سوط الجبايات يضرب منشآت السياحة في الحديدة اليمنية

حملة حوثية أغلقت فنادق ومطاعم ومتنزهات

عنصر حوثي في صنعاء يقوم بإغلاق أحد المحلات التجارية (إعلام محلي)
عنصر حوثي في صنعاء يقوم بإغلاق أحد المحلات التجارية (إعلام محلي)
TT

سوط الجبايات يضرب منشآت السياحة في الحديدة اليمنية

عنصر حوثي في صنعاء يقوم بإغلاق أحد المحلات التجارية (إعلام محلي)
عنصر حوثي في صنعاء يقوم بإغلاق أحد المحلات التجارية (إعلام محلي)

امتد سوط الجبايات الحوثية ليضرب منشآت السياحة في محافظة الحديدة، عقب حملة ميدانية نفذتها الجماعة في اليومين الماضيين أسفرت عن إغلاق عدد من المنشآت الفندقية، والمطاعم، والمنتجعات، والمتنزهات، والحدائق السياحية، بذريعة تفعيل ما تسمى الرقابة، وتطبيق نظام الجودة، والالتزام بتسعيرة الخدمات.

وذكرت مصادر محلية في الحديدة لـ«الشرق الأوسط» أن حملة الجباية على المنشآت السياحية تركزت في عدة مديريات تتبع مركز محافظة الحديدة، حيث أقدم منفذو الحملة من المشرفين والمسلحين الحوثيين الذين يسيطرون على مكتب السياحة وإدارة أمن الجماعة بالحديدة على إغلاق عدد من الفنادق، والمطاعم، والمتنزهات، السياحية، بحجة ارتكاب ملاكها مخالفات.

منظر عام من مدينة الحديدة اليمنية - أرشيفية (الشرق الأوسط)

وبلغ عدد المنشآت السياحية التي أُغلِقت على يد مشرفي وعناصر الجماعة الحوثية في اليومين الماضيين بمدينة الحديدة 4 فنادق، ومطعمين، و3 حدائق عامة وخاصة، ومتنزهاً واحداً.

وطبقاً للمصادر ذاتها، عادت عناصر الجماعة بعد ساعات قليلة من إغلاق تلك المنشآت للسماح بإعادة فتح بعضها، وإطلاق سراح ملاكها بعد أن التزموا بدفع إتاوات، بالتزامن مع استمرار الحملة لاستهداف نحو 40 منشأة سياحية وفندقية جديدة في مدينة الحديدة؛ حيث تفرض الجماعة على ملاكها شروطاً وصفت بـ«التعجيزية».

وبررت الجماعة إجراءاتها بحق منشآت السياحة بتسجيل مُلاكها مخالفات عدة، مثل عدم امتلاك تراخيص مزاولة النشاط، وعدم الالتزام بالتسعيرة المحددة، وعدم وجود مواقف خاصة للسيارات، والتهرب من تمويل بعض المناسبات والفعاليات التي تقيمها الجماعة، وعدم تقديم الدعم للجبهات القتالية.

وأقر قيادي حوثي يدعى وليد الشريف ينتحل صفة نائب مدير السياحة بالحديدة، في تصريح بثته وسائل إعلام الجماعة، بأن حملة الاستهداف ضد ما تبقى من العاملين بالجانب السياحي في المحافظة يأتي تنفيذاً لتوجيهات صادرة لهم من قيادات حوثية تدير القطاع السياحي في صنعاء.

قيادي حوثي يشرف على إعداد لائحة رسوم خدمات السياحة بالحديدة (إعلام محلي)

وتوعد القائمون على حملة التعسف بإنزال أقسى العقوبات، وفرض الغرامات ضد ملاك المنشآت السياحية غير الملتزمين بالتعليمات، وبلائحة رسوم الخدمات التي أعدتها الجماعة.

وتعد مدينة الحديدة واحدة من أهم الوجهات السياحية الداخلية في اليمن، إذ يقصدها خلال الأعياد والمناسبات الدينية آلاف الزائرين من مختلف مناطق البلاد، نظراً لما تتفرد به من أجواء، وتنوع في الطبيعة السياحية، وتفردها بعدد من السواحل على البحر الأحمر.

سلوك تعسفي

شكا «أحمد.ع» وهو أحد الزوار من صنعاء لمدينة الحديدة في حديثه لـ«الشرق الأوسط» من الأسلوب الذي وصفه بـ«المستفز»، وغير المبرر الذي انتهجه مشرفو ومسلحو الجماعة الحوثية أثناء دهمهم أحد الفنادق في وسط مدينة الحديدة، حيث كان ينزل فيه مع بقية أفراد عائلته لقضاء إجازة العيد.

