هل تحسم «التنازلات» سيناريوهات «التهدئة» في غزة؟

مع استمرار المفاوضات بالقاهرة لليوم الرابع

هل تحسم «التنازلات» سيناريوهات «التهدئة» في غزة؟
TT

هل تحسم «التنازلات» سيناريوهات «التهدئة» في غزة؟

هل تحسم «التنازلات» سيناريوهات «التهدئة» في غزة؟

تواصلت لليوم الرابع على التوالي في القاهرة جولة التفاوض الساعية لإقرار اتفاق بشأن تهدئة في قطاع غزة، تتضمن وقفاً لإطلاق النار، وتبادلاً للأسرى بين إسرائيل وحركة «حماس»، وسط صعوبات وعقبات تكتنف مسار التوصل إلى اتفاق قبيل شهر رمضان، كما يريد الوسطاء الأميركيون والقطريون والمصريون.

وبينما فرضت القاهرة، (الأربعاء) سياجاً كثيفاً من السرية حول مجريات اليوم الرابع الذي يبدو حاسماً بشأن التوصل إلى اتفاق أو انهيار المفاوضات، مدد وفد حركة «حماس» بقاءه في العاصمة المصرية «انتظاراً لاتضاح الرؤية»، حسبما أشار قيادي في الحركة في تصريحات متلفزة.

إلا أن مراقبين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أشاروا إلى أن الساعات الأخيرة كانت «دقيقة للغاية»، وأن التوصل إلى اتفاق يتطلب تقديم «تنازلات»، وتخلي كل طرف عن أسلوب الضغط من أجل دفع الطرف الآخر للتراجع عن مطالبه.

وواجهت الجولة الحالية من المفاوضات، التي انطلقت الأحد بمشاركة وفود من الولايات المتحدة وقطر ومصر، إضافة إلى وفد «حماس»، وغاب عنها أي تمثيل إسرائيلي، عدة عقبات تعلقت بتمسك تل أبيب بالحصول على لائحة بأعداد وأسماء الأسرى الأحياء لدى «حماس»، وهو ما عدته الأخيرة «أمراً مستحيلاً»، في ظل استمرار القصف الإسرائيلي على القطاع، وعدم وجود جميع الأسرى بحوزتها.

وتعتقد إسرائيل أن 130 شخصاً من بين 250 محتجزاً لا يزالون في غزة، مرجحة أن 31 منهم لقوا حتفهم، وبحسب بيانات متكررة من حركة «حماس» فقد لقي عدد غير معروف من الأسرى مصرعهم جراء القصف الإسرائيلي للقطاع، فيما لم تنجح قوات الاحتلال سوى في استعادة أسيرين مسنين بعد عملية استخباراتية الشهر الماضي.

كما تمثل مسألة عودة النازحين الفلسطينيين إلى ديارهم في شمال غزة نقطة مهمة بالنسبة لحركة «حماس» التي تمسكت بأن يتضمن الاتفاق التزاماً إسرائيلياً بذلك، فيما تريد إسرائيل وضع قيود أمنية على الفئات العمرية للعائدين إلى مناطق شمال القطاع، بحسب مصادر مطلعة على مجريات التفاوض كانت قد تحدثت لـ«الشرق الأوسط».

مواقف متباينة

وعكست التصريحات الرسمية الصادرة من وسطاء التفاوض بشأن التهدئة في غزة على مدى الأيام الماضية، رغبة الوسطاء في التوصل إلى اتفاق قبيل شهر رمضان، الذي يبدأ منتصف الأسبوع المقبل، إلا أن تلك التصريحات لم تشر إلى إمكانية التوصل فعلياً إلى اتفاق.

وخلال استقباله وفداً من لجنة الشؤون الخارجية بمجلس العموم البريطاني، الأربعاء، أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أن الوضع الإنساني في قطاع غزة لا يحتمل المزيد من تأجيل التوصل لحلول حاسمة لوقف إطلاق النار.

وحسب بيان للرئاسة المصرية، عرض السيسي مستجدات الجهود المصرية للتوصل إلى اتفاق حول وقف إطلاق النار وتبادل المحتجزين وإنفاذ المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، مؤكداً «أهمية اضطلاع المجتمع الدولي بمسؤوليته الأصيلة في حماية الفلسطينيين من الكارثة الإنسانية التي يتعرضون لها».

وشدد السيسي على أن «الوضع الإنساني في غزة لا يحتمل مزيداً من تأجيل التوصل لحلول حاسمة لوقف إطلاق النار».

