«الغموض» يكتنف مصير مفاوضات «هدنة غزة»

مصر تسقط مزيداً من المساعدات على شمال القطاع

طائرات النقل العسكري المصري تستعد لإسقاط المساعدات على غزة (المتحدث العسكري)
طائرات النقل العسكري المصري تستعد لإسقاط المساعدات على غزة (المتحدث العسكري)
TT

«الغموض» يكتنف مصير مفاوضات «هدنة غزة»

طائرات النقل العسكري المصري تستعد لإسقاط المساعدات على غزة (المتحدث العسكري)
طائرات النقل العسكري المصري تستعد لإسقاط المساعدات على غزة (المتحدث العسكري)

بينما يؤكد الوسطاء في مصر وقطر والولايات المتحدة، استمرار الجهود؛ للوصول إلى «هدنة» مؤقتة في غزة يتم خلالها «تبادل الأسرى» بين إسرائيل وحركة «حماس»، يكتنف الغموض مصير المفاوضات التي توقفت في القاهرة، الخميس الماضي، بمغادرة وفد الحركة «للتشاور»، دون أن يعلن حتى الآن موعد استئنافها.

ووسط حالة من الترقب بشأن مصير الهدنة، التي من شأنها أيضاً إنفاذ مزيد من المساعدات إلى قطاع غزة، واصلت مصر، (الأحد)، إسقاط المساعدات الإنسانية والمعونات الإغاثية على قطاع غزة، بحسب إفادة رسمية للمتحدث العسكري المصري العقيد غريب عبد الحافظ.

وقال المتحدث العسكري، في بيان نشره على حسابه بموقع «فيسبوك» (الأحد): «استمراراً لتنفيذ توجيهات الرئيس المصري بمواصلة المشاركة في تقديم أوجه الدعم كافة؛ لرفع عبء نقص الاحتياجات الأساسية للأشقاء الفلسطينيين بقطاع غزة، نفّذت عناصر من القوات الجوية المصرية، بالتعاون مع المملكة الأردنية وعدد من الدول الصديقة والشقيقة، عدداً من عمليات الإسقاط الجوي للمساعدات على المناطق المتضررة بشمال قطاع غزة».

وأضاف أن «ذلك جاء تزامناً مع إقلاع عدد من طائرات النقل العسكري من مطار العريش ضمن الجسر الجوي المصري - الإماراتي لتنفيذ أعمال الإسقاط الجوي لكميات ضخمة من المساعدات الغذائية ومواد الإغاثة العاجلة شمال قطاع غزة».

وشهدت الآونة الأخيرة تكثيفاً لعمليات الإنزال الجوي للمساعدات، لا سيما لمناطق شمال قطاع غزة، التي يتعذر إيصال الإغاثة إليها من الجنوب.

طائرات مصرية تنقل مساعدات الإغاثة لأهالي غزة (المتحدث العسكري)

وعلى صعيد مفاوضات «الهدنة»، التي كان الوسطاء يأملون الاتفاق عليها بحلول شهر رمضان، لم يتضح بعد ما إذا كان قد تم تحديد موعد لاستئنافها. وكانت قناة «القاهرة الإخبارية»، نقلت الخميس الماضي، عن مصدر مصري رفيع المستوى، قوله إنه «سيتم استئناف المفاوضات الأسبوع المقبل». وأضاف المصدر، الذي لم تكشف القناة عن هويته، أن «المشاورات مستمرة بين الأطراف كافة؛ للوصول إلى الهدنة قبل حلول شهر رمضان المبارك».

بدوره، قال عضو المكتب السياسي بحركة «حماس»، حسام بدران، في تصريحات لشبكة «سي إن إن» الأميركية، (الأحد) إنه «لم يتحدد موعد عودة وفد مفاوضي الحركة إلى القاهرة لاستئناف مفاوضات وقف إطلاق النار». وأضاف: «لا يوجد جديد»، متهماً رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بـ«رفض الاستجابة للمطالب الفلسطينية العادلة فيما يتعلق باحتياجات غزة الأساسية».

