سلع منتهية الصلاحية في صنعاء تثير سخط السكان

توقعات بتزايد حدة انعدام الأمن الغذائي في الأشهر المقبلة

مساعدات إغاثية زعم الحوثيون أنهم أتلفوها لانتهاء صلاحيتها (إعلام حوثي)
مساعدات إغاثية زعم الحوثيون أنهم أتلفوها لانتهاء صلاحيتها (إعلام حوثي)
TT

سلع منتهية الصلاحية في صنعاء تثير سخط السكان

مساعدات إغاثية زعم الحوثيون أنهم أتلفوها لانتهاء صلاحيتها (إعلام حوثي)
مساعدات إغاثية زعم الحوثيون أنهم أتلفوها لانتهاء صلاحيتها (إعلام حوثي)

أثار الانتشار الملحوظ لكميات من المساعدات الغذائية منتهية الصلاحية في أسواق العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء سخطاً واسعاً في أوساط السكان بمن فيهم شريحة الفقراء والنازحين، المستفيد الأول من تلك المعونات التي تخصصها منظمات إنسانية دولية.

وأكد سكان في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» تفاجؤهم بظهور كميات مختلفة من المساعدات الغذائية المخصصة للفقراء والمحتاجين وهي معروضة للبيع في الأسواق ومحال تجارية وعلى الأرصفة، دون وجود أي رقابة من قِبل سلطات الجماعة الحوثية.

اتهامات لتجار حوثيين بإغراق أسواق المدن بمنتجات وسلع فاسدة (الشرق الأوسط)

ويتهم السكان سلطة الجماعة الانقلابية بتعمد حرمانهم خلال الأشهر الماضية من حصصهم، ومقاسمة آخرين كميات الغذاء المتواضعة الممنوحة لهم من قِبل المنظمات.

شعور بالصدمة

يعبّر «مقبل.ع»، وهو نازح قبل سنوات مع أسرته من الحديدة إلى صنعاء، عن شعوره بالصدمة حيال مشاهدته كميات من المساعدات بعد أن أصبحت غير صالحة للاستهلاك وهي معروضة للبيع في الأسواق، لافتاً إلى أن ذلك يأتي في ظل معاناة لا يزال يكابدها وعائلته منذ أشهر جراء حرمانه وكثيرون لأسباب غير معلومة من الحصول على حصصهم الغذائية.

وجاء إخراج كميات من تلك المساعدات المنتهية لبيعها في الأسواق عقب أشهر عجاف مرّ بها مقبل وفقراء آخرين في صنعاء، حيث يؤكد لـ«الشرق الأوسط»، أنه لم يتسلم حصصه المعتادة طوال فترة ثلاثة أشهر فائتة من العام الماضي.

ويرجح الفقراء اليمنيون في صنعاء، أن هناك تغاضياً من الأمم المتحدة وبرنامج الغذاء العالمي عن أعمال السطو التي تقوم بها الجماعة، وكذا تخزينها للمساعدات فترات طويلة حتى تتعرض للتلف.

ورصدت «الشرق الأوسط» عبر جولة في أسواق صنعاء، بعضاً من المساعدات منتهية الصلاحية، تتمثل في بعض الوجبات أو ما يُعرف بالمكملات الغذائية المخصصة للنساء الحوامل والأطفال، وعينات أخرى من الدقيق والزيت، وغيرها.

سلة غذائية تقدمها الأمم المتحدة للفقراء والنازحين اليمنيين (الأمم المتحدة)

ويصف عامل في منظمة حقوقية بصنعاء عرض مساعدات غذائية فاسدة كانت مخصصة للأسر الفقيرة للبيع في أسواق العاصمة بـ«الجريمة الكبرى». ويقول في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: إن المتورطين في ذلك يستحقون عقابين، الأول لإخفائهم المتعمد لتلك المواد الضرورية وعدم توزيعها للمحتاجين فور وصولها، والآخر لاستغلالهم حاجة الناس وعوزهم وبيعها لهم فاسدة؛ ما قد يعرّض صحتهم للخطر.

