الضربات الغربية تودع شهرها الأول بقصف مواقع حوثية في الحديدة

واشنطن تبنت غارات ضد زوارق مفخخة وصواريخ «كروز»

مقاتلة من طراز «تايفون» شاركت في الضربات ضد الحوثيين (أ.ب)
مقاتلة من طراز «تايفون» شاركت في الضربات ضد الحوثيين (أ.ب)
TT

الضربات الغربية تودع شهرها الأول بقصف مواقع حوثية في الحديدة

مقاتلة من طراز «تايفون» شاركت في الضربات ضد الحوثيين (أ.ب)
مقاتلة من طراز «تايفون» شاركت في الضربات ضد الحوثيين (أ.ب)

مع اقتراب توديعها الشهر الأول تجددت الضربات الأميركية ـ البريطانية ضد الحوثيين في محافظة الحديدة يوم الجمعة، غداة غارات أخرى دمرت قوارب مفخخة وصواريخ «كروز»، وفق رواية الجيش الأميركي.

وفي أحدث خطبة لزعيم الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، هوّن عبد الملك الحوثي من أثر الضربات التي شاركت بريطانيا في 3 مناسبات منها، وقال إنها لمجرد «التسلية وحفظ ماء الوجه»، وهدد بالمزيد من الهجمات ضد السفن تحت لافتة مناصرة الفلسطينيين في غزة.

دعا زعيم الحوثيين أتباعه لحشد السكان للتظاهر في ميدان السبعين في صنعاء (رويترز)

يأتي ذلك في وقت يؤكد فيه مجلس القيادة الرئاسي اليمني أن الضربات ليست كافية للحد من قدرات الجماعة، وأن المطلوب هو دعم القوات الحكومية الشرعية لاستعادة السيطرة على الأرض، لا سيما مدينة الحديدة وموانئها.

ولم يتحدث الجيش الأميركي على الفور، بخصوص ضربات، الجمعة، في حين قالت وسائل إعلام الجماعة الحوثية إن الغارات الجديدة استهدفت فجر الأحد منطقتي الجبانة والطائف بمديرية الدريهمي في محافظة الحديدة.

وطبقاً لقناة «المسيرة» الذارع الإعلامية للجماعة الحوثية، تجددت الضربات ظهراً، بعدد من الغارات على منطقتي الكثيب والجبانة، في محافظة الحديدة وعلى منطقة الطائف في مديرية الدريهمي في الضواحي الجنوبية لمدينة الحديدة.

تدمير صواريخ وقوارب

في آخر تحديث للقيادة المركزية الأميركية، أفادت، في بيان، بأن قواتها نفذت في 8 فبراير (شباط) بين الساعة 5 صباحاً و9 مساءً (بتوقيت صنعاء)، 7 ضربات دفاعاً عن النفس ضد 4 قوارب مسيرة تابعة للحوثيين و7 صواريخ «كروز» متنقلة مضادة للسفن كانت مستعدة للانطلاق ضد السفن في البحر الأحمر.

وذكر البيان أن القيادة المركزية حدّدت هذه الصواريخ والزوارق في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن، وقررت أنها تمثل تهديداً وشيكاً لسفن البحرية الأميركية والسفن التجارية في المنطقة وقامت بتدميرها، مشيراً إلى أن هذه الإجراءات ستحمي حرية الملاحة وتجعل المياه الدولية أكثر أماناً.

شاركت لندن واشنطن في 3 موجات من الضربات ضد مواقع الجماعة الحوثية في اليمن (أ.ف.ب)

وفي وقت سابق، قالت القيادة المركزية الأميركية إن قواتها شنّت، مساء الأربعاء الماضي، ضربات دفاعاً عن النفس ضد صاروخين من نوع «كروز» متحركين مضادين للسفن تابعين للحوثيين كانا جاهزين للانطلاق.

