غروندبرغ يدعو إلى فصل الأزمة اليمنية عن الصراع في المنطقة

عبّر عن انزعاجه من التصعيدين الميداني والاقتصادي

المبعوث الأممي إلى اليمن يخشى من انهيار مساعي السلام وعودة الاقتتال (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن يخشى من انهيار مساعي السلام وعودة الاقتتال (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ يدعو إلى فصل الأزمة اليمنية عن الصراع في المنطقة

المبعوث الأممي إلى اليمن يخشى من انهيار مساعي السلام وعودة الاقتتال (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن يخشى من انهيار مساعي السلام وعودة الاقتتال (الأمم المتحدة)

دعا المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، خلال إحاطته أمام مجلس الأمن، الاثنين، إلى فصل الأزمة اليمنية عن قضايا الصراع في المنطقة، معبّراً عن انزعاجه من التصعيدين الميداني والاقتصادي بين الحكومة اليمنية والحوثيين.

واعترف المبعوث بأن جهوده الرامية إلى إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية تعثرت بفعل التطورات الإقليمي، في إشارة الأحداث في غزة ودخول الحوثيين على خط مهاجمة السفن التجارية في البحر الأحمر وخليج عدن، وتصنيفهم بشكل خاص على لائحة الإرهاب الأميركية.

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

وقال: «إننا نجتمع في لحظة خطيرة بشكل خاص في الشرق الأوسط. إن الحاجة إلى وقف التصعيد الإقليمي باتت ضرورة ملحة. وأشاطر الأمين العام قلقه بشأن خطر التصعيد الإقليمي ودعوته جميع الأطراف إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس».

وأضاف: «يتعيّن على المنطقة، وبدعم المجتمع الدولي، أن تسعى إلى إيجاد سبل للتعايش تعتمد على بناء الثقة بشكل تدريجي، و الأمن المشترك والابتعاد عن عقلية المحصلة الصفرية المتمثلة في تحقيق النصر على حساب الآخرين».

وشدد غروندبرغ على أنه يتوجب ضمان ألا يتم ربط حل الصراع في اليمن بتسوية القضايا الأخرى، وقال: «يجب ألا نجازف بفرصة اليمن في تحقيق السلام وتحويلها خسائر ثانوية».

وعبّر المبعوث عن خيبة أمله هذا العام لعدم إطلاق المزيد من الأسرى والمحتجزين اليمنيين، وتابع بالقول: «تم إطلاق سراح أكثر من 900 معتقل في العام الماضي؛ مما سمح لهم بقضاء العيد مع عائلاتهم وأحبائهم. وللأسف، هذا العام، لم يتم إطلاق سراح المعتقلين الذين كنا نأمل أن يتم إطلاق سراحهم في الوقت المناسب لقضاء العيد مع أهاليهم. والأحباء لا يزالون رهن الاحتجاز».

وبدلاً من تضييق الخلافات وبناء الثقة بين الحكومة اليمنية والحوثيين كشف المبعوث الأممي، عن أنه «يشعر بالانزعاج من التباين المتزايد الواضح بين الطرفين».

عملة معدنية غير قانونية سكّها الحوثيون أخيراً وأثارت غضب الحكومة اليمنية (إكس)

وقال: «على الصعيد الاقتصادي، ينخرط الطرفان في إجراءات أحادية تهدّد بزيادة تشعّب النظام الاقتصادي. إن التحديات التي يواجهها الاقتصاد اليمني تتطلب استجابة استراتيجية ومنسقة تتماشى مع التسوية طويلة المدى للصراع».

وكان الحوثيون قاموا بسكّ عملة نقدية معدنية من فئة 100 ريال بشكل غير قانوني؛ وهو ما أثار سخط الحكومة اليمنية التي ردت بإمهال المصارف 60 يوماً لنقل مقارّها الرئيسية من صنعاء وبقية المناطق الخاضعة للحوثيين.

قلق من التصعيد

وأشار غروندبرغ إلى التصعيد الميداني في اليمن، وقال: «بينما لا يزال الوضع العسكري في جميع أنحاء البلاد تحت السيطرة مقارنة بالوضع قبل أبريل (نيسان) 2022، فقد شهدنا مؤخراً تصعيداً للأعمال العدائية على جبهات أمامية عدة».

