الحوثيون يعتزمون فرض جبايات على الطاقة الشمسية

مواصفات مغشوشة ومشاريع وهمية لبدائل توليد الكهرباء

لجأ اليمنيون إلى الألواح الشمسية للاستعاضة عن طاقة الكهرباء العمومية التي غيبتها الحرب (رويترز)
لجأ اليمنيون إلى الألواح الشمسية للاستعاضة عن طاقة الكهرباء العمومية التي غيبتها الحرب (رويترز)
TT

الحوثيون يعتزمون فرض جبايات على الطاقة الشمسية

لجأ اليمنيون إلى الألواح الشمسية للاستعاضة عن طاقة الكهرباء العمومية التي غيبتها الحرب (رويترز)
لجأ اليمنيون إلى الألواح الشمسية للاستعاضة عن طاقة الكهرباء العمومية التي غيبتها الحرب (رويترز)

تعتزم الجماعة الحوثية زيادة إيراداتها من خلال فرض رسوم على توليد الكهرباء عبر الطاقة الشمسية، وذلك بالتزامن مع تكشف المزيد من وقائع الفساد والفشل في مشاريع قطاع الطاقة المتجددة التابع للجماعة.

وكشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» عن نيات لإصدار قرار بإلزام كافة الجهات التي تستخدم الطاقة الشمسية في مرافقها بدفع رسوم إلى قطاع الكهرباء والطاقة المتجددة التابع للجماعة الحوثية، على أن تتولى هذه الجهات مهمة تكييف هذه الرسوم حسب الأنظمة المالية لها واستقطاعها من المستفيدين من خدماتها، إلى جانب المشاريع والاستثمارات الخاصة.

أنفق الحوثيون ملايين الدولارات على مشاريع لتزويد المنشآت الحيوية بالطاقة الشمسية قبل أن يتم الكشف عن فشلها (إعلام حوثي)

وتوقعت المصادر أن يؤدي هذا القرار إلى مضاعفة الأعباء على السكان الذين يحصلون على الخدمات من هذه الجهات، خصوصاً القطاعات الخدمية المباشرة مثل المستشفيات والمنشآت الصحية والاتصالات والإنترنت والقطاعات الخدمية العمومية والخاصة المختلفة.

ولم يُعرف بعد المسمى الذي سيجري إطلاقه على هذه الرسوم التي ستشمل الآبار التي تستخرج المياه بالطاقة الشمسية والمزارعين وملاك المصانع، كما لم يحدد الحجم الأدنى للطاقة المنتجة باستخدام الألواح الشمسية الذي سيجري فرض الرسوم عليه.

وتفرض الجماعة الحوثية إتاوات باهظة على ملاك محطات الكهرباء الخاصة في مناطق سيطرتها، في نفس الوقت الذي تجبرهم فيه على بيع الكهرباء بأسعار مرتفعة لمنعهم من منافسة المحطات العمومية التي تسيطر عليها.

وكان فساد وفشل مشاريع الطاقة الشمسية موضوعاً لجدل واسع في أوساط الجماعة خلال الأيام الماضية، مع تداول وثائق حول مشاريع بمئات الملايين من الدولارات جرى تنفيذها بمخالفة الإجراءات القانونية للمشتريات والمناقصات.

غش المواصفات

اتهم ناشطون وإعلاميون، أغلبهم موالون للجماعة الحوثية، رشيد أبو لحوم، وزير المالية في حكومة الجماعة غير المعترف بها بالاستفادة من الفساد من خلال ألواح ومعدات الطاقة الشمسية، سواء بالاتجار بها أو تقديم تسهيلات لاستيرادها والشراكة مع المستفيدين من الترويج لمشاريع ما يعرف بالطاقة المتجددة.

وطالب الناشط الإعلامي الموالي للجماعة خالد العراسي بلجنة لحصر المشاريع التي تم تنفيذها بتمويل جزئي أو كلي مما يعرف بوحدة التدخلات المركزية أو صندوق تنمية الحديدة، أو على حساب جهات أخرى، والتي يتدخل أبو لحوم في أعمال تنفيذها التي تمت بأسعار مبالغ فيها جداً، ومن دون مناقصات عامة وبالشراء من تاجر واحد فقط.

