دائرة الاحتجاجات ضد الحوثيين تبلغ معقلهم في صعدة

الجماعة خطفت 18 شخصاً لتنفيذهم وقفة غاضبة

تعتمد الجماعة الحوثية سياسة البطش بالسكان لإخضاعهم (فيسبوك)
تعتمد الجماعة الحوثية سياسة البطش بالسكان لإخضاعهم (فيسبوك)
TT

دائرة الاحتجاجات ضد الحوثيين تبلغ معقلهم في صعدة

تعتمد الجماعة الحوثية سياسة البطش بالسكان لإخضاعهم (فيسبوك)
تعتمد الجماعة الحوثية سياسة البطش بالسكان لإخضاعهم (فيسبوك)

على خلفية تصاعد أعمال القمع التي تنتهجها الجماعة الحوثية بشكل منظم بحق اليمنيين، اتسعت أخيراً دائرة الاحتجاجات إلى محافظة صعدة (المعقل الرئيسي للجماعة) تنديداً بالانتهاكات.

وفي هذا السياق، أفادت مصادر محلية بأن العشرات من أهالي عزلة «عرو» التابعة لمديرية ساقين بمحافظة صعدة نفذوا مظاهرة احتجاجية هي الثانية؛ تنديداً بجرائم التعسف والتنكيل وأعمال الخطف الحوثية ضد أبناء المنطقة.

تعتمد الجماعة الحوثية سياسة البطش بالسكان لإخضاعهم (فيسبوك)

وكان عناصر يتبعون فرع جهاز الأمن الوقائي الحوثي في صعدة داهموا تجمعاً احتجاجياً نفذه أبناء عزلة «عرو» في مديرية ساقين، واختطفوا 18 شخصاً من أبناء المنطقة بينهم أطفال وشبان والزج واقتادوهم إلى المعتقلات.

مصادر محلية مطلعة في صعدة ذكرت لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات في الجماعة أوعزت إلى عناصرها الأمنية بعد تلقيها معلومات بوجود تجمع احتجاجي ضدها بسرعة التحرك إلى منطقة «عرو» غرب صعدة، والبدء في قمع وتفريق المحتجين باستخدام شتى الوسائل، إلى جانب اعتقال عدد من المشاركين.

وسبق ذلك تنفيذ الجماعة حملات دهم واستهداف طالت، بعض الأهالي والسكان في عزل وقرى تقع ضمن مديريات: ساقين، ورازح، وكتاف، وغمر، والصفراء، وغيرها، في صعدة، وذلك عقب اتساع دائرة الاحتجاجات الشعبية المناوئة للجماعة جراء تعسفاتها المتكررة التي لا حصر لها.

وجاء احتشاد العشرات من أهالي «عرو» في صعدة بإحدى الساحات للمطالبة برفع الظلم المرتكب بحقهم منذ سنوات، والضغط على قادة الجماعة بإجراء تغييرات لمشرفيها الذين يمارسون مختلف أشكال التعسف والإذلال ضدهم.

وأوضح شهود أن المحتجين رددوا في وقفتهم هتافات تستنكر وترفض بشدة جميع الممارسات الحوثية المرتكبة بحقهم، حيث يعاني أهالي المنطقة منذ سنوات أعقبت الانقلاب من الحرمان، ويعيشون أوضاعاً مأساوية كبيرة ترافقها انتهاكات حوثية متكررة، كما أنهم يتعرضون لسلسلة من الجرائم الممارَسة بحقِّهم من قبل مشرفين ومسلحين تابعين للجماعة.

قمع يومي

شكا سكان في مدينة صعدة عاصمة المحافظة من استمرار قمع مسلحي الجماعة لهم، بصورة تكاد تكون شبه يومية، لافتين إلى أن دوريات الحوثيين لا تزال تطوف على مدار الساعة شوارع وأحياء المدينة وتمارس الابتزاز والانتهاك بحق الكثير منهم بناءً على حجج ومزاعم كاذبة.

وبينما يؤكد الأهالي في منطقة ساقين أنهم سيستمرون في الاحتجاجات ضد الجماعة حتى الإفراج عن المخطوفين من أبناء قريتهم، وتحقيق جميع مطالبهم التي يصفونها بـ«المشروعة»، تواصل تلك الجماعة عبر تشكيلاتها المسلحة المتنوعة فرض حصار خانق على المنطقة من كل الاتجاهات بغية إجبار الأهالي تحت وسائل القمع والترهيب على الوقف الفوري لتنظيم الاحتجاجات.

