الكوليرا يتفشى في اليمن مع تسجيل 14 وفاة

تكتُّم حوثي على الإصابات... والوباء يتوسع إلى صعدة

مخاوف من عودة جائحة الكوليرا التي شهدها اليمن من قبل وأصيب فيها مئات الآلاف (الأناضول)
مخاوف من عودة جائحة الكوليرا التي شهدها اليمن من قبل وأصيب فيها مئات الآلاف (الأناضول)
TT

الكوليرا يتفشى في اليمن مع تسجيل 14 وفاة

مخاوف من عودة جائحة الكوليرا التي شهدها اليمن من قبل وأصيب فيها مئات الآلاف (الأناضول)
مخاوف من عودة جائحة الكوليرا التي شهدها اليمن من قبل وأصيب فيها مئات الآلاف (الأناضول)

ارتفع معدل الإصابات بوباء الكوليرا والإسهال المائي الحاد في اليمن بشكل كبير خلال الشهر الأخيرة، وسجلت المستشفيات والمراكز الطبية مئات الإصابات، و14 حالة وفاة على الأقل.

وخصصت الحكومة اليمنية كبرى المستشفيات في المحافظات الخاضعة لسيطرتها لمعالجة هذه الحالات، وأقامت مراكز للعزل، بينما يواصل الحوثيون التكتم على الوباء الذي امتد من صنعاء وظهر في محافظة صعدة؛ حيث معقلهم الرئيسي.

الأطفال في اليمن أكثر عرضة للإصابة بالإسهالات الحادة والكوليرا (الأمم المتحدة)

وحسب بيانات وزارة الصحة اليمنية، فإنه خلال الفترة من 16 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وحتى 5 أبريل (نيسان) الجاري، تم استقبال 2583 حالة اشتباه إصابة، تم التأكد من إصابة 236 حالة. وجاءت محافظة عدن في المرتبة الأولى بنسبة 39 في المائة من الإصابات المبلغ عنها، وفي المرتبة الثانية محافظة تعز بنسبة 21 في المائة، ثم محافظة لحج بنسبة 17 في المائة.

وأبلغ وزير الصحة العامة والسكان قاسم بحيبح، المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط حنان بلخي، أن البلاد تعيش وضع طوارئ صحية، وتحدث عن ازدياد حالات الإصابة بالكوليرا في عدد من المناطق، وقال إن ذلك يستدعي تدخل المنظمة؛ لأن النظام الصحي ما زال يواجه تحديات كثيرة منذ انقلاب الحوثيين على الدولة.

وخصص مكتب الصحة في مدينة عدن التي تتخذها الحكومة اليمنية عاصمة مؤقتة للبلاد، أحد أكبر مستشفيات المدينة لاستقبال حالات الإصابة وعلاجها، واستخدامه مركزاً لعزل الحالات المؤكدة، كما واصل الإعلام و«التثقيف الصحي» بث الرسائل الإرشادية للسكان، وطالبهم باتخاذ الإجراءات الوقائية المرتبطة بالنظافة الشخصية وغسل الخضراوات، ونبههم إلى ضرورة نقل المصابين إلى المراكز المخصصة لعلاج الإسهال المائي الحاد فوراً.

ترصُّد ومكافحة

مع توسع الوباء إلى كثير من المحافظات اليمنية، ذكر مكتب الصحة والسكان في محافظة تعز، أن الحالات المسجلة المشتبه في إصابتها بالكوليرا، والتي وصلت إلى المستشفيات، بلغت 188 حالة؛ من بينها 100 حالة تأكدت إصابتها بالكوليرا، بعد إجراء الفحوصات المخبرية.

متابعة حكومية في اليمن لانتشار الكوليرا واستعدادات لمواجهاته (إعلام حكومي)

وقال عبد الرحمن الصبري، مدير المكتب، إنه وجه باتخاذ إجراءات شاملة لمواجهة تفشي الإسهالات المائية الحادة والكوليرا، والحد من حالات الإصابة داخل المحافظة؛ حيث تم تكليف إدارة الترصد الوبائي بالنزول الفوري للمناطق التي ظهرت فيها مؤشرات لانتشار المرض، وأخذ عينات مخبرية من المرضى ومن المياه، وإرسالها للمختبر المركزي، وتقديم المساعدة الطبية والعلاجية بصورة فورية.

وحسب المسؤول اليمني تم تخصيص 5 مراكز طوارئ لمعالجة حالات الإسهالات المائية الحادة، في المستشفى الجمهوري بالمدينة، وفتح قسم للعناية المركزة فيه بسعة 20 سريراً للحالات الحرجة، إضافة إلى مركز «22 مايو» الطبي بمديرية المظفر، ومستشفى «خليفة» في منطقة التربة، وفي مستشفى «المخا»، ومستشفى «أطباء بلا حدود» لاستقبال الحالات في مديريات الساحل.

وفي محافظة لحج، نفَّذ مكتب الصحة والسكان حملة خاصة بالرش الرذاذي والرش الضبابي بالمبيدات الحشرية، بمديريتي الحوطة وتبن، للقضاء على البعوض المسبب لأمراض الحميات، وفق ما أعلنه مدير المكتب خالد جابر.

