قوى سودانية توقع في القاهرة «ميثاقاً وطنياً» يدعم الجيش

قالت إنها تطرح رؤية شاملة للحل تختلف عن «تقدم»

قوى سياسية سودانية توقّع في القاهرة (الأربعاء) وثيقة للتوافق (الشرق الأوسط)
قوى سياسية سودانية توقّع في القاهرة (الأربعاء) وثيقة للتوافق (الشرق الأوسط)
TT

قوى سودانية توقع في القاهرة «ميثاقاً وطنياً» يدعم الجيش

قوى سياسية سودانية توقّع في القاهرة (الأربعاء) وثيقة للتوافق (الشرق الأوسط)
قوى سياسية سودانية توقّع في القاهرة (الأربعاء) وثيقة للتوافق (الشرق الأوسط)

وقع عدد من الكيانات والقوى السياسية السودانية، الأربعاء، في القاهرة، ما سمَّته «الميثاق الوطني»، الذي يتضمن رؤية إطارية لإدارة فترة انتقالية، عبر توحيد للقوى السياسية في تجمع موحد، يقدم خريطة طريق تنفيذية لحل شامل.

ويختلف التجمع السياسي الجديد، عن تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)، حسب مشاركين في التوقيع، في كونه يستهدف توحيد كل الكيانات السياسية دون إقصاء أحد، إلى جانب دعم القوات المسلحة السودانية في حربها الحالية مع «قوات الدعم السريع».

ووقَّع على «الميثاق الوطني» كل من «الكتلة الديمقراطية» برئاسة جعفر الميرغني، و«كتلة الحراك الوطني» برئاسة تيجاني سيسي، وحزب «المؤتمر الشعبي» برئاسة الأمين محمود، و«تحالف الخط الوطني (تخطي)»، وكتلة «التراضي الوطني» برئاسة مبارك الفاضل التراضي، و«حزب البعث السوداني» برئاسة محمد وداعه، و«الآلية الوطنية لدعم التحول المدني الديمقراطي ووقف الحرب»، و«الجبهة الوطنية» برئاسة الناظر محمد الأمين ترك، والمجتمع المدني، إلى جانب عدد من قيادات الطرق الصوفية والإدارات الأهلية، ومجلس الكنائس.

وتتضمن الوثيقة الجديدة التي شهد توقيعها السفير الروسي في القاهرة غيورغي بوريسينكو، تأكيد «وحدة السودان واستقلال قراره»، وأن «القوات المسلحة هي المؤسسة الشرعية المسؤولة عن حفظ الأمن والدفاع في البلاد».

كما تستهدف تسوية سلمية للأزمة الراهنة، من خلال مواصلة الحوار في (منبر جدة) لوقف الحرب الدائرة منذ أكثر من عام بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع»، التي تسببت في فرار أكثر من 8 ملايين شخص من ديارهم، وهجرة أكثر من 1.8 مليون إلى دول الجوار، وفقاً لتقديرات أممية.

قادة كتل سياسية سودانية يوقِّعون في القاهرة (الأربعاء) وثيقة إطارية لفترة انتقالية (الشرق الأوسط)

ووفق الوثيقة التي اطَّلعت عليها «الشرق الأوسط»، فإن أسس التوافق بين القوى السياسية تبدأ بتدشين حوار سوداني – سوداني دون إقصاء أو تدخلات خارجية، كما حددت مهام للفترة الانتقالية، بدايةً من إعادة الإعمار، وصياغة دستور دائم عبر استفتاء شعبي، ومعالجة أوضاع المتضررين من الحرب، وتنفيذ اتفاق (سلام جوبا) مع الحركات المسلحة.

كما نصَّت على آليات تشكيل أجهزة لحكم انتقالي، بدايةً من مجلس السيادة يتكون من 7 أعضاء عسكريين ومدنيين، وحكومة وحدة وطنية، ورئيس وزراء يجري اختياره من 3 أسماء يجري ترشيحهم من لجنة حكماء تضم 11 عضواً. وحددت الوثيقة آلية لتشكيل مجلس تشريعي انتقالي من 300 عضو، يجري اختيارهم من لجنة تُشكل من 15 عضواً من القوى المشاركة في مؤتمر الحوار السوداني.