وأكد أن «هناك عوامل يجب وضعها في الاعتبار، من بينها إيقاف عمليات القتل والانسحاب من غزة، والسماح بدخول المعونات الإنسانية، وعودة النازحين دون قيد أو شرط».

واستضافت القاهرة، الأحد الماضي، وعلى مدار 4 أيام، جولة مفاوضات تستهدف الاتفاق على «تهدئة في غزة لمدة 6 أسابيع»، شاركت فيها وفود من «حماس»، وقطر، والولايات المتحدة الأميركية، بينما غابت إسرائيل عن هذه الجولة؛ لأن «حماس» رفضت تنفيذ طلبها بتقديم قائمة بأسماء الأحياء من المحتجزين لديها، وهو ما أشارت الحركة لـ«صعوبته» في ظل استمرار القتال، لا سيما مع وجود المحتجزين في مناطق عدة داخل قطاع غزة.

ولم يفقد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «الأمل في عقد هدنة خلال شهر رمضان». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «كل الجهات المعنية في القاهرة والدوحة وواشنطن تسعى لإنجاز هدنة»، مشيراً إلى «إعلان الجانب الإسرائيلي اتفاقه مع الولايات المتحدة على عملية إجلاء واسعة للمدنيين في رفح».

وأضاف: «تل أبيب ليس بوسعها تنفيذ عملية إخلاء كتلة سكانية بهذا الحجم في رفح في ظل استمرار العمليات العسكرية، لذلك فهي أيضاً معنية بوقف إطلاق النار». وتابع: «واشنطن تصرّ على تنفيذ هدنة خلال شهر رمضان، ووضعت لذلك 3 سيناريوهات؛ الأول عبر المفاوضات، والثاني عبر قرار من مجلس الأمن، أما الثالث فمن خلال قرار وقف مؤقت لإطلاق النار لأيام عدة يتم خلالها استئناف المفاوضات».

واتفق معه خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة. وقال: «الأمل لا يزال موجوداً، وقد تعلن الهدنة في أي وقت». وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «التسريبات الأخيرة من الجانب الإسرائيلي بشأن إخفاء معلومات عن المفاوضات تشير إلى أن عملية التفاوض كانت وصلت إلى مراحل متقدمة».

وكان جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد)، ذكر في بيان (السبت)، أن الجهود المبذولة للتوصل إلى اتفاق بشأن وقف إطلاق النار في غزة «مستمرة». وأضاف الموساد، بحسب ما نقلته «رويترز»، أن «رئيس الاستخبارات الإسرائيلي دافيد برنياع، التقى (الجمعة) نظيره الأميركي ويليام بيرنز؛ لبحث اتفاق يؤدي إلى إطلاق سراح الرهائن». وتابع: «الاتصالات مع الوسطاء مستمرة طوال الوقت في محاولة لتضييق الفجوات والتوصل إلى اتفاقات».

ورجح الرقب «إعلان وقف إطلاق النار في أي لحظة». وقال إن «الجميع حريص على هدنة في رمضان؛ خوفاً من اشتعال الوضع، لا سيما في الأراضي الفلسطينية نفسها»، لكنه في الوقت نفسه أشار إلى أن «الغموض لا يزال يكتنف ملف المفاوضات وسط أنباء غير مؤكدة عن وصول وفد من حركة (حماس) إلى القاهرة، وتصريحات رسمية من قيادات الحركة تنفي تحديد موعد لاستئناف المفاوضات».

من جانبه، قال عكاشة إنه «عادة ما يكتنف الغموض اللحظات الأخيرة من عمليات التفاوض، وفي ظل ما تُسمى (حافة الهاوية) يدفع كل طرف بمطالبه في اللحظات الأخيرة آملاً الحصول على أكبر مكاسب». وأضاف: «حتى لو لم تعلن الهدنة قبل بدء رمضان، فمن المتوقع إقرارها خلال الأيام الأولى من الشهر الكريم»، مشيراً إلى أنه «حال عدم الاتفاق على هدنة فإن نتنياهو لن يعمد إلى التصعيد العسكري في رمضان».

