«الجامعة العربية» تحذر من تبعات «التحريض» على «الأونروا»

رفضت في اجتماع «غير عادي» وقف بعض الدول تمويل المنظمة

جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين (الشرق الأوسط)
جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين (الشرق الأوسط)
TT

«الجامعة العربية» تحذر من تبعات «التحريض» على «الأونروا»

جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين (الشرق الأوسط)
جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين (الشرق الأوسط)

حذرت جامعة الدول العربية، الأحد، من تبعات «التحريض» على وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، في أعقاب قرار دول غربية «تعليق تمويل» المنظمة الأممية إثر مزاعم إسرائيلية بـ«مشاركة سبعة من موظفي الوكالة في هجمات السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي».

وبينما رفض مجلس الجامعة العربية، على مستوى المندوبين، قرارات بعض الدول وقف تمويلها للمنظمة الأممية، داعياً إلى «إعادة النظر فيها»، وصف الأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيط، تبعات حملة «التحريض» على المنظمة الأممية، بـ«الخطيرة».

وعلقت دول عدة بينها الولايات المتحدة وكندا وأستراليا وإيطاليا وبريطانيا، تمويل «الأونروا» بعد مزاعم إسرائيلية بأن عدداً من موظفيها شاركوا في هجوم 7 أكتوبر، في غلاف قطاع غزة. وقال أبو الغيط، في إفادة رسمية الأحد، إن «حملة التحريض الممنهجة التي تقودها إسرائيل تستهدف القضاء نهائياً على دور الوكالة الدولية بعد استهداف مقراتها بالهجمات في إطار الحرب التي تشنها على قطاع غزة وبعد استهداف موظفيها بالقتل».

وأضاف أبو الغيط: «من المستغرب أن تُقرر دول غربية مهمة تعليق تمويلها للوكالة في هذه المرحلة الخطيرة على أساس من اتهامات مرسلة تطال عدداً محدوداً من الأفراد، وهي، بفرض صحتها، لا تعكس طبيعة المنظمة التي تضم نحو 300 ألف موظف غالبيتهم من الفلسطينيين».

وأكد أبو الغيط أن «هذه الحملة ليست جديدة، وأن الرغبة في تصفية عمل الوكالة التي تخدم ملايين اللاجئين الفلسطينيين في مناطق عملياتها الخمس، تكررت بصور مختلفة عبر السنوات الماضية؛ والهدف منها مكشوف وهو دفع المجتمع الدولي إلى التخلي عن مسؤولياته في إغاثة اللاجئين الفلسطينيين، وإلقاء عبء المسؤولية برمتها على الدول المتعاطفة مع القضية الفلسطينية، وفي مقدمتها الدول العربية».

تزامنت الحملة على المنظمة الأممية، وقرارات «تعليق التمويل»، مع معاناتها لتوفير احتياجات سكان قطاع غزة في ظل الحرب، ولا سيما أن ثلثي سكانه لاجئون، إضافة إلى تعرض مقرات المنظمة، التي تؤوي آلاف النازحين في غزة، للتدمير بفعل القصف الإسرائيلي.

بدوره، أشار المتحدث باسم الأمين العام للجامعة العربية، جمال رشدي، إلى أن «مسؤولية إعاشة اللاجئين الفلسطينيين تقع على عاتق المجتمع الدولي والدول المانحة، إلى حين إيجاد حل عادل لقضيتهم، وأن التحلل من هذه المسؤولية وسط الحرب الدموية التي تشنها إسرائيل على المدنيين الفلسطينيين يعني تركهم للمجاعة والتشريد، وتنفيذ المخطط الإسرائيلي بتصفية قضيتهم نهائياً، وتوجيه ضربة قاصمة للمجتمع الفلسطيني الذي يُمثل اللاجئون، في قطاع غزة والضفة، نسبة معتبرة من أبنائه». ولفت إلى أن «الأونروا» منشأة بقرار أممي عام 1949.