وأكد جابر أن الحملة سوف تستمر 3 أيام، بعد ظهور حالات مصابة بمرض الكوليرا بالمحافظة، ومن أجل التقليل من انتقال العدوى، وأن حملة للنظافة الشاملة ترافق ذلك، لتجفيف منابع المياه الآسنة، ورفع القمامة من الأسواق العامة، بهدف القضاء على مواقع تجمعات الذباب الناقل للمرض.

وأوضح مدير الصحة في لحج أن الازدحام الشديد في الأسواق، ولا سيما في الوقت الحالي، لشراء متطلبات عيد الفطر، سبب مباشر لانتقال العدوى بين السكان، وقال إنه تم تجهيز مراكز متخصصة للتعامل مع وباء الكوليرا ولاستقبال حالاته المصابة، منها مركز العزل بمستشفى «ابن خلدون» العام بمدينة الحوطة، ومستشفى «ردفان»، ومستشفى «رأس العارة».

تجاهل حوثي

أما في صنعاء؛ حيث يسيطر الحوثيون، قالت مصادر عاملة في قطاع الصحة لـ«الشرق الأوسط» إن المستشفيات العامة تستقبل يومياً عشرات الإصابات بالإسهالات، معظمها لأطفال، وأكدت أن مئات الإصابات تم تسجيلها حتى الآن؛ لكن سلطات الحوثيين منعت الإعلان عن أعداد الإصابات، واكتفت بتوزيع رسائل نصية تنصح فيها المصابين باستخدام محلول الإرواء فقط.

تكتم حوثي على الكوليرا ومنع لحملات اللقاحات الخاصة (الأمم المتحدة)

وفي محافظة الحديدة التي يوجد بها ثاني أكبر مواني البلاد، ذكر مصدران طبيان لـ«الشرق الأوسط» أن المستشفيات تستقبل يومياً عشرات الإصابات بالإسهال المائي الحاد، وأن هؤلاء يشكلون نحو 60 في المائة من إجمالي الحالات التي تصل إلى اثنين من المستشفيات العامة في المدينة وحدها، بينما لا يعلم أعداد الإصابات في المناطق الريفية، بسبب حجب الحوثيين البيانات التي تصلهم من المديريات والمراكز الطبية في الأرياف.

بدورها، ذكرت منظمة الهجرة الدولية أن إجمالي عدد الإصابات المبلغ عنها خلال الثلاثين يوماً الماضية بلغ 789 حالة إسهال مائي حاد/ كوليرا، في مأرب، وعدن، وتعز، وحضرموت، والحديدة، ولحج، وأبين، والبيضاء، والضالع، والمهرة، وشبوة، وسقطرى. علاوة على ذلك، أبلغت فرق المنظمة الدولية للهجرة الداعمة لمستشفى «منبه» الريفي في صعدة عن أكثر من 180 حالة مشتبه بها بحاجة للعلاج.

وأكدت أنها ومنذ منتصف أكتوبر الماضي تنبهت المنظمة والجهات الفاعلة الإنسانية الأخرى إلى زيادة في حالات الإسهال المائي الحاد والكوليرا، في مدينة عتق بمحافظة شبوة. وقد ظهرت على كثير من الأفراد القادمين من موقع يديره أفراد متورطون في التهريب والاتجار بالمهاجرين.

وقالت إنه على مدى الأسابيع التالية، تم الإبلاغ عن زيادة في الحالات بين المهاجرين والنازحين وأفراد المجتمع المضيف، في محافظات متعددة باليمن.


مقالات ذات صلة

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

العالم العربي المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

فيما طالبت الأمم المتحدة بأكبر تمويل إنساني في اليمن للعام المقبل أفاد تقرير دولي بوجود 3.5 مليون شخص من فئة المهمشين لا يمتلكون مستندات هوية وطنية

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

يشهد اليمن موسماً جديداً للأمطار الغزيرة التي تتسبب في أضرار كبيرة للسكان والبنية التحتية، في حين لا تزال البلاد وسكانها يعانون تأثيرات فيضانات الصيف الماضي.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب  (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تقرير حديث للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن حول مساهماته في بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

أحال رئيس الحكومة اليمنية، أحمد بن مبارك، رئيس مؤسسة نفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

تتزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، في حين تتصاعد الدعوات لإجراء حلول عاجلة ودائمة تمكن الحكومة من السيادة على الموارد.

وضاح الجليل (عدن)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
TT

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

في خطوة إضافية نحو مكافحة الفساد ومنع التجاوزات المالية، أحال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، رئيس إحدى المؤسسات النفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

تأتي الخطوة متزامنة مع توجيه وزارة المالية خطاباً إلى جميع الجهات الحكومية على المستوى المركزي والسلطات المحلية، أبلغتها فيه بالامتناع عن إجراء أي عقود للشراء أو التزامات مالية جديدة إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة.

