هول «المقابر الجماعية» يصدم غزة

انتشال 190 جثماناً من مجمع ناصر الطبي... ومخاوف من مصير مماثل لألفي مفقود

جثامين لضحايا مقبرة جماعية في خان يونس بقطاع غزة الأحد (د.ب.أ)
جثامين لضحايا مقبرة جماعية في خان يونس بقطاع غزة الأحد (د.ب.أ)
TT

هول «المقابر الجماعية» يصدم غزة

جثامين لضحايا مقبرة جماعية في خان يونس بقطاع غزة الأحد (د.ب.أ)
جثامين لضحايا مقبرة جماعية في خان يونس بقطاع غزة الأحد (د.ب.أ)

صدم هول المقابر الجماعية التي بدأت تتكشف في قطاع غزة أسراً تبحث عن مفقوديها، وتحدث عاملون بالقطاع الطبي عن العثور على الجثامين في «مرحلة متقدمة من التعفن والتحلل»، ورصدوا علامات على أنها «تعرّضت لأنواع من التعذيب والاعتقال والتنكيل، وبعد ذلك تم دفنها». كما أشاروا إلى احتمالية العثور على مزيد من الضحايا.

وأكد عاملون بالدفاع المدني في غزة، (الأحد)، إخراج عشرات الجثث لأشخاص دُفنوا بعد قتلهم بأيدي القوات الإسرائيلية في مستشفى «مجمع ناصر الطبي» في خان يونس جنوب غزة.

وحتى مساء الأحد، أفادت وكالة الأنباء الفلسطينية «وفا»، باستخراج «جثامين 190 شهيداً، من مقبرة جماعية بمجمع ناصر الطبي بعد انسحاب الاحتلال من خان يونس». وبحسب الدفاع المدني الفلسطيني فقد عُثر على الجثث «منزوعة الملابس» و«قد تحلل» معظمها في باحة مجمع ناصر الطبي.

فلسطيني يفحص يوم الأحد جثمان إحدى ضحايا المقابر الجماعية في خان يونس (د.ب.أ)

وارتفعت حصيلة ضحايا الحرب الإسرائيلية على غزة منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي إلى 34 ألفاً و97 قتيلاً، فضلاً أكثر من 76 ألف مصاب.

وقال المتحدث باسم «الدفاع المدني» في غزة، محمود بصل لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، «فوجئنا بأن هناك مقابر جماعية داخل مجمع ناصر الطبي أقامها الاحتلال الإسرائيلي... فوجئنا أمس بوجود 50 شهيداً في إحدى الحفر».

وأشار بصل إلى وجود علامات على أن الجثث «تعرّضت لأنواع من التعذيب والاعتقال والتنكيل، وبعد ذلك تم دفنها». وأضاف أن هناك «جثثاً (...) في مرحلة متقدمة من التعفن والتحلل»، مؤكداً تواصل عمليات انتشال الجثامين، واحتمالية زيادة عددها.

عاملون بالقطاع المدني الفلسطيني يحملون جثامين استُخرجت من مقابر جماعية يوم الأحد في «مجمع ناصر الطبي» بغزة (د.ب.أ)

وشهد محيط «مجمع ناصر» منتصف فبراير (شباط) الماضي قتالاً عنيفاً، وحاصرته الدبابات الإسرائيلية في 26 مارس (آذار).

من جهتها، قالت حركة «حماس»، في بيان، إن العثور على «المقبرة الجماعية في مجمع ناصر الطبي... يؤكد من جديد حجم الجرائم والفظائع التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي».

وأشارت مصادر صحافية، «وكالة الأنباء الفلسطينية»، إلى «وجود نحو 500 مفقود بمجزرة خان يونس، واختفاء نحو 2000 مواطن بعد انسحاب قوات الاحتلال من مناطق عدة في القطاع».

ولفتت إلى أن «الجثامين تعود لمواطنين من مختلف الفئات والأعمار، قتلتهم قوات الاحتلال في أثناء اقتحامها المجمع، ودفنتهم بشكل جماعي داخله». وأكدت أن العدد الأكبر من ضحايا المقابر الجماعية، واقتحام المستشفيات «من النساء والأطفال، حيث تتعمد قوات الاحتلال إلى جرف عشرات الجثث ودفنها قبل انسحابها من أي منطقة في القطاع» بحسب الوكالة.