وكان وزير الخارجية المصري سامح شكري، أشار إلى أن المفاوضات الجارية «لم تصل بعد إلى نقطة يمكن من خلالها أن نتحدث عن اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة».

فيما أفادت حركة «حماس» في بيان لها بأنها «أبدت المرونة المطلوبة بهدف التوصل إلى اتفاق يقضي بوقف شامل للعدوان على شعبنا»، مضيفة أن «الحركة ستواصل التفاوض عبر الإخوة الوسطاء للوصول إلى اتفاق يلبي مطالب ومصالح شعبنا».

وقال القيادي في حركة «حماس» أسامة حمدان، إنه مع نهاية يوم الأربعاء «ستتضح صورة المفاوضات في القاهرة»، الهادفة إلى التوصل لاتفاق تهدئة في قطاع غزة. وقال حمدان في تصريحات متلفزة، مساء الثلاثاء، إنه «إذا لم يُنجَز موضوع وقف إطلاق النار فلن ننتقل إلى أي ملف آخر».

لعبة أعصاب

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور سعيد عكاشة، مسار التفاوض في ساعاته الأخيرة بأنه «دقيق وصعب للغاية»، لافتاً إلى أن الأمر يتحول إلى «لعبة أعصاب» بين طرفي الحرب في غزة، إذ يرى كلا الطرفين (إسرائيل و«حماس») أن ممارسة المزيد من التشدد يمكن أن تقود الطرف الآخر إلى تقديم تنازلات حتى يمكن التوصل إلى اتفاق.

وأوضح عكاشة لـ«الشرق الأوسط» أن عدم التوصل إلى اتفاق سيكون بمثابة «كارثة لجميع الأطراف»، عادّاً تمسك أطراف الوساطة بضرورة التوصل إلى اتفاق قبيل شهر رمضان يأتي إدراكاً لخطورة الموقف الميداني على الأرض، وعدم رغبة الدول العربية في أن تقع تحت ضغوط الرأي العام إذا ما تواصلت العمليات الإسرائيلية والأزمة الإنسانية في غزة خلال شهر رمضان، الذي يحظى بمكانة روحية كبيرة لدى جموع العرب والمسلمين، فضلاً عن المخاوف الأميركية المستندة إلى تقارير أمنية واستخباراتية دقيقة من إمكانية انفجار الموقف في الأراضي الفلسطينية وبخاصة في الضفة الغربية.

ورأى الخبير في الشؤون الإسرائيلية أن خشية كل طرف من تصويره على أنه من قدم التنازلات أمام ضغوط الطرف الآخر «تمثل عقبة حقيقية أمام تقدم مسار التفاوض»، سواء في جولتي باريس أو في جولة الدوحة، وصولاً إلى جولة القاهرة، التي عدّها «فرصة أخيرة» لمنع انزلاق الموقف نحو مزيد من التدهور أمنياً وإنسانياً.

وبموجب الاتفاق الذي تمت صياغته خلال اجتماع «باريس 2» نهاية الشهر الماضي، والذي يجري التفاوض الراهن على أساسه، تفرج الحركة عن بعض «الرهائن» الذين احتجزتهم في هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) على إسرائيل، مقابل إفراج الأخيرة عن عدد مقابل بنسب يُتفق عليها خلال التفاوض من السجناء الفلسطينيين لديها، على أن يتوقف القتال مؤقتاً لمدة 6 أسابيع، تتم خلالها زيادة المساعدات لغزة.

تشدد إسرائيلي

بدوره، أشار مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حازم خيرت إلى أن ما وصفه بـ«التشدد الإسرائيلي» يمثل عقبة رئيسية أمام جهود الوسطاء للتوصل إلى هدنة في غزة، مشيراً إلى أنه رغم مشاركة وفود إسرائيلية في العديد من جولات التفاوض، فإنها لا تزال تحاول التنصل من الالتزام بأي بنود تقود إلى وقف الحرب، على اعتبار أن وقف الحرب سيكون من وجهة النظر الإسرائيلية اعترافاً بالهزيمة، ويؤدي إلى تفكك الائتلاف اليميني الحاكم، وهو ما سيقود إلى تعقيدات إضافية في مسار إدارة الحرب والتفاوض على حد سواء.

