«روبيمار» على خطى «صافر»... و6 أشهر للنظر في انتشالها

استكمال إنقاذ «الخزان العائم» توقف بسبب رفض الحوثيين

بقعة نفطية رصدتها القوات الأميركية في محيط السفينة الغارقة «روبيمار» (الجيش الأميركي)
بقعة نفطية رصدتها القوات الأميركية في محيط السفينة الغارقة «روبيمار» (الجيش الأميركي)
TT

«روبيمار» على خطى «صافر»... و6 أشهر للنظر في انتشالها

بقعة نفطية رصدتها القوات الأميركية في محيط السفينة الغارقة «روبيمار» (الجيش الأميركي)
بقعة نفطية رصدتها القوات الأميركية في محيط السفينة الغارقة «روبيمار» (الجيش الأميركي)

دخل اليمن في مواجهة جديدة مع كارثة بيئية وشيكة في البحر الأحمر نتيجة غرق السفينة البريطانية «روبيمار» التي تحمل أكثر من 20 ألف طن من الأسمدة شديدة الخطورة و200 طن من الوقود بعدما استهدفها الحوثيون قرب ميناء المخا، بينما لا يزال البلد الذي تعصف به الحرب يواجه رفض الجماعة لاستكمال عملية إنقاذ ناقلة النفط المتهالكة «صافر».

وذكرت مصادر يمنية حكومية وثيقة الاطلاع لـ«الشرق الأوسط» أنه بموجب الخطة المشتركة التي أقرها ممثلو الجانب الحكومي وخبراء الأمم المتحدة فإن البلاد دخلت في مواجهة كارثة بيئية جديدة ستحتاج إلى مدة زمنية طويلة، وستتطلب تعاوناً وتمويلاً دولياً لمواجهة مخاطر تسرب حمولة السفينة وتلوث البيئة البحرية، على غرار ما حدث مع ناقلة النفط المتهالكة «صافر» التي كانت تحمل أكثر من مليون برميل من النفط الخام، ونُقل بعد ذلك إلى سفينة بديلة.

تهدد السفينة البريطانية الغارقة بكارثة على البيئة البحرية وسبل العيش (تلفزيون الجمهورية)

وأكدت المصادر أن اليمن لم يتخلص حتى الآن من مخاطر حدوث تلوث بيئي نتيجة تسرب ما تبقى من حمولة الناقلة المتهالكة «صافر» لأن الحوثيين منعوا الفرق التابعة للأمم المتحدة من إتمام المرحلة الأخيرة من عملية الإنقاذ والمتمثلة بتنظيف خزاناتها ومن ثم قطرها إلى ميناء قريب والتخلص منها، حيث لا تزال الزيوت ومواد الغسيل تشكل خطراً على البيئة البحرية.

مراقبة قبل الإنقاذ

ستقتصر الخطة اليمنية - الأممية - وفق المصادر الحكومية - في مرحلتها الأولى على مراقبة السفينة «روبيمار» ومستوى التلوث في منطقة غرقها وحتى السواحل اليمنية بسبب اضطراب حالة البحر خلال هذه الأيام ووجود تيارات بحرية قوية.

وبعد 6 أشهر من الآن يمكن - وفق الخطة - أن ينتقل العمل إلى المرحلة الثانية، والتعامل مباشرة مع السفينة، إما من خلال إفراغ حمولتها، وإما بانتشالها وسحبها إلى ميناء قريب لإصلاحها، لكن المصادر بينت أن المرحلة الثانية ستتطلب وجود تمويل دولي، والاستعانة بشركة متخصصة في الإنقاذ البحري على غرار الشركة الهولندية التي تولت مهمة إنقاذ الناقلة «صافر» وهو ما وعدت به الأمم المتحدة.