تصعيد

وعلى صعيد ميداني، كثّف الجيش الإسرائيلي، (الأحد) من غاراته الجوية وقصفه المدفعي على مناطق مختلفة من غزة، وتحديداً المناطق الجنوبية، وفي رفح (أقصى جنوب القطاع) أفاد شهود عيان «وكالة أنباء العالم العربي» بـ«مقتل 8 مواطنين منهم 8 أطفال وامرأتان في غارات إسرائيلية استهدفت منزلين، كما استهدف قصف آخر منزلاً شرق رفح؛ ما أسفر عن سقوط 5 ضحايا، بينهم أطفال».

وأفاد شهود عيان بأن غارة إسرائيلية استهدفت أرضاً زراعية تؤوي نازحين في منطقة خربة العدس شمال رفح؛ ما أدى لوقوع عدد من الإصابات تم نقلها لـ«مستشفى غزة الأوروبي»، كما شنّت الطائرات الإسرائيلية غارة على منزل جنوب مدينة رفح قرب الحدود مع مصر.

وكذلك استهدفت الطائرات الإسرائيلية شقة سكنية تؤوي نازحين في حي تل السلطان غرب المدينة؛ ما أدى لمقتل 10 مواطنين، بينهم 6 أطفال و3 سيدات، كما أدى القصف لانهيار في منازل مجاورة للمنزل المستهدف. كما استهدف قصف إسرائيلي شقة سكنية بمخيم الشابورة وسط مدينة رفح؛ ما أسفر عن مقتل سيدة وطفلتها وزوجها.

الدخان يتصاعد بعد غارة إسرائيلية يوم الأحد على رفح جنوب غزة (رويترز)

وفي مدينة خان يونس، استهدف قصف إسرائيلي خياماً تؤوي نازحين في منطقة المواصي غرب خان يونس؛ ما أدى لمقتل مواطنَين اثنين وإصابة 10 آخرين.

وبحسب شهود عيان يتواصل القصف الإسرائيلي الذي يستهدف مراكز إيواء وخيام نازحين ومنازل المواطنين المأهولة في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة.

وأفاد شهود عيان بمقتل طبيب وإصابة نجله بجراح خطرة جراء قصف إسرائيلي استهدف عيادته في مخيم البريج وسط قطاع غزة، كما قُتل مواطنان في قصف استهدف محيط «مدرسة أبو حلو» وسط المخيم.

وفي شمال قطاع غزة تتواصل الاستهدافات الإسرائيلية كذلك من خلال الطيران الحربي والقصف المدفعي لمناطق مختلفة في مدينة غزة وشمال القطاع.

ضوء أخضر

إلى ذلك، أدانت «حماس»، يوم الأحد، إقرار مجلس النواب الأميركي حزمة مساعدات عسكرية جديدة لإسرائيل بقيمة 13 مليار دولار، عادّة أنّ واشنطن أعطت الدولة العبرية «الضوء الأخضر» لمواصلة «العدوان» على الفلسطينيين.

ورحّبت إسرائيل، (السبت)، بالمساعدة المالية الجديدة التي صوّت عليها الكونغرس الأميركي، على الرغم من التوترات التي تشهدها مع واشنطن أقوى حليف لها، والناجمة عن التحذيرات الأميركية المتزايدة بشأن مصير المدنيين في غزة.

وأدت غارات إسرائيلية إلى مقتل 48 شخصاً خلال 24 ساعة في أنحاء القطاع حتى صباح الأحد، حسبما أفادت وزارة الصحة التابعة لـ«حماس».

وفي الضفة الغربية المحتلة تصاعدت أعمال العنف بموازاة مقتل فلسطينيَّين اثنين برصاص القوات الإسرائيلية (الأحد)، وفق وزارة الصحة في رام الله.

وأكد الجيش الإسرائيلي أن قواته قامت بـ«تحييدهما» بعد تعرّض جنود لإطلاق نار قرب بلدة بيت حانون بجنوب الضفّة.

وكان الهلال الأحمر الفلسطيني أفاد (السبت) بأنّ 14 شخصاً قُتلوا في عملية عسكرية إسرائيلية بدأت مساء الخميس في مخيّم نور شمس قرب طولكرم في الضفة الغربية.