ويتعرض سكان صعدة (المحافظة التي تُعدّ من أهم المناطق اليمنية الزراعية) بشكل يومي لتعسفات وجرائم حوثية متنوعة؛ إذ أحصت تقارير محلية وحقوقيون آلاف الانتهاكات بحقهم خلال السنوات الماضية، من بينها جرائم القتل والإصابة والاختطاف وجمع الإتاوات والإخضاع للتطييف القسري والتعذيب في السجون والمداهمات والاقتحامات وتفجير المنازل والتشريد وغيرها.

وكان نشطاء حقوقيون وإعلاميون يمنيون أطلقوا، خلال الأشهر الماضية، سلسلة حملات على مواقع التواصل الاجتماعي، تسلط الضوء على جرائم الجماعة الحوثية في معقلها الرئيسي، التي تعد على رأس المحافظات المنكوبة في اليمن منذ اندلاع الصراع.

ودعت تقارير لمنظمات محلية أكثر من مرة للتحرك الجاد والمسؤول لحماية المدنيين في مدينة صعدة عاصمة مركز المحافظة ونحو 14 مديرية تابعة لها، والعمل على وقف كل أشكال التعسف والانتهاك ضدهم.

مسلحون حوثيون في منطقة بركان بمديرية رازح التابعة لمحافظة صعدة شمال اليمن (إكس)

كما سلّط تقرير رسمي الضوء في وقت سابق على ما يجري في محافظة صعدة من جرائم ارتكبتها الجماعة الحوثية بحق سكانها طيلة سنوات ماضية، حيث رصد ارتكاب الجماعة نحو 463 ألف انتهاك خلال الفترة من يونيو (حزيران) 2004 حتى 31 ديسمبر (كانون الأول) 2022.

وذكر التقرير أن تلك الجملة من الجرائم توزع بعضها ما بين القتل والإصابة والاختطاف والإخفاء القسري والتعذيب، وتجنيد الأطفال، واستحداث السجون والمعتقلات ونقاط التفتيش ومعسكرات التدريب، فضلاً عن تفجير وتدمير واقتحام ونهب الممتلكات العامة والخاصة والتهجير القسري والنزوح والاعتداءات والسطو المسلح والتهديد وغيرها من الجرائم الأخرى.

ووثق التقرير، الذي أعدته أسبوعية «26 سبتمبر» التابعة لوزارة الدفاع اليمنية، نحو 8552 جريمة وانتهاكاً، تُعدّ من جرائم الحرب، ارتكبتها الميليشيات بحق الإنسانية في صعدة، خلال 13 عاماً من مسيرتها التدميرية، حيث قتل بسلاح الجماعة نحو 2619 مدنياً، بينهم 171 امرأة، و204 أطفال، إضافة إلى 89 حالة وفاة جراء التعذيب، و265 حالة إعدام ميداني وتصفية جسدية.

ودعا التقرير دعا جميع المنظمات الحقوقية المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان إلى القيام بمهامها تجاه ما يتعرض له أبناء صعدة من تنكيل وقتل ودمار، والضغط لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.


مقالات ذات صلة

ترحيب يمني بتصنيف كندا الحوثيين «منظمة إرهابية»

العالم العربي الحكومة اليمنية تتهم الجماعة الحوثية بتنفيذ أجندة إيران لتهديد السلم المحلي والإقليمي (رويترز)

ترحيب يمني بتصنيف كندا الحوثيين «منظمة إرهابية»

رحبت الحكومة اليمنية بقرار الحكومة الكندية تصنيف الجماعة الحوثية المدعومة من إيران «منظمةً إرهابيةً»، داعية بقية دول العالم إلى اتخاذ خطوات مماثلة.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي الحوثيون يسعون إلى الاستحواذ على كل أموال الصناديق والجهات الإيرادية (إعلام محلي)

الحوثيون يشرّعون للاستيلاء على موارد بقية المؤسسات

قدم الحوثيون ما وصفوه بـ«مشروع قانون استثنائي» لصرف نصف راتب لموظفي الدولة في مناطق سيطرتهم، في خطوة ممهِّدة لوضع يد الجماعة الانقلابية على بقية أموال المؤسسات.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي عناصر أمن حوثيون يرددون «الصرخة الخمينية» (إعلام حوثي)

انقلابيو اليمن يستدرجون عناصر أمن سابقين للتعبئة

قامت الجماعة الحوثية باستدراج عشرات من الضباط والجنود الأمنيين السابقين في صنعاء وريفها، للتعبئة العسكرية والطائفية، مستغلة حالة الفقر التي يعيشونها.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)
الخليج جانب من توقيع مركز «الملك سلمان للإغاثة» اتفاقية لبناء 232 وحدة سكنية اقتصادية في حجة غرب اليمن (سبأ)

