ألغام الحوثيين مستمرة في خطف حياة اليمنيين

انتزع المشروع السعودي «مسام» نحو نصف مليون لغم وقذيفة

فرق المشروع السعودي لنزع الألغام طهرت 53 مليون متر مربع من الأراضي اليمنية (مشروع مسام)
فرق المشروع السعودي لنزع الألغام طهرت 53 مليون متر مربع من الأراضي اليمنية (مشروع مسام)
TT

ألغام الحوثيين مستمرة في خطف حياة اليمنيين

فرق المشروع السعودي لنزع الألغام طهرت 53 مليون متر مربع من الأراضي اليمنية (مشروع مسام)
فرق المشروع السعودي لنزع الألغام طهرت 53 مليون متر مربع من الأراضي اليمنية (مشروع مسام)

مع حلول شهر فبراير (شباط) الحالي لم يعد بمقدور أسرة الفتى اليمني عمر ساحلي (14 عاماً) إرساله لرعي الأغنام في قريته الواقعة بالقرب من ساحل البحر الأحمر غرب البلاد، لأن أحد الألغام التي زرعها الحوثيون قبل طردهم من المنطقة انفجر فيه وأودى بحياته؛ ليكون الضحية الثالثة في الأسرة بعد أخته وعمه.

فارق عمر الحياة، السبت، متأثراً بجراحه أثناء تلقيه العلاج في مستشفى الملك فهد في جازان بعد نقله إلى هناك إثر إصابته بانفجار لغم زرعه الحوثيون في منطقة رعي الماشية في منطقة بني حسن في مديرية عبس التابعة لمحافظة حجة، حيث ظل يومين يتلقى العلاج، وحاول الأطباء إنقاذ حياته لكن إصابته كانت بالغة.

انتزعت فرق مشروع «مسام» السعودي نحو نصف مليون لغم وقذيفة غير منفجرة (مشروع مسام)

الألغام التي زرعها الحوثيون بكثافة وعشوائية في منطقة يرتادها رعاة الماشية سبق أن انفجر أحدها في شقيقة الفتى وفقدت أحد أطرافها، كما أن قذيفة غير منفجرة انفجرت بعمه ففقد يده اليسرى، ولكن خسارة الأسرة هذه المرة كانت الأفظع، حيث بترت الأطراف السفلية والعلوية للفتى عمر، وأصيب بجروح خطيرة ومتفاوتة في جسده، فشلت معها كل محاولات إنقاذ حياته.

خطر دائم

تُشكل الألغام ومخلفات حرب الحوثيين - حسب المنطقة العسكرية الخامسة في الجيش اليمني- خطراً دائماً على حياة آلاف السكان والنازحين في المناطق المحررة شمال محافظة حجة، وتتركز غالبيتها في مديريتي ميدي وعبس الساحليتين على البحر الأحمر ومديرية حرض الحدودية مع السعودية.

وقبل أربعة أعوام كانت أسرة عمر قد فجعت بانفجار لغم أرضي في الطفلة إلهام (سبعة أعوام) وهي شقيقة عمر عندما كانت ترعى أغنام الأسرة في محيط القرية التي يعيشون فيها، ولا تزال الطفلة تعاني من الإعاقة حتى اليوم،‏ حيث تصنف منطقة «بني حسن» بأنها واحدة من أشد المناطق تلوثا بالألغام التي زرعها الحوثيون بكثافة قبل انسحابهم منها في ذلك التاريخ.

طلاب يدرسون في العراء بعد تفجير الحوثيين مدرستهم في ‫حرض بمحافظة حجة اليمنية (مشروع مسام)

وفي نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي كانت مديرية الدريهمي التابعة لمحافظة الحديدة والواقعة جنوب المحافظة تسجل إصابة الطفلة عائشة سالم عكيم (13عاماً) بجروح مختلفة، وبترت إحدى قدميها نتيجة انفجار لغم زرعه الحوثيون وسط كمية كبيرة من أعلاف الماشية في منطقة الجربة الساحلية. وقبل ذلك بأيام أصيب العامل إبراهيم هديش، وهو في العقد الثالث من عمره بجروح مختلفة نتيجة انفجار جسم حربي أثناء عمله في جمع الخردوات بمنطقة «الشجن» في المديرية ذاتها.