اجتماع «غير عادي» للمندوبين لدى جامعة الدول العربية في القاهرة الأحد (الشرق الأوسط)

قضية «الأونروا» كانت محل نقاش في اجتماع «غير عادي» لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين، في القاهرة، الأحد، حيث «رفض المجلس أي قرار من أي جهة بوقف تمويل (الأونروا)»، ودعا إلى أن «تكون الدول عادلة وتنظر بمعيار واحد، وألا تتعامل بمعايير مزدوجة، وألا تتعامل برد فعل مستعجل، وألا تنساق خلف الخطط المنهجية الإسرائيلية لتقويض (الأونروا) والقضاء على قضية اللاجئين الفلسطينيين».

وقال مندوب فلسطين الدائم لدى الجامعة العربية، مهند العكلوك، في تصريحات صحافية عقب الاجتماع، إن قرار وقف التمويل «مجحف ومستعجل وجزافي»، ومبني على «ادعاءات إسرائيلية كاذبة وجزافية بأن هناك موظفين من وكالة (الأونروا) ساهموا فيما يسمى بهجوم السابع من أكتوبر».

وأعرب العكلوك عن دهشته من «إقدام هذه الدول على تعليق التمويل خلال دقائق معدودة وهي المسؤولة عن قضية اللاجئين، البالغ عددهم سبعة ملايين شخص».

وأشار العكلوك إلى أن مجلس الجامعة قرر في اجتماعه أن «يذكر الجميع أن (الأونروا) هي وكالة دولية تابعة لمنظمة الأمم المتحدة، وأن الوفاء بالالتزامات تجاهها مسؤولية دولية مشتركة، ولا سيما أنها ترعى 7 ملايين لاجئ فلسطيني من خلال المدارس والمستشفيات والمراكز المدنية».

جاء اجتماع مجلس الجامعة على مستوى المندوبين، الأحد، بناء على طلب فلسطين، لبحث اتخاذ موقف موحد بشأن قرار «محكمة العدل الدولية» الصادر يوم الجمعة الماضي، والذي طالب إسرائيل باتخاذ كافة التدابير لمنع ارتكاب أعمال «الإبادة الجماعية» ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، ومحاسبة مرتكبيها، وتحسين الوضع الإنساني في غزة.

وكانت جنوب أفريقيا أقامت دعوى في محكمة العدل الدولية في وقت سابق هذا الشهر، وطلبت اتخاذ إجراءات عاجلة لوقف الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة التي أودت بحياة ما يزيد على 26 ألف فلسطيني منذ السابع من أكتوبر الماضي، واتهمت تل أبيب بارتكاب «إبادة جماعية» في حربها على القطاع.

وفي هذا السياق، حذر مجلس جامعة الدول العربية، الدول الداعمة لإسرائيل أو التي يخدم مواطنوها في الجيش الإسرائيلي، من «تعرضها للمساءلة القانونية حال استمرارها في دعم الاحتلال». وقال مندوب فلسطين، إن «الدول التي تدعم الاحتلال الإسرائيلي أو يخدم مواطنوها في جيش الاحتلال ستكون مسؤولة أمام محكمة العدل الدولية وأمام آليات العدالة الدولية الأخرى».

وأشاد مجلس الجامعة بإحالة قرار «محكمة العدل الدولية» ضد إسرائيل إلى مجلس الأمن، منوها بدور الجزائر في دعوة مجلس الأمن للانعقاد لتنفيذ القرار، كما أشاد بجهود جنوب أفريقيا الدبلوماسية والقانونية، لإحالة جرائم إسرائيل إلى المحكمة الدولية.

وأكد العكلوك أن حكم «محكمة العدل الدولية» ضد إسرائيل يعد «حدثاً استثنائياً» تكمن «أهميته في أنه يعطي فرصة جديدة لاستعادة القانون الدولي، وإنقاذ العدالة الدولية وآلياتها»، داعياً للاستفادة من هذا الأمر لتطوير الدفاع العربي عن الحق الفلسطيني، «من خطاب يدعو ويناشد ويدين، إلى إجراءات قانونية واقتصادية وسياسية ودبلوماسية».