الخزينة اليمنية خسرت نحو 3 مليارات دولار نتيجة توقف تصدير النفط (إعلام محلي)

وقال بن مبارك في حسابه على «إكس» إنه أحال ملفاً جديداً في قضايا الفساد إلى النائب العام، ضمن إجراءات مستمرة، انطلاقاً من التزام الحكومة المطلق بنهج مكافحة الفساد وإعلاء الشفافية والمساءلة بوصفه موقفاً وليس مجرد شعار.

وأكد أن الحكومة والأجهزة القضائية والرقابية ماضون في هذا الاتجاه دون تهاون، مشدداً على أنه لا حماية لمن يثبت تورطه في نهب المال العام أو الفساد المالي والإداري، مهما كان موقعه الوظيفي.

في السياق نفسه، أوضح مصدر حكومي مسؤول أن مخالفات جديدة في قضايا فساد وجرائم تمس المال العام تمت إحالتها إلى النائب العام للتحقيق واتخاذ ما يلزم، من خلال خطاب وجّه إلى النيابة العامة، يتضمن المخالفات التي ارتكبها المدير التنفيذي لشركة الاستثمارات النفطية، وعدم التزامه بالحفاظ على الممتلكات العامة والتصرف بشكل فردي في مباحثات تتعلق بنقل وتشغيل أحد القطاعات النفطية.

وتضمن الخطاب -وفق المصدر- ملفاً متكاملاً بالمخالفات التي ارتكبها المسؤول النفطي، وهي الوقائع التي على ضوئها تمت إحالته للتحقيق. لكنه لم يذكر تفاصيل هذه المخالفات كما كانت عليه الحال في إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة التسبب في إهدار 180 مليون دولار.

وجدّد المصدر التزام الحكومة المُطلق بالمحافظة على المال العام، ومحاربة جميع أنواع الفساد، باعتبار ذلك أولوية قصوى. وأشار إلى أن القضاء هو الحكم والفيصل في هذه القضايا، حتى لا يظن أحد أنه بمنأى عن المساءلة والمحاسبة، أو أنه فوق القانون.

تدابير مالية

في سياق متصل بمكافحة الفساد والتجاوزات والحد من الإنفاق، عمّمت وزارة المالية اليمنية على جميع الجهات الحكومية عدم الدخول في أي التزامات مالية جديدة إلا بعد موافقتها على المستويات المحلية والمركزية.

تعميم وزارة المالية اليمنية بشأن ترشيد الإنفاق (إعلام حكومي)

وذكر التعميم أنه، وارتباطاً بخصوصية الوضع الاقتصادي الراهن، واستناداً إلى قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم 30 لعام 2022، بشأن وضع المعالجات لمواجهة التطورات في الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي، وفي إطار دور وزارة المالية بالموازنة بين النفقات والإيرادات، فإنها تهيب بجميع الجهات المشمولة بالموازنة العامة للدولة والموازنات الملحقة والمستقلة الالتزام بالإجراءات القانونية وعدم الدخول في أي التزامات جديدة أو البدء في إجراءات عملية الشراء إلا بعد أخذ الموافقة المسبقة منها.

وأكد التعميم أن أي جهة تُخالف هذا الإجراء ستكون غير مسؤولة عن الالتزامات المالية المترتبة على ذلك. وقال: «في حال وجود توجيهات عليا بشأن أي التزامات مالية فإنه يجري عرضها على وزارة المالية قبل البدء في إجراءات الشراء أو التعاقد».

دعم صيني للإصلاحات

وناقش نائب محافظ البنك المركزي اليمني، محمد باناجة، مع القائم بالأعمال في سفارة الصين لدى اليمن، تشاو تشنغ، مستجدات الأوضاع المتعلقة بتفاقم الأزمات المالية التي يشهدها اليمن، والتقلبات الحادة في أسعار الصرف التي تُعد نتيجة حتمية للوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، والذي أثر بشكل مباشر على القطاع المصرفي والمالي.

وأعاد المسؤول اليمني أسباب هذا التدهور إلى اعتداء «ميليشيات الحوثي» على منشآت تصدير النفط، ما أدى إلى توقف التصدير، الذي يُعد أهم مصدر لتمويل خزينة الدولة بالنقد الأجنبي، والذي تسبب في مضاعفة العجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات.

نائب محافظ البنك المركزي اليمني خلال لقائه القائم بالأعمال الصيني (إعلام حكومي)

وخلال اللقاء الذي جرى بمقر البنك المركزي في عدن، أكد نائب المحافظ أن إدارة البنك تعمل جاهدة على تجاوز هذه التحديات، من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية المُتاحة. وأشار إلى استجابة البنك بالكامل لكل البنود المتفق عليها مع المبعوث الأممي، بما في ذلك إلغاء جميع الإجراءات المتعلقة بسحب «نظام السويفت» عن البنوك التي لم تنقل مراكز عملياتها إلى عدن.

وأعاد المسؤول اليمني التذكير بأن الحوثيين لم يتخذوا أي خطوات ملموسة، ولم يصدروا بياناً يعبرون فيه عن حسن نياتهم، في حين أكد القائم بأعمال السفارة الصينية دعم الحكومة الصينية للحكومة اليمنية في كل المجالات، ومنها القطاع المصرفي، للإسهام في تنفيذ الإصلاحات.