مساعدات

من جهة أخرى، نفّذت القوات المسلحة الأردنية، (الأحد)، 8 إنزالات جوية لمساعدات إنسانية وإغاثية بمشاركة دول عدة استهدفت عدداً من المواقع في شمال قطاع غزة. ووفق وكالة الأنباء الأردنية (بترا)، شاركت في عملية الإنزال طائرة تابعة لسلاح الجو الملكي الأردني، و4 طائرات تابعة للولايات المتحدة الأميركية، وطائرة تابعة لمصر، وطائرة تابعة لألمانيا، وطائرة تابعة لبريطانيا.

مساعدات غذائية تم إسقاطها يوم الأحد فوق قطاع غزة (رويترز)

وأكدت القوات المسلحة الأردنية أنها مستمرة في إرسال المساعدات الإنسانية والطبية عبر جسر جوي لإيصالها من خلال طائرات المساعدات من مطار ماركا باتجاه مطار العريش الدولي، أو من خلال عمليات الإنزال الجوي على قطاع غزة، أو قوافل المساعدات البرية، لمساعدة الأهل في قطاع غزة على تجاوز الأوضاع الصعبة.

وطبقاً للوكالة، ارتفع عدد الإنزالات الجوية التي نفّذتها القوات المسلحة الأردنية، منذ بدء العدوان الإسرائيلي على القطاع إلى 86 إنزالاً جوياً أردنياً، و203 إنزالات جوية نُفّذت بالتعاون مع دول عربية وأجنبية.

وعلى صعيد قريب، شددت مصر مجدداً على رفض تهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم. وحذرت من «توسيع دائرة العنف في المنطقة». وأكد وزير الخارجية المصري، سامح شكري، أن «استمرار الحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة، وزيادة وتيرة الاعتداءات الإسرائيلية والممارسات الاستيطانية غير الشرعية في الضفة الغربية يزيدان من مخاطر تفجّر الأوضاع في كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة».

وأجرى شكري مباحثات في القاهرة، (الأحد)، مع مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فرانشيسكا ألبانيز، في إطار جولة إقليمية تشمل مصر والأردن.

من جانبها، أعربت المقررة الأممية عن أسفها واستنكارها لعدم قدرتها على القيام بزيارة ميدانية لقطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث «حال الرفض الإسرائيلي دون إتمام مهمتها».


مقالات ذات صلة

نتنياهو: «حماس» لم تقدم قائمة بأسماء رهائن حتى اللحظة

شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ف.ب)

نتنياهو: «حماس» لم تقدم قائمة بأسماء رهائن حتى اللحظة

قال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم الأحد، إن حركة «حماس» لم تقدم قائمة بأسماء الرهائن «حتى هذه اللحظة».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي عناصر من «حماس» و«الجهاد الإسلامي» يسلمون الرهائن المفرج عنهم إلى «الصليب الأحمر» في رفح 28 نوفمبر 2023 ضمن صفقة تبادل الرهائن والأسرى بين «حماس» وإسرائيل (د.ب.أ)

حماس: لا نرى تجاوباً من إسرائيل بشأن الانسحاب من غزة

قال مسؤول في حركة «حماس»، اليوم (الأحد)، إن الحركة لا ترى تجاوباً من إسرائيل بشأن الانسحاب من غزة أو اتفاق وقف إطلاق النار. 

المشرق العربي فلسطينيون يتجمعون لتلقي المساعدات التي توزعها «الأونروا» في «مخيم النصيرات» للاجئين بغزة 5 نوفمبر 2024 (أ.ب)

«الأونروا» تحذر من «شلل» الخدمات المقدمة لملايين اللاجئين الفلسطينيين

حذرت «وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (الأونروا)» من أن عملياتها قد تتعرض للشلل.

«الشرق الأوسط» (غزة )
المشرق العربي جنود إسرائيليون يقودون دبابة بالقرب من الحدود مع غزة (أ.ب)

الجيش الإسرائيلي يرصد إطلاق «مقذوفين» من شمال غزة

رصد الجيش الإسرائيلي مقذوفيْن أُطْلِقا من شمال قطاع غزة باتّجاه إسرائيل، الجمعة، في حادثة هي الأحدث من نوعها في الأيام الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو (د.ب.أ)

نتنياهو يجيز للمفاوضين استكمال محادثات وقف إطلاق النار في غزة

أجاز رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو للمفاوضين مواصلة المباحثات في الدوحة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.