وبينما تؤكد تقارير محلية وأخرى دولية، أن جماعة الحوثي تمارس أعمالاً تعيق توزيع المساعدات، أو إدخالها إلى بعض المناطق إلى حين انتهاء صلاحيتها، يشير العامل الإغاثي، الذي اشترط حجب معلوماته، إلى وقوف القائمين على إدارة ما يسمى «المجلس الأعلى إدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية» (الذراع الأمنية الحوثية الذي يتحكم بجميع مفاصل العمل الإنساني والإغاثي) وراء تلف تلك الكميات من المساعدات؛ نتيجة تخزينها لفترات طويلة بمخازن لا تخضع لأدنى المعايير.

وجاء انتشار بيع كميات من المساعدات الغذائية في صنعاء وغيرها، بالتوازي مع ظروف معيشية بالغة الصعوبة يكابدها ملايين السكان بمختلف المناطق، حيث يعجز غالبيتهم عن تأمين أبسط متطلبات المعيشية؛ لكونهم يعتمدون بدرجة أساسية على تلك المساعدات.

تدهور الأمن الغذائي

وفي أحدث تقاريرها، أفادت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة، بأن أزمة انعدام الأمن الغذائي في مناطق سيطرة جماعة الحوثيين ستشهد المزيد من التدهور في الأشهر القليلة المقبلة مع توقف توزيع المساعدات الغذائية فيها.

وقالت: «أوقف برنامج الغذاء العالمي جميع المساعدات الغذائية العامة في مناطق شمال اليمن، والخاضعة لسيطرة الحوثيين ابتداءً من ديسمبر (كانون الأول) 2023؛ وتبعاً لذلك ستتدهور حالة الأمن الغذائي فيها خلال الأشهر من فبراير (شباط) إلى مايو (أيار) 2024».

نصف الأسر اليمنية عجزت عن توفير الحد الأدنى من الغذاء (الأمم المتحدة)

وأضاف التقرير، أنه بفترة الأشهر الأربعة المقبلة، من المتوقع أن يتدهور الأمن الغذائي في مناطق الحوثيين إلى مستوى المرحلة الرابعة من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، حيث ستواجه أسرة واحدة على الأقل من بين كل خمس أسر فجوات شديدة في استهلاك الغذاء تؤدي إلى سوء تغذية حاد شديد أو زيادة في الوفيات.

ولفت إلى أن ملايين الأسر في المناطق الريفية في المحافظات الخاضعة للجماعة لن تتمكن من تعويض فقدان المساعدة من مصادر الغذاء والدخل الأخرى؛ مما يؤدي إلى اتساع فجوات استهلاك الغذاء والتكيف الشديد مع النقص الحاصل في الغذاء، غير أن هذا التدهور لن يحدث بشكل فوري، بل بشكل تدريجي على مستوى سكان هذه المناطق.


مقالات ذات صلة

ماذا يعني ضبط أكبر شحنة أسلحة إيرانية في طريقها للحوثيين؟

خاص كمية من الصواريخ المصادرة ضمن الشحنة الإيرانية التي كانت في طريقها للحوثيين (السفارة الأميركية في اليمن)

ماذا يعني ضبط أكبر شحنة أسلحة إيرانية في طريقها للحوثيين؟

ما دلالات نجاح قوات خفر السواحل اليمنية التابعة للمقاومة الوطنية في ضبط نحو 750 طناً من الأسلحة الإيرانية المتطورة كانت في طريقها إلى جماعة الحوثيين الإرهابية؟

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي صورة للسفينة المضبوطة نشرها الإعلام العسكري لقوات المقاومة الوطنية اليمنية

«صفعة بحرية» للحوثيين بعد ضبط أكبر شحنة أسلحة إيرانية

وجَّهت قوات المقاومة اليمنية «صفعة» بحرية للحوثيين بعد ضبطها شحنة أسلحة إيرانية «ضخمة»، إثر عملية وُصِفت بأنها الأكبر في تاريخ إحباط الأسلحة الإيرانية للجماعة.