بدعم من البنك الدولي يعمل المستشفى الجمهوري في صنعاء بالطاقة الشمسية (البنك الدولي)

وأعلن العراسي حصوله على وثائق كاملة لمواصفات فنية لمشروع وحدة للطاقة الشمسية في الحديدة بمبلغ يقارب عشرة ملايين دولار في المرحلة الأولى منه، ولم يتم إكمال هذا المشروع بسبب المواصفات الفنية التي لا تتناسب مع حجم المشروع.

ونقل الناشط الحوثي عن خبراء فنيين تأكيدهم وجود احتمالين لا ثالث لهما لفشل المشروع، يتمثل الأول بالتدمير الممنهج والمدروس، والذي دفع إلى إعداد مواصفات فنية غير مناسبة لحجم المشروع تؤدي إلى تعثره، أو تشغيله بقدرة أقل من المقرر، في حين يتعلق الثاني بإعداد المواصفات من قبل أشخاص غير متخصصين.

وتبين وثيقة محضر وقّع عليه عدد من القادة الحوثيين منذ عام شراء معدات لتركيب وتشغيل محطة للطاقة الشمسية بقدرة 2 ميغاوات فعلية، بمبلغ يزيد عن مليون و868 ألف دولار، لإنارة شوارع وحدائق ومتنزهات مدينة صنعاء، ولم يتم إنجاز المشروع رغم مرور أكثر من عام على إطلاقه.

أنفقت الجماعة الحوثية قرابة مليوني دولار على مشروع لم يتم إنجازه لإنارة شوارع صنعاء بالطاقة الشمسية (فيسبوك)

وتم التوقيع على محضر إطلاق هذا المشروع من قبل أربعة قادة حوثيين هم: أبو لحوم، ومحمد أحمد البخيتي المعين وزيراً للكهرباء في حكومة الجماعة، وحمود عباد المعين أميناً للعاصمة، وهاشم الشامي الذي يسيطر على إدارة المؤسسة العامة للكهرباء، وهم من كبار القادة المتهمين بالفساد.

مشاريع وهمية

تداول الناشطون وثائق تشير إلى فشل وفساد في مشروع إمداد 105 مستشفيات تحت سيطرة الجماعة بالطاقة الشمسية، بمبلغ يقارب سبعة ملايين دولار، ومن دون إجراء أي مناقصة تنافسية بين التجار والشركات، بل تم إيكال مهمة إنجاز هذا المشروع لشخصية تجارية موالية للجماعة بأوامر مباشرة من أبو لحوم.

وأظهرت وثيقة أخرى أن أحد المستشفيات المستفيدة من المشروع عانى من عجز كبير في الطاقة، ما دفع إدارته إلى الشكوى من أن المنظومة التي جرى تركيبها لم تحقق الاكتفاء من الطاقة الذي كان متوقعاً لها، والبالغ 80 في المائة من حاجة المستشفى، ما اضطر الإدارة إلى مخاطبة منفذ المشروع، والذي لم يكلف نفسه حتى الرد عليها.

مستشفى في صنعاء يشكو من عدم جدوى تشغيله بالطاقة الشمسية (فيسبوك)

وبلغ إجمالي تكلفة تنفيذ مشاريع ومشتريات الطاقة الشمسية من تاجر واحد فقط، 125 مليون دولار، في حين يجري حالياً الإعداد والتحضير لمنحه مشاريع جديدة بمبالغ كبيرة جداً؛ إذ يؤكد الناشطون أنه يجري استغلال هذه المشاريع لتمكين عدد من التجار والشخصيات الموالية للجماعة من التهرب الجمركي بالحصول على إعفاءات جمركية لكمية كبيرة من معدات الطاقة الشمسية تفوق الكميات المستخدمة في المشاريع بطريقة تحايلية.

وفي واقعة أخرى أقدم أبو لحوم على تعيين أحد تجار الطاقة الشمسية رئيساً للجنة للفحص المالي والفني في صفقة شراء معدات الطاقة الشمسية لمشروع توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية بقدرة 20 ميغاوات لمحافظة الحديدة.