وتتوسط مصر والولايات المتحدة وقطر في مفاوضات الهدنة منذ يناير (كانون الثاني) الماضي. وأدى اتفاق سابق وحيد إلى وقف القتال لمدة أسبوع في نوفمبر (تشرين الثاني) أطلقت خلاله «حماس» سراح ما يزيد على 100 من المحتجزين لديها، في حين أطلقت إسرائيل سراح نحو 3 أمثال هذا العدد من الأسرى الفلسطينيين.


مقالات ذات صلة

الجيش الإسرائيلي بوجهين متناقضين... مع صفقة تنهي الحرب ومع تثبيت الاحتلال

شؤون إقليمية مواطنون يتجمعون في موقع غارة إسرائيلية على شارع الجلاء بوسط مدينة غزة (أ.ف.ب)

الجيش الإسرائيلي بوجهين متناقضين... مع صفقة تنهي الحرب ومع تثبيت الاحتلال

تضغط قيادات عسكرية في إسرائيل على الحكومة لعقد صفقة توقف النار في غزة، وتتيح الإفراج عن الأسرى في القطاع، لكن تصرفات الجيش توحي بأنه يعد للبقاء طويلاً في غزة.

نظير مجلي (تل أبيب)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (د.ب.أ)

نتنياهو لن أدعم صفقة تعيد «حماس» للسلطة بغزة

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي إن «الشيء الوحيد الذي تريده (حماس) هو صفقة تنهي الحرب وتسمح للجيش الإسرائيلي بمغادرة القطاع من أجل العودة إلى السلطة».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية جانب من اجتماع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان ووفد المكتب السياسي لحركة «حماس» في أكتوبر الماضي (الخارجية التركية)

تركيا: الأنباء عن استضافة قيادة «حماس» لا تعكس الحقيقة

نفت تركيا ما يتردد عن انتقال أعضاء المكتب السياسي لحركة «حماس» إلى أراضيها عقب تقارير عن طلب قطر منهم مغادرة الدوحة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية وزير المالية بتسلئيل سموتريتش يتحدث مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في جلسة للكنيست يوم 24 يوليو الماضي (أرشيفية - رويترز)

إسرائيل تلوّح بحكم عسكري طويل في غزة

ألمح وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش إلى أن الحكومة الإسرائيلية تخطط لإقامة حكم عسكري في قطاع غزة لفترة غير محددة من الزمن، رغم معارضة الجيش لذلك.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي ملك الأردن عبد الله الثاني (رويترز)

في خطاب العرش... ملك الأردن يؤكد التمسك بالسلام العادل «لرفع الظلم التاريخي» عن الفلسطينيين

أكد ملك الأردن خلال خطاب العرش، في افتتاح الجلسة الأولى لمجلس الأمة اﻟ20، الاثنين، أن «السلام العادل والمشرف هو السبيل لرفع الظلم التاريخي» عن الفلسطينيين.

«الشرق الأوسط» (عمّان)

ميقاتي: الحكومة اللبنانية ماضية في العمل لتنفيذ القرار 1701

ميقاتي: الحكومة اللبنانية ماضية في العمل لتنفيذ القرار 1701
TT

ميقاتي: الحكومة اللبنانية ماضية في العمل لتنفيذ القرار 1701

ميقاتي: الحكومة اللبنانية ماضية في العمل لتنفيذ القرار 1701

أعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، اليوم الأحد، أن الحكومة ماضية في العمل مع كل الدول الصديقة للبنان لتنفيذ القرار 1701، وبسط سلطة الجيش على جميع أرجاء البلاد.

وأكد ميقاتي، في بيان، أنه يجب العمل على وقف «العدوان الإسرائيلي على لبنان أولاً وتمكين الجيش من القيام بكل المهام المطلوبة منه؛ لبسط سلطة الدولة وحدها على كل الأراضي اللبنانية».

وأشار ميقاتي إلى ارتفاع عدد القتلى من أفراد الجيش اللبناني منذ بدء الحرب الإسرائيلية إلى 36.