وقبل ذلك بعدة أيام سجلت السلطات مقتل المزارع محمد عبده زيد نتيجة انفجار لغم أرضي أثناء عمله في مزرعته بمنطقة «الجاح» التابعة لمديرية بيت الفقيه جنوب الحديدة، كما أصيب الطفل عمر يحيى (13 عاماً) بجروح مختلفة نتيجة انفجار قذيفة غير منفجرة من مخلفات الحرب أثناء رعيه للماشية في قرية «السبعة العليا» بمديرية حيس جنوب محافظة الحديدة.

وسبق ذلك ‏مقتل 7 مدنيين بينهم طفل وامرأة، وإصابة خمسة أحدهم طفل بانفجارات ألغام أرضية ومقذوفات في محافظات الحديدة والجوف والبيضاء، كما أصيب الطفل خريص رعيدان (11 عاماً) بجروح مختلفة نتيجة انفجار قذيفة بالقرب من مخيم السويداء للنازحين في محافظة مأرب.

وفيما كان العالم يستعد لاستقبال العام الجديد كانت قرية العواء في مديرية عبس تشيع زينب كديش، في العقد الثالث من العمر، التي قتلت في انفجار ‫لغم أرضي زرعه الحوثيون بالقرب من منزلها في عزلة بني حسن التابعة لمحافظة حجة.

ألغام الحوثيين تحصد أرواح اليمنيين بشكل شبه يومي (إعلام محلي)

كما سجل مقتل محمد الحداد، وهو مدني في العقد الثاني من العمر من مديرية بيحان في محافظة شبوة، نتيجة انفجار ‫لغم أثناء مروره في منطقة «عقبة القنذع» الطريق الجبلية الرابطة بين محافظتي شبوة والبيضاء، التي زرعها الحوثيون بالألغام قبل انسحابهم منها.

جهود سعودية مستمرة

وسط الجهود السعودية المستمرة لتطهير الأراضي اليمنية من الألغام، أفاد المرصد اليمني للألغام بأنه خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي رصد ووثق سقوط 15 ضحية (5 قتلى و10 جرحى) في أوساط المدنيين نتيجة الألغام الأرضية التي زرعها الحوثيون والمقذوفات من مخلفات الحرب في خمس حوادث انفجارات وقعت في أربع محافظات، هي: الجوف والبيضاء وتعز والحديدة، وذكر أن القتلى الذين سقطوا نتيجة لذلك هم 4 أطفال ورجل مُسن، كما سقط 4 نساء وثلاثة أطفال جرحى بعضهم سيتعايشون مع إعاقات مستدامة نتيجة إصاباتهم الخطيرة.

وحسب المرصد فقد ‏تسببت حوادث انفجارات الألغام والمقذوفات خلال الشهر ذاته في تدمير وإعطاب ثلاث مركبات مدنية، ونفوق نحو 13 رأساً من الماشية، ورأى أن استمرار هذا النزيف يؤكد على الضرورة الملحة بأن يكون ملف تسليم خرائط الألغام والبدء في تطهير المناطق المأهولة من الألغام والذخائر من مخلفات الحرب ضمن أولويات أي نقاشات بين الأطراف اليمنية، لوضع حد لهذه المعاناة ولتفادي سقوط مزيد من الضحايا.

نشر الحوثيون الألغام وسط المزارع وفي مراعي الماشية (إعلام حكومي)

في غضون ذلك، يلعب المشروع ‫السعودي لنزع الألغام في اليمن (مسام) دوراً أساسياً في تطهير مساحات شاسعة من الأراضي من الألغام والمتفجرات التي زرعها أو خلفها الحوثيون في كل المناطق التي وصلوا إليها، وساعد المشروع في تمكين عشرات الآلاف من المزارعين والنحالين من استئناف عملهم، كما عاد آلاف الطلاب إلى مدارسهم.

وحسب أسامة القصيبي مدير المشروع فإن الفرق الميدانية نزعت منذ انطلاقة المشروع وحتى 26 يناير الماضي 430 ألفا و323 لغماً وذخيرة غير منفجرة وعبوة ناسفة في مساحة تزيد على 53 مليون متر مربع من الأراضي اليمنية.

