تعتزم جماعة الحوثيين في اليمن استهداف ما يزيد على 8 آلاف منشأة ومرفق سياحي في العاصمة المختطفة صنعاء ومناطق أخرى بحزمة جديدة من الإجراءات والقيود التعسفية، وذلك ضمن مساعي الجماعة لجباية مزيد من الأموال.
وأعلنت الجماعة في هذا السياق، تأسيس ما سمته معهد «إرمذات»، وأوكلت إليه عدم منح أي تراخيص أو تجديد للمرافق والمنشآت السياحية بمناطق سيطرتها إلا بعد تحصل العاملين بتلك المنشآت على ما أطلقت عليه الجماعة «شهادات تأهيل» صادرة عن المعهد المزعوم الذي أسست له مقرا رئيسيا في صنعاء، وأطلقت له فروعا عدة في بقية المدن تحت قبضتها.
ووفق وسائل إعلام الجماعة، دعا القيادي الحوثي عصام السنيني المعين في منصب وكيل أول وزارة السياحة في حكومة الانقلاب ملّاك المنشآت السياحية إلى سرعة التوجه إلى معهد «إرمذات» والتسجيل فيه باعتباره المعيار الأهم في إصدار أي تصاريح لأى مرافق سياحية.
وفي الوقت الذي يعاني فيه الموظفون العموميون في مناطق سيطرة الجماعة منذ سنوات من انقطاع رواتبهم، هدفت الجماعة من وراء تأسيس المعهد إلى تحصيل أكبر قدر من الموارد المالية بذريعة تأهيل وتدريب العاملين بالمنشآت السياحية الكبرى والمتوسطة والأصغر.
نهب منظم
اتهمت مصادر عاملة في قطاع السياحة في صنعاء الجماعة الحوثية بالاستمرار في نهب موارد قطاع السياحة الداخلية، عبر وقف رواتب موظفي هذا القطاع، والسطو على الودائع المصرفية الخاصة به، إضافة إلى إحلال عناصرها المؤدلجين في مفاصل المؤسسات ذات الصلة، وكذا استهداف ملاك ما تبقى من المنشآت والمرافق السياحية في صنعاء وغيرها بحملات التعسف والابتزاز.
وتحدث مستثمرون في القطاع السياحي بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» عن استيائهم من تدابير الجماعة التي تشترط عدم منح أي تراخيص أو تجديد للمرافق والمنشآت السياحية إلا بعد تحصل العاملين فيها على شهادات من أحد المعاهد المستحدثة.
ويؤكد مراد، وهو اسم مستعار لأحد العاملين بمرفق سياحي وسط صنعاء، لـ«الشرق الأوسط» أنه يعمل في هذا القطاع منذ سنوات ولديه الخبرة الكافية لأداء مهامه الوظيفية على أكمل وجه. لافتاً إلى أنه والكثير من زملائه لا يحتاجون لأي دورات تأهيل وتدريب حوثية ذات طابع تعبوي وطائفي.
وأبدى استنكاره لاشتراط الحوثيين الالتحاق بالمعهد الذي لا يخضع لأدنى المعايير، سوى أنه يهدف إلى جبابة الأموال نظير تلقي دورات وبرامج مشبوهة وليس لها أي علاقة بالعمل السياحي.
وجاء هذا التوجه الحوثي بالتزامن مع شن حملات واسعة استهدفت عدداً من الفنادق السياحية والمقاهي والمتنزهات والحدائق العامة والخاصة في صنعاء وإب وذمار ومدن أخرى، بحجة منع اليمنيين من إقامة أي احتفالات لمناسبة رأس السنة الميلادية.
وذكرت مصادر محلية مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مسلحين حوثيين يقودهم مشرفون على قطاع السياحة في العاصمة داهموا عددا من الفنادق والمقاهي والمتنزهات والحدائق العامة والترفيهية، وحذروا مالكيها من إقامة أي احتفالات خاصة برأس السنة الميلادية بناءً على أوامر من زعيم الجماعة.
وعلى مدى الأعوام الماضية من عمر الانقلاب، سعت الجماعة بمختلف الطرق إلى نهب وتدمير القطاع السياحي في مناطق قبضتها تارة بالاستهداف المباشر للمنشآت والمرافق السياحية، وأخرى عبر حملات الجباية غير القانونية بحق المتبقين من منتسبي هذا القطاع.
خسائر السياحة
وقدرت تقارير يمنية سابقة حجم الخسائر الأولية التي لحقت بقطاع السياحة خلال أكثر من ثمانية أعوام ماضية من عمر الانقلاب، بأنها تصل إلى أكثر من ثمانية مليارات دولار.
وأوضحت التقارير أن الصراع المستمر أدى إلى إغلاق نحو 550 وكالة سياحية، وتكبيدها خسائر تقدر بـ800 مليون دولار.
كما قاد الانقلاب الحوثي وما تبعه من صراع دام إلى تسريح 95 في المائة من العاملين في قطاع السياحة الذين يعول غالبيتهم أكثر من 500 ألف فرد، إضافة إلى فقدان آلاف من فرص العمل التي كانت تشكل دخلا رئيسيا للمئات من الأسر اليمنية.
وكانت تقارير محلية أخرى أكدت أن عائدات اليمن من السياحة بلغت نحو مليار دولار في عام 2010؛ مشيرة إلى أنها تشكل نحو 4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
وذكرت أنه «حتى عام 2010 كان القطاع السياحي يشكل دخلا رئيسيا لحوالي 250 ألف شخص يمني، يعيلون أكثر من مليون نسمة من إجمالي السكان البالغ عددهم نحو 27 مليوناً».
وتذهب تقديرات محلية أخرى إلى أن حوالي 90 في المائة من العمالة في القطاع السياحي تم تسريحهم بشكل نهائي، بينما تعرضت المئات من المنشآت والمرافق السياحية للفساد والتدمير والعبث والنهب الحوثي.