ذعر في إب اليمنية من تصاعد حوادث اختفاء المراهقين

شكوك حول استقطاب الصغار للتجنيد والتعبئة الفكرية

لا يفرق الحوثيون بين تجنيد الكبار والصغار (رويترز)
لا يفرق الحوثيون بين تجنيد الكبار والصغار (رويترز)
TT
20

ذعر في إب اليمنية من تصاعد حوادث اختفاء المراهقين

لا يفرق الحوثيون بين تجنيد الكبار والصغار (رويترز)
لا يفرق الحوثيون بين تجنيد الكبار والصغار (رويترز)

يمنع عدنان منذ أيام نجله مهند (15عاماً) من الخروج من المنزل للعب في الشارع مع أصدقائه وسط مدينة إب اليمنية، وذلك بدافع الخوف عليه من الخطف أو الاختفاء، بعد تسجيل حوادث عن اختفاء عدد من المراهقين من المدينة وسط ظروف غامضة.

ووسط فلتان أمني تعانيه محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) وعدد من مديرياتها، أكدت مصادر حقوقية عودة ظاهرة اختفاء صغار السن، بالتوازي مع شكوك حول جماعة الحوثيين التي تقوم بحملات الاستقطاب والتجنيد إلى صفوفها في مناطق متفرقة في المحافظة.

تُتهم الجماعة الحوثية بتجنيد آلاف المراهقين اليمنيين (إ.ب.أ)

وسجلت محافظة إب وعدد من مديرياتها في الأسبوعين الأخيرين نحو 9 حالات اختفاء لمراهقين، بعضها أعلن عنه الأهالي عبر منصات التواصل الاجتماعي.

وشكا عدنان، وهو اسم مستعار لتاجر سيارات يقطن في حي المشنة في إب لـ«الشرق الأوسط»، من أن ظاهرة اختفاء صغار السن من المراهقين عادت للظهور مجدداً وبشكل لافت، كاشفاً معلومات تَحصّل عليها تفيد باختفاء 3 مراهقين في أوقات متزامنة في مدينة إب خلال الأسبوع الأخير.

وأدت عودة تصاعد هذا النوع من الحوادث إلى حالة من الذعر في أوساط السكان بمدينة إب وضواحيها، بعد أن تم تسجيل حالات اختفاء جديدة وغامضة، وهو الأمر الذي دفع عدنان، وأولياء أمور آخرين، إلى منع أولادهم من مغادرة منازلهم إلا عند الضرورة.

حوادث متكررة

تَركّزت بعض حوادث الاختفاء المعلنة وغير المعلنة التي شهدتها إب ومديريات أخرى، وفق المصادر، في أحياء تتبع مديريات المشنة والظهار وريف إب، وكان آخرها تعرُّض أسامة محمد علي مهدي (17عاماً) للاختفاء في حارة الجباجب، بنطاق حي المشنة بالمدينة ذاتها.

وأوضح أحد المقربين من عائلة أسامة أنه اختفى في ظروف غامضة، بعد خروجه صباحاً من المنزل بالحي ذاته للذهاب إلى المدرسة. وقال إنهم لم يتمكّنوا حتى اللحظة من معرفة مصيره، ولا الجهة التي تقف وراء اختفائه.

صورة متداولة تظهر استغلال الأطفال اليمنيين لغرض التجنيد القسري (فيسبوك)

ويحمّل أهالي المراهقين المختفين في إب أجهزةَ أمن الحوثيين كامل المسؤولية إزاء ما يتعرض له أبناؤهم من حوادث اختفاء متزايدة، لا سيما وقد سبق أن رصدت تقارير حقوقية محلية، وأخرى دولية، خلال الأعوام الماضية مئات الحوادث المماثلة.

ويتهم بعض الأهالي ما قالوا إنهم «عصابات منظمة تتبع قيادات أمنية» في إب بالوقوف وراء عودة تفشي جرائم الاختطاف بحق صغار السن في المحافظة.