ووفق المكتب الإعلامي لـ«مسام» يعيش ‫اليمن وضعاً تعليمياً متدهوراً بسبب تدمير ‫المدارس جراء الألغام والعبوات الناسفة، حيث استهدفت هذه الألغام 344 مدرسة في 6 من محافظات البلاد.

وبسبب الألغام الأرضية المزروعة بشكل عشوائي يعاني أكثر من 100 ألف نحال يمني، إذ لم يعد بمقدورهم التنقل بحرية بين المراعي وهو ما أسهم في تهديد مصدر الدخل الوحيد لهم.


مقالات ذات صلة

اليمن أكبر المتضررين من وقف المساعدات الأميركية

العالم العربي أسرة يمنية  نازحة داخلياً في موقع للنازحين بمحافظة الضالع (الأمم المتحدة)

اليمن أكبر المتضررين من وقف المساعدات الأميركية

يبرز اليمن كإحدى أكبر الدول المتضررة من وقف المساعدات السنوية الأميركية المقدمة عبر الوكالة الأميركية للتنمية في ظل ازدياد مستويات انعدام الأمن الغذائي

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي صورة تظهر تردي شبكة الصرف الصحي في صنعاء (الشرق الأوسط)

إغلاق «الصرف الصحي» وسيلة حوثية لمعاقبة السكان

أقدم الحوثيون في صنعاء على سد قنوات الصرف الصحي الخاصة بالمنازل في مناطق وأحياء متفرقة من المدينة لإجبار السكان على دفع رسوم خدمات غير مستحقة

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي طالبات في جامعة صنعاء (غيتي)

انقلابيو اليمن يجرّفون التعليم العالي لمضاعفة الموارد المالية

أقدمت الجماعة الحوثية على إجراءات لحرمان الأكاديميين النازحين من محافظة إب من الرواتب، بالتزامن مع إلغاء أقسام في جامعة صنعاء ومضاعفة إيراداتها.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني وجّه بسرعة حل أزمة الكهرباء في عدن (سبأ)

عودة تدريجية للكهرباء في عدن إثر تدخل رئاسي وحكومي

بعد تدخل رئاسي، عادت الكهرباء بشكل جزئي في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن يوم الجمعة بعدما غرقت ليومين في الظلام.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

بن مبارك يعتمد حلولاً إسعافية لأزمة الكهرباء في عدن

اعتمد رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك حلولاً إسعافية لمشكلة الكهرباء في عدن، وذلك بعد أن توقفت الخدمة من كافة محطات التوليد جراء نفاد الوقود.

«الشرق الأوسط» (عدن)

وزير خارجية إسرائيل: هناك فرصة لعلاقات أفضل مع لبنان

جنود إسرائيليون يقفون بجوار دباباتهم على الحدود مع لبنان في الجليل الأعلى شمال إسرائيل 28 يناير 2025 (إ.ب.أ)
جنود إسرائيليون يقفون بجوار دباباتهم على الحدود مع لبنان في الجليل الأعلى شمال إسرائيل 28 يناير 2025 (إ.ب.أ)
TT

وزير خارجية إسرائيل: هناك فرصة لعلاقات أفضل مع لبنان

جنود إسرائيليون يقفون بجوار دباباتهم على الحدود مع لبنان في الجليل الأعلى شمال إسرائيل 28 يناير 2025 (إ.ب.أ)
جنود إسرائيليون يقفون بجوار دباباتهم على الحدود مع لبنان في الجليل الأعلى شمال إسرائيل 28 يناير 2025 (إ.ب.أ)

قال وزير خارجية إسرائيل جدعون ساعر مساء اليوم، السبت، إنه بحث مع مورغان أورتاغوس نائبة مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترمب للشرق الأوسط الوضع في لبنان وقضايا أخرى بالمنطقة.

وأضاف ساعر في منشور على منصة «إكس»: «بعد الإنجازات التي حققتها إسرائيل ضد (حزب الله)، هناك فرصة لمستقبل أفضل في لبنان، وربما حتى لعلاقات أفضل بين بلدينا»، حسب تعبيره.

وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر (أ.ب)

وتابع وزير الخارجية الإسرائيلي أن بلاده وأميركا «ملتزمتان بالعمل معاً بشكل وثيق لبناء مستقبل أفضل في المنطقة في ظل قيادة الرئيس ترمب وقوة إسرائيل».