وجاء التوقيع على الوثيقة بعد سلسلة اجتماعات استضافتها العاصمة المصرية خلال الأيام الماضية لعدد من القوى السياسية.

ويسعى تجمع القوى السودانية الجديدة، إلى طرح رؤيته للحل على المجتمع الدولي، حسب رئيس قوى الحراك الوطني، تيجاني سيسي، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الرؤية المقدَّمة من مظلة القوى السياسية الجديدة ستُطرح على المجتمع الدولي لتأكيد أن هناك مشاريع سياسية وطنية يمكن البناء عليها في حل الأزمة السودانية».

ورأى رئيس «الحراك الوطني» أن رؤيتهم السياسية تختلف عن مبادرة (تقدم)، كون «الأخيرة ما زالت تقدم حلولاً تُقصي آخرين»، مشيراً إلى أن «بعض الأطراف الدولية تنحاز إلى (تقدم)، بينما يجب أن يعلم العالم أن هناك في الساحة السودانية مَن يملك مشروعاً وطنياً جامعاً يمكن أن يكون مدخلاً للحل».

ويتشكل تحالف «تقدم»، برئاسة رئيس الوزراء السابق الدكتور عبد الله حمدوك، بشكل رئيسي من قوى «الحرية والتغيير»، ومنظمات مجتمع مدني، وهيئات نقابية ومهنية. وتطالب «تقدم» الجيش و«قوات الدعم السريع» بوقف فوري للحرب، دون الإعلان عن دعم أي طرف.

وقال تيجاني سيسي إن مشروع الميثاق الوطني «يرفض النَّيل من جهات السيادة الوطنية ومؤسسات الدولة السودانية».

ولم يحدث أن اجتمعت قوى وتيارات سودانية بهذا الحجم منذ بداية الحرب الحالية في السودان، كما يؤكد القيادي بالكتلة الديمقراطية السودانية مبارك أردول، الذي أشار إلى أن التحالف الجديد يضم نحو 8 كتل سياسية كبرى تجمع أكثر من 50 حزباً سياسياً وحركات مسلحة وتجمعات مهنية ودينية.

وشدد أردول لـ«الشرق الأوسط»، على دعم التجمع لـ«القوات المسلحة السودانية في حربها الحالية ضد (قوات الدعم السريع)، ورفض إقصاء أي تيارات سياسية»، وهو ما يميزه عن «تقدم».


مقالات ذات صلة

«الدعم السريع» تتهم الجيش السوداني بالاستعانة بخبراء من «الحرس الثوري» الإيراني

شمال افريقيا عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

«الدعم السريع» تتهم الجيش السوداني بالاستعانة بخبراء من «الحرس الثوري» الإيراني

توعدت «الدعم السريع» بمواصلة «العمليات الخاصة النوعية»، لتشمل «جميع المواقع العسكرية لميليشيات البرهان والحركة الإسلامية الإرهابية»، واعتبارها أهدافاً بمتناولها

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا حضور «الملتقى المصري - السوداني لرجال الأعمال بالقاهرة» (مجلس الوزراء المصري)

مصر تُكثف دعمها للسودان في إعادة الإعمار وتقليل تأثيرات الحرب

تكثف مصر دعمها للسودان في إعادة الإعمار... وناقش ملتقى اقتصادي في القاهرة الاستثمارات المشتركة بين البلدين، والتعاون الاقتصادي، لتقليل تأثيرات وخسائر الحرب.

أحمد إمبابي (القاهرة )
شمال افريقيا عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

الجيش السوداني يعلن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من «قوات الدعم السريع»

أعلن الجيش السوداني، اليوم السبت، «تحرير» مدينة سنجة، عاصمة ولاية سنار، من عناصر «قوات الدعم السريع».

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أعلن الجيش السوداني اليوم (السبت) «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)

«الجنائية الدولية»: ديسمبر للمرافعات الختامية في قضية «كوشيب»

حددت المحكمة الجنائية الدولية ومقرها لاهاي 11 ديسمبر المقبل لبدء المرافعات الختامية في قضية السوداني علي كوشيب، المتهم بارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية بدارفور.

أحمد يونس (كمبالا)

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.