خنادق ومزارع ومناجم ملح لإخفاء أسلحة الحوثيين في الحديدة

هرباً من الضربات الغربية بقيادة واشنطن

يزعم الحوثيون أنهم يشنون الهجمات البحرية نصرةً للفلسطينيين في غزة (رويترز)
يزعم الحوثيون أنهم يشنون الهجمات البحرية نصرةً للفلسطينيين في غزة (رويترز)
TT

خنادق ومزارع ومناجم ملح لإخفاء أسلحة الحوثيين في الحديدة

يزعم الحوثيون أنهم يشنون الهجمات البحرية نصرةً للفلسطينيين في غزة (رويترز)
يزعم الحوثيون أنهم يشنون الهجمات البحرية نصرةً للفلسطينيين في غزة (رويترز)

رغم تراجع الهجمات التي ينفذها الحوثيون ضد السفن التجارية في جنوب البحر وخليج عدن، ذكرت مصادر عسكرية يمنية أن الجماعة مستمرة في حفر الخنادق في المناطق القريبة من الساحل، كما أعادوا نشر الصواريخ والمسيرات وسط المزارع ومناجم استخراج الملح الصخري بعد الضربات الغربية التي ألحقت بالجماعة خسائر كبيرة وحدت من قدرتها على استهداف السفن.

وذكرت مصادر عسكرية يمنية عاملة في الساحل الغربي لليمن لـ«الشرق الأوسط» أن الانتشار الكثيف للقطع العسكرية في منطقة جنوب البحر الأحمر وخليج عدن أوقف عمليات القرصنة التي كان الحوثيون ينفذونها بواسطة زوارق حربية ومدنية ويستهدفون بها سفن الشحن التجارية.

الضربات الغربية دفعت الحوثيين إلى إعادة توزيع أسلحتهم ومواقع إطلاقها (الجيش الأميركي)

وقالت المصادر إن الجماعة لجأت إلى إطلاق الصواريخ من مخابئ تم استحداثها واستخدام الزوارق المسيرة والتي يتم إطلاقها من الشواطئ عبر قنوات مائية تم استحداثها وتمتد من ساحل البحر إلى عمق الأراضي الزراعية في جنوب الحديدة.

ومع تمكن قوات تحالف «حارس الازدهار» التي تقودها الولايات المتحدة من ضرب مواقع منصات إطلاق الصواريخ والمسيرات في مناطق الشريط الساحلي ومواقع الدفاع الساحلي، ذهبت الجماعة - وفق المصادر - إلى نقل جزء من هذه الصواريخ إلى المرتفعات الجبلية المطلة على البحر، وجزء آخر أعادت نشره في وسط المزارع الكثيفة في جنوب مدينة الحديدة.

كما استحدثت الجماعة قنوات مائية إلى عمق مديرية التحيتا وبالقرب من خطوط التماس مع القوات الحكومية، ويتم من خلال هذه القنوات إطلاق القوارب المسيرة والغواصات الصغيرة، طبقاً للمصادر العسكرية.

أماكن للاحتماء

إلى جانب ما ذكرته المصادر العسكرية اليمنية، تحدث سكان عن نشاط متواصل للحوثيين لحفر الخنادق والقنوات المائية باتجاه عمق مديرية التحيتا وباتجاه مديرية بيت الفقيه وكذلك باتجاه مديرية حيس، حيث توجد المزارع والتجمعات السكنية؛ لأن ذلك وفق المصادر سيوفر للجماعة أماكن احتماء تجنبهم ضربات القوات الأميركية والبريطانية، التي ستواجه صعوبة في تنفيذ تلك الضربات؛ لأن الأهداف توجد في مناطق زراعية ووسط تجمعات سكانية.

مدمرة غربية تعترض هجوماً حوثياً فوق البحر الأحمر (رويترز)

ووفق هذه المصادر، فإن الحوثيين نشروا بالفعل منصات إطلاق الصواريخ والزوارق المفخخة وسط مزارع النخيل الكثيفة؛ لأنها توفر لهم إمكانية إخفاء هذه المنصات وإطلاق الصواريخ ونقل الزوارق المفخخة عبر القنوات المائية المستحدثة إلى البحر.

وتحدثت المصادر عن قيام الحوثيين بنشر كميات كبيرة من الألغام على طول الشريط الساحلي في المناطق التي يسيطرون عليها خشية قيام الولايات المتحدة بتنفيذ عملية إنزال بحري.

وفي شمال محافظة الحديدة، بينت المصادر أن الجماعة إلى جانب استحداث خنادق في مناطق الصليف ورأس عيسى واللحية، تستخدم مناجم استخراج الجبس والملح الصخري لإخفاء منصات إطلاق الصواريخ حيث تستخدم هذه المنصات لإطلاق الصواريخ ومن ثم إعادة إخفاء المنصات حتى لا تستهدفها القوات الأميركية والبريطانية.

وقالت المصادر إن هذه الكهوف الصخرية الكبيرة والطبيعية لا تزال توفر للحوثيين القدرة على استخدام هذه المناطق في مهاجمة السفن.

استهدف الأميركيون مخازن أسلحة الحوثيين في أكثر من 6 محافظات يمنية (إعلام محلي)

وبحسب المصادر العسكرية اليمنية، فإن عناصر «الحرس الثوري» الذين يعملون على الأرض مع الحوثيين استحدثوا مركز قيادة متقدماً لإدارة الهجمات على السفن في منطقة العرج التابعة لمديرية الصليف، وهي منتجع سياحي أقام فيه عدد من الأثرياء شاليهات ومساكن سياحية منذ سنوات طويلة قبل أن يستولي عليه الحوثيون ويحولوه إلى موقع عسكري.

المصادر أكدت أن التقارير الاستخبارية تفيد بأن هذا المركز يتولى متابعة حركة السفن ووجهتها قبل وصولها للمنطقة اعتماداً على المصادر المفتوحة وتطبيقات تتبع حركة السفن، وأن هذه المعلومات يتم تبادلها مع مركز إقليمي آخر في دولة ثانية فضلت المصادر عدم تسميتها، ولكنها أكدت أنها تساهم في تقديم الدعم الاستخباراتي للحوثيين في متابعة السفن وحمولتها وملكيتها، كما يتم من خلال المركز التواصل مع السفن التجارية والشركات المالكة لها.


مقالات ذات صلة

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

العالم العربي المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

فيما طالبت الأمم المتحدة بأكبر تمويل إنساني في اليمن للعام المقبل أفاد تقرير دولي بوجود 3.5 مليون شخص من فئة المهمشين لا يمتلكون مستندات هوية وطنية

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

يشهد اليمن موسماً جديداً للأمطار الغزيرة التي تتسبب في أضرار كبيرة للسكان والبنية التحتية، في حين لا تزال البلاد وسكانها يعانون تأثيرات فيضانات الصيف الماضي.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب  (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تقرير حديث للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن حول مساهماته في بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

أحال رئيس الحكومة اليمنية، أحمد بن مبارك، رئيس مؤسسة نفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

تتزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، في حين تتصاعد الدعوات لإجراء حلول عاجلة ودائمة تمكن الحكومة من السيادة على الموارد.

وضاح الجليل (عدن)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.