ووجّه أبو لحوم بتعيين حسام الحسني رئيس ومالك «سما إنرجي»، وهي شركة للاستشارات في مجال الطاقة الشمسية، والشركة الاستشارية لشركة «الراعبي» التي رست عليها المناقصة.

وسبق لـ«الشرق الأوسط» أن كشفت في مايو (أيار) الماضي عن فساد في هذا القطاع، يتمثل بافتتاح مشاريع وهمية لإنتاج الطاقة الشمسية في حين يشكو السكان من غلاء أسعار الكهرباء وانقطاع خدماتها لأوقات طويلة، خصوصاً في فصل الصيف.

ويرتبط هذا الفساد، كما كُشِفَ حينها، بصراع الأجنحة الحوثية، خصوصاً جناح القيادي أحمد حامد مدير مكتب مهدي المشاط رئيس المجلس السياسي الأعلى (مجلس الحكم الانقلابي).


مقالات ذات صلة

31 قتيلاً في اليمن جراء السيول وانفجار صهريج غاز

المشرق العربي قتلى ومفقودون إثر انجراف منازلهم بسبب السيول غرب محافظة ذمار اليمنية (إكس)

31 قتيلاً في اليمن جراء السيول وانفجار صهريج غاز

لقي 28 يمنياً حتفهم جراء سيول ضربت غرب محافظة ذمار الخاضعة للحوثيين، كما أدى انفجار صهريج غاز في مدينة عدن، حيث العاصمة المؤقتة للبلاد، إلى مقتل 3 أشخاص.

«الشرق الأوسط» (عدن)
المشرق العربي نقص التمويل يحرم الملايين في اليمن من المساعدات (المجلس النرويجي للاجئين)

تحسن الأمن الغذائي في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية

أظهرت دراسة أممية انخفاض مستوى انعدام الأمن الغذائي في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، في مقابل زيادة في تدابير الأمن الغذائي بمناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي عناصر حوثية في عرض عسكري بعد أن جندت الجماعة عشرات الآلاف خلال الأشهر الماضية (غيتي)

قادة حوثيون يجردون رئيس حكومتهم الانقلابية من صلاحياته

منع الحوثيون رئيس حكومتهم الانقلابية الجديدة من اختيار مدير مكتبه بنفسه في سياق سعيهم لجعله مجرد واجهة لأجندة كبار قادة الجماعة المنتسبين لسلالة زعيمهم الحوثي.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي أشخاص يتجمعون بالقرب من ورشة عمل تضررت جراء انفجار غاز في عدن (أ.ف.ب)

مقتل 3 أشخاص وإصابة 18 آخرين بانفجار محطة غاز في مدينة عدن

لقى ثلاثة أشخاص حتفهم، وأصيب 18 آخرون، في انفجار بمحطة غاز، مساء الجمعة، في مدينة عدن، جنوبي اليمن.

«الشرق الأوسط» (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي مستقبلاً في عدن المبعوث الأممي غروندبرغ (سبأ)

العليمي للمبعوث الأممي: الحوثيون ليسوا شريكاً موثوقاً للسلام

وسط مساعي المبعوث الأممي لتحقيق اختراق في جدار الأزمة اليمنية، أبلغه رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي بأن الحوثيين ليسوا شريكاً موثوقاً للسلام.

علي ربيع (عدن)

الحوثيون يعلنون تفخيخ الناقلة اليونانية «سونيون» وتفجيرها

ناقلة النفط «سونيون» التي سبق أن هاجمها الحوثيون في البحر الأحمر أثناء انفجارها (لقطة من فيديو)
ناقلة النفط «سونيون» التي سبق أن هاجمها الحوثيون في البحر الأحمر أثناء انفجارها (لقطة من فيديو)
TT

الحوثيون يعلنون تفخيخ الناقلة اليونانية «سونيون» وتفجيرها

ناقلة النفط «سونيون» التي سبق أن هاجمها الحوثيون في البحر الأحمر أثناء انفجارها (لقطة من فيديو)
ناقلة النفط «سونيون» التي سبق أن هاجمها الحوثيون في البحر الأحمر أثناء انفجارها (لقطة من فيديو)

أعلنت جماعة «الحوثي» اليمنية، الخميس، أنها فخخت ثم فجرت ناقلة النفط «سونيون» التي سبق أن هاجموها في البحر الأحمر، ما تسبب باندلاع حرائق عدة على متنها.