وأوضح خيرت، الذي عمل سفيراً لمصر لدى إسرائيل في الفترة بين عامي 2015 و2018، لـ«الشرق الأوسط» أن المواقف الأميركية الراغبة في التوصل إلى اتفاق للتهدئة يمكن أن تكون أحد عناصر حلحلة الموقف، إلا أنه أشار إلى أن الانجراف الإسرائيلي وراء إرضاء رغبات اليمين المتطرف ومصالح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعدم وقف الحرب «تحول دون تجاوب فعال مع جهود الوسطاء»، معتبراً قيادات الحكومة الإسرائيلية الراهنة «لا تلقي بالاً بالضغوط الدولية، ولا تبدي اهتماماً كبيراً باحترام المشاعر الدينية الخاصة بشهر رمضان؛ فما يعنيها في المقام الأول هو استمرار الحرب من أجل استعادة هيبتها»، معرباً عن توقعه بأن تواصل إسرائيل المناورة والالتفاف على أي جهود للتهدئة.


مقالات ذات صلة

«يوم قاسٍ» جديد في غزة

المشرق العربي فلسطينيون يعاينون حفرة أحدثتها غارة إسرائيلية في دير البلح وسط غزة الجمعة (د.ب.أ)

«يوم قاسٍ» جديد في غزة

رصد الجيش الإسرائيلي مقذوفَين أُطلقا من شمال قطاع غزة، في حادثة باتت متكررة في الأيام الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي فلسطيني يقف في موقع غارة إسرائيلية على منزل بمخيم المغازي للاجئين وسط قطاع غزة (رويترز)

«حماس» تعلن استئناف محادثات «هدنة غزة» اليوم في قطر

أعلنت حركة «حماس» الفلسطينية استئناف المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل بشأن الهدنة بقطاع غزة، في وقت لاحق اليوم الجمعة، بقطر.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
تحليل إخباري رد فعل امرأة فلسطينية على مقتل أحد أقربائها في غارة إسرائيلية خارج مستشفى في دير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري «هدنة غزة»... هل تشهد المفاوضات «انفراجة» بعد عودة المحادثات للدوحة؟

زخم جديد يعود لمحادثات وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بعد توجيه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بمغادرة وفد التفاوض إلى قطر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية انفجار أعقب غارة إسرائيلية في دير البلح وسط قطاع غزة الجمعة (رويترز)

إسرائيل تفاوض في الدوحة... وتجعل الحياة مستحيلة في غزة

يجري قادة اليمين الحاكم مداولات حول مشاريع إعادة الاستيطان اليهودي في قطاع غزة وتوفير الظروف لجعل حياة الفلسطينيين فيه مستحيلة.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي مدرسة مدمَّرة نتيجة القصف الإسرائيلي على خان يونس في جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

الجيش الإسرائيلي ينشر لقطات لمدرسة في غزة كانت «مأوى لمقاتلي حماس» (فيديو)

نشر الجيش الإسرائيلي، اليوم الجمعة، لقطات صوَّرتها مسيّرة لـ«مدرسة سابقة» في جباليا شمال قطاع غزة، قائلة إن مقاتلي حركة «حماس» كانوا يتحصنون فيها.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

مصر والإدارة السورية الجديدة... «عقبات» أمام مساعي التقارب

وزير الخارجية المصري يناقش مع مستشار الأمن القومي البريطاني الوضع في سوريا خلال استقباله الخميس بالقاهرة (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يناقش مع مستشار الأمن القومي البريطاني الوضع في سوريا خلال استقباله الخميس بالقاهرة (الخارجية المصرية)
TT

مصر والإدارة السورية الجديدة... «عقبات» أمام مساعي التقارب

وزير الخارجية المصري يناقش مع مستشار الأمن القومي البريطاني الوضع في سوريا خلال استقباله الخميس بالقاهرة (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يناقش مع مستشار الأمن القومي البريطاني الوضع في سوريا خلال استقباله الخميس بالقاهرة (الخارجية المصرية)

تحفظات برلمانية مصرية، وانتقادات بمنصات التواصل الاجتماعي، تلت اتصالاً هاتفياً جمع وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي بنظيره في الحكومة الانتقالية السورية، أسعد الشيباني، قبل يومين، ما أثار تساؤلات بشأن مستقبل العلاقات، خصوصاً بعد اعتراضات سابقة على ظهور شخص مدان باغتيال مسؤول مصري راحل برفقة قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع.

تلك المواقف والتحفظات «قد تُشكل عقبات ستكون مسار مناقشات، بعد إبداء مصر حسن النية وحدوث الاتصال، والأمر يتوقف على الجانب السوري بعد ذلك ليُحدد هدم (العلاقات) أم البناء»، وفق تقديرات وزير الخارجية المصري الأسبق السفير، محمد العرابي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط».