وشدد على أن «ما يحتاج إليه اليمنيون في نهاية المطاف هو وقف إطلاق النار على الصعيد الوطني، وتحسين الظروف المعيشية، واستئناف عملية سياسية شاملة تشرك بشكل هادف مجموعة واسعة من الأصوات، بما في ذلك النساء والشباب والمجتمع المدني والفئات المهمشة».

وأعاد التذكير بأن الأطراف اليمنية أعربت له في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، عن استعدادها لتفعيل مجموعة من الالتزامات من خلال خريطة طريق الأمم المتحدة. واعترف بالقول: «لسوء الحظ، تعثر الزخم نحو التوصل إلى اتفاق بسبب الأحداث الإقليمية، التي أدت إلى تعقيد مجال الوساطة بشكل كبير».

أسلحة إيرانية كانت في طريقها إلى الحوثيين صادرتها واشنطن ونقلتها إلى أوكرانيا (الجيش الأميركي)

وتابع: «في غياب وقف إطلاق النار في غزة والإنهاء الكامل للهجمات في البحر الأحمر وخليج عدن، فإن التهديد بمزيد من التصعيد لا يزال قائماً. التطورات الأخيرة المتعلقة بإيران وإسرائيل تؤكد مدى إلحاح هذه المسألة».

وأشار إلى أنه «يجب على المنطقة، بدعم من المجتمع الدولي، أن تبحث عن سبل للتعايش على أساس بناء الثقة المتزايد والأمن المتبادل والخروج عن عقلية المحصلة الصفرية المتمثلة في تحقيق النصر على حساب النصر». وفق تعبيره.

وأضاف: «أعتقد بقوة أننا مدينون لليمنيين بضمان ألا يكون حل الصراع في اليمن مشروطاً بحل القضايا الأخرى. لا يمكننا المخاطرة بفرصة اليمن في تحقيق السلام وتحولها أضراراً جانبية».

وحذّر المبعوث الأممي إلى اليمن من مغبة ترك الأزمة اليمنية دون حل، وقال: «إذا تركنا العملية السياسية في اليمن في غرفة الانتظار... فإن العواقب يمكن أن تكون كارثية، ليس فقط على اليمن، ولكن أيضاً على المنطقة الأوسع. إن التعامل مع الأطراف بشأن خريطة الطريق وعناصرها يمكن أن يساعد في فتح مساحة للحوار».

ودعا غروندبرغ الأطراف اليمنية إلى «الامتناع عن الإجراءات التصعيدية الأحادية الجانب والانخراط في حوار بحسن نية تحت رعاية الأمم المتحدة لإيجاد حلول مشتركة من خلال التعاون، وتحويل النزاعات فرصاً للسير على الطريق نحو الرخاء المشترك». وفق تعبيره.

وكان المبعوث الأممي عبّر في إحاطته السابقة أمام مجلس الأمن عن مخاوفه من عودة القتال في اليمن على نطاق واسع، حيث باتت مساعيه أكثر صعوبة في ظل التطورات الإقليمية وهجمات الحوثيين على السفن.


مقالات ذات صلة

31 قتيلاً في اليمن جراء السيول وانفجار صهريج غاز

المشرق العربي قتلى ومفقودون إثر انجراف منازلهم بسبب السيول غرب محافظة ذمار اليمنية (إكس)

31 قتيلاً في اليمن جراء السيول وانفجار صهريج غاز

لقي 28 يمنياً حتفهم جراء سيول ضربت غرب محافظة ذمار الخاضعة للحوثيين، كما أدى انفجار صهريج غاز في مدينة عدن، حيث العاصمة المؤقتة للبلاد، إلى مقتل 3 أشخاص.

«الشرق الأوسط» (عدن)
المشرق العربي نقص التمويل يحرم الملايين في اليمن من المساعدات (المجلس النرويجي للاجئين)

تحسن الأمن الغذائي في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية

أظهرت دراسة أممية انخفاض مستوى انعدام الأمن الغذائي في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، في مقابل زيادة في تدابير الأمن الغذائي بمناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي عناصر حوثية في عرض عسكري بعد أن جندت الجماعة عشرات الآلاف خلال الأشهر الماضية (غيتي)

قادة حوثيون يجردون رئيس حكومتهم الانقلابية من صلاحياته

منع الحوثيون رئيس حكومتهم الانقلابية الجديدة من اختيار مدير مكتبه بنفسه في سياق سعيهم لجعله مجرد واجهة لأجندة كبار قادة الجماعة المنتسبين لسلالة زعيمهم الحوثي.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي أشخاص يتجمعون بالقرب من ورشة عمل تضررت جراء انفجار غاز في عدن (أ.ف.ب)

مقتل 3 أشخاص وإصابة 18 آخرين بانفجار محطة غاز في مدينة عدن

لقى ثلاثة أشخاص حتفهم، وأصيب 18 آخرون، في انفجار بمحطة غاز، مساء الجمعة، في مدينة عدن، جنوبي اليمن.