جبير الأنصاري (الرياض)
العالم العربي المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ في إحاطة سابقة أمام مجلس الأمن (أ.ف.ب)

اليمن يعلن إحباط خطط حوثية لاغتيال المبعوث الأممي غروندبرغ

أعلنت الحكومة اليمنية إحباطها خلال الأسابيع الأخيرة خططاً لاغتيال المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن هانس غروندبرغ عبر واحدة من أخطر الخلايا الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي بعد تشديد الإجراءات الأمنية على سواحل تعز ولحج انتقل نشاط تهريب المهاجرين شرقاً (إعلام حكومي)

السلطات اليمنية تحذر من تأثيرات تدفق المهاجرين الأفارقة

تواجه السلطات في محافظة شبوة مخاطر ازدياد المهاجرين الأفارقة غير الشرعيين بعد أن أُغلقت السواحل الغربية لليمن أمام المهربين ما يفرض عليها تحديات أمنية وصحية

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي صورة وزَّعها الحوثيون تُظهر لحظة غرق السفينة «إيترنيتي سي» في البحر الأحمر يوم 9 يوليو الحالي (رويترز)

وسط إدانات لتهديد الملاحة الدولية... مجلس الأمن يمدد مراقبة هجمات الحوثيين في البحر الأحمر

صوَّت مجلس الأمن الدولي أمس (الثلاثاء) على استمرار تقديم تقارير حول الهجمات التي تستهدف السفن في البحر الأحمر، من قبل الجماعة الحوثية في اليمن.

«الشرق الأوسط» (نيويورك )

روسي من أفراد طاقم سفينة أغرقها الحوثيون يتلقى العلاج في اليمن

هجمات الحوثيين منذ بدء التصعيد البحري تسببت في غرق 4 سفن وقتل 8 بحارة على الأقل (إ.ب.أ)
هجمات الحوثيين منذ بدء التصعيد البحري تسببت في غرق 4 سفن وقتل 8 بحارة على الأقل (إ.ب.أ)
TT

روسي من أفراد طاقم سفينة أغرقها الحوثيون يتلقى العلاج في اليمن

هجمات الحوثيين منذ بدء التصعيد البحري تسببت في غرق 4 سفن وقتل 8 بحارة على الأقل (إ.ب.أ)
هجمات الحوثيين منذ بدء التصعيد البحري تسببت في غرق 4 سفن وقتل 8 بحارة على الأقل (إ.ب.أ)

نقلت وكالة الإعلام الروسية يوم الخميس عن مصدر أن أحد أفراد الطاقم الروسي لسفينة شحن يونانية أغرقها مسلحون حوثيون يخضع للعلاج في اليمن.

وذكرت الوكالة أن البحار الروسي اسمه أليكسي غالاكتيونوف، وهو واحد من عدد من أفراد الطاقم الذين التقطتهم البحرية اليمنية بعد غرق السفينة. ونقلت عن مصدر رفيع المستوى قوله إن الرجل، الذي أصيب بجروح جراء الهجوم، يتحسن بشكل ملحوظ الآن.

كانت مصادر بقطاع الأمن البحري ذكرت في وقت سابق أنه تم إنقاذ 10 بحارة، ثمانية من أفراد الطاقم واثنين من أفراد الحراسة، وتم نقلهم إلى السعودية. وقالت المصادر إن جميع أفراد الطاقم فلبينيون باستثناء روسي واحد.

وقالت المصادر إن الحوثيين المتحالفين مع إيران أغرقوا السفينة «إترينيتي سي» التي ترفع علم ليبيريا وعلى متنها 22 من أفراد الطاقم وثلاثة حراس مسلحين بعد أن هاجموا السفينة بمسيرات بحرية وقذائف صاروخية على مدى يومين متتاليين.

اعتُبر الباقون البالغ عددهم 15 ممن كانوا على متن السفينة في عداد المفقودين وتم إلغاء عملية بحث خاصة للعثور عليهم. كان الحوثيون قد هاجموا أكثر من 100 سفينة منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 في ما يقولون إنه تضامن مع الفلسطينيين بسبب حرب غزة.