وقبل نحو أسبوعين ماضيين اختفى 3 مراهقين بظروف غامضة، الأول يدعى ماهر مطيع شايع (15عاماً) من قرية سواد بني محرم بريف إب، والثاني يدعى إياد صلاح سليم (15عاماً) من قرية المرزوم بالمديرية ذاتها، في حين يدعى الثالث بدر فؤاد الغلاب (14عاماً) من عزلة خولان بمديرية مذيخرة غرب إب.

وعوضاً عن قيام أهالي المختفين بإبلاغ الأجهزة الأمنية الحوثية لكي تقوم بدورها من قبيل البحث والكشف عن أماكن وجودهم ومعرفة الأسباب، يُفضِّل أغلبهم إطلاق مناشدات عاجلة عبر وسائل التواصل الاجتماعي لمساعدتهم في البحث.

طفلان يمنيان يحملان السلاح خلال مشاركتهما في فعالية تعبوية (فيسبوك)

وربط ناشط حقوقي من إب، فضّل عدم ذكر اسمه، بين عودة تنامي ظاهرة اختفاء المراهقين في المحافظة وما تقوم به جماعة الحوثي هذه الأيام من حملات استقطاب وتجنيد واسعة للأطفال والشبان بمناطق متفرقة، مستغلة بذلك أحداث غزة وصراعها الدائر حالياً مع القوات الأميركية والبريطانية في البحر الأحمر.

وطالب الناشط الحقوقي باتخاذ تدابير محلية ودولية جادة لحماية حقوق صغار السن من الانتهاكات، خصوصاً في محافظة إب التي تتصدر نسب جرائم الخطف والانتهاكات اليومية والمتكررة ضد السكان.

ولا توجد أية إحصائية رسمية توضّح العدد الحقيقي لصغار السن والمراهقين الذين يتعرضون للاختفاء الغامض في إب ومديرياتها، إلا بعض التقديرات التي تشير إلى اختفاء المئات في مختلف المحافظات الخاضعة للحوثيين.


مقالات ذات صلة

غروندبرغ إلى طهران أملاً في ضغوط إيرانية على الحوثيين

العالم العربي غروندبرغ يأمل أن تقود مساعيه لخفض تصعيد الحوثيين وإطلاق سراح المعتقلين الأمميين (أ.ف.ب)

غروندبرغ إلى طهران أملاً في ضغوط إيرانية على الحوثيين

على وقع التصعيد الحوثي المستمر إقليمياً وداخلياً، وصل المبعوث الأممي غروندبرغ إلى طهران أملاً في ضغط إيراني على الجماعة لخفض التصعيد، وإطلاق المعتقلين الأمميين.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي جزء من مكونات شحنة أسلحة للحوثيين أوقفتها قوات يمنية حكومية (إعلام حكومي)

اعتراض شحنتي أسلحة كانتا في طريقهما إلى الحوثيين خلال يومين

اعترضت القوات الحكومية في اليمن شحنتي أسلحة ومتفجرات خلال يومين بالقرب من مضيق باب المندب بالمدخل الجنوبي للبحر الأحمر كانتا في طريقهما إلى الحوثيين

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي جانب من قوات الحوثيين تحاصر قرية يمنية في محافظة البيضاء للتنكيل بسكانها (إكس)

تنديد أميركي ويمني بجرائم الحوثيين في قرية «حنكة آل مسعود»

لقي هجوم الحوثيين على قرية «حنكة آل مسعود» في محافظة البيضاء اليمنية إدانات أميركية ويمنية واسعة وسط مخاوف من ارتكاب «إبادة» بحق السكان.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي محافظ تعز أقر في لقائه مسؤولي المدينة وقيادات سياسية ضبط أسعار الإيجارات (سبأ)

مخاوف يمنية في تعز من تصاعد أزمة إيجار المنازل

أثارت حادثة إحراق مالك منزل لعائلة مستأجرة في مدينة تعز مخاوف بشأن تداعيات مثل هذه الخلافات، ما دفع السلطات إلى اتخاذ قرار بتحديد أسعار الإيجارات والرقابة عليها

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي عدد المحتاجين للمساعدات الغذائية في اليمن ارتفع إلى 19 مليون شخص (الأمم المتحدة)

شركاء العمل الإنساني في اليمن يوسّعون المساعدات النقدية

أكد شركاء العمل الإنساني في اليمن توسيع نطاق المساعدات النقدية خلال السنوات الأخيرة، إذ أصبحت شكلاً شائعاً بشكل متزايد من أشكال المساعدة.