وأضافت أنه في الليلة نفسها، في الساعة 11:30 مساءً (بتوقيت صنعاء)، نفذت القوات ضربة ثانية ضد صاروخ «كروز» هجومي أرضي متنقل للحوثيين كان جاهزاً للإطلاق.

ومنذ 12 يناير (كانون الثاني)، شنّت واشنطن وشاركتها لندن في 3 مناسبات، سلسلة من الضربات بلغت نحو 16 ضربة وتضمنت عشرات الغارات على الأراضي اليمنية الخاضعة للحوثيين، إضافة إلى عشرات من عمليات التصدي للهجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة.

وباستثناء تضرر نحو 5 سفن شحن إثر إصابتها بالهجمات الحوثية، لم يسقط من الطواقم أي ضحية، وفي المقابل أدت الضربات إلى مقتل 5 عناصر حوثيين إلى جانب 10 آخرين قُتلوا عندما حاولوا في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي قرصنة سفينة جنوب البحر الأحمر، حيث دمرت القوات الأميركية زوارقهم الثلاثة.

وبسبب أسلوب العصابات الذي ينهجه الحوثيون، يستبعد مراقبون يمنيون أن تؤدي الضربات الغربية بهذه الوتيرة إلى إضعاف قدرات الجماعة أو الحد من خطورتها على السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ونفذت الجماعة المتهمة بتلقي الدعم والسلاح الإيراني نحو 42 هجوماً في البحر الأحمر وخليج عدن منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) ضد سفن الشحن والقوات البحرية الأميركية، إذ تزعم أنها تسعى لمنع ملاحة السفن من وإلى إسرائيل، قبل أن تضيف إلى أهدافها السفن الأميركية والبريطانية.

وجد الحوثيون في حرب إسرائيل على غزة فرصة لتبييض انتهاكاتهم ضد اليمنيين (رويترز)

ويرفض الحوثيون الربط بين هجماتهم ضد السفن وبين مسار السلام اليمني الذي تقوده الأمم المتحدة، بخلاف ما تقوله الحكومة اليمنية من سعي الجماعة نحو نسف المساعي الأممية والدولية والعودة مجدداً إلى المواجهة وشن الهجمات ضد المناطق المحررة.

الضربات غير كافية

علاوة على اتهام مجلس القيادة الرئاسي اليمني للجماعة الحوثية بالتصعيد البحري خارجياً والبري داخلياً، خدمة لأجندة إيران في المنطقة، جدّد عضو مجلس القيادة عيدروس الزبيدي التأكيد على عدم جدوى الضربات الغربية.

ونقل الإعلام الرسمي أن الزبيدي بحث عبر الاتصال المرئي، مساء الخميس، مع سفير الولايات المتحدة ستيفن فاجن، «مستجدات الأوضاع في ظل التصعيد المتواصل للميليشيات الحوثية في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن، وانعكاساتها على الأوضاع الإنسانية وفرص السلام والتهدئة».

وجدّد الزبيدي – بحسب وكالة «سبأ» - موقف مجلس القيادة الرافض للتصعيد الحوثي في الممرات الملاحية، معتبراً أن ما تقوم به الميليشيات الحوثية من استهداف للسفن التجارية حرب عبثية تستهدف الأمن القومي والغذائي لليمن، وتضاعف المعاناة الإنسانية، علاوة على استهدافها مصالح الإقليم والعالم.

عضو مجلس القيادة اليمني عيدروس الزبيدي والسفير الأميركي ستيفن فاجن (سبأ)

ودعا عضو مجلس الحكم اليمني المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته في تأمين خطوط الملاحة الدولية في هذه المنطقة المهمة من العالم، من خلال دعم ومساندة القوات العسكرية الحكومية للقيام بالمهام المنوطة بها، مجدداً تأكيده على أن الضربات الجوية ليست كافية لردع الميليشيات وإنهاء تصرفاتها الطائشة.