وجرى اتصال هاتفي بين عبد العاطي والشيباني، مساء الثلاثاء، تضمن تأكيد الوزير المصري عدداً من المحددات، وهي: «وقوف مصر بشكل كامل مع الشعب السوري ودعم تطلعاته المشروعة، ودعوة الأطراف السورية كافة في هذه المرحلة الفاصلة إلى الحفاظ على مؤسساتها الوطنية ومقدراتها ووحدة وسلامة أراضيها، وأهمية أن تتبنى العملية السياسية مقاربة شاملة وجامعة لكل القوى الوطنية السورية، تعكس التنوع المجتمعي والديني والطائفي والعرقي، وأن تكون سوريا مصدر استقرار بالمنطقة».

«الخارجية المصرية» أعلنت الثلاثاء الماضي عن اتصال هاتفي بين عبد العاطي والشيباني

وجرى الاتفاق في نهاية الاتصال على «استمرار التواصل خلال الفترة المقبلة»، وفق إفادة للخارجية المصرية، دون حديث عن تعاون مشترك.

ووفق المحلل السياسي المصري والأكاديمي الدكتور عمرو الشوبكي، فإن «العقبات التي تبدو أمام مساعي التقارب يمكن حلها بالتواصل المباشر، كما حدث مع الملفات العالقة سابقاً بين مصر وتركيا، بجانب الالتزام بشرط عدم التدخل في الشؤون المصرية»، وهو أمر يتفق معه خبير استراتيجي وعسكري سوري، مرجحاً ابتعاد الإدارة السورية الجديدة عن كل ما يبعد دمشق عن القاهرة، وذلك حسب حديثين منفصلين لـ«الشرق الأوسط».

وبعد انتقادات منه للإدارة السورية الجديدة، في سلسلة تغريدات، اعترض النائب المصري، محمود بدر، في منشور عبر منصة «إكس»، الأربعاء على اتصال الوزيرين المصري والسوري، قائلاً: «أنا متحفظ جداً على الاتصال (...) ومتفهم الوساطة التي حصلت والمقدمات التي بدأت بالتغريدة التي كتبها الشيباني نفسه عن تطلعه لعلاقات مع مصر، لكن يبقى أن بيان الخارجية المصرية قال كلام مصر من أول أزمة سوريا (سواء) لبشار الأسد أو للشيباني».

وأبدى الشيباني، عبر منشور على «إكس»، عقب المحادثات «سعادته باتصال نظيره المصري، الذي أكد فيه أهمية دور البلدين في تحقيق الاستقرار والازدهار للمنطقة، وأن مصر وسوريا يجمعهما تاريخ واحد، ومستقبل واعد بإذن الله».

وجاء ذلك بعد أيام من حديث المسؤول السوري عن «التطلع إلى بناء علاقات مهمة واستراتيجية مع مصر تحت احترام سيادة البلدين، وعدم التدخل في شؤون أي منهما».

ووفق تقدير السفير العرابي، فإن «مصر، كغيرها من الدول، لها محددات في التعامل مع هذه الإدارة الجديدة، وكل دولة تتعامل طبقاً لمحدداتها، والقاهرة تعد سوريا دولة مهمة، وما قامت به من اتصال هاتفي خطوة مدروسة ورصينة، وليس باندفاع أو تباطؤ، والبيان تحدّث عن عموميات مرتبطة باستقرار المنطقة دون حديث عن تعاون بانتظار شكل سوريا الفترة المقبلة».

وعن الانتقادات بمنصات التواصل بشأن ظهور مدانين أو متهمين بالإرهاب، يعتقد العرابي أن «هذه موضوعات ستثار، وعلى الإدارة الجديدة -بعد أن أبدت مصر حسن نية بالتواصل- أن تسعى للقاهرة، وتقرر هي ماذا تريد للعلاقات هدماً أم بناء»، مستدركاً: «لكن الانتقادات ليست مَن تقرر الخطوة المصرية، فخطوات القاهرة محددة ومعروفة، ويجب أن تراعى».

«ورغم وجود هذه العقبات فإن ذلك لا يمنع مصر من التواصل والتفاعل، وبحث حل كل الملفات العالقة»، وفق الشوبكي، مؤكداً أن مصر سبقت أن حلت ملفاتها العالقة مع تركيا بالمفاوضات، والأمور قريبة، وإن كان الوضع بين تركيا وسوريا مختلفاً بوجود نظام مستقر لدى أنقرة.

ويرى الشوبكي، أن «الخلافات حول بعض الملفات يجب أن تُحل بالتواصل المباشر، خصوصاً أننا إزاء مسار انتقالي في سوريا ينال دعم العالم، ومن المهم التفاعل معه والحضور بشكل مؤثر».