مركز «الملك سلمان للإغاثة» يمول بناء أكثر من 200 وحدة سكنية بمحافظة حجة اليمنية

وقّع مركز «الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، اتفاقية تعاون مشترك مع إحدى مؤسسات المجتمع المدني في اليمن، لإنشاء مجمع سكني للنازحين داخلياً مع مرافقه…

«الشرق الأوسط» (الرياض)

ترحيب يمني بتصنيف كندا الحوثيين «منظمة إرهابية»

الحكومة اليمنية تتهم الجماعة الحوثية بتنفيذ أجندة إيران لتهديد السلم المحلي والإقليمي (رويترز)
الحكومة اليمنية تتهم الجماعة الحوثية بتنفيذ أجندة إيران لتهديد السلم المحلي والإقليمي (رويترز)
TT

ترحيب يمني بتصنيف كندا الحوثيين «منظمة إرهابية»

الحكومة اليمنية تتهم الجماعة الحوثية بتنفيذ أجندة إيران لتهديد السلم المحلي والإقليمي (رويترز)
الحكومة اليمنية تتهم الجماعة الحوثية بتنفيذ أجندة إيران لتهديد السلم المحلي والإقليمي (رويترز)

رحبت الحكومة اليمنية بقرار الحكومة الكندية تصنيف الجماعة الحوثية المدعومة من إيران «منظمةً إرهابيةً»، داعية بقية دول العالم إلى اتخاذ خطوات مماثلة.

وفي حين عبرت وزارة الخارجية اليمنية، الثلاثاء، في بيان، عن تقديرها الحكومة الكندية على موقفها ومساندتها الشعب اليمني، فقد دعت المجتمع الدولي إلى «اتخاذ خطوات مماثلة لدعم اليمن في مواجهة إرهاب الميليشيات الحوثية التي امتد تهديدها إلى الملاحة الدولية والاقتصاد العالمي، وإلى الأمن والسلم الدوليين».

مسلح حوثي خلال تجمع لأنصار الجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

وكانت الحكومة الكندية أدرجت الحوثيين، الاثنين، ضمن قائمة المنظمات الإرهابية بوصفهم «كياناً إرهابياً بموجب القانون الجنائي»، وفق ما جاء في بيان من وزير السلامة العامة والمؤسسات الديمقراطية والشؤون الحكومية الدولية الكندي، دومينيك لوبلانك.

وأشار البيان الكندي إلى أن الجماعة الحوثية ساهمت في الاضطرابات بالشرق الأوسط عبر كثير من الهجمات التي استهدفت السفن المدنية والبحرية في البحر الأحمر والممرات المائية الأخرى.

وقال البيان إن الجماعة الحوثية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بـ«فيلق القدس» الذي يتبع «الحرس الثوري» الإيراني، و«حزب الله»، و«هما كيانان إرهابيان مدرجان في قائمة الإرهاب» بكندا.

خطوة مهمة

وتعليقاً على القرار الكندي تصنيف الحوثيين «منظمةً إرهابيةً»، أوضح وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية، معمر الإرياني، أن القرار «جاء نتيجة تورط الجماعة المدعومة من إيران في شن هجمات تخريبية على السفن التجارية، وسلوكها القمعي في المناطق الخاضعة بالقوة لسيطرتها».

ووصف الإرياني القرار بأنه «خطوة مهمة تعكس تصاعد إدراك المجتمع الدولي خطر الجماعة الحوثية التي تنفذ أجندة إيران التخريبية في اليمن والمنطقة، وتهدد أمن الملاحة البحرية والتدفق الحر للتجارة العالمية».

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة بالحكومة اليمنية (سبأ)

وأشار الوزير اليمني إلى أن الجماعة «لم تكتفِ بارتكاب الجرائم بحق الشعب اليمني، بل تعدت ذلك إلى تهديد الأمن الإقليمي والدولي، عبر استهداف السفن التجارية وناقلات النفط في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن؛ أحد أهم الممرات المائية العالمية، مما يشكل تهديداً مباشراً للتجارة العالمية».

ودعا الإرياني «بقية دول العالم إلى اتخاذ خطوات مماثلة تصنف الحوثيين جماعة إرهابية، لتصبح منظمة إرهابية عالمية تُحاصَر سياسياً واقتصادياً، وتجمد أصولها، ويحظر سفر قياداتها، ويلاحَقون أمام المحاكم الدولية».

وأكد وزير الإعلام اليمني في تصريح رسمي أن «التحرك الدولي الشامل هو السبيل الوحيد لإيقاف المشروع الحوثي الذي يدار من طهران، وحماية الأمن البحري في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن، والحفاظ على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وإنقاذ الشعب اليمني من المأساة التي يعيشها منذ الانقلاب».