وبينما تربط الجماعة الحوثية إنهاء التصعيد بانتهاء الحرب في غزة ودخول المساعدات، يتخوف اليمنيون من تعطيل مسار السلام، وسط حالة متصاعدة من التدهور الاقتصادي وتهاوي سعر الريال اليمني.

وفي مواجهة هذه التحديات كان مجلس القيادة الرئاسي اليمني قد عيّن أحمد عوض بن مبارك رئيساً جديداً للحكومة خلفاً لمعين عبد الملك، أملاً في معالجات للملف الاقتصادي والخدمي.

وفي وقت متأخر من مساء الخميس، أعلن البنك المركزي اليمني تحويل الدفعة الثانية من المنحة السعودية لدعم الموازنة العامة للدولة والبالغة 250 مليون دولار، متوقعاً دخولها إلى حسابه في موعد لا يتجاوز يوم الأحد المقبل.


مقالات ذات صلة

غارات تستهدف الحوثيين... وغروندبرغ يطالبهم بإطلاق الموظفين الأمميين

العالم العربي واشنطن تقود تحالفاً لإضعاف قدرات الحوثيين على مهاجمة السفن (الجيش الأميركي)

غارات تستهدف الحوثيين... وغروندبرغ يطالبهم بإطلاق الموظفين الأمميين

بينما جدد المبعوث الأممي هانس غروندبرغ مطالبته للحوثيين بإطلاق سراح الموظفين الأمميين فوراً، تواصلت، الثلاثاء، الضربات الغربية لليوم الرابع على مواقع الجماعة.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون متهمون بتصعيد انتهاكاتهم ضد اليمنيين (إ.ب.أ)

انقلابيو اليمن متهمون بارتكاب انتهاكات ضد أقارب المغتربين

صعّدت جماعة الحوثيين في اليمن من وتيرة انتهاكاتها بحق أقارب المغتربين لا سيما المنتمون منهم إلى محافظتي إب والضالع، وذلك ضمن استهداف الجماعة الممنهج للسكان.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الجماعة الحوثية وجدت في حرب غزة وسيلة إضافية لترهيب المعارضين لها (رويترز)

الحوثيون يرفضون إطلاق قيادات من «المؤتمر الشعبي»

بالتزامن مع الكشف عن وسائل تعذيب موحشة يتعرض لها المعتقلون بسجون مخابرات الجماعة الحوثية أكدت مصادر حقوقية استمرار الجماعة في رفض إطلاق قيادات «المؤتمر الشعبي»

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي دخان كثيف إثر استهداف مدينة الحديدة بغارات إسرائيلية رداً على هجوم صاروخي حوثي (إكس)

سفينة تبلغ عن انفجارات في محيطها قبالة الحديدة باليمن

قالت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية إن سفينة على بعد 70 ميلاً بحرياً جنوب غربي الحديدة باليمن أبلغت عن عدة انفجارات في محيطها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم العربي ممرضة في مدينة المخا تقيس محيط أعلى ذراع طفل للتحقق من تحسن حالته الصحية بعد تلقيه علاجاً لسوء التغذية (الأمم المتحدة)

سوء التغذية والشتاء يتربصان بأطفال اليمن والنازحين

يشهد اليمن زيادة في أعداد الأطفال المصابين بسوء التغذية الحاد الوخيم، في حين ينتظر النازحون، بسبب الحرب وتطرفات المناخ، شتاء قاسياً في ظل التردي الاقتصادي.

وضاح الجليل (عدن)

مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
TT

مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)

في بلدة عمشيت الساحلية الهادئة التي تبعد 45 دقيقة بالسيارة شمالي بيروت، استأنفت المدارس الحكومية أخيراً مهمتها التعليمية وسط عشرات الآلاف من النازحين الذين اتخذوا من بعض المدارس مأوى مؤقتاً.