وأضاف أنه «رغم أن أمر محكمة العدل الدولية لم يتضمن تدبيراً احترازياً ينص صراحةً على وقف إطلاق النار، لكن ذلك كان متوفراً بشكل واضح، بل أساسي، ضمن التدابير المؤقتة الستة التي فرضتها المحكمة على إسرائيل».

ومن المقرر أن تصدر اللجنة المؤقتة، التي شُكلت بقرار من مجلس الجامعة على مستوى المندوبين الأسبوع الماضي، «تقريرها بشأن الإجراءات القانونية والسياسية... التي يمكن للدول العربية أن تتخذها لحماية الشعب الفلسطيني ومنع التهجير له»، يوم الثلاثاء المقبل، بحسب العكلوك، الذي أشار إلى أن «بين هذه الإجراءات اقتراحات اقتصادية وسياسية ودوراً لمجالس السفراء العرب، وإجراءات قانونية مهمة، لتتخذها الدول العربية».


مقالات ذات صلة

تحرك عربي لدعم لبنان... إلى أي مدى سيواجه تصعيد إسرائيل؟

العالم العربي اجتماع سابق لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (جامعة الدول العربية)

تحرك عربي لدعم لبنان... إلى أي مدى سيواجه تصعيد إسرائيل؟

تعقد جامعة الدول العربية، اجتماعاً طارئاً، الخميس، على مستوى المندوبين الدائمين، في ظل تصعيد إسرائيلي على لبنان، حيث يناقش الاجتماع «تعزيز الجانب الإنساني».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الخليج الأمير فيصل بن فرحان لدى ترؤسه الاجتماع الوزاري الطارئ في نيويورك (واس)

«الوزاري العربي الإسلامي» يبحث وقف التصعيد في فلسطين ولبنان

بحث اجتماع وزاري طارئ لجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي في نيويورك وقف تصعيد الهجمات العسكرية الإسرائيلية ضد فلسطين ولبنان.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم العربي جانب من اجتماع اللجنة الوزارية العربية والإسلامية مع أمين عام الأمم المتحدة في نيويورك (واس)

«الوزارية العربية الإسلامية» تبحث مع غوتيريش تفعيل الاعتراف بدولة فلسطين

بحثت اللجنة الوزارية العربية الإسلامية بشأن تطورات غزة مع أنطونيو غوتيريش، أمين عام الأمم المتحدة، دعم الجهود الرامية إلى تفعيل الاعتراف بالدولة الفلسطينية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم العربي وزراء الخارجية العرب يبحثون الوضع في غزة ولبنان على هامش اجتماعات الأمم المتحدة بنيويورك (جامعة الدول العربية)

وزراء الخارجية العرب يحذرون من «حرب إقليمية» ويحمِّلون إسرائيل المسؤولية

حذر وزراء الخارجية العرب من «حرب إقليمية شاملة»، محمِّلين إسرائيل «المسؤولية عن التصعيد في المنطقة»، وفق إفادة رسمية، فجر الثلاثاء.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
شؤون إقليمية مسؤول السياسة الخارجية الأوروبي جوزيب بوريل ورئيس حكومة السلطة الفلسطينية محمد مصطفى في «لقاء مدريد» (إ.ب.أ)

وزير الخارجية الإسرائيلي يهاجم بوريل لتنظيمه «لقاء مدريد»

هاجم وزير خارجيتها، يسرائيل كاتس، الممثلَ السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسية والأمنية، جوزيف بوريل، وعَدّه عنصرياً ومعادياً للسامية ولليهود.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

موجة سطو انقلابية تستهدف عقارات عامة في إب اليمنية

مدينة إب تعيش في فوضى أمنية برعاية حوثية (فيسبوك)
مدينة إب تعيش في فوضى أمنية برعاية حوثية (فيسبوك)
TT

موجة سطو انقلابية تستهدف عقارات عامة في إب اليمنية

مدينة إب تعيش في فوضى أمنية برعاية حوثية (فيسبوك)
مدينة إب تعيش في فوضى أمنية برعاية حوثية (فيسبوك)

صعَّدت الجماعة الحوثية، خلال الأسابيع الأخيرة، من جرائم السطو على ما تبقى من الأراضي والعقارات التي تعود ملكيتها للدولة والسكان في محافظة إب اليمنية (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بالتزامن مع فوضى أمنية واجتماعية عارمة تعيشها المحافظة و22 مديرية تابعة لها.

