ب)
أطفال يمنيون نازحون في محافظة مأرب ينقلون الماء لعائلاتهم (أ.ف.ب)
TT

تقارير دولية: معاناة اليمنيين تتفاقم جراء الصراع وتطرّف المناخ

أطفال يمنيون نازحون في محافظة مأرب ينقلون الماء لعائلاتهم (أ.ف.ب)
أطفال يمنيون نازحون في محافظة مأرب ينقلون الماء لعائلاتهم (أ.ف.ب)

في حين تتزايد أعداد اليمنيين العاجزين عن الوصول إلى تأمين متطلباتهم الضرورية، وسط تفاقم الأزمة المعيشية، وتراجع المساعدات الإغاثية، واستمرار الصراع، تضيف التقلبات المناخية المتطرفة وفيضانات السيول المزيد من المعاناة.

وبحسب صندوق الأمم المتحدة للسكان، هناك ما يزيد على 32 ألف شخص في اليمن تضرروا بسبب استمرار الصراع والكوارث الناجمة عن التغير المناخي منذ مطلع العام الحالي.

تراجع كبير شهدته المساعدات الغذائية في اليمن خصوصاً تلك التي كان يتبناها برنامج الغذاء العالمي (أ.ف.ب)

وقال الصندوق في تقرير حديث إن تصاعد النزاع المسلح والكوارث الناجمة عن المناخ؛ بما فيها الأمطار الغزيرة والفيضانات والحرارة الشديدة، أدت إلى نزوح 4.656 عائلة تتألف من 32.592 شخصاً في 16 محافظة يمنية، خلال الفترة بين يناير (كانون الثاني) وأبريل (نيسان) 2024.

وتوزع النازحون بين الكوارث المتعلقة بالمناخ التي تسببت بنزوح 2.247 أسرة تتكون من 15.729 شخصاً، واستمرار وتصاعد الحرب التي دفعت بـ2.409 عائلات تضم 16.863 فرداً إلى النزوح.

وأكد الصندوق الأممي أن آلية الاستجابة السريعة المتعددة القطاعات التي يقودها، استطاعت، وبالتعاون مع شركائها المنفذين، تقديم الدعم المنقذ للحياة إلى 4.568 أسرة تتكون من 31.976 شخصاً، أي ما نسبته 98 في المائة من إجمالي الأسر المتضررة المسجلة لديها، من بينها 23 في المائة من العائلات التي تتولى إعالتها نساء.

ولفت إلى أن 3.753 عائلة متضررة تلقت مساعدات نقدية متعددة الأغراض لمرة واحدة من منظمة الهجرة الدولية، بينما تم تزويد 4.373 أسرة بمساعدات غذائية عامة لمرة واحدة من قِبل برنامج الغذاء العالمي، في الثلث الأول من العام الحالي (2024).

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» دعا مصدر حكومي يمني يعمل في قطاع البيئة إلى تبني سياسة التكيف مع الأمر الواقع؛ كون البلاد تمر بأزمة اقتصادية معقدة، يصعب معها معالجة آثار التغير المناخي كافة، وهي ما زالت تعيش في حرب طويلة مع الانقلابيين الحوثيين، بينما لا سبيل لمنع التغيرات المناخية؛ كون أسبابها مرتبطة بممارسات كارثية دولية.

أزمات مركبة

وضع المصدر اليمني الذي فضّل عدم ذكر اسمه، بعض اللوم على الأجهزة الحكومية التي رأى أنها لا تنتهج سياسات من أجل هذا التكيف، ومن ذلك عدم تطوير نظام الإنذار المبكر بالكوارث المناخية، وغياب التنسيق بين مختلف الجهات، وتطوير البنية التحتية لمواجهة الفيضانات، ومنع استحداثات البناء العشوائي الذي يساعد في وقوعها، وتوجيه النازحين إلى الإقامة في مناطق بعيدة عن مسارات السيول.

الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين في أوضاع مزرية (المجلس النرويجي للاجئين)

من جهته، يرى المجلس النرويجي للاجئين أن المخيمات المؤقتة للنازحين لا توفر أي حماية من المطر، حيث تتسرب المياه إلى الخيام؛ ما يجبر العائلات على النوم على الأرض المبللة بعد أن غمرت المياه ممتلكاتهم، وعندما يهطل المطر، لا يمكن للنازحين البقاء في الداخل للاحتماء، حيث يضطرون إلى الخروج، للعمل من أجل إنقاذ المخيم من أن تجرفه مياه الفيضانات.

ووصف المجلس في دراسة حديثة له المخيمات بالملاجئ بغير المناسبة للمعيشة، فبالكاد يمكنها تحمل الطقس القاسي، وفي المجتمعات التي شملتها دراسة حديثة له، وجد أن 93 في المائة من النازحين لا يستطيعون تحمل تكاليف الضروريات الأساسية مثل البطانيات والمراتب وأدوات المطبخ.

ويكشف المجلس النرويجي للاجئين عن أن الواقع المعيشي القاسي في محافظات عدة في أنحاء اليمن، أجبر المجتمعات التي لم تعد تتلقى أي مساعدات، على اتخاذ خيارات صعبة.

وكانت غالبية العائلات في مخيم مؤقت للنازحين في مديرية عبس التابعة لمحافظة حجة، تعتمد على السلال الغذائية التي تحصل عليها من برنامج الغذاء العالمي، غير أن الوضع أصبح أكثر صعوبة منذ توقف البرنامج عن تقديم تلك قبل قرابة خمسة أشهر، حيث كان الغذاء هو حاجتها الأساسية.

ووفقاً للمجلس، فإن العائلات، وطالما لديها ما يكفي من الطعام، يمكنها أن تتدبر أمرها دون الحصول على خدمات أساسية أخرى، غير أنه لم يعد بإمكانها توفير ثلاث وجبات في اليوم، وهي حالياً تعطي الأولوية للأطفال الذين لديهم طعام محدود.

لا تطبيب أو تعليم

ذكر المجلس النرويجي للاجئين أن العائلات النازحة في مخيم عتيرة في محافظة لحج تعيش وضعاً أفضل نسبياً من غيرها من النازحين في مخيمات أخرى، إلا أنها تعيش في قلق عميق بسبب انخفاض المساعدات الإنسانية، ويتضاعف القلق بسبب عجزها عن الوصول إلى الرعاية الصحية المناسبة.

ويفتقر المخيم إلى مرافق الرعاية الصحية المناسبة، كما يقول النازحون إن زياراتهم إلى المستشفيات غير مجدية؛ لعدم امتلاكهم المال لدفع رسوم الخدمات الطبية، وتفيد إحدى النازحات بأن الرعاية الصحية هي أعظم احتياجاتها؛ إذ يمكن تدبر أمر الخبز والشاي والماء، ولكن من دون رعاية طبية، تصبح حياتها في خطر. في حين كانت الرعاية الصحية تتوافر لسكان المخيم مجاناً، قبل أن تتوقف نهاية العام الماضي.

ويشكو النازحون في مدينة عمران من مخاوف مماثلة، بعد وفيات الأطفال بسبب نقص الرعاية الصحية المناسبة، بينما ترفض المستشفيات تقديم العلاج المجاني.

غالبية أطفال النازحين يلجأون إلى العمل للمساعدة في توفير ضروريات المعيشة (إ.ب.أ)

وتعيش مئات العائلات النازحة من مختلف المناطق التي طالتها الحرب في المدينة الواقعة على بعد 54 كيلومتراً شمال صنعاء، وتسكن في الأحياء الفقيرة، دون تلقي أي مساعدات إنسانية منذ عامين.

وطبقاً للمجلس النرويجي؛ فإن 38 في المائة من العائلات التي كانت موضوع دراسته، في محافظات الحديدة وعمران وحجة ومدينة صنعاء لم ترسل أطفالها إلى المدارس، وأرجع ثلثا تلك العائلات السبب إلى نقص الموارد المالية، بينما انخرط أطفال نصف الأسر التي شملتها الدراسة في أشكال مختلفة من العمل.