وباعتقاد الخبير الاستراتيجي والعسكري السوري عبد الله الأسعد، فإن هناك أهمية أن يتم البُعد عن كل ما يؤدي إلى أزمة بين القيادتين المصرية والسورية، في ظل أهمية أن تستمر الأخيرة بعيدة عن السيطرة الإيرانية.

ولا يستبعد الأسعد تجاوز أي عقبات في العلاقات، ووصول وفد مصري لدمشق، مثل جميع الوفود التي تأتي من مختلف أنحاء العالم، متوقعاً أن تفعل الإدارة السورية الجديدة كل ما يجعلها داخل المحيط العربي، وأن تمنع أي شيء يؤدي للتباعد.

وقبل أيام ناشد النائب المُقرب من السلطات مصطفى بكري، عبر منشور بمنصة «إكس»، بدر عبد العاطي بالتراجع عن أي زيارة محتملة لسوريا، مشيراً إلى أن الشرع التقى أحد المحكوم عليهم بالإعدام بتهم التحريض على اغتيال النائب العام المستشار هشام بركات قبل سنوات.

وكان الشرع قد التقى محمود فتحي، وهو مطلوب مصري مصنف على قوائم «الإرهاب»، بحضور مستشار العلاقات الخارجية في حزب «العدالة والتنمية» التركي، ياسين أقطاي، الشهر الماضي.

وتحدّث بكري وقتها في تغريدة قائلاً: «بعد استقبال (الشرع) قاتل الشهيد هشام بركات قرر أن يمنح الإقامة لمن يسميهم المقاتلين الأجانب، أي أن سوريا ستصبح قندهار العرب، يجتمع فيها الإرهابيون لينطلقوا إلى بلدانهم متآمرين».

في حين يرى الخبير الاستراتيجي والعسكري السوري، عبد الله الأسعد أنه «لم يسمع أن هناك مصرياً معارضاً سيكون في الإدارة الجديدة، أو أنها ستضم فصائل مسلحة أو معارضة لدول المنطقة»، متوقعاً في ظل الدعم الغربي ألا تقدم الإدارة الجديدة على جلب مشكلات لها بضم مقاتلين لجيشها محل انتقاد أو رفض دولي، أو أن تبتعد عن القاهرة أو أي دولة عربية.

ولم تتوقف منصات التواصل عن إبداء مخاوف أو تحفظات مماثلة أيضاً، وكان أحدث موقف من الناشط المصري لؤي الخطيب، متحدثاً عقب اتصال وزيري خارجية مصر وسوريا، مؤكداً أن ضرورة أن يكون «الهدف في النهاية هو استقرار سوريا، وألا تبقى مصدر تهديد لأي طرف».

وأظهرت وثيقة لم يتسن التأكد من صحتها ترقيات منسوبة للإدارة الجديدة، لعدة شخصيات أجنبية، من بينهم علاء محمد عبد الباقي، وهو مصري الجنسية، ومصنف «إرهابياً»، وملاحق قضائياً بالقاهرة، فضلاً عن وصول المعارض المصري عبد الرحمن يوسف القرضاوي لدمشق، وانتقاد القاهرة في مقطع فيديو من هناك قبل توقيفه في لبنان.

ويرى العرابي، أن «استنتاجات الرأي العام المصري تحمل نظرة إيجابية وسلبية للوضع الجديد في سوريا، وهناك عقبات أو مخاوف مقلقة، منها عدم الاستقرار الداخلي بسوريا، ووجود سلاح في أيدي الكثير، ووجود المقاتلين الأجانب ووجهتهم»، مشدداً على أن تلك أمور مشروعة، خصوصاً أن مصر دولة كبيرة وحريصة على استقرار المنطقة، ويجب تفهم مخاوفها.

وهذا ما أكده وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، الخميس، في لقاء جوناثان باول، مستشار الأمن القومي لرئيس الوزراء البريطاني، مشدداً على «ضرورة أن تتسم عملية الانتقال السياسي في سوريا بالشمولية عبر ملكية وطنية، دون تدخلات خارجية، بما يدعم وحدة واستقرار سوريا بكل مكوناتها وأطيافها».

لذا يؤكد الشوبكي، ضرورة أن تتواصل مصر مع سوريا، وتناقش كل المخاوف، بشرط وحيد تضعه هو عدم التدخل في الشؤون الداخلية المصرية، مشدداً على أن التواصل ليس معناه الاتفاق، مستدلاً بوجود خلافات بين أنقرة وطهران، ورغم ذلك بينهما اتصالات وليست قطيعة.