‏عبث الانقلابيين يهدد صنعاء القديمة بالخروج من «التراث العالمي»

دعوات للأمم المتحدة لوقف تشويه معالم المدينة

عشرات المنازل التاريخية في صنعاء تهدمت جراء الإهمال والعبث (إعلام محلي)
عشرات المنازل التاريخية في صنعاء تهدمت جراء الإهمال والعبث (إعلام محلي)
TT

‏عبث الانقلابيين يهدد صنعاء القديمة بالخروج من «التراث العالمي»

عشرات المنازل التاريخية في صنعاء تهدمت جراء الإهمال والعبث (إعلام محلي)
عشرات المنازل التاريخية في صنعاء تهدمت جراء الإهمال والعبث (إعلام محلي)

كشف ناشطون يمنيون في المجال الثقافي عن توسع دائرة عبث الحوثيين بالطراز المعماري في مدينة صنعاء القديمة، ما يهدد بإسقاط المدينة التاريخية من قائمة التراث العالمي. وطالبوا منظمة الأمم المتحدة للعلوم والثقافة (اليونيسكو) باتخاذ موقف جاد تجاه ذلك العبث.

ووفق إفادات جمعتها «الشرق الأوسط» من 5 ناشطين، طال عبث الحوثيين 3 حارات في المدينة القديمة التي أُدرجت ضمن التراث العالمي قبل 38 عاماً، وهو أمر من شأنه أن يهدد بإسقاطها من قائمة التراث العالمي، خصوصاً أنها موضوعة الآن على قائمة «التراث العالمي المعرّض للخطر».

الحوثيون يخططون لتحويل صنعاء القديمة إلى مزار طائفي (إعلام حكومي)

وبيّنت الإفادات أن المسؤولين الحوثيين ورغبةً في الحصول على الأموال، مكّنوا تجاراً وميسورين من هدم عدد من المباني التاريخية وإقامة مبانٍ كبيرة مكانها، مستخدمين الخرسانة المسلحة والأحجار، وبشكل مخالف تماماً للطراز المعماري؛ شكلاً ومضموناً.

وتشهد حارات ‏سكرة وموسى ونصير، عبثاً غير مسبوق في الطابع المعماري للمدينة، وفق الناشطين؛ نتيجة تواطؤ المسؤولين الحوثيين، ‏وسماحهم لأغلب التجار بإزالة مبانٍ تاريخية وإقامة مكانها مبانٍ من الخرسانة والأحجار.

وبيّنت المصادر أن ‏حارة بالكامل تم تغيير دكاكينها المعروفة بطرازها المعماري وصغر حجمها وأبوابها، وأُعيد بناؤها بالإسمنت المسلح والأحجار، وتحويلها إلى محلات تجارية وفقاً للنموذج الحديث في البناء، خصوصاً بالقرب من باب السلام ‏وحارة نصير.

وتحوّلت حارة سكرة، وهي الحارة الجميلة في المدينة القديمة، إلى محال تجارية مخالفة للبناء التاريخي القديم، حيث تجاهل الحوثيون القانون الذي يجرّم مثل هذه الأفعال، كما تجاهلوا تحذيرات منظمة الأمم المتحدة للعلوم والثقافة من هذه التجاوزات، واستمروا في صرف تراخيص هدم وبناء، خلافاً لمعايير البناء وأدواته في المدينة.

وذكر الناشطون أن أحد التجار الكبار أقام عمارة شاهقة بالحديد المسلح في شارع الذهب القريب من بيت الشاعر الراحل عبد الله البردوني، الذي تضرر نتيجة الأمطار الغزيرة، وأن التاجر يواصل البناء الآن.

‏ ترميم دون المعايير

اشتكى النشطاء في مدينة صنعاء القديمة من الطريقة التي يدار بها مشروع إنقاذ وتأهيل المباني التاريخية، وقالوا إن عملية الترميم لا تتم باستخدام أنواع جيدة من المواد، وتتم بأدنى المعايير، ولهذا تتضرر المباني بسرعة وفي وقت بسيط.

كما انتقدوا ذهاب غالبية الأموال المخصصة للمشروع في صورة نفقات إدارية بما فيها سفريات واجتماعات وورش تدريب، وقالوا إن كثيراً من أصحاب المنازل المتضررة جراء الأمطار حاولوا إدراج منازلهم ضمن قوائم المنازل التي يتم ترميمها حالياً، لكن دون جدوى.

التغيرات المناخية زادت الأضرار التي تعرض لها كثير من المنازل في صنعاء القديمة (إكس)

ووفق ما ذكرته المصادر فإن شباناً من المدينة، الذين يستهدفهم المشروع الممول من الاتحاد الأوروبي، يحاولون منذ عامين الحصول على فرصة للتدريب والعمل، لكن مطالبهم قوبلت بالتجاهل.

وتؤكد «اليونيسكو» أن اليمن يشتهر بتراثه الثقافي الغني، بما في ذلك المواقع الأثرية والمدن ذات الأهمية التاريخية، مع وجود 5 مواقع تم ترشيحها للتراث العالمي، و9 مدرجة في القائمة المؤقتة.

وتقول المنظمة إن مواقع التراث الثقافي المبنية في اليمن تعد نافذة فريدة لفهم الحضارة غير العادية التي يبلغ عمرها 2200 عام، التي ازدهرت ذات يوم في شبه الجزيرة العربية.

وبحسب المنظمة الأممية، فإنه وبسبب النزاع المستمر، لا تزال مدينة صنعاء القديمة، ومدينة شبام القديمة المسورة، ومدينة زبيد التاريخية، وعديد من المراكز التاريخية المهمة في اليمن معرضة للخطر للغاية.

ولهذا أطلقت المنظمة بالشراكة مع الاتحاد الأوروبي في يونيو (حزيران) 2022 مبادرة «توظيف الشباب من خلال التراث والثقافة في اليمن»، بهدف تلبية احتياجات إعادة تأهيل التراث، والبرامج الثقافية، وتوفير فرص العمل للشباب اليمنيين.


مقالات ذات صلة

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

العالم العربي المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

فيما طالبت الأمم المتحدة بأكبر تمويل إنساني في اليمن للعام المقبل أفاد تقرير دولي بوجود 3.5 مليون شخص من فئة المهمشين لا يمتلكون مستندات هوية وطنية

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

يشهد اليمن موسماً جديداً للأمطار الغزيرة التي تتسبب في أضرار كبيرة للسكان والبنية التحتية، في حين لا تزال البلاد وسكانها يعانون تأثيرات فيضانات الصيف الماضي.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب  (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تقرير حديث للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن حول مساهماته في بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

أحال رئيس الحكومة اليمنية، أحمد بن مبارك، رئيس مؤسسة نفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

تتزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، في حين تتصاعد الدعوات لإجراء حلول عاجلة ودائمة تمكن الحكومة من السيادة على الموارد.

وضاح الجليل (عدن)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).