«الشرق الأوسط» (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي مستقبلاً في عدن المبعوث الأممي غروندبرغ (سبأ)

العليمي للمبعوث الأممي: الحوثيون ليسوا شريكاً موثوقاً للسلام

وسط مساعي المبعوث الأممي لتحقيق اختراق في جدار الأزمة اليمنية، أبلغه رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي بأن الحوثيين ليسوا شريكاً موثوقاً للسلام.

علي ربيع (عدن)

الحوثيون يوافقون على قطْر ناقلة النفط «سونيون» بضوء أخضر إيراني

مخاوف يمنية من انفجار ناقلة النفط اليونانية في البحر الأحمر إثر هجمات الحوثيين (إ.ب.أ)
مخاوف يمنية من انفجار ناقلة النفط اليونانية في البحر الأحمر إثر هجمات الحوثيين (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يوافقون على قطْر ناقلة النفط «سونيون» بضوء أخضر إيراني

مخاوف يمنية من انفجار ناقلة النفط اليونانية في البحر الأحمر إثر هجمات الحوثيين (إ.ب.أ)
مخاوف يمنية من انفجار ناقلة النفط اليونانية في البحر الأحمر إثر هجمات الحوثيين (إ.ب.أ)

وافقت الجماعة الحوثية في اليمن على طلب أوروبي لقطْر ناقلة النفط اليونانية «سونيون» المشتعلة في جنوب البحر الأحمر، بعد تلقيها ضوءاً أخضر من إيران، وغداة إعلان تعيين طهران مندوباً جديداً لها في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء تحت اسم «سفير».

وكانت الناقلة تعرضت لسلسلة هجمات حوثية في غرب الحديدة ابتداء من يوم 21 أغسطس (آب) الحالي، ضمن هجمات الجماعة التي تزعم أنها لمناصرة الفلسطينيين في غزة، قبل أن تقوم بإشعال الحرائق على متنها، عقب إجلاء طاقمها المكون من 29 بحاراً بواسطة سفينة فرنسية.

الحرائق مستمرة على متن ناقلة «سونيون» اليونانية منذ أسبوع (إ.ب.أ)

وتنذر الناقلة التي تحمل نحو مليون برميل من المواد البترولية بأسوأ كارثة بحرية في حال انفجارها وتسرب النفط منها أو غرقها، وسط مساع لقطرها لإنقاذ الموقف.

وجاء الضوء الأخضر الإيراني عبر بعثة طهران في الأمم المتحدة، الأربعاء، حيث ذكرت أن الحوثيين وافقوا على السماح لزوارق قطر وسفن إنقاذ بالوصول إلى ناقلة النفط المتضررة بالبحر الأحمر سونيون.

وأشارت البعثة الإيرانية إلى أن عدة دول «تواصلت لتطلب من أنصار الله (الحوثيين) هدنة مؤقتة لدخول زوارق القطر وسفن الإنقاذ إلى منطقة الحادث، وأن الجماعة وافقت على الطلب (مراعاة للمخاوف الإنسانية والبيئية)»، بحسب ما نقلته «رويترز».

وعقب الإعلان الإيراني، ظهر المتحدث باسم الجماعة الحوثية، محمد عبد السلام، في تغريدة على منصة «إكس»، زعم فيها أن جهات دولية عدة تواصلت مع جماعته، خصوصاً الجهات الأوروبية، وأنه تم السماح لهم بسحب سفينة النفط المحترقة «سونيون».

وفي نبرة تهديد، أكد المتحدث الحوثي أن احتراق سفينة النفط «سونيون» مثال على جدية جماعته في استهداف أي سفينة تنتهك قرار الحظر القاضي بمنع عبور أي سفينة إلى موانئ إسرائيل.

وأضاف المتحدث الحوثي أن على جميع شركات الشحن البحري المرتبطة بإسرائيل أن تدرك أن سفنها ستبقى عرضة للضربات أينما يمكن أن تطولها قوات الجماعة.