ولا يتوقع الباحث اليمني عبد القادر المقطري أن ترقى المعالجات التي تُتخذ إزاء القضايا الإنسانية في اليمن إلى المستوى المطلوب، فبينما كان يُنتظر منها أن تمنع حدوث المجاعة، صٌـنفت الأزمة الإنسانية في اليمن بأكبر مأساة من حيث أعداد المتضررين.

وانتقد المقطري في حديثه لـ«الشرق الأوسط» تقارير المنظمات الأممية التي تتناقض، بحسب رأيه، في أرقامها وإحصائياتها بين الحين والآخر، وبين منظمة وأخرى؛ وهو ما يضعها في دائرة الشكوك والاتهامات بالفساد، ويتسبب في توقف المانحين عن تقديم الدعم، كما حدث أخيراً في بروكسل، في حين تأتي أحداث جديدة لتزيد من تردي الأوضاع، كما هو التصعيد الحوثي في البحر الأحمر.


مقالات ذات صلة

الجيش الأميركي يتبنى قصف 15 هدفاً حوثياً

العالم العربي غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

الجيش الأميركي يتبنى قصف 15 هدفاً حوثياً

غداة سلسلة من الغارات التي ضربت 4 محافظات يمنية خاضعة للجماعة الحوثية المدعومة من إيران، أعلن الجيش الأميركي تبني هذه الضربات التي قال إنها طالت 15 هدفاً.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يجبرون طلاب المدارس على المشاركة في أنشطة تعبوية (إعلام حوثي)

جانب من استهداف حوثي لطلبة المدارس في ضواحي صنعاء (فيسبوك)

المدارس الأهلية في صنعاء تحت وطأة الاستقطاب والتجنيد

كثف الحوثيون من استهداف قطاع التعليم الأهلي في صنعاء من خلال إجبار الطلبة والمعلمين في عدد من المدارس على المشاركة في دورات قتالية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي ضربات غربية استهدفت معسكر الصيانة الخاضع للحوثيين في صنعاء (رويترز)

اتهامات حوثية لواشنطن ولندن بضربات جوية طالت 4 محافظات يمنية

استهدفت ضربات جوية غربية مواقع للجماعة الحوثية شملت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء وثلاث محافظات أخرى ضمن مساعي واشنطن لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن

علي ربيع (عدن)
العالم العربي مواقع غير رسمية مليئة بالنفايات الخطرة في اليمن تسبب التلوث (إعلام محلي)

النفايات ترفع معدل الاحتباس الحراري والتلوث في اليمن

كشف مرصد مختص بالبيئة عن استخدام الأقمار الاصطناعية في الكشف عن تأثير مواقع النفايات غير الرسمية في اليمن على البيئة والصحة وزيادة معدل الاحتباس الحراري.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي عنصر حوثي على متن عربة عسكرية في صنعاء (إ.ب.أ)

اتهامات لنجل مؤسس «الحوثية» باعتقال آلاف اليمنيين

قدرت مصادر يمنية أن جهاز الاستخبارات المستحدث الذي يقوده علي حسين الحوثي، نجل مؤسس الجماعة، اعتقل نحو 5 آلاف شخص على خلفية احتفالهم بذكرى «ثورة 26 سبتمبر».

محمد ناصر (تعز)

انقلابيو اليمن يتبنّون استهداف تل أبيب بمسيّرات

عناصر حوثيون في صنعاء متضامنون مع «حزب الله» اللبناني (إ.ب.أ)
عناصر حوثيون في صنعاء متضامنون مع «حزب الله» اللبناني (إ.ب.أ)
TT

انقلابيو اليمن يتبنّون استهداف تل أبيب بمسيّرات

عناصر حوثيون في صنعاء متضامنون مع «حزب الله» اللبناني (إ.ب.أ)
عناصر حوثيون في صنعاء متضامنون مع «حزب الله» اللبناني (إ.ب.أ)

ضمن تصعيد الجماعة الحوثية المستمر للشهر الحادي عشر تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة، وأخيراً مناصرة «حزب الله» في لبنان، تبنت إطلاق عدد من الطائرات المسيرة باتجاه تل أبيب، الخميس.