محمد ناصر (تعز)

أنماط دعاية لحزب مصري جديد تثير اهتماماً وانتقادات

المئات من أنصار «الجبهة الوطنية» في طوابير لتحرير توكيلات تأييد (صفحة الحزب على فيسبوك)
المئات من أنصار «الجبهة الوطنية» في طوابير لتحرير توكيلات تأييد (صفحة الحزب على فيسبوك)
TT
20

أنماط دعاية لحزب مصري جديد تثير اهتماماً وانتقادات

المئات من أنصار «الجبهة الوطنية» في طوابير لتحرير توكيلات تأييد (صفحة الحزب على فيسبوك)
المئات من أنصار «الجبهة الوطنية» في طوابير لتحرير توكيلات تأييد (صفحة الحزب على فيسبوك)

استطاع حزب «الجبهة الوطنية» الوليد في مصر، أن يلفت الانتباه سريعاً، بسبب دعاية غير تقليدية صاحبت الإعلان عنه، ووُصفت بـ«المثيرة للجدل»، بينها مواكب لسيارات دفع رباعي سوداء تجوب القاهرة ترفع رايات الحزب، فضلاً عن حشود مؤيدين أمام مكاتب «الشهر العقاري» بالمحافظات لتسجيل توكيلات، تمهيداً لتقديم الحزب أوراق تأسيسه.

ويشترط تأسيس حزب جديد التقدم بإخطار للجنة شؤون الأحزاب، يكون مصحوباً بتوكيلات من 5 آلاف عضو من المؤسسين حداً أدنى، على أن يكونوا من 10 محافظات على الأقل، بما لا يقل عن 300 عضو من كل محافظة.

ولا يجد الحزب، الذي أعلن عن نفسه بمؤتمر ضخم في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي بفندق «الماسة» في العاصمة الإدارية، صعوبة في جمع التوكيلات، بل إن عضو الهيئة التأسيسية للحزب، ووزير الزراعة السابق، السيد قصير، قال في تصريحات تلفزيونية، قبل أيام، إن ما لديهم من توكيلات «يفوق بأضعاف ما يحتاج إليه الحزب للتأسيس».

ورغم ذلك، لا تزال السيارات التي تحمل شعار الحزب، تجوب الشوارع إلى اليوم، ملتفاً حولها المئات، ممن حرروا توكيلات للحزب أو ينتظرون توقيعها.

وتداول نشطاء عبر «السوشيال ميديا» صوراً لسيارات «دفع رباعي»، قالو إنها تجوب القاهرة، داعية المواطنين إلى الانضمام للحزب، وانتقد البعض ما عَدُّوه «مبالغة لا تتناسب» مع الطبيعة الجغرافية للعاصمة، حيث توجد هذه السيارات بكثرة في المناطق الصحراوية الوعرة مثل محافظة شمال سيناء.

وربط البعض بين هذه السيارات ورجل الأعمال المصري إبراهيم العرجاني الذي يوجد نجله ضمن الهيئة المؤسِّسة للحزب.

ولم ينفِ الحزب على لسان وكيل مؤسسيه وزير الإسكان السابق عاصم الجزار، دعمه من قِبل العرجاني وغيره من رجال الأعمال، وذلك «لرد الجميل في صورة عمل مجتمعي». وأضاف الجزار خلال تصريحات إعلامية: «قولنالهم لا هنوزع كراتين ولا بطاطين، إحنا عايزين نعلم الناس إزاي يصطادوا ومنديلهمش سمكة».

وعَدَّ نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور عمرو هاشم ربيع، مشهد خروج حزب «الجبهة الوطنية» الجديد «مفتعلاً، ولا يعبِّر عن حراك حقيقي في الحياة الحزبية في مصر»، بل يراه «إعادة استنساخ لتجربة حزب (مستقبل وطن)» صاحب الأغلبية البرلمانية حالياً والموالي للسلطة.