وربط أحمد، وهو موظف في القطاع الخاص في صنعاء، بين الممارسات الحوثية المتكررة ضد منتسبي القطاع الخاص والسكان على حد سواء في العاصمة المختطفة صنعاء، وبين الأمر ذاته الحاصل حالياً في محافظة الحديدة. وقال: «لا تكاد تخلو مدينة أو قرية أو عزلة تخضع تحت سيطرة الحوثيين من ارتكاب انتهاكات، وأعمال تعسفية يومية ضد سكانها».

واعتاد أحمد وعائلته قضاء إجازة العيد في كل عام بمدينة الحديدة، لكنه هذه المرة أبدى استياءه الكبير من التدهور الحاصل بكل النواحي الذي تشهده المحافظة الساحلية، وافتقارها لأقل الخدمات، وخلوها من أي مظاهر لاستقبال الزائرين، بعد أن كانت خلال سنوات ما قبل الانقلاب والحرب تزخر بالمناظر الجمالية، والمقومات السياحية الفريدة، كالشواطئ، والسواحل، والمناطق التراثية التي تعد مقصداً لآلاف اليمنيين.

جرافة حوثية تستعد لهدم أحد المتاجر في صنعاء (الشرق الأوسط)

وعلى مدى أكثر من 9 سنوات ماضية سعت الجماعة الحوثية جاهدة إلى تضييق الخناق على السكان في المدن التي تحت سيطرتها، خصوصاً خلال المناسبات الدينية، وارتكبت مختلف الأساليب من أجل تنغيص حياتهم، ومعيشتهم، وتقييد حرياتهم، وإفساد بهجتهم وبهجة أطفالهم بقدوم العيد.

وكانت تقارير محلية عدة قد قدرت حجم الخسائر الأولية التي لحقت بقطاع السياحة خلال ستة أعوام ماضية فقط من عمر الانقلاب والحرب بأنها تصل إلى أكثر من 6 مليارات دولار.

وأفادت بعض التقارير بأن الانقلاب الحوثي تسبب في تسريح نحو 95 في المائة من العاملين في القطاع السياحي، إلى جانب فقدان آلاف من فرص العمل التي كانت تشكل مصدر دخل رئيسياً لآلاف الأسر.


مقالات ذات صلة

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

العالم العربي المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

فيما طالبت الأمم المتحدة بأكبر تمويل إنساني في اليمن للعام المقبل أفاد تقرير دولي بوجود 3.5 مليون شخص من فئة المهمشين لا يمتلكون مستندات هوية وطنية

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

يشهد اليمن موسماً جديداً للأمطار الغزيرة التي تتسبب في أضرار كبيرة للسكان والبنية التحتية، في حين لا تزال البلاد وسكانها يعانون تأثيرات فيضانات الصيف الماضي.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب  (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تقرير حديث للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن حول مساهماته في بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

أحال رئيس الحكومة اليمنية، أحمد بن مبارك، رئيس مؤسسة نفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

تتزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، في حين تتصاعد الدعوات لإجراء حلول عاجلة ودائمة تمكن الحكومة من السيادة على الموارد.

وضاح الجليل (عدن)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
TT

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

في خطوة إضافية نحو مكافحة الفساد ومنع التجاوزات المالية، أحال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، رئيس إحدى المؤسسات النفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

تأتي الخطوة متزامنة مع توجيه وزارة المالية خطاباً إلى جميع الجهات الحكومية على المستوى المركزي والسلطات المحلية، أبلغتها فيه بالامتناع عن إجراء أي عقود للشراء أو التزامات مالية جديدة إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة.

الخزينة اليمنية خسرت نحو 3 مليارات دولار نتيجة توقف تصدير النفط (إعلام محلي)

وقال بن مبارك في حسابه على «إكس» إنه أحال ملفاً جديداً في قضايا الفساد إلى النائب العام، ضمن إجراءات مستمرة، انطلاقاً من التزام الحكومة المطلق بنهج مكافحة الفساد وإعلاء الشفافية والمساءلة بوصفه موقفاً وليس مجرد شعار.

وأكد أن الحكومة والأجهزة القضائية والرقابية ماضون في هذا الاتجاه دون تهاون، مشدداً على أنه لا حماية لمن يثبت تورطه في نهب المال العام أو الفساد المالي والإداري، مهما كان موقعه الوظيفي.