مندوب إيران الجديد لدى الحوثيين في صنعاء (يسار) يسلم أوراق اعتماده لوزير خارجية الجماعة (إعلام حوثي)

وكانت وسائل إعلام الجماعة الحوثية ذكرت أن وزير خارجية حكومتها الانقلابية التي لا يعترف بها أحد، استقبل في صنعاء من وصفته بالسفير الإيراني الجديد علي محمد رمضاني، الذي قدم نسخة من أوراق اعتماده.

وسبق أن عينت طهران في 2020 القيادي في الحرس الثوري حسن إيرلو مندوباً لها لدى الجماعة الحوثية في صنعاء تحت اسم «السفير» قبل أن يلقى حتفه في نهاية 2021 في ظروف غامضة، ويتم إجلاء جثمانه إلى إيران.

كما قامت الجماعة الحوثية بتعيين ما تسميه سفيراً لليمن في طهران، حيث مكنت السلطات الإيرانية عناصر الجماعة لديها من السيطرة على المباني الدبلوماسية اليمنية في أراضيها.

لا يوجد تسرب

في أحدث بيانات أوردتها المهمة البحرية الأوروبية في البحر الأحمر (أسبيدس) ذكرت أن الأصول العاملة في المنطقة التابعة للمهمة أفادت، الأربعاء، بأنه تم اكتشاف حرائق في عدة مواقع على السطح الرئيسي للسفينة «سونيون» وأنه لا يوجد تسرب نفطي، وأن الناقلة لا تزال راسية ولا تنجرف.

وأضافت المهمة في بيان أنه «يجب على جميع السفن المارة في المنطقة أن تتحرك بأقصى درجات الحذر، حيث إن السفينة (سونيون) تشكل خطراً ملاحياً وتهديداً خطيراً وشيكاً للتلوث الإقليمي».

ولتجنب أزمة بيئية كارثية، قالت «أسبيدس»: «إن القوات البحرية التابعة للاتحاد الأوروبي، تقوم بالتنسيق مع السلطات الأوروبية، بتقييم الوضع وهي على استعداد لتسهيل أي مسارات عمل». وأضافت أن «التخفيف الناجح سوف يتطلب التنسيق الوثيق والمشاركة الفعالة من جانب الدول الإقليمية».

ومع المخاوف من كارثة بيئية كبرى، كان وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني، كشف عن أن الهجوم الذي تعرّضت له «سونيون» هو التاسع من نوعه منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي ضد ناقلات النفط في البحر الأحمر، مشيراً إلى أنها تحمل 150 ألف طن من النفط الخام.

وقال الإرياني إن الحوثيين استهدفوا الناقلة بسلسلة من الهجمات، ما أدّى لجنوحها وتعطّل محركاتها، وإجلاء طاقمها، وتركها عرضةً للغرق أو الانفجار على بُعد 85 ميلاً بحرياً من محافظة الحديدة، واصفاً ذلك بأنه «إرهاب ممنهج يُنذر بكارثة بيئية واقتصادية وإنسانية غير مسبوقة».

دخان يتصاعد من جراء حرائق على متن ناقلة نفط يونانية تعرضت لهجمات الحوثيين في البحر الأحمر (رويترز)

يشار إلى أن الحوثيين تبنّوا مهاجمة نحو 182 سفينة منذ بدء التصعيد في 19 نوفمبر الماضي، وأدّت الهجمات إلى إصابة نحو 32 سفينة، غرقت منها اثنتان، البريطانية، «روبيمار» واليونانية «توتور»، كما قرصنت السفينة «غالاكسي ليدر» وحوّلتها إلى مزار لأتباعها.

وتنفّذ واشنطن منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي ضربات دفاعية استباقية لحماية السفن من الهجمات الحوثية ضمن ما سمّته «تحالف حارس الازدهار»، وأقرّت الجماعة بتلقّيها أكثر من 600 غارة شاركت فيها بريطانيا 4 مرات.

وتشنّ الجماعة الحوثية منذ 19 نوفمبر الماضي هجماتها في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي؛ إذ تدّعي أنها تحاول منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل، بغضّ النظر عن جنسيتها، وكذا السفن الأميركية والبريطانية.

كما تدّعي تنفيذ هجمات في البحر المتوسط وموانئ إسرائيلية، بالاشتراك مع فصائل عراقية مسلّحة موالية لإيران، ضمن عمليات الإسناد للفلسطينيين في غزة، وهو الأمر الذي تقول الحكومة اليمنية إنه يأتي هروباً من استحقاقات السلام، وخدمةً لأجندة طهران بالمنطقة.