وحسب «رويترز»، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إنه مع تصاعد الصراع بين إسرائيل و«حزب الله» في سبتمبر (أيلول) لحق الدمار بمئات المدارس في لبنان أو اضطرت لغلق أبوابها بسبب الأضرار أو المخاوف الأمنية.

وقالت وزارة التربية والتعليم العالي اللبنانية إنه تم تحويل 505 مدارس من بين نحو 1250 مدرسة حكومية في لبنان إلى ملاجئ مؤقتة لبعض النازحين الذين يبلغ عددهم 840 ألف شخص.

وبدأت الوزارة، الشهر الماضي، إعادة فتح المدارس على مراحل، مما سمح بعودة 175 ألف طالب منهم 38 ألف نازح إلى بيئة تعليمية لا تزال بعيدةً عن وضعها الطبيعي.

وفي مدرسة عمشيت الثانوية الحكومية، التي تضم الآن 300 طالب مسجل ويُتوقع انضمام المزيد منهم مع استمرار وصول العائلات النازحة، تحولت المساحات المألوفة ذات يوم إلى مكان مخصص لاستيعاب الواقع الجديد.

وقال مدير المدرسة، أنطوان عبد الله زخيا، إنه قبل شهرين ونصف الشهر اختيرت المدرسة كملجأ.

واليوم، تتدلى الملابس المغسولة من نوافذ الفصول الدراسية، وتملأ السيارات ساحة اللعب التي كانت ذات يوم منطقةً صاخبة، والممرات التي كان يتردد فيها صوت ضحكات التلاميذ أصبحت الآن استراحةً للعائلات التي تبحث عن ملجأ.

وأعربت فادية يحفوفي، وهي نازحة تعيش مؤقتاً في المدرسة، عن امتنانها الممزوج بالشوق. وقالت: «بالطبع، نتمنى العودة إلى منازلنا. لا أحد يشعر بالراحة إلا في المنزل».

كما أعربت زينة شكر، وهي أم نازحة أخرى، عن قلقها على تعليم أطفالها.

وقالت: «كان هذا العام غير عادل. بعض الأطفال يدرسون بينما لا يدرس آخرون. إما أن يدرس الجميع، أو يجب تأجيل العام الدراسي».

التعليم لن يتوقف

قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن الخطة المرحلية لاستئناف الدراسة ستشمل تسجيل 175 ألف طالب من بينهم 38 ألف طفل نازح في 350 مدرسة عامة غير مستخدمة كملاجئ. وقال وزير التربية والتعليم العالي، عباس الحلبي، لـ«رويترز»: «العملية التعليمية هي أحد مظاهر مقاومة العدوان الذي يواجهه لبنان». وأضاف الحلبي أن قرار استئناف العام الدراسي كان صعباً لأن العديد من الطلاب والمدرسين النازحين لم يكونوا مستعدين نفسياً للعودة إلى المدرسة. وفي مبنى مجاور في مدرسة عمشيت الثانوية الرسمية، يتأقلم المعلمون والطلاب مع أسبوع مضغوط مدته 3 أيام ويشمل كل يوم 7 حصص دراسية لزيادة وقت التعلم إلى أقصى حد.

ولا تزال نور قزحيا (16 عاماً)، وهي من سكان عمشيت، متفائلة. وقالت: «لبنان في حالة حرب، لكن التعليم لن يتوقف. سنواصل السعي لتحقيق أحلامنا». ويتأقلم المعلمون مع الظروف الصعبة. وقال باتريك صقر وهو مدرس فيزياء (38 عاماً): «الجميع مرهقون ذهنياً... في نهاية المطاف، هذه الحرب تطولنا جميعاً». وبالنسبة لأحمد علي الحاج حسن (17 عاماً) النازح من منطقة البقاع، يمثل الأسبوع الدراسي الذي يدوم 3 أيام تحدياً لكنه ليس عائقاً. وقال: «هذه هي الظروف. يمكننا أن ندرس رغم وجودها».