في السياق نفسه، أوضح مصدر حكومي مسؤول أن مخالفات جديدة في قضايا فساد وجرائم تمس المال العام تمت إحالتها إلى النائب العام للتحقيق واتخاذ ما يلزم، من خلال خطاب وجّه إلى النيابة العامة، يتضمن المخالفات التي ارتكبها المدير التنفيذي لشركة الاستثمارات النفطية، وعدم التزامه بالحفاظ على الممتلكات العامة والتصرف بشكل فردي في مباحثات تتعلق بنقل وتشغيل أحد القطاعات النفطية.

وتضمن الخطاب -وفق المصدر- ملفاً متكاملاً بالمخالفات التي ارتكبها المسؤول النفطي، وهي الوقائع التي على ضوئها تمت إحالته للتحقيق. لكنه لم يذكر تفاصيل هذه المخالفات كما كانت عليه الحال في إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة التسبب في إهدار 180 مليون دولار.

وجدّد المصدر التزام الحكومة المُطلق بالمحافظة على المال العام، ومحاربة جميع أنواع الفساد، باعتبار ذلك أولوية قصوى. وأشار إلى أن القضاء هو الحكم والفيصل في هذه القضايا، حتى لا يظن أحد أنه بمنأى عن المساءلة والمحاسبة، أو أنه فوق القانون.

تدابير مالية

في سياق متصل بمكافحة الفساد والتجاوزات والحد من الإنفاق، عمّمت وزارة المالية اليمنية على جميع الجهات الحكومية عدم الدخول في أي التزامات مالية جديدة إلا بعد موافقتها على المستويات المحلية والمركزية.

تعميم وزارة المالية اليمنية بشأن ترشيد الإنفاق (إعلام حكومي)

وذكر التعميم أنه، وارتباطاً بخصوصية الوضع الاقتصادي الراهن، واستناداً إلى قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم 30 لعام 2022، بشأن وضع المعالجات لمواجهة التطورات في الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي، وفي إطار دور وزارة المالية بالموازنة بين النفقات والإيرادات، فإنها تهيب بجميع الجهات المشمولة بالموازنة العامة للدولة والموازنات الملحقة والمستقلة الالتزام بالإجراءات القانونية وعدم الدخول في أي التزامات جديدة أو البدء في إجراءات عملية الشراء إلا بعد أخذ الموافقة المسبقة منها.

وأكد التعميم أن أي جهة تُخالف هذا الإجراء ستكون غير مسؤولة عن الالتزامات المالية المترتبة على ذلك. وقال: «في حال وجود توجيهات عليا بشأن أي التزامات مالية فإنه يجري عرضها على وزارة المالية قبل البدء في إجراءات الشراء أو التعاقد».

دعم صيني للإصلاحات

وناقش نائب محافظ البنك المركزي اليمني، محمد باناجة، مع القائم بالأعمال في سفارة الصين لدى اليمن، تشاو تشنغ، مستجدات الأوضاع المتعلقة بتفاقم الأزمات المالية التي يشهدها اليمن، والتقلبات الحادة في أسعار الصرف التي تُعد نتيجة حتمية للوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، والذي أثر بشكل مباشر على القطاع المصرفي والمالي.

وأعاد المسؤول اليمني أسباب هذا التدهور إلى اعتداء «ميليشيات الحوثي» على منشآت تصدير النفط، ما أدى إلى توقف التصدير، الذي يُعد أهم مصدر لتمويل خزينة الدولة بالنقد الأجنبي، والذي تسبب في مضاعفة العجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات.

نائب محافظ البنك المركزي اليمني خلال لقائه القائم بالأعمال الصيني (إعلام حكومي)

وخلال اللقاء الذي جرى بمقر البنك المركزي في عدن، أكد نائب المحافظ أن إدارة البنك تعمل جاهدة على تجاوز هذه التحديات، من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية المُتاحة. وأشار إلى استجابة البنك بالكامل لكل البنود المتفق عليها مع المبعوث الأممي، بما في ذلك إلغاء جميع الإجراءات المتعلقة بسحب «نظام السويفت» عن البنوك التي لم تنقل مراكز عملياتها إلى عدن.

وأعاد المسؤول اليمني التذكير بأن الحوثيين لم يتخذوا أي خطوات ملموسة، ولم يصدروا بياناً يعبرون فيه عن حسن نياتهم، في حين أكد القائم بأعمال السفارة الصينية دعم الحكومة الصينية للحكومة اليمنية في كل المجالات، ومنها القطاع المصرفي، للإسهام في تنفيذ الإصلاحات.