وانتقد ربيع في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، الدعم الرسمي الكبير للحزب، والذي يظهر في «فتح القاعات الكبرى له، وتعليق دعايته على جدران المؤسسات الرسمية»، مؤكداً أن ذلك سيفضي إلى «نتائج عكسية، ويعكس غياب النزاهة والشفافية».

سيارة تابعة للحزب من أجل جمع التوكيلات (صفحة الحزب - فيسبوك)

وربط ربيع بين تجربة الحزب الجديد وتجربة «الاتحاد الاشتراكي» في ستينات القرن الماضي، والذي أسسه النظام الناصري ليضم فئات مختلفة من الفلاحين والعمال والمثقفين والرأسمالية الوطنية، بغرض دعم مصطلحات يصفها بـ«المائعة» مثل: دعم القيادة السياسية، والاصطفاف والتوحد خلف الدولة المصرية، وغيرها من المصطلحات التي تعني الحشد والتعبئة، مؤكداً أن «ذلك لا يمثِّل بديلًا للحاجة الملحة لوجود حياة سياسية حقيقية، وفتح المجال العام في مصر».

وكان وكيل مؤسسي الحزب قال في تصريحات عدة إن الحزب سيضم كل أطياف المجتمع المصري، وإنه لا يسعى للموالاة ولا المعارضة، ولا يسعى إلى الحكم، وإنما هدفه «تحسين الحياة السياسية».

لكن النائبة فريدة الشوباشي، وهي عضوة الهيئة التأسيسية للحزب، انتقدت الهجوم عليه دون حتى انتظار لرؤية ما سيحققه على الأرض، قائلة لـ«الشرق الأوسط»: «ما جذبني للحزب أنه حزب لجميع المصريين كما خرج شعاره، مؤكدة أنها لمست بنفسها حماساً جماهيرياً كبيراً واستبشاراً بالحزب خلال جولة لها في محافظة المنصورة (دلتا النيل)».

وأضافت: «لا أحد يستطيع أن يمنع الانتقادات، لكن من يدّعي أن الحزب يحشد هؤلاء الجماهير، فعليه أن يُثبت كلامه»، مشيرةً إلى أنها عادةً ما تتجاهل مثل هذه الآراء التي تهدف إلى «الهدم وليس البناء».

من جانبه، انتقد أستاذ الإعلام في جامعة القاهرة الدكتور حسن عماد مكاوي، مشهد «الدعاية المبالغ فيه لحزب (الجبهة الوطنية) الجديد»، مرجعاً ذلك إلى أن «كثيراً من الأحزاب السياسية في مصر ليس لها دور، وهي عبارة عن فقاعات تطفو على السطح، وسرعان ما تختفي، كونها مصطنعة، وليست نابعة من الشارع».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط»، أن المواطنين عادةً ما يتجاهلون هذا النوع من الدعاية، ويقابلونه بحالة من «اللامبالاة»، على حد وصفه.

وبينما تتواصل الانتقادات، يستمر الحزب في دعايته، من ضمنها جلسة مع عدد من السيدات في محافظة الجيزة للتعريف بالحزب، قائلًا في بيان عبر صفحته على «فيسبوك»، الأحد، إن اللقاء «ضمن استراتيجية للتفاعل المباشر مع المواطنين في مختلف محافظات الجمهورية، والاستماع لمقترحاتهم وتطلعاتهم، تفعيلاً لمبدأ الشفافية، وتعزيز المشاركة المجتمعية وتبادل الأفكار والرؤى بهدف إعلاء المصلحة العليا للوطن والمواطن».

لقاء جماهيري لحزب الجبهة الوطنية في الجيزة (صفحة الحزب على فيسبوك)

ويرى عضو هيئة المؤسِّسين بالحزب محمد مصطفى شردي، أن الحزب لم يحرك أي جمهور أو مظاهرة سياسية لدعمه، معلقاً: «لا تعتبوا على حزب لم يبدأ نشاطه السياسي بعد». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»، ما حدث أن «قيادات سياسية كبيرة وبالبرلمان أعلنوا في دوائرهم تأييدهم الحزب الجديد، فهبَّ مؤيدوهم إلى تحرير توكيلات، لإظهار الترحيب».