وفي 21 أغسطس (آب)، تعرّضت السفينة التي ترفع علم اليونان، لهجوم نفّذه الحوثيون وأدى، بحسب هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية، إلى اندلاع حريق على متنها وفقدان قوة محرّكها. ودفع ذلك مهمة الاتحاد الأوروبي في المنطقة إلى إجلاء طاقمها المؤلف من 25 شخصاً.

ونشر الحوثيون على وسائل إعلام تابعة لهم، مساء الخميس، مقطع فيديو يُظهر شخصاً ملثماً ومسلحاً يعدّ جهاز تفخيخ على متن «سونيون». وسرعان ما يتمّ تفجيرها فتندلع حرائق عدة على متنها وتتصاعد أعمدة الدخان الأسود منها.

أحد عناصر جماعة «الحوثي» على سطح ناقلة النفط «سونيون» في البحر الأحمر (لقطة من فيديو)

وقال زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، في خطابه الأسبوعي، الخميس، إن قواته نفذت «عملية جريئة وشجاعة» هذا الأسبوع عبر «اقتحام» السفينة سونيون «وتدمير ما فيها من الشحنات واستهداف السفينة نفسها وتفخيخها وتفجيرها».

وأشار، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية، إلى أن الناقلة «كانت تخالف قرار الحظر وتحمل شحنات للعدو الإسرائيلي».

وبحسب سلطة الموانئ اليونانية، فإن السفينة مملوكة لشركة «دلتا تانكرز» اليونانية للشحن، وقد أبحرت من العراق وكانت متجهة إلى ميناء قريب من أثينا.

ناقلة النفط «سونيون» التي سبق أن هاجمها الحوثيون في البحر الأحمر (لقطة من فيديو)

وأظهر الفيديو أيضاً أضراراً في هيكل السفينة، إضافة إلى أغراض مبعثرة داخل غرفة القيادة.

يأتي ذلك غداة إعلان بعثة إيران لدى «الأمم المتحدة» موافقة الحوثيين على إنقاذ الناقلة سونيون، التي تحمل 150 ألف طن من النفط، «نظراً للمخاوف الإنسانية والبيئية».

وكتب المتحدث باسم الحوثيين محمد عبد السلام، على منصة «إكس»، في وقت متأخر الأربعاء: «بعد تواصل جهات دولية عدة معنا، خصوصاً الأوروبية، تم السماح لهم بسحب سفينة النفط المحترقة سونيون».

ناقلة النفط «سونيون» التي سبق أن هاجمها الحوثيون في البحر الأحمر (لقطة من فيديو)

وأفادت مهمة «أسبيدس» الأوروبية في البحر الأحمر، الخميس، أن «(سونيون) مشتعلة منذ 23 أغسطس (آب)» مع «رصد حرائق في مواقع عدة على السطح الرئيسي للسفينة».

وأشارت إلى «عدم وجود تسرب نفطي، وأن السفينة لا تزال راسية ولا تنجرف». وأكدت، على منصة «إكس»، أنها تستعدّ «لتسهيل أي مسارات عمل، بالتنسيق مع السلطات الأوروبية والدول المجاورة، لتجنب أزمة بيئية كارثية».

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني)، يستهدف الحوثيون سفناً تجارية في البحر الأحمر وبحر العرب، ما يعدّونه دعماً للفلسطينيين في قطاع غزة، في ظل الحرب الدائرة منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بين الجيش الإسرائيلي وحركة «حماس».

وأثّرت هجمات الحوثيين على حركة الشحن في المنطقة الاستراتيجية، التي يمرّ عبرها 12 في المائة من التجارة العالمية.