واتهمت مصادر حقوقية يمنية الحوثيين بارتكاب انتهاكات متنوعة ضد سكان المحافظة منها القتل والإصابة والتعقب والملاحقة والخطف والقمع والتنكيل، وسط تركيز على نهب العقارات التي تُعد مصدراً لإثراء كبار قادة الجماعة وتمويل الفعاليات ذات البُعد الطائفي وحروبهم ضد اليمنيين.

مبنى أمني في محافظة إب خاضع للحوثيين (فيسبوك)

وتَمَثَّلَ آخر الانتهاكات في قيام الجماعة بتأجير مقر حكومي أمني خاضع لها في مدينة إب لقيادي ينحدر من صعدة (معقلها الرئيسي) بذريعة إقامة مشروع ترفيهي.

وتحدثت مصادر مطلعة في إب إلى «الشرق الأوسط»، عن إبرام قيادات في الجماعة تُدير شؤون المحافظة اتفاقاً يقضي بتأجير مقر «قيادة قوات الأمن المركزي» الكائن في مفرق جبلة جنوب المدينة لمصلحة القيادي القادم من صعدة.

وبموجب الاتفاق، شرع القيادي الحوثي بإجراء استحداثات في المقر الأمني والأراضي المحيطة به، في حين وصفت المصادر ذلك الاتفاق بـ«الصوري»، متهمة الجماعة الحوثية بالسعي لإيجاد مبرر لمصادرة الأراضي التابعة للمنشأة الأمنية، وذلك عقب تسريح آلاف من الجنود والضباط السابقين وإحلال عناصر موالين للجماعة مكانهم.

نهب متواصل

سبق ذلك بأيام وقوع حادثة سطو مماثلة شهدتها المحافظة إب، حيث سطا نافذ حوثي يكنى أبو العباس عامر، ومسلحون تابعون له على شقة سكنية تتبع مكتب الأوقاف في منطقة «الشعاب» بمديرية المشنة شرق مدينة إب.

وأفادت مصادر محلية بأن القيادي أبو العباس المعيَّن مشرفاً عاماً على مديرية المشنة دهم برفقة مسلحين الشقة السكنية المملوكة للأوقاف، واستولى عليها بالقوة، ثم حوَّلها فيما بعد إلى مقر خاص لعناصره.

تقارير محلية تتهم الحوثيين بتصعيد انتهاكاتهم ضد سكان محافظة إب (إ.ب.أ)

وكان قيادي حوثي آخر حاول مطلع الشهر الحالي التعدي على قطعة أرض تتبع أحد السكان في إحدى قرى مديرية العدين غرب إب، إلا أن تكاتف أبناء قرية «الحداني» وأهالي القرى المجاورة ووقوفهم بأسلحتهم في وجه القيادي القادم من محافظة عمران حال دون تمكنه من الاستيلاء على الأرضية.

ويشكو السكان في محافظة إب اليمنية من استمرار مسلسل الاستيلاء الحوثي الممنهج على الأراضي والعقارات، وأكد بعضهم لـ«الشرق الأوسط» ضلوع قيادات انقلابية نافذة في إدارة ما سموه «عمليات السطو والاستيلاء» المنظمة على الممتلكات في عموم المديريات والقرى والعزل التابعة للمحافظة.

وعلى مدى أكثر من 9 أعوام ماضية، حوّل الانقلابيون الحوثيون محافظة إب إلى مسرح للعبث وممارسة النهب والاستيلاء بقوة السلاح على أراضي وممتلكات الدولة والسكان، على غرار ما يحدث في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء وبقية المدن التي تسيطر عليها الجماعة.