وجاء هذا الهجوم في وقت تتوعد فيه الجماعة المدعومة من إيران باستمرار هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، إذ تزعم أنها تمنع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل بغضّ النظر عن جنسيتها، إضافة إلى السفن الأميركية والبريطانية.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان متلفز، إن قوات جماعته نفّذت عملية عسكرية استهدفت هدفاً حيوياً في «تل أبيب» بعدد من الطائرات المسيرة من نوع «يافا».

وادّعى المتحدث الحوثي أن العملية «حقّقت أهدافها بنجاح بوصول المسيرات دون أن يرصدها العدو أو يسقطها»، حيث جاءت ضمن ما تسميه الجماعة «المرحلة الخامسة في معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس، واستمراراً في الانتصارِ لمظلوميةِ الشعبينِ الفلسطينيِّ واللبنانيِّ وإسناداً للمقاومتينِ الفلسطينيةِ واللبنانيةِ».

صاروخ باليستي زعم الحوثيون أنهم أطلقوه باتجاه إسرائيل (إعلام حوثي)

وإذ توعد سريع باستمرار الهجمات من قبل جماعته «حتى وقف العدوان ورفع الحصار عن قطاع غزة، وكذلك وقف العدوانِ على لبنان»، قال الجيش الإسرائيلي إنه اعترض «هدفاً جوياً مشبوهاً» قبالة وسط إسرائيل خلال الليل من دون تقديم تفاصيل، وفق ما نقلته «رويترز».

وهذه هي المرة الخامسة التي تتبنى فيها الجماعة الحوثية مهاجمة تل أبيب منذ الهجوم الأول بطائرة مسيرة في 19 يوليو (تموز) الماضي، الذي أدى إلى مقتل مدني وإصابة آخرين بعد أن أصابت الطائرة شقة سكنية.

استمرار التصعيد

أشار زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي في خطبته الأسبوعية، الخميس، إلى استمرار جماعته في تصعيدها، وأفرد مساحة واسعة للحديث عن الهجمات الإيرانية الصاروخية الأخيرة على إسرائيل.

وفي حين زعم الحوثي أن مقتل حسن نصر الله لن يؤثر على «حزب الله» اللبناني، قال إن جماعته هاجمت 188 سفينة منذ بدء التصعيد في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وكانت الجماعة ادّعت إطلاق 3 صواريخ مجنحة باتجاه تل أبيب، الأربعاء، دون تأكيد إسرائيلي بخصوص هذه الهجمات، وذلك غداة مهاجمة الجماعة سفينتين في البحر الأحمر.

ويوم الثلاثاء الماضي، زعمت الجماعة مهاجمة هدف عسكري في تل أبيب بطائرة مسيرة من نوع «يافا» ومهاجمة أهداف عسكرية أخرى في «إيلات» بـ4 مسيرات من نوع «صماد 4»، وهي الهجمات التي لم يشر الجيش الإسرائيلي إلى آثار ناجمة عنها.

من آثار الضربات الإسرائيلية على مدينة الحديدة اليمنية الخاضعة للحوثيين (أ.ف.ب)

وفي 15 سبتمبر (أيلول) أطلقت الجماعة صاروخاً «فرط صوتي» من نوع «فلسطين 2» باتجاه تل أبيب، حيث أدت عملية اعتراضه إلى إشعال حرائق في أماكن مفتوحة دون تسجيل أي إصابات بشرية. كما تبنت في 27 سبتمبر الماضي إطلاق صاروخ في النوع نفسه باتجاه تل أبيب، وإطلاق مسيرة من نوع «يافا» باتجاه منطقة عسقلان.

وإزاء الهجمات التي تبنتها الجماعة الحوثية ضد إسرائيل كان أول ردّ للأخيرة في 20 يوليو الماضي حيث استهدفت مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكررت الضربات الإسرائيلية، الأحد الماضي، الموافق 29 سبتمبر الماضي، على مستودعات الوقود في ميناءي الحديدة ورأس عيسى، كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقرّ به الحوثيون.