تصعيد الحوثيين أدى إلى عسكرة البحر الأحمر وزادت معه مخاطر التلوث (الجيش الأميركي)

وأبدت المصادر تخوُّفها من إطالة أمد هذه العملية مذكرة بالتعقيدات التي رافقت عملية إنقاذ الناقلة المتهالكة «صافر»، حيث استغرق التوصل إلى اتفاق بشأنها ومن ثم جمع التمويلات اللازمة نحو عامين بسبب تعنت الحوثيين، ومعارضتهم الخطة التي اقترحتها الأمم المتحدة، وهو ما اضطر المنظمة الأممية إلى تغييرها، ومع ذلك ظلت بعض البنود دون اتفاق نهائي واضح خصوصاً ما يتصل بالتخلص من الناقلة بعد إفراغها من حمولتها أو مصير كمية النفط الخام الذي نُقل إلى ناقلة بديلة جرى شراؤها من قبل الأمم المتحدة.

اجتماع مشترك

ذكر المركز الإعلامي التابع لوزارة المياه والبيئة في الحكومة اليمنية أن اجتماعاً مشتركاً، بين خلية إدارة أزمة السفينة المنكوبة «روبيمار»، برئاسة وزير المياه والبيئة توفيق الشرجبي وبحضور وزير الشؤون القانونية وحقوق الإنسان أحمد عرمان، ناقش العرض المقدم من الخبراء الأمميين حول تقييم خطة استجابة مواجهة المخاطر، وتداعيات تسرب حمولة السفينة إلى مياه البحر.

الاجتماع، الذي شارك فيه نائب المنسق المقيم للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن دييغو كوريلا، ومنسق برامج الأمم المتحدة للشؤون البحرية ومكافحة الجريمة البحرية جوزيف ني، وفريق الأمم المتحدة لتنسيق للكوارث، استعرض منهجية الإجراءات المنفذة من الخبراء المختصين لتقييم وضع السفينة استناداً إلى العينات والفحوصات التي قدمتها خلية الأزمة.

اللقاء ناقش أيضاً المخاطر المحتملة من حدوث تسرب للزيوت أو الأسمدة ومدى تأثيرها على السواحل والجزر اليمنية والحلول المقترحة لتجاوزها والجهود والاستعدادات المشتركة في الخطة الطارئة لمدة 6 أشهر لمتابعة المتغيرات المتوقعة جراء تقلبات الطقس لتفادي حدوث تلوث وآلية المعالجة والمشورة القانونية والتصورات المقترحة بمشاركة الأمم المتحدة والشركاء الدوليين الفاعلين.

الحكومة اليمنية والأمم المتحدة أمام مواجهة كارثة بيئية جديدة (إعلام حكومي)

ووفق المركز، فقد اتفق المشاركون على استمرار مراقبة وضع السفينة والاستمرار بأخذ العينات من الشواطئ القريبة من الحادثة، وتدريب أشخاص معنيين بعملية تنظيف السواحل، وتجهيزهم بالأدوات الوقائية للقيام بعملية الرقابة والمتابعة لمواجهة أي تطورات نتيجة تسرب الحمولة.

ونقل المركز الإعلامي عن نائب المنسق المقيم للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية باليمن ومنسق فريق الأمم المتحدة لتنسيق للكوارث، التعهد بأن تستمر المنظمة الأممية في تقديم كل أوجه الدعم والمشورة الفنية والتقنية والقانونية لخطة الاستجابة المقدمة من الحكومة اليمنية والبحث عن التمويلات المطلوبة لتجنب تداعيات غرق السفينة.


مقالات ذات صلة

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

العالم العربي المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

فيما طالبت الأمم المتحدة بأكبر تمويل إنساني في اليمن للعام المقبل أفاد تقرير دولي بوجود 3.5 مليون شخص من فئة المهمشين لا يمتلكون مستندات هوية وطنية

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

يشهد اليمن موسماً جديداً للأمطار الغزيرة التي تتسبب في أضرار كبيرة للسكان والبنية التحتية، في حين لا تزال البلاد وسكانها يعانون تأثيرات فيضانات الصيف الماضي.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب  (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تقرير حديث للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن حول مساهماته في بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

أحال رئيس الحكومة اليمنية، أحمد بن مبارك، رئيس مؤسسة نفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

تتزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، في حين تتصاعد الدعوات لإجراء حلول عاجلة ودائمة تمكن الحكومة من السيادة على الموارد.

